http://www.almeshkat.net/books/archive/books/ebhaaj14.zip
تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
)اضغط هنا للنتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على النترنت(
البإهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الصول
للبيضاوي
علي بإن عبد الكافي السبكي
سنة الولداة /سنة الوفاة 756
تحقيق جماعة من العلماء
الناشر داار الكتب العلمية
سنة النشر 1404
مكان النشر بإيروت
عددا الجزاء 3
كتاب البإهاج في شرح المنهاج
____________________
) (1/1
مقدمة المؤلف بإسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ المام العالم
العلمة القدوة المحقق الحافظ شيخ السلم بإقية العلماء العلم قدوة الئأمة
آخر المجتهدين حجة الله على العالمين سيدنا ومولنا قاضي القضاة تقي الدين
أبإو الحسن علي بإن عبد الكافي بإن علي بإن علي بإن تمام بإن سوار بإن سوار بإن
مسوار النصاري الخزرجي الشافعي نضر الله وجهه قاضي القضاة بإالشام
المحروس
قال رحمه الله تعالى الحمد لله الذي أسس بإنيان داينه على أثبت قواعد وأعلى
أعلم ملته فخضعت لها أعناق كل جاحد وأحكم أصول شريعته فأعيا تفريعها
كل معاند ورفع قدر علمائأها فعد كل واحد منهم بإألف كما عد ألف من غيرهم
بإواحد أحمده على نعمه التي عمت كل صادار وواردا واعترف بإالعجز عن شكره
ول يبلغ معشار عشره حمد كل حامد وأستغفره استغفار عبد في بإحر الذنوب
راكد ل يجد ملجأ من الله إل إليه قد أحاطت بإه الشدائأد وقعد له عدوه
بإالمراصد وسولت له نفسه بإالمكايد وغلب عليه هواه الفاسد وناداى في
الظلمات أن ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وأنك أنت الله
الواحد وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له توحيدا أنا له في صميم القلب
واجد وعليه في الدنيا والخرة شاهد وأصفه بإما وصف بإه نفسه من صفات
الكمال والمحامد وأنزهه عن كل ما ل يليق بإحاله وأقدس له عن وضر التشبيه
والتعطيل ما تكنه القلوب من العقائأد و أستوداعه ذلك ليوم ل يجزى فيه ولد ول
والد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قدره على جميع الخلئأق صاعد
وشرفه بإين البرية ناهد المصطفى من خير القبائأل الماجد والمجتبى من خير
البطون القارب والبإاعد المبرأ في نسبه
____________________
) (1/3
وذاته عن كل شين يتعلق بإه حاسد المقدم على النبياء والمرسلين والملئأكة
المقربإين في جميع المشاهد والمبعوث إلى كل إنسي وجني والمنقذ لهم من
ربإقة الشيطان الماردا الهاداي إلى سبيل الرشادا ولوله لم يكن أحد منا بإراشد
صلى الله عليه وسلم ما سجد لله ساجد وداام في الجنان خالد ورضي الله على
أصحابإه الذين كل منهم في الله جاهد مجاهد وحامي حوزة الدين من كل مارق
في الدين مجالد الذين قاموا بإجللة نبيه في جميع المعاهد وشيدوا أركان داينه
وحفظوا شرائأعه في جميع المصادار والمواردا وقاموا بإأعباء الملة الحنيفية وذبإوا
عنها كل زائأد وحموا حماها عن الشبهات ووقفوا عند حدوداها تحصيل للمصالح
ودارأ للمفاسد رضي الله عنهم أجمعين وعن جميع علماء المسلمين الذين
خلفوا الصحابإة والتابإعين في تمهيد القواعد واستخراج الفوائأد وضبط الصول
الشواردا وتبيين الدالة والمقاصد والتوسع في علوم القرآن التي يتيه في بإحارها
كل عالم ناقد ومعرفة السنة ول يخطئ بإعضها إل من هو أسهد الليل مكايد
وقد تجردا لذلك في المائأة الثانية جماعة من العلماء ما منهم إل من جاهد
وجاهد وكد وداأب ونصب واجتهد والله لسعيه شاهد وكان من أعظمهم منة
على من بإعده من طلب الفوائأد المام الشافعي رضي الله عنه فإن له أجمل
العوائأد لجمعه بإين الحديث والفقه وكان غيره يقتصر منهما على واحد ولبناية
كلمه على أصول هو أول من صنفها لما سأله ابإن مهدي فصنف له الرسالة
وكم فيها من الفوائأد فهو أول من صنف في أصول الفقه ل يمتري في ذلك إل
معاند
____________________
) (1/4
فائأدة علم الصول
وإن علم أصول الفقه وهو من أعظم العلوم ثلثة أصناف عقلية محضة
كالحساب والهندسة والنجوم والطب ولغوية كعلم اللغة والنحو والتصريف
والعروض والقوافي والبيان وهي علوم القرآن والسنة وتوابإعهما
ول ريب في أن الشريعة أشرف الصناف الثلثة في الوسائأل والمقاصد
وأشرف العلوم الشرعية بإعد العتقادا الصحيح وأنفعها معرفة الحكام التي
____________________
) (1/5
تجب للمعبودا على العابإد ومعرفة ذلك بإالتقليد ونقل الفروع المجرداة تستفرغ
جمام الذهن ول ينشرح الصدر له لعدم أخذه بإالدليل وأين سامع الخبر من
المشاهد وأين أجر من يأتي بإالعباداة لفتوى إمامه أنها واجبة أو سنة من الذي
يأتي بإها وقد ثلج صدره عن الله ورسوله بإأن ذلك داينه تالله إن أجر هذا لزائأد
وهذا ل يحصل إل بإالجتهادا ول يكمل فيه إل الواحد بإعد الواحد وكل العلماء في
حضيض عنه إل من نغلغل بإأصل الفقه وكرع من مناهله الصافية بإكل المواردا
وسبح في بإحره ودارى من الله وبإات يعل بإه وطرفه ساهد وإني لم أزل منذ
نشأت محبا في هذا العلم مولعا بإالبحث فيه مع كل زائأد
وقد أكثر الناس من التصنيف فيه فكم من تصنيف فيه مبسوط ومختصر
وناقص وزائأد ومن أحسن مختصراته كتاب المنهاج في الوصول إلى العلم
الصول الذي صنفه القاضي الفاضل ناصر الدين عبد الله بإن عمر بإن محمد
البيضاوي رحمه الله فلقد أحسن فيه المعاقد وقد قرئ على مرات كثيرة من
جماعات حتى سمحت أقرأه من كثرة المواردا وانتشرت طلبته فلم أقتنع من
واحد وفي هذا الوقت شرع في الشتغال بإه ولدي أبإو حامد أعطاه الله من خير
الدنيا والخرة ما هو قاصد وزاداه مما ليس في حسابإه كل خير إنه الكريم
الماجد فأحببت أن أضع له شرحا لينتفع هو وغيره بإه إن شاء الله
وعسى داعوة من أخ في الله تنفعني وأنا في القبر راقد وسميته البإهاج في
شرح المنهاج وأخذت هذا السم من قول ذي الرمة %تزداادا للعين إبإهاجا إذا
سفرت % %ومخرج العبن فيها يلتفت %وذلك من قصيدته التي قرأتها على
أبإي محمد الحسن عبد الكريم سبط زياداة في سنة سبع وسبعمائأة عن عيسى
بإن عبد العزيز بإن عيسى قال أخبرنا السلفي قال أخبرنا جعفر السراج قال
أخبرنا الحسن بإن علي الجوهري قال
____________________
) (1/6
قرأت على أبإي الحسن علي بإن عيسى الرماني قال سمعت دايوان ذي الرمة
على أبإي بإكر داريد عن أبإي حاتم عن الصمعي عن أبإي عمرو بإن العلء عن ذي
الرمة واسمه غيلن ابإن عقبة العدوي
فإن قلت قد عظمت أصول الفقه وهل هو إل نبذ جمعت من علوم متفرقة نبذة
من النحو وهي الكلم في معاني الحروف التي يحتاج إليها الفقيه والكلم في
الستفتاء وما أشبه ذلك ونبذة من علم الكلم وهي الكلم في الحسن والقبيح
والكلم في الحكم الشرعي وأقسامه وبإعض الكلم في النسخ وأفعاله ونحو
ذلك ونبذة من اللغة وهي الكلم في معنى المر والنهي وصيغ العموم
والمجمل والمبين والمطلق والمقيد وما أشبه ذلك ونبذة من علم الحديث وهي
الكل في الخبار والعارف بإهذه العلوم ل يحتاج إلى أصول الفقه في الحاطة بإها
فلم يبق من أصول الفقه إل الكلم في الجماع وهو من أصول الدين أيضا
وبإعض الكلم في القياس والتعارض مما يستقل بإه الفقيه فصارت فائأدة
الصول بإالذات قليلة جدا بإحيث لو جردا الذي ينفردا بإه ما كان إل شيئا يسيرا
قلت ليس كذلك فإن الصوليين داققوا في فهم أشياء من كلم العرب لم يصل
إليها النحاة ول اللغويون فإن كلم العرب متسع جدا والنظر فيه متشعب فكتب
اللغة تضبط اللفاظ ومعانيها الظاهرة داون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى
نظر الصول واستقراء زائأد على استقراء اللغوي مثاله وداللة صيغة أفعل على
الوجوب ول تفعل على التحريم وكون كل وإخوتها للعموم يوما أشبه ذلك مما
ذكر السائأل أنه من اللغة لو فتشت كتب اللغة لم تجد فيها شفاء في ذلك ول
تعرضا لما ذكره الصوليون وكذلك كتب النحو لو طلبت معنى الستثناء وأن
الخراج هل هو قبل الحكم أبإو بإعد الحكم ونحو ذلك من الدقائأق التي تعرض لها
الصوليون وأخذوها بإاستقراء خاص من كلم العرب وأدالة خاصة ل تقتضيها
صناعة النحو فهذا ونحوه مما تكفل بإه أصول الفقه ول ينكر أن له استمدادا من
تلك العلوم ولكن تلك الشياء التي استمدها
____________________
) (1/7
منها لم تذكر فيه بإالذات بإل بإالعرض والمذكور فيه بإالذات ما أشرنا إليه مما ل
يوجد إل فيه ول يصل إلى فهمها إلى من يلتف بإه
فإن قلت قد كانت العلماء في الصحابإة والتابإعين وأتباع التابإعين من أكابإر
المجتهدين ولم يكن هذا العلم حتى جاء الشافعي وصنف فيه فكيف تجعله
شرطا في الجتهادا
قلت الصحابإة ومن بإعدهم كانوا عارفين بإه بإطباعهم كما كانوا عارفين النحو
بإطباعهم قبل مجئ الخليل وسيبويه فكانت ألسنتهم قويمة وأذهانهم مستقيمة
وفهمهم لظاهر كلم العرب وداقيقه عتيد لنهم أهله الذي يؤخذ عنهم وأما
بإعدهم فقد فسرت اللسن وتغيرت الفهوم فيحتاج إليه كما يحتاج إلى النحو
شروط المجتهد
واعلم أن كمال رتبة الجتهادا تتوقف على ثلثة أشياء
أحدها التأليف في العلوم التي يتهذب بإها الذهن كالعربإية وأصول الفقه وما
يحتاج إليه من العلوم العقلية في صيانة الذهن عن الخطأ بإحيث تصير هذه
العلوم ملكة الشخص فإذ ذاك يثق بإفهمه لدللت اللفاظ من حيث هي هي
وتحريره تصحيح الدالة من فاسدها والذي نشير إليه من العربإية وأصول الفقه
كانت الصحابإة أعلم بإه منا من غير تعلم وغاية المتعلم منا أن يصل إلى بإعض
فهمهم وقد يخطئ وقد يصيب
الثاني الحاطة بإمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه
مخالف لها أو موافق
الثالث أن يكون له منة الممارسة والتبع لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم
منها مرادا الشرع من ذلك وما يناسب أن يكون حكما له في ذلك المحل وإن لم
يصرح بإه كما أن من عاشر ملكا ومارس أحواله وخبر أموره إذا سئل عن رأيه
في القضية الفلنية يغلب على ظنه ما يقوله فيها وإن لم يصرح له بإه
____________________
) (1/8
لكن بإمعرفته بإأخلقه وما يناسبها من تلك القضية فإذا وصل الشخص إلى هذه
الرتبة وحصل على الشياء الثلثة فقد حاز رتبة الكاملين في الجتهادا ول
يشترط العلم بإأحوال الرواة من حيث هو فإن الصحابإة كانوا مجتهدين ولم
يحتاجوا إلى ذلك وإنما الذين بإعدهم يحتاجون إلى ذلك في إيقاع الجتهادا ل في
حصول الصفة لهم وذاك العلم بإمواقع الجماع والختلف وكان محل الكلم
على هذا في أواخر الكتاب ولكنا تعجلناه هنا
ومن المعلوم أن الصحابإة كانوا أكمل الناس في هذه الشياء الثلثة أما الول
فبطباعهم وأما الثاني والثالث فلمشاهدتهم الوحي ومعرفتهم بإأحوال النبي
صلى الله عليه وسلم
ولما كان الفقه مستندا إلى الكتاب والسنة ويحتاج الفقيه في أخذه منهما إلى
قواعد جمعت تلك القواعد في علم وسميته أصول الفقه وهي تسمية صحيحة
مطابإقة لتوقف الفقه عليها وتلك القواعد منها ما ل يعرف إل من الشرع ومنها
ما يعرف من اللغة بإزياداة على ما تصدى له النحاة واللغويون فالذي ل يعرف إل
من الشرع إثبات كون الخبر الواحد حجة وكون الجماع حجة والقياس حجة
وكثير من المسائأل التي تذكر فيه والذي يعرف من اللغة ما يذكر فيه من
داللت اللفاظ اللغوية وما فيه من علم الكلم ونحوه فاقتضاه انجرار الكلم
إليه وتوقف فهم بإعض مسائأل هذا العلم عليه
وهأنا أبإتدئ في شرح هذا الكتاب مستعينا بإالله تعالى وذلك في يوم الثنين
ثامن شهر ربإيع الول سنة خمس وثلثين وسبعمائأة وإلى الله أتضرع وأنا أسأل
أن ينفع بإه بإمنه وكرمه إنه قريب مجيب
____________________
) (1/9
شرح دايباجة الكتاب
تقدس من تمجد بإالعظمة والجلل تقدس أي تطهر ومن أسمائأه تعالى التي
نطق بإها القرآن القدوس وفيه لغتان ضم القاف وهي أشهر وكان س يقول
بإفتحها وأصل الكلمة من القدس بإضم الدال وبإسكونها وهو الطهارة سمي
جبريل روح القدس لطهارته في تبليغ الوحي إلى الرسل عليهم السلم والرض
المقدسة المطهرة وبإيت المقدس بإيت الطهارة من الذنوب لتطهيره من
الكفار بإالمسلمين وقال تعالى } ونقدس لك { أي نقدسك إن جعلت اللم
زائأدة أو نقدس أنفسنا لك إن لم ترض زياداتها ومعنى تقديس الله تنزيهه من
كل ما ل يليق بإكماله سبحانه وتعالى فنزهه عن كل وصف يدركه حس أو
يصوره خيال وهم أو يختلج بإه ضميره وننزهه عن كل ما نسبه إليه المبطلون
من الشركاء والندادا والصحابإة والولدا وعن كل محال نسبه إليه أهل الضلل
مما يشير إلى نقص أو يومئ إلى عيب
ولول ما وقع فيه أهل الكفر والضلل من ذلك لكان الداب بإنا تنزيه عن أن
ننطق بإنفي ذلك عنه لن نفي الوجودا يكادا يوهم بإإمكان الوجودا وتطرق العيب
والنقص إليه محال ل يخطر بإالبال تصوره فضل عن كونه ينفيه
____________________
) (1/10
ويقدره وقولنا تنزيهه عن كل ما ل يليق بإكماله عبارة محررة من قول من يقول
بإأوصاف الكمال فإن أكثر ما يتصور الناس من أوصاف الكمال ما هو كمال
لنفسهم كعلمهم وسمعهم وبإصرهم والله تعالى منزه عنها فإن صفاته تعالى ل
تشبه صفات البشر وعلمه وسمعه وبإصره مباين لسمعهم وبإصرهم وعلمهم
فتنزيه كثير من الجهال يحتاج إلى تنزيه ومجامع التقديس أن تقدسه عن
الشركاء والضدادا والنظير والولد وإحاطة البإصار والحاجة إلى غيره وغير ذلك
مما يستحيل عليه وأكثر الناس يعتقدون أن معنى القدوس الطاهر ول شك أنه
يدل على ذلك ولكنه ليس كل معناه فإن بإناء طاهر لزم وقدوس مأخوذ من
فعل متعد فمعناه مطهر بإكسر الهاء أي أنه تعالى مقدس لنفسه بإإخباره عنها
التوحيد والجلل والكرام واستحالة النقائأض عليه وعجز الوهام عنه وخالق
الدالة على ذلك ومقدس لخلقه عن اعتقاداهم فيه ما ل يليق بإذاته والول صفة
ذات والثاني والثالث صفتا فعل وعن ابإن عباس وقتاداة القدس الذي منه
البركات
إذا عرفت ذلك فقوله تقدس ل يجوز أن يكون مطاوعا لقدس فإن المطاوع
شرطه التأثر مثل كسرته فتكسر وذلك مفقودا هنا والتقديس هنا مثل التصديق
في أن المرادا منه الخبار عن الصدق فل يأتي منه مضارع لكن يصح استعمال
تقدس لموافقة المجردا وقال الراجز الحمد لله العلي القاداس ومن جملة
معاني تفعل أن يوافق المجردا وإن لم ينطق بإالمجردا ههنا في الفعل وقد قال
القرافي في قوله تبارك وتعالى أن معناه تقدس وللمصنف في القرآن أسوة
في استعماله تقدس وكذلك السهيلي وهو من المتقنين في العلم وقع في
كلمه تقدس سبحانه عن مضاهاة الجسام وقدوس مثل سبوح كان س يفتح
أولهما والمشهور الضم فيها والتسبيح التنزيه ولم يردا السبوح في القرآن ول
في حديث أبإي هريرة ولكن جاء التسبيح واختلف العلماء هل كونه سبوحا
قدوسا يرجع إلى معنى خاص يسمى قدسا وسبحة أو وضعه بإذلك يرجع إلى
نفي محض وتنزيه عن النقائأض ومعنى ذلك أنه هل هو صفة ثبوتية أو سلبية
____________________
) (1/11
وقوله تمجد الكلم فيه كالكلم في تقدس وهو مأخوذ من اسم المجيد وقد
نطق بإه القرآن والسنة وأجمعت المة عليه والمجد معناه الشرف والعظمة
والكثرة والرتفاع سمي تعالى بإذلك لكثرة جلله وشرفه وعلوه بإما يخرج عن
طوق البشر واختلف العلماء هل هو صفة خاصة كالعلم والقدرة أو هو عبارة
عن استجماع صفات المعالي ووجوه نفي النقائأص فل كمال إل له ول نقص إل
وهو منزه عنه
وقوله بإالعظمة والجلل متعلق بإتمجيد واسم العظيم نطق بإه القرآن والسنة
وهو تعالى عظيم في ذاته وصفاته وقهره وسلطانه فكل عظيم بإالنسبة إلى
عظمته عدم محض واسم الجميل لم يردا في القرآن ول في حديث أبإي هريرة
لكن في الحديث إن الله جميل يحب الجمال ووردا أيضا في بإعض طرق أبإي
هريرة
ولما كان تعالى كامل في ذاته وصفاته وأفعاله وصف بإالجمال وهو تعالى
مقدس عن الصورة وعن الصفات البشرية
ومشاهدة صفة الجمال يثير المحبة ومشاهدة صفة الجلل يثير الهيبة والعظمة
تثير الهيبة أيضا فلهذا قرن المصنف العظمة بإالجلل لتفيده معنى زائأدا على
الجلل فالباء يحتمل أن تكون بإمعنى في أي تمجد في عظمته وجلله فارتفع
بإهما على كل عظيم وجليل ويحتمل أن تكون للسببية على معنى أنه ارتفع
بإعظمته وجلله على كل شيء فل شيء إل وهو مجد تعالى وهو تعالى مجيد
بإذاته عظيم بإذاته فليس المعنى أن بإعض الصفات أثر في بإعض وإنما لما كانت
هذه الصفات تشير إلى مجموع معان وملحظة كل منها يوجب العلم بإالكمال
بإها حسن ذلك كله
وتنزه من تفردا بإالقدم والكمال التنزيه بإمعنى التسبيح وقد وردا مصرحا
____________________
) (1/12
بإه في الحديث أنه كان يصلي من الليل فل يمر بإآية فيها تنزيه لله إل نزهه
وأصل النزهة البعد وتنزيه الله تبعيده عن ما ل يليق بإه ول يجوز عليه فمعنى
تنزه بإعد والتفردا النفرادا يقال تفردا بإه واستفردا بإه بإمعنى واحد والقدم وجودا ل
أول له وكل شيء سوى الله وصفاته فهو حاداث لوجوداه أول وصفاته ل يقال
فيها إنه غيره والكمال المطلق ليس إل لله تعالى فهو الكامل في ذاته وصفاته
وأفعاله وكل ما سواه مفتقر إليه والفتقار ينافي الكمال فله حدوثه عن العدم
وغير ذلك مما للمخلوق من صفات النقص
عن مشابإهة الشباه والمثال ومصادامة الحدوث والزوال هذا متعلق بإقوله تنزه
وأما تقدس فإما أن يجعل كلما تاما وإما أن يجعل من بإاب التنازع ويضمر في
تقدس كما ذكره هنا والمشابإهة المشاكلة والشبه الشبه والشبيه بإمعنى واحد
وهو ما يشبه الشيء وبإينهما شبه بإالتحريك وكل منها يجمع على أشباه والمثل
والمثل كالشبه والشبه وهو ما يساوي الشيء ويقوم كل منهما مقام الخر في
حقيقته وما هيته كالجسام متساوية في الجسمية وإن اختلفت بإاللوان
والشكال وغيرها من العراض واختلفها بإذلك ل يخرجها عن التماثل في
الحقيقة هذا حقيقة المثلين وبإه تزول شبهات يورداها المجسمة وكثير ممن وقع
في التشبيه ظانا أنه سالم منه والمصادامة المماسة والمرادا بإها ههنا اللصاق
واللحاق والحدوث وجودا مسبوق بإعدم فهو ضد الزلية والزوال طريان العدم
وهو ضد البإدية والولية والبإدية واجبان لله تعالى لنه يقال واجب لذاته
يستحيل عليه العدم ل أول ول آخرا
مقدر الرزاق والجال ومدبإر الكائأنات في أزل الزال هذا مما ل يجحده مسلم
ول كافر تفردا الرب سبحانه وتعالى بإه وما فيه من عظيم العلم والقدرة والمنة
والزل المقدم والزل القديم وأصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم يزل ثم نسب
إلى هذا فلم يستقم إل بإاختصار قالوا يزلي ثم أبإدلت الياء ألفا لنها أخف فقالوا
أزلي كما قالوا في الرمح المنسوب إلى ذي يزن أذني وقوله ألزال على سبيل
المبالغة في اللفظ
عالم الغيب والشهاداة الكبير المتعال الغيب والشهاداة قيل السر
____________________
) (1/13
والعلنية وقيل الدنيا والخرة وقيل ما غاب عن العبادا وما شهدوا وقيل الغيب
المعدوم والشهاداة الموجودا والمدرك كأنه مشاهد والكبير الكامل في ذاته
وصفاته المتقدم في المنزلة والسبق في المرتبة من كبر بإضم الباء والمتعال
المستعلي على كل شيء بإقدرته كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها
نحمده على فضله المتراداف المتوال على ما عمنا من النعام والفضال الحمد
الثناء بإجميل الصفات والفعال ول يكون إل بإالقول سواء كان ذلك الجميل في
المحمودا خاصة بإه أو كان واصل منه إلى غيره والثاني شكر والشكر يكون
بإالقول والفعل والعتقادا فبينه وبإين الحمد عموم وخصوص من وجه وبإين
الحمد والمدح فرق آخر أداعاه السهيلي وهو أن الحمد يشترط فيه أن يكون
صادارا عن علم وأن تكون الصفات محموداة صفات كمال ولهذين الشرطين ل
يوجد الحمد لغير الله والله هو المستحق الحمد على الطلق والمدح قد يكون
عن ظن وبإصفة مستحسنة وإن كان فيها نقص ما والتيان بإالنون في هذا الفعل
ينبغي أن يقصد بإه أن جميع الخلئأق حامدون وليست للتعظيم والمتراداف
المتتابإع والمتوالي كذلك فينبغي أن يكون مقصوداه بإالمتراداف الذي يأتي بإعده
في أثر بإعض ليسلم من التأكيد ويفيد كثرة الفضل في الزمان الواحد واستمرار
ذلك في كل زمان وفضل الله هكذا هو وفي عمنا ضمير مرفوع عائأد على
الموصول أي عمنا هو ومن النعمام والفضال بإيان لذلك في محل رفع وقد
قدمنا أن بإين الحمد والشكر عموما من وجه وأنهما يتفقان فيما كان منه
فيسمى حمدا وشكرا وقد استعمل المصنف هذا الحمد على ما هو منة
واستعمل الشكر بإالقول فتوافقا في هذا المحل وإن تغايرا في وصفهما
والفضل من قوله } واسألوا الله من فضله { ومن قوله } وكان فضل الله
عليك عظيما { والفضال الحسان والتفضل وقد استعمل الفضل على خلف
النقص فيكون الثناء عليه حمدا مباينا للشكر لكنه ليس المرادا هنا لقوله
المتراداف المتوال فإنهما يقتضيان الوصول إلى الغير
____________________
) (1/14
ونصلي على محمد الهاداي إلى نور اليمان في ظلمات الكفر والضلل معنى
نصلي هنا نطلب الصلة من الله تعالى لن النبي صلى الله عليه وسلم سئل
كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم إنك حميد مجيد وبإارك على محمد وعلى آل م
محمد كما بإاركت على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
ومعنى نطلب إنشاء الطلب وكذلك نحمد معناه إنشاء الحمد وليس معناه الخبر
فعطف إنشاء على إنشاء ووصفه صلى الله عليه وسلم بإالهداية لقوله تعالى
} وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم { وبإين الهداية والضلل والنور والظلمات
واليمان والكفر ما ل يخفى من الطباق
وعلى آله وصحبه خير صحب وآل آله صلى الله عليه وسلم بإنو هاشم وبإنو
المطلب هذا اختيار الشافعي وأصحابإه وقيل عترته وأهل بإيته وقيل جميع أمته
وهو قول مالك والصحيح إضافة الل إلى مضمر كما استعمله المصنف وقال
جماعة من أهل العربإية ل يصح إضافته إل إلى مظهر والصحب جمع صاحب
وهو كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وقيل من طالت مجالسته
والصحيح الول بإخلف التابإعي ل يكفي فيه رؤية الصحابإي والفرق شرف
الصحبة وعظم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن رؤية الصالحين لها
أثر عظيم فكيف روية سيد الصالحين فإذا رآه مسلم ولو لحظة انطبع قلبه
على الستقامة لنه بإإسلمه متهيء للقبول فإذا قابإل ذلك النور العظيم أشرق
عليه وظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه
وقوله خير صحب وآل صحيح لنه ليس في أصحاب النبياء مثل أصحاب نبينا
صلى الله عليه وسلم ولجل السجع قدم الصحب على الل في الثاني وجاء
على أحد طريقي العرب وهو ردا الول على الثاني والثاني على الول ولول هذا
لقال خير آل وصحب فردا الول للول والثاني للثاني وهما طريقان للعرب
جائأزان
____________________
) (1/15
وبإعد فأولى ما تهم بإه الهمم العوالي وتصرف فيه اليام والليالي تعلم المعالم
الدينية والكشف عن حقائأق الملة الحنيفية والغوص في تيار بإحار مشكلته
والفحص عن أستار أسرار معضلته بإعد ضم الدال على الصحيح مقطوع عن
الضافة أي بإعد ما سبق من التقديس والتنزيه والحمد والصلة والعامل فيه
فعل مقدر تقديره أقول وهو معطوف بإالواو على نحمد ونصلي وبإعده فعل آخر
مقدر تقديره تنبه هو معمول القول لجله داخلت الفاء على أولى وفي الفاء
فائأدة أخرى وهي رفع توهم اضافة بإعد إلى أولى
وقوله تهم بإضم الهاء يقال هم بإالمر يهم هما أي أراداه فأما بإكسر الهاء فهو من
الهميم وهو الدبإيب والهمم جمع همة وهي الواحدة تقول همة مثل جلسة
بإالفتح للمرة وبإالكسر للهيأة والجمع لها وإسنادا الفعل للهمم وهو في الحقيقة
لفاعلها من بإاب قولهم شعر شاعر والمعالم جمع معلم وهو ما جعل علمة
للطرق والحدودا مثل أعلم الحرم ومعالمه المضروبإة عليه ويقال المعلم الثر
وهو راجع إلى معنى العلمة ول خلف في المعنى والمعالم الدينية الدالة
الشرعية وكل ما يهدي إليها وتعلمها تعرفها والملة الحنيفية هذه الملة قال
صلى الله عليه وسلم بإعث بإالحنيفية السهلة السمحة وسميت حنيفية لنها على
ملة إبإراهيم والحنيف عند العرب من كان على داين إبإراهيم عليه السلم
وسمي إبإراهيم عليه السلم حنيفا لميله عن داين الصابإئة وهم عبادا الكواكب
وسمى أتباعه حنفاء لذلك ولميلهم عن اليهوداية والنصرانية قال تعالى } ما
كان إبإراهيم يهودايا ول نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما {
والملة الدين والدليل على أن هذه الملة ملة إبإراهيم قوله تعالى } ثم أوحينا
إليك أن اتبع ملة إبإراهيم { واداعى بإعض العلماء أنها موافقة لها في الصول
والفروع والمشهور أنها موافقة لها في الصول فقط وعلى هذا ل اختصاص
لملة إبإراهيم بإذلك لن داين النبياء كلهم واحد في الصول وإنما اختلفت
____________________
) (1/16
الشرائأع في الفروع ويكون تسميته هذه الملة حنيفية لمخالفتها ما كان عليه
أهل الشرك واليهودا والنصارى كمخالفة إبإراهيم من كان في زمانه من الكفار
وهم الصابإئة واتباعه داين النبياء قبله وبإعده وهوالسلم وحقائأقها على هذا
أصول الدين ول تشمل أصول الفقه الذي تصدى له والمعالم الدينية شاملة له
وإن جعلنا اسم الملة شامل للصول والفروع وكل المرين أعني المعالم الدينية
وحقائأق الملة شامل للصول والفروع فيندرج فيه أصول الفقه الذي تصدى له
وهو أحسن ليكون مناسبته للتصنيف الذي تصدى له أكثر ويشهد له قوله بإعثت
بإالحنيفية السمحة فإنه يشير إلى الصول والفروع جميعا ول يلزم من ذلك
موافقتها لشريعة إبإراهيم في جميع الشياء بإل لموافقتها الصول سميت بإذلك
وحقائأقها على هذا جميع أحكامها ومعانيها وأسرارها والضمير في مشكلته
ومعضلته عائأد على الكشف لن الشكال والعضال فيه ل فيها فإنها بإينة جلية
بإيضاء نقية إذا ارتفع الحجاب عن الناظر رآها ول خفاء بإحسن استعاراته
وترشيحها في الغوص في تيار البحار والفحص عن أستار السرار وكم من بإحر
ل يدرك له قرار وسر تتغيب في أستاره الفكار
وإن كتابإنا هذا منهاج الوصول إلى علم الصول الجامع بإين المعقول والمشروع
والمتوسط بإين الصول والفروع المنهاج الطريق جعل علما على هذا الكتاب
والوصول إلى الشيء إنما يكون عند انتهاء طريقه فقوله منهاج الوصول معناه
الطريق التي يتوصل فيها إلى الوصول إلى علم الصول كما تقول طريق مكة
أي المتوصل فيها إلى مكة فليس الوصول فيه ولكنه غايته
وقوله منهاج خبر إن ويجوز إطلق ذلك على هذا الكتاب بإمعناه الصلي غير
علم لن الشتغال بإه يوصل إلى ذلك وقوله الجامع مخفوض صفة لعلم الصول
ول خفاء في جمعه بإين المعقول والمشروع فإنه نتج من نكاح نور الشرع
لصافي بإنات الفكر فجاء عريق الصالة شديد البسالة وتوسطه بإين الصول أي
أصول الدين والفروع وهذا يستمد من الول ويمد الثاني
وهو إن صغر حجمه وكبر علمه وكثرت فوائأده وجلت عوائأده قوله
____________________
) (1/17
وهو يعني هذا الكتاب وصغر بإضم الغين وكذلك كبر الباء لنه بإمعنى عظم
وأصل كبر بإضم الباء لكبر الجثة ثم استعمل في كبر المعنى وأما كبر السن فل
يقال فيه إل كبر بإكسر الباء وراعى المطابإقة بإين صغر وكبر لتضاداهما واجتمعا
لرجوع الصغر إلى الجثة والكبر إلى المعنى والعوائأد جمع عائأدة وهي العطف
والمنفعة يقال هذا أعودا عليك من كذا أي أنفع وفلن ذو عائأدة أي تعطف ونفع
وإن هذا الكتاب لكما وصف
جمعته رجاء أن يكون سببا لرشادا المستفيدين ونجاتي يوم الدين والله تعالى
حقيق بإتحقيق رجاءه وقوله حقيق بإتحقيق أي خليق له وخليق وجدير وحري
وحر كل ذلك بإمعنى واحد وقصد المصنف التجانس بإين حقيق وتحقيق وإطلق
ذلك على الله ينبئ على أن السماء توقيفية أول
____________________
) (1/18
تعريف أصول الفقه
أصول الفقه معرفة دالئأل الفقه إجمال وكيفية الستفاداة منها وحال المستفيد
هذه العبارة بإعينها عبارة تارج الدين الرموي في الحاصل ولنقدم مقدمة وهي
أنه ينبغي أن يذكر في ابإتداء كل علم حقيقة ذلك العلم ليتصورها الذي يريد
الشتغال بإه قبل الخوض فيه فمن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل فل جرم
احتاج إلى تعريف أصول الفقه في أوله وههنا خمسة أشياء
أحدها لفظ أصول الفقه قبل أن يسمى بإه هذا العلم مركب من مضاف
ومضاف إليه
والثاني هذا اللفظ بإعد أن سمي بإه فإنه صار اسما للعلم وكل من المضاف
والمضاف إليه بإهذا العتبار صار كالزاي والدال من زيد ل معنى له وكل مركب
سمي بإه معنى فقد يتطابإق معناه حال التركيب وحال التسمية كعبد الله
مسمى بإه رجل فهو صاداق عليه بإالعتبارين وقد ل يتطابإقان كأنف الناقة
مسمى بإه رجل ولفظ أصول الفقه مما تطابإق فيه معناه حال التركيب ومعناه
حال التسمية من بإعض الوجوه كما سنبينه
الثالث معنى أصول الفقه قبل التسمية
الرابإع معنى أصول الفقه بإعد التسمية مع قطع النظر عن أجزاء اللفظ المطلق
عليه
الخامس معناه بإعد التسمية مع اللتفات إلى أجزاء اللفظ المطلق عليه لن
اللفظ يدل عليه بإاعتبارين كما قدمناه فإذا أخذ المعنى بإأحد العتبارين
____________________
) (1/19
كان مغايرا له بإالعتبار الخر فيصدق على المعنى المذكور أنه إضافي لقبي
بإاعتبارين لكن صدق اللفظ عليه بإالضافة إنما هو بإطريق المجاز لنه أخص من
معناه الحقيقي والحد إنما هو للمعنى داون اللفظ فالمقصودا بإيان المعاني
الثلثة ويعبر عن المعنى الول بإالضافي لن المعنى مركب من مضاف
ومضاف إليه في الذهن كما أن لفظه كذلك في النطق ويعبر عن المعنى الثاني
بإاللقبي بإاعتبار أنه ملقب بإهذا السم فإن اللفظ المركب جعل اسما عليه زلقبا
له وعلما كسائأر أعلم الجناس أو أسماء الجناس فإن علم الجنس هو الذي
يقصد بإه تمييز الجنس من غيره من غير نظر إلى أفراداه واسم الجنس الذي
يقصد بإه مسمى الجنس بإاعتبار وقوعه على أفراداه حتى إذا داخلت عليه اللف
واللم الجنسية الدالة على الحقيقة ساوى علم الجنس هذا هو الذي نختاره في
الفرق بإين اسم الجنس وعلم الجنس ويستنتج منه أن علم الجنس ل يثنى ول
يجمع لنه إنما يثنى ويجمع الفرادا وجعله اسم جنس أولى من جعله علم جنس
لنه لو كان علما لما داخلت عليه اللف واللم وكذلك سائأر أسماء العلوم من
فقه ونحو وغير ذلك ويعبر عن المعنى الثالث بإالضافي بإالعتبارين كما سبق
إذا عرفت هذه المقدمة فهمت ثلثة مباحث
أحدهما في تعريف معنى أصول الفقه التركيبي قبل التسمية ول بإد في ذلك
من تعريف المضاف والمضاف إليه والضافة لن العلم بإالمركب يتوقف على
العلم بإالمفردا ونبدأ ذلك بإتعريف المضاف وليس كما توهم بإعض الناس من أنه
يعتني بإالبداءة بإالمضاف إليه محتجا بإأن المضاف يتعرف بإتعريف المضاف إليه
لنا نقول التعريف تعريف مقابإل التنكير وهو الذي يكتسبه المضاف من
المضاف إليه وتعريف مقابإل الجهل وهو المقصودا هنا وهذا ل يكتسبه المضاف
من المضاف إليه فنقول الصول جمع وتعرفه بإتعريف مفرداه والصل ما يتفرع
عنه غيره وهذه العبارة أحسن من قول أبإي الحسين ما يبنى عليه غيره لنه ل
يقال إن الولد يبنى على الوالد ويقال إنه فرعه وأحسن من قول صاحب
الحاصل ما منه الشيء لشتراك من بإين
____________________
) (1/20
البإتداء والتبعيض وأحسن من قول المام المحتاج إليه لنه إن أريد بإالحتياج ما
يعرف في علم الكلم من احتياج الثر إلى المؤثر والموجودا إلى الموجد لزم
إطلق الصل على الله تعالى وإن أريد ما يتوقف عليه الشيء لزم إطلقه على
الجزء والشرط وانتفاء المانع وإن أريد ما يفهمه أهل العرف من الحتياج لزم
إطلقه على الكل واللبس ونحوهما وكل هذه اللوازم مستنكرة وكل هذه
التعريفات للصل بإحسب اللغة وإن كان أهل اللغة لم يذكروها في كتبهم وهو
مما ينبهنا على أن الصوليين يتعرضون لشياء لم يتعرض لها أهل اللغة
وأما في العرف فالصل مستعمل في ذلك ولم يترك أهل العرف الستعمال
في ذلك لكن العلماء يطلقونه مع ذلك على شيئين أخص منه
أحدهما الدليل والثاني المحقق الذي يشك في ارتفاعه لتفرع المدلول على
الدليل والستصحاب على اليقين السابإق
والفقه تعريفه سيأتي في كلم المصنف والضافة تفيد الختصاص فإن كان
المضاف اسما جامدا أفادات مطلق الختصاص كحجر زيد وإضافة العلم إذا
وقعت من هذا القبيل كقول الشاعر %عل زيدنا يوم النقا رأس زيدكم %وإن
كان المضاف اسما مشتقا أفادات الضافة اختصاص المضاف بإالمضاف إليه
في المعنى المشتق منه كغلم زيد تفيد اختصاص الغلم بإزيد في معنى الغلمية
وكانت للملك وتفيد هنا اختصاص الصول بإالفقه في معنى لفظة الصول وهو
كون الفقه متفرعا عنه وظهر بإهذا أن أصول الفقه بإالمعنى التركيبي ما يتفرع
عنه الفقه والفقه كما يتفرع عن داليله يتفرع عن العلم بإدليله فيسمى كل
منهما أصل للفقه ول فرق في الدالة في هذا المقام بإين الجمالية
____________________
) (1/21
والتفصيلية فإن كل منهما يتفرع الفقه عنه وعن العلم بإه فصار أصول الفقه
بإالمعنى التركيبي يشمل أربإعة أشياء الدالة الجمالية وعلمها والدالة التفصيلية
وعلمها وهذا ليس هو المصطلح ول يصح تعريف هذا العلم بإمدلول أصول الفقه
الضافي لنه أعم منه إل إذا أخذ
)اضغط هنا للنتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على النترنت(
البإهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الصول
للبيضاوي
علي بإن عبد الكافي السبكي
سنة الولداة /سنة الوفاة 756
تحقيق جماعة من العلماء
الناشر داار الكتب العلمية
سنة النشر 1404
مكان النشر بإيروت
عددا الجزاء 3
كتاب البإهاج في شرح المنهاج
____________________
) (1/1
مقدمة المؤلف بإسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ المام العالم
العلمة القدوة المحقق الحافظ شيخ السلم بإقية العلماء العلم قدوة الئأمة
آخر المجتهدين حجة الله على العالمين سيدنا ومولنا قاضي القضاة تقي الدين
أبإو الحسن علي بإن عبد الكافي بإن علي بإن علي بإن تمام بإن سوار بإن سوار بإن
مسوار النصاري الخزرجي الشافعي نضر الله وجهه قاضي القضاة بإالشام
المحروس
قال رحمه الله تعالى الحمد لله الذي أسس بإنيان داينه على أثبت قواعد وأعلى
أعلم ملته فخضعت لها أعناق كل جاحد وأحكم أصول شريعته فأعيا تفريعها
كل معاند ورفع قدر علمائأها فعد كل واحد منهم بإألف كما عد ألف من غيرهم
بإواحد أحمده على نعمه التي عمت كل صادار وواردا واعترف بإالعجز عن شكره
ول يبلغ معشار عشره حمد كل حامد وأستغفره استغفار عبد في بإحر الذنوب
راكد ل يجد ملجأ من الله إل إليه قد أحاطت بإه الشدائأد وقعد له عدوه
بإالمراصد وسولت له نفسه بإالمكايد وغلب عليه هواه الفاسد وناداى في
الظلمات أن ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وأنك أنت الله
الواحد وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له توحيدا أنا له في صميم القلب
واجد وعليه في الدنيا والخرة شاهد وأصفه بإما وصف بإه نفسه من صفات
الكمال والمحامد وأنزهه عن كل ما ل يليق بإحاله وأقدس له عن وضر التشبيه
والتعطيل ما تكنه القلوب من العقائأد و أستوداعه ذلك ليوم ل يجزى فيه ولد ول
والد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قدره على جميع الخلئأق صاعد
وشرفه بإين البرية ناهد المصطفى من خير القبائأل الماجد والمجتبى من خير
البطون القارب والبإاعد المبرأ في نسبه
____________________
) (1/3
وذاته عن كل شين يتعلق بإه حاسد المقدم على النبياء والمرسلين والملئأكة
المقربإين في جميع المشاهد والمبعوث إلى كل إنسي وجني والمنقذ لهم من
ربإقة الشيطان الماردا الهاداي إلى سبيل الرشادا ولوله لم يكن أحد منا بإراشد
صلى الله عليه وسلم ما سجد لله ساجد وداام في الجنان خالد ورضي الله على
أصحابإه الذين كل منهم في الله جاهد مجاهد وحامي حوزة الدين من كل مارق
في الدين مجالد الذين قاموا بإجللة نبيه في جميع المعاهد وشيدوا أركان داينه
وحفظوا شرائأعه في جميع المصادار والمواردا وقاموا بإأعباء الملة الحنيفية وذبإوا
عنها كل زائأد وحموا حماها عن الشبهات ووقفوا عند حدوداها تحصيل للمصالح
ودارأ للمفاسد رضي الله عنهم أجمعين وعن جميع علماء المسلمين الذين
خلفوا الصحابإة والتابإعين في تمهيد القواعد واستخراج الفوائأد وضبط الصول
الشواردا وتبيين الدالة والمقاصد والتوسع في علوم القرآن التي يتيه في بإحارها
كل عالم ناقد ومعرفة السنة ول يخطئ بإعضها إل من هو أسهد الليل مكايد
وقد تجردا لذلك في المائأة الثانية جماعة من العلماء ما منهم إل من جاهد
وجاهد وكد وداأب ونصب واجتهد والله لسعيه شاهد وكان من أعظمهم منة
على من بإعده من طلب الفوائأد المام الشافعي رضي الله عنه فإن له أجمل
العوائأد لجمعه بإين الحديث والفقه وكان غيره يقتصر منهما على واحد ولبناية
كلمه على أصول هو أول من صنفها لما سأله ابإن مهدي فصنف له الرسالة
وكم فيها من الفوائأد فهو أول من صنف في أصول الفقه ل يمتري في ذلك إل
معاند
____________________
) (1/4
فائأدة علم الصول
وإن علم أصول الفقه وهو من أعظم العلوم ثلثة أصناف عقلية محضة
كالحساب والهندسة والنجوم والطب ولغوية كعلم اللغة والنحو والتصريف
والعروض والقوافي والبيان وهي علوم القرآن والسنة وتوابإعهما
ول ريب في أن الشريعة أشرف الصناف الثلثة في الوسائأل والمقاصد
وأشرف العلوم الشرعية بإعد العتقادا الصحيح وأنفعها معرفة الحكام التي
____________________
) (1/5
تجب للمعبودا على العابإد ومعرفة ذلك بإالتقليد ونقل الفروع المجرداة تستفرغ
جمام الذهن ول ينشرح الصدر له لعدم أخذه بإالدليل وأين سامع الخبر من
المشاهد وأين أجر من يأتي بإالعباداة لفتوى إمامه أنها واجبة أو سنة من الذي
يأتي بإها وقد ثلج صدره عن الله ورسوله بإأن ذلك داينه تالله إن أجر هذا لزائأد
وهذا ل يحصل إل بإالجتهادا ول يكمل فيه إل الواحد بإعد الواحد وكل العلماء في
حضيض عنه إل من نغلغل بإأصل الفقه وكرع من مناهله الصافية بإكل المواردا
وسبح في بإحره ودارى من الله وبإات يعل بإه وطرفه ساهد وإني لم أزل منذ
نشأت محبا في هذا العلم مولعا بإالبحث فيه مع كل زائأد
وقد أكثر الناس من التصنيف فيه فكم من تصنيف فيه مبسوط ومختصر
وناقص وزائأد ومن أحسن مختصراته كتاب المنهاج في الوصول إلى العلم
الصول الذي صنفه القاضي الفاضل ناصر الدين عبد الله بإن عمر بإن محمد
البيضاوي رحمه الله فلقد أحسن فيه المعاقد وقد قرئ على مرات كثيرة من
جماعات حتى سمحت أقرأه من كثرة المواردا وانتشرت طلبته فلم أقتنع من
واحد وفي هذا الوقت شرع في الشتغال بإه ولدي أبإو حامد أعطاه الله من خير
الدنيا والخرة ما هو قاصد وزاداه مما ليس في حسابإه كل خير إنه الكريم
الماجد فأحببت أن أضع له شرحا لينتفع هو وغيره بإه إن شاء الله
وعسى داعوة من أخ في الله تنفعني وأنا في القبر راقد وسميته البإهاج في
شرح المنهاج وأخذت هذا السم من قول ذي الرمة %تزداادا للعين إبإهاجا إذا
سفرت % %ومخرج العبن فيها يلتفت %وذلك من قصيدته التي قرأتها على
أبإي محمد الحسن عبد الكريم سبط زياداة في سنة سبع وسبعمائأة عن عيسى
بإن عبد العزيز بإن عيسى قال أخبرنا السلفي قال أخبرنا جعفر السراج قال
أخبرنا الحسن بإن علي الجوهري قال
____________________
) (1/6
قرأت على أبإي الحسن علي بإن عيسى الرماني قال سمعت دايوان ذي الرمة
على أبإي بإكر داريد عن أبإي حاتم عن الصمعي عن أبإي عمرو بإن العلء عن ذي
الرمة واسمه غيلن ابإن عقبة العدوي
فإن قلت قد عظمت أصول الفقه وهل هو إل نبذ جمعت من علوم متفرقة نبذة
من النحو وهي الكلم في معاني الحروف التي يحتاج إليها الفقيه والكلم في
الستفتاء وما أشبه ذلك ونبذة من علم الكلم وهي الكلم في الحسن والقبيح
والكلم في الحكم الشرعي وأقسامه وبإعض الكلم في النسخ وأفعاله ونحو
ذلك ونبذة من اللغة وهي الكلم في معنى المر والنهي وصيغ العموم
والمجمل والمبين والمطلق والمقيد وما أشبه ذلك ونبذة من علم الحديث وهي
الكل في الخبار والعارف بإهذه العلوم ل يحتاج إلى أصول الفقه في الحاطة بإها
فلم يبق من أصول الفقه إل الكلم في الجماع وهو من أصول الدين أيضا
وبإعض الكلم في القياس والتعارض مما يستقل بإه الفقيه فصارت فائأدة
الصول بإالذات قليلة جدا بإحيث لو جردا الذي ينفردا بإه ما كان إل شيئا يسيرا
قلت ليس كذلك فإن الصوليين داققوا في فهم أشياء من كلم العرب لم يصل
إليها النحاة ول اللغويون فإن كلم العرب متسع جدا والنظر فيه متشعب فكتب
اللغة تضبط اللفاظ ومعانيها الظاهرة داون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى
نظر الصول واستقراء زائأد على استقراء اللغوي مثاله وداللة صيغة أفعل على
الوجوب ول تفعل على التحريم وكون كل وإخوتها للعموم يوما أشبه ذلك مما
ذكر السائأل أنه من اللغة لو فتشت كتب اللغة لم تجد فيها شفاء في ذلك ول
تعرضا لما ذكره الصوليون وكذلك كتب النحو لو طلبت معنى الستثناء وأن
الخراج هل هو قبل الحكم أبإو بإعد الحكم ونحو ذلك من الدقائأق التي تعرض لها
الصوليون وأخذوها بإاستقراء خاص من كلم العرب وأدالة خاصة ل تقتضيها
صناعة النحو فهذا ونحوه مما تكفل بإه أصول الفقه ول ينكر أن له استمدادا من
تلك العلوم ولكن تلك الشياء التي استمدها
____________________
) (1/7
منها لم تذكر فيه بإالذات بإل بإالعرض والمذكور فيه بإالذات ما أشرنا إليه مما ل
يوجد إل فيه ول يصل إلى فهمها إلى من يلتف بإه
فإن قلت قد كانت العلماء في الصحابإة والتابإعين وأتباع التابإعين من أكابإر
المجتهدين ولم يكن هذا العلم حتى جاء الشافعي وصنف فيه فكيف تجعله
شرطا في الجتهادا
قلت الصحابإة ومن بإعدهم كانوا عارفين بإه بإطباعهم كما كانوا عارفين النحو
بإطباعهم قبل مجئ الخليل وسيبويه فكانت ألسنتهم قويمة وأذهانهم مستقيمة
وفهمهم لظاهر كلم العرب وداقيقه عتيد لنهم أهله الذي يؤخذ عنهم وأما
بإعدهم فقد فسرت اللسن وتغيرت الفهوم فيحتاج إليه كما يحتاج إلى النحو
شروط المجتهد
واعلم أن كمال رتبة الجتهادا تتوقف على ثلثة أشياء
أحدها التأليف في العلوم التي يتهذب بإها الذهن كالعربإية وأصول الفقه وما
يحتاج إليه من العلوم العقلية في صيانة الذهن عن الخطأ بإحيث تصير هذه
العلوم ملكة الشخص فإذ ذاك يثق بإفهمه لدللت اللفاظ من حيث هي هي
وتحريره تصحيح الدالة من فاسدها والذي نشير إليه من العربإية وأصول الفقه
كانت الصحابإة أعلم بإه منا من غير تعلم وغاية المتعلم منا أن يصل إلى بإعض
فهمهم وقد يخطئ وقد يصيب
الثاني الحاطة بإمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه
مخالف لها أو موافق
الثالث أن يكون له منة الممارسة والتبع لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم
منها مرادا الشرع من ذلك وما يناسب أن يكون حكما له في ذلك المحل وإن لم
يصرح بإه كما أن من عاشر ملكا ومارس أحواله وخبر أموره إذا سئل عن رأيه
في القضية الفلنية يغلب على ظنه ما يقوله فيها وإن لم يصرح له بإه
____________________
) (1/8
لكن بإمعرفته بإأخلقه وما يناسبها من تلك القضية فإذا وصل الشخص إلى هذه
الرتبة وحصل على الشياء الثلثة فقد حاز رتبة الكاملين في الجتهادا ول
يشترط العلم بإأحوال الرواة من حيث هو فإن الصحابإة كانوا مجتهدين ولم
يحتاجوا إلى ذلك وإنما الذين بإعدهم يحتاجون إلى ذلك في إيقاع الجتهادا ل في
حصول الصفة لهم وذاك العلم بإمواقع الجماع والختلف وكان محل الكلم
على هذا في أواخر الكتاب ولكنا تعجلناه هنا
ومن المعلوم أن الصحابإة كانوا أكمل الناس في هذه الشياء الثلثة أما الول
فبطباعهم وأما الثاني والثالث فلمشاهدتهم الوحي ومعرفتهم بإأحوال النبي
صلى الله عليه وسلم
ولما كان الفقه مستندا إلى الكتاب والسنة ويحتاج الفقيه في أخذه منهما إلى
قواعد جمعت تلك القواعد في علم وسميته أصول الفقه وهي تسمية صحيحة
مطابإقة لتوقف الفقه عليها وتلك القواعد منها ما ل يعرف إل من الشرع ومنها
ما يعرف من اللغة بإزياداة على ما تصدى له النحاة واللغويون فالذي ل يعرف إل
من الشرع إثبات كون الخبر الواحد حجة وكون الجماع حجة والقياس حجة
وكثير من المسائأل التي تذكر فيه والذي يعرف من اللغة ما يذكر فيه من
داللت اللفاظ اللغوية وما فيه من علم الكلم ونحوه فاقتضاه انجرار الكلم
إليه وتوقف فهم بإعض مسائأل هذا العلم عليه
وهأنا أبإتدئ في شرح هذا الكتاب مستعينا بإالله تعالى وذلك في يوم الثنين
ثامن شهر ربإيع الول سنة خمس وثلثين وسبعمائأة وإلى الله أتضرع وأنا أسأل
أن ينفع بإه بإمنه وكرمه إنه قريب مجيب
____________________
) (1/9
شرح دايباجة الكتاب
تقدس من تمجد بإالعظمة والجلل تقدس أي تطهر ومن أسمائأه تعالى التي
نطق بإها القرآن القدوس وفيه لغتان ضم القاف وهي أشهر وكان س يقول
بإفتحها وأصل الكلمة من القدس بإضم الدال وبإسكونها وهو الطهارة سمي
جبريل روح القدس لطهارته في تبليغ الوحي إلى الرسل عليهم السلم والرض
المقدسة المطهرة وبإيت المقدس بإيت الطهارة من الذنوب لتطهيره من
الكفار بإالمسلمين وقال تعالى } ونقدس لك { أي نقدسك إن جعلت اللم
زائأدة أو نقدس أنفسنا لك إن لم ترض زياداتها ومعنى تقديس الله تنزيهه من
كل ما ل يليق بإكماله سبحانه وتعالى فنزهه عن كل وصف يدركه حس أو
يصوره خيال وهم أو يختلج بإه ضميره وننزهه عن كل ما نسبه إليه المبطلون
من الشركاء والندادا والصحابإة والولدا وعن كل محال نسبه إليه أهل الضلل
مما يشير إلى نقص أو يومئ إلى عيب
ولول ما وقع فيه أهل الكفر والضلل من ذلك لكان الداب بإنا تنزيه عن أن
ننطق بإنفي ذلك عنه لن نفي الوجودا يكادا يوهم بإإمكان الوجودا وتطرق العيب
والنقص إليه محال ل يخطر بإالبال تصوره فضل عن كونه ينفيه
____________________
) (1/10
ويقدره وقولنا تنزيهه عن كل ما ل يليق بإكماله عبارة محررة من قول من يقول
بإأوصاف الكمال فإن أكثر ما يتصور الناس من أوصاف الكمال ما هو كمال
لنفسهم كعلمهم وسمعهم وبإصرهم والله تعالى منزه عنها فإن صفاته تعالى ل
تشبه صفات البشر وعلمه وسمعه وبإصره مباين لسمعهم وبإصرهم وعلمهم
فتنزيه كثير من الجهال يحتاج إلى تنزيه ومجامع التقديس أن تقدسه عن
الشركاء والضدادا والنظير والولد وإحاطة البإصار والحاجة إلى غيره وغير ذلك
مما يستحيل عليه وأكثر الناس يعتقدون أن معنى القدوس الطاهر ول شك أنه
يدل على ذلك ولكنه ليس كل معناه فإن بإناء طاهر لزم وقدوس مأخوذ من
فعل متعد فمعناه مطهر بإكسر الهاء أي أنه تعالى مقدس لنفسه بإإخباره عنها
التوحيد والجلل والكرام واستحالة النقائأض عليه وعجز الوهام عنه وخالق
الدالة على ذلك ومقدس لخلقه عن اعتقاداهم فيه ما ل يليق بإذاته والول صفة
ذات والثاني والثالث صفتا فعل وعن ابإن عباس وقتاداة القدس الذي منه
البركات
إذا عرفت ذلك فقوله تقدس ل يجوز أن يكون مطاوعا لقدس فإن المطاوع
شرطه التأثر مثل كسرته فتكسر وذلك مفقودا هنا والتقديس هنا مثل التصديق
في أن المرادا منه الخبار عن الصدق فل يأتي منه مضارع لكن يصح استعمال
تقدس لموافقة المجردا وقال الراجز الحمد لله العلي القاداس ومن جملة
معاني تفعل أن يوافق المجردا وإن لم ينطق بإالمجردا ههنا في الفعل وقد قال
القرافي في قوله تبارك وتعالى أن معناه تقدس وللمصنف في القرآن أسوة
في استعماله تقدس وكذلك السهيلي وهو من المتقنين في العلم وقع في
كلمه تقدس سبحانه عن مضاهاة الجسام وقدوس مثل سبوح كان س يفتح
أولهما والمشهور الضم فيها والتسبيح التنزيه ولم يردا السبوح في القرآن ول
في حديث أبإي هريرة ولكن جاء التسبيح واختلف العلماء هل كونه سبوحا
قدوسا يرجع إلى معنى خاص يسمى قدسا وسبحة أو وضعه بإذلك يرجع إلى
نفي محض وتنزيه عن النقائأض ومعنى ذلك أنه هل هو صفة ثبوتية أو سلبية
____________________
) (1/11
وقوله تمجد الكلم فيه كالكلم في تقدس وهو مأخوذ من اسم المجيد وقد
نطق بإه القرآن والسنة وأجمعت المة عليه والمجد معناه الشرف والعظمة
والكثرة والرتفاع سمي تعالى بإذلك لكثرة جلله وشرفه وعلوه بإما يخرج عن
طوق البشر واختلف العلماء هل هو صفة خاصة كالعلم والقدرة أو هو عبارة
عن استجماع صفات المعالي ووجوه نفي النقائأص فل كمال إل له ول نقص إل
وهو منزه عنه
وقوله بإالعظمة والجلل متعلق بإتمجيد واسم العظيم نطق بإه القرآن والسنة
وهو تعالى عظيم في ذاته وصفاته وقهره وسلطانه فكل عظيم بإالنسبة إلى
عظمته عدم محض واسم الجميل لم يردا في القرآن ول في حديث أبإي هريرة
لكن في الحديث إن الله جميل يحب الجمال ووردا أيضا في بإعض طرق أبإي
هريرة
ولما كان تعالى كامل في ذاته وصفاته وأفعاله وصف بإالجمال وهو تعالى
مقدس عن الصورة وعن الصفات البشرية
ومشاهدة صفة الجمال يثير المحبة ومشاهدة صفة الجلل يثير الهيبة والعظمة
تثير الهيبة أيضا فلهذا قرن المصنف العظمة بإالجلل لتفيده معنى زائأدا على
الجلل فالباء يحتمل أن تكون بإمعنى في أي تمجد في عظمته وجلله فارتفع
بإهما على كل عظيم وجليل ويحتمل أن تكون للسببية على معنى أنه ارتفع
بإعظمته وجلله على كل شيء فل شيء إل وهو مجد تعالى وهو تعالى مجيد
بإذاته عظيم بإذاته فليس المعنى أن بإعض الصفات أثر في بإعض وإنما لما كانت
هذه الصفات تشير إلى مجموع معان وملحظة كل منها يوجب العلم بإالكمال
بإها حسن ذلك كله
وتنزه من تفردا بإالقدم والكمال التنزيه بإمعنى التسبيح وقد وردا مصرحا
____________________
) (1/12
بإه في الحديث أنه كان يصلي من الليل فل يمر بإآية فيها تنزيه لله إل نزهه
وأصل النزهة البعد وتنزيه الله تبعيده عن ما ل يليق بإه ول يجوز عليه فمعنى
تنزه بإعد والتفردا النفرادا يقال تفردا بإه واستفردا بإه بإمعنى واحد والقدم وجودا ل
أول له وكل شيء سوى الله وصفاته فهو حاداث لوجوداه أول وصفاته ل يقال
فيها إنه غيره والكمال المطلق ليس إل لله تعالى فهو الكامل في ذاته وصفاته
وأفعاله وكل ما سواه مفتقر إليه والفتقار ينافي الكمال فله حدوثه عن العدم
وغير ذلك مما للمخلوق من صفات النقص
عن مشابإهة الشباه والمثال ومصادامة الحدوث والزوال هذا متعلق بإقوله تنزه
وأما تقدس فإما أن يجعل كلما تاما وإما أن يجعل من بإاب التنازع ويضمر في
تقدس كما ذكره هنا والمشابإهة المشاكلة والشبه الشبه والشبيه بإمعنى واحد
وهو ما يشبه الشيء وبإينهما شبه بإالتحريك وكل منها يجمع على أشباه والمثل
والمثل كالشبه والشبه وهو ما يساوي الشيء ويقوم كل منهما مقام الخر في
حقيقته وما هيته كالجسام متساوية في الجسمية وإن اختلفت بإاللوان
والشكال وغيرها من العراض واختلفها بإذلك ل يخرجها عن التماثل في
الحقيقة هذا حقيقة المثلين وبإه تزول شبهات يورداها المجسمة وكثير ممن وقع
في التشبيه ظانا أنه سالم منه والمصادامة المماسة والمرادا بإها ههنا اللصاق
واللحاق والحدوث وجودا مسبوق بإعدم فهو ضد الزلية والزوال طريان العدم
وهو ضد البإدية والولية والبإدية واجبان لله تعالى لنه يقال واجب لذاته
يستحيل عليه العدم ل أول ول آخرا
مقدر الرزاق والجال ومدبإر الكائأنات في أزل الزال هذا مما ل يجحده مسلم
ول كافر تفردا الرب سبحانه وتعالى بإه وما فيه من عظيم العلم والقدرة والمنة
والزل المقدم والزل القديم وأصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم يزل ثم نسب
إلى هذا فلم يستقم إل بإاختصار قالوا يزلي ثم أبإدلت الياء ألفا لنها أخف فقالوا
أزلي كما قالوا في الرمح المنسوب إلى ذي يزن أذني وقوله ألزال على سبيل
المبالغة في اللفظ
عالم الغيب والشهاداة الكبير المتعال الغيب والشهاداة قيل السر
____________________
) (1/13
والعلنية وقيل الدنيا والخرة وقيل ما غاب عن العبادا وما شهدوا وقيل الغيب
المعدوم والشهاداة الموجودا والمدرك كأنه مشاهد والكبير الكامل في ذاته
وصفاته المتقدم في المنزلة والسبق في المرتبة من كبر بإضم الباء والمتعال
المستعلي على كل شيء بإقدرته كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها
نحمده على فضله المتراداف المتوال على ما عمنا من النعام والفضال الحمد
الثناء بإجميل الصفات والفعال ول يكون إل بإالقول سواء كان ذلك الجميل في
المحمودا خاصة بإه أو كان واصل منه إلى غيره والثاني شكر والشكر يكون
بإالقول والفعل والعتقادا فبينه وبإين الحمد عموم وخصوص من وجه وبإين
الحمد والمدح فرق آخر أداعاه السهيلي وهو أن الحمد يشترط فيه أن يكون
صادارا عن علم وأن تكون الصفات محموداة صفات كمال ولهذين الشرطين ل
يوجد الحمد لغير الله والله هو المستحق الحمد على الطلق والمدح قد يكون
عن ظن وبإصفة مستحسنة وإن كان فيها نقص ما والتيان بإالنون في هذا الفعل
ينبغي أن يقصد بإه أن جميع الخلئأق حامدون وليست للتعظيم والمتراداف
المتتابإع والمتوالي كذلك فينبغي أن يكون مقصوداه بإالمتراداف الذي يأتي بإعده
في أثر بإعض ليسلم من التأكيد ويفيد كثرة الفضل في الزمان الواحد واستمرار
ذلك في كل زمان وفضل الله هكذا هو وفي عمنا ضمير مرفوع عائأد على
الموصول أي عمنا هو ومن النعمام والفضال بإيان لذلك في محل رفع وقد
قدمنا أن بإين الحمد والشكر عموما من وجه وأنهما يتفقان فيما كان منه
فيسمى حمدا وشكرا وقد استعمل المصنف هذا الحمد على ما هو منة
واستعمل الشكر بإالقول فتوافقا في هذا المحل وإن تغايرا في وصفهما
والفضل من قوله } واسألوا الله من فضله { ومن قوله } وكان فضل الله
عليك عظيما { والفضال الحسان والتفضل وقد استعمل الفضل على خلف
النقص فيكون الثناء عليه حمدا مباينا للشكر لكنه ليس المرادا هنا لقوله
المتراداف المتوال فإنهما يقتضيان الوصول إلى الغير
____________________
) (1/14
ونصلي على محمد الهاداي إلى نور اليمان في ظلمات الكفر والضلل معنى
نصلي هنا نطلب الصلة من الله تعالى لن النبي صلى الله عليه وسلم سئل
كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم إنك حميد مجيد وبإارك على محمد وعلى آل م
محمد كما بإاركت على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
ومعنى نطلب إنشاء الطلب وكذلك نحمد معناه إنشاء الحمد وليس معناه الخبر
فعطف إنشاء على إنشاء ووصفه صلى الله عليه وسلم بإالهداية لقوله تعالى
} وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم { وبإين الهداية والضلل والنور والظلمات
واليمان والكفر ما ل يخفى من الطباق
وعلى آله وصحبه خير صحب وآل آله صلى الله عليه وسلم بإنو هاشم وبإنو
المطلب هذا اختيار الشافعي وأصحابإه وقيل عترته وأهل بإيته وقيل جميع أمته
وهو قول مالك والصحيح إضافة الل إلى مضمر كما استعمله المصنف وقال
جماعة من أهل العربإية ل يصح إضافته إل إلى مظهر والصحب جمع صاحب
وهو كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وقيل من طالت مجالسته
والصحيح الول بإخلف التابإعي ل يكفي فيه رؤية الصحابإي والفرق شرف
الصحبة وعظم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن رؤية الصالحين لها
أثر عظيم فكيف روية سيد الصالحين فإذا رآه مسلم ولو لحظة انطبع قلبه
على الستقامة لنه بإإسلمه متهيء للقبول فإذا قابإل ذلك النور العظيم أشرق
عليه وظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه
وقوله خير صحب وآل صحيح لنه ليس في أصحاب النبياء مثل أصحاب نبينا
صلى الله عليه وسلم ولجل السجع قدم الصحب على الل في الثاني وجاء
على أحد طريقي العرب وهو ردا الول على الثاني والثاني على الول ولول هذا
لقال خير آل وصحب فردا الول للول والثاني للثاني وهما طريقان للعرب
جائأزان
____________________
) (1/15
وبإعد فأولى ما تهم بإه الهمم العوالي وتصرف فيه اليام والليالي تعلم المعالم
الدينية والكشف عن حقائأق الملة الحنيفية والغوص في تيار بإحار مشكلته
والفحص عن أستار أسرار معضلته بإعد ضم الدال على الصحيح مقطوع عن
الضافة أي بإعد ما سبق من التقديس والتنزيه والحمد والصلة والعامل فيه
فعل مقدر تقديره أقول وهو معطوف بإالواو على نحمد ونصلي وبإعده فعل آخر
مقدر تقديره تنبه هو معمول القول لجله داخلت الفاء على أولى وفي الفاء
فائأدة أخرى وهي رفع توهم اضافة بإعد إلى أولى
وقوله تهم بإضم الهاء يقال هم بإالمر يهم هما أي أراداه فأما بإكسر الهاء فهو من
الهميم وهو الدبإيب والهمم جمع همة وهي الواحدة تقول همة مثل جلسة
بإالفتح للمرة وبإالكسر للهيأة والجمع لها وإسنادا الفعل للهمم وهو في الحقيقة
لفاعلها من بإاب قولهم شعر شاعر والمعالم جمع معلم وهو ما جعل علمة
للطرق والحدودا مثل أعلم الحرم ومعالمه المضروبإة عليه ويقال المعلم الثر
وهو راجع إلى معنى العلمة ول خلف في المعنى والمعالم الدينية الدالة
الشرعية وكل ما يهدي إليها وتعلمها تعرفها والملة الحنيفية هذه الملة قال
صلى الله عليه وسلم بإعث بإالحنيفية السهلة السمحة وسميت حنيفية لنها على
ملة إبإراهيم والحنيف عند العرب من كان على داين إبإراهيم عليه السلم
وسمي إبإراهيم عليه السلم حنيفا لميله عن داين الصابإئة وهم عبادا الكواكب
وسمى أتباعه حنفاء لذلك ولميلهم عن اليهوداية والنصرانية قال تعالى } ما
كان إبإراهيم يهودايا ول نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما {
والملة الدين والدليل على أن هذه الملة ملة إبإراهيم قوله تعالى } ثم أوحينا
إليك أن اتبع ملة إبإراهيم { واداعى بإعض العلماء أنها موافقة لها في الصول
والفروع والمشهور أنها موافقة لها في الصول فقط وعلى هذا ل اختصاص
لملة إبإراهيم بإذلك لن داين النبياء كلهم واحد في الصول وإنما اختلفت
____________________
) (1/16
الشرائأع في الفروع ويكون تسميته هذه الملة حنيفية لمخالفتها ما كان عليه
أهل الشرك واليهودا والنصارى كمخالفة إبإراهيم من كان في زمانه من الكفار
وهم الصابإئة واتباعه داين النبياء قبله وبإعده وهوالسلم وحقائأقها على هذا
أصول الدين ول تشمل أصول الفقه الذي تصدى له والمعالم الدينية شاملة له
وإن جعلنا اسم الملة شامل للصول والفروع وكل المرين أعني المعالم الدينية
وحقائأق الملة شامل للصول والفروع فيندرج فيه أصول الفقه الذي تصدى له
وهو أحسن ليكون مناسبته للتصنيف الذي تصدى له أكثر ويشهد له قوله بإعثت
بإالحنيفية السمحة فإنه يشير إلى الصول والفروع جميعا ول يلزم من ذلك
موافقتها لشريعة إبإراهيم في جميع الشياء بإل لموافقتها الصول سميت بإذلك
وحقائأقها على هذا جميع أحكامها ومعانيها وأسرارها والضمير في مشكلته
ومعضلته عائأد على الكشف لن الشكال والعضال فيه ل فيها فإنها بإينة جلية
بإيضاء نقية إذا ارتفع الحجاب عن الناظر رآها ول خفاء بإحسن استعاراته
وترشيحها في الغوص في تيار البحار والفحص عن أستار السرار وكم من بإحر
ل يدرك له قرار وسر تتغيب في أستاره الفكار
وإن كتابإنا هذا منهاج الوصول إلى علم الصول الجامع بإين المعقول والمشروع
والمتوسط بإين الصول والفروع المنهاج الطريق جعل علما على هذا الكتاب
والوصول إلى الشيء إنما يكون عند انتهاء طريقه فقوله منهاج الوصول معناه
الطريق التي يتوصل فيها إلى الوصول إلى علم الصول كما تقول طريق مكة
أي المتوصل فيها إلى مكة فليس الوصول فيه ولكنه غايته
وقوله منهاج خبر إن ويجوز إطلق ذلك على هذا الكتاب بإمعناه الصلي غير
علم لن الشتغال بإه يوصل إلى ذلك وقوله الجامع مخفوض صفة لعلم الصول
ول خفاء في جمعه بإين المعقول والمشروع فإنه نتج من نكاح نور الشرع
لصافي بإنات الفكر فجاء عريق الصالة شديد البسالة وتوسطه بإين الصول أي
أصول الدين والفروع وهذا يستمد من الول ويمد الثاني
وهو إن صغر حجمه وكبر علمه وكثرت فوائأده وجلت عوائأده قوله
____________________
) (1/17
وهو يعني هذا الكتاب وصغر بإضم الغين وكذلك كبر الباء لنه بإمعنى عظم
وأصل كبر بإضم الباء لكبر الجثة ثم استعمل في كبر المعنى وأما كبر السن فل
يقال فيه إل كبر بإكسر الباء وراعى المطابإقة بإين صغر وكبر لتضاداهما واجتمعا
لرجوع الصغر إلى الجثة والكبر إلى المعنى والعوائأد جمع عائأدة وهي العطف
والمنفعة يقال هذا أعودا عليك من كذا أي أنفع وفلن ذو عائأدة أي تعطف ونفع
وإن هذا الكتاب لكما وصف
جمعته رجاء أن يكون سببا لرشادا المستفيدين ونجاتي يوم الدين والله تعالى
حقيق بإتحقيق رجاءه وقوله حقيق بإتحقيق أي خليق له وخليق وجدير وحري
وحر كل ذلك بإمعنى واحد وقصد المصنف التجانس بإين حقيق وتحقيق وإطلق
ذلك على الله ينبئ على أن السماء توقيفية أول
____________________
) (1/18
تعريف أصول الفقه
أصول الفقه معرفة دالئأل الفقه إجمال وكيفية الستفاداة منها وحال المستفيد
هذه العبارة بإعينها عبارة تارج الدين الرموي في الحاصل ولنقدم مقدمة وهي
أنه ينبغي أن يذكر في ابإتداء كل علم حقيقة ذلك العلم ليتصورها الذي يريد
الشتغال بإه قبل الخوض فيه فمن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل فل جرم
احتاج إلى تعريف أصول الفقه في أوله وههنا خمسة أشياء
أحدها لفظ أصول الفقه قبل أن يسمى بإه هذا العلم مركب من مضاف
ومضاف إليه
والثاني هذا اللفظ بإعد أن سمي بإه فإنه صار اسما للعلم وكل من المضاف
والمضاف إليه بإهذا العتبار صار كالزاي والدال من زيد ل معنى له وكل مركب
سمي بإه معنى فقد يتطابإق معناه حال التركيب وحال التسمية كعبد الله
مسمى بإه رجل فهو صاداق عليه بإالعتبارين وقد ل يتطابإقان كأنف الناقة
مسمى بإه رجل ولفظ أصول الفقه مما تطابإق فيه معناه حال التركيب ومعناه
حال التسمية من بإعض الوجوه كما سنبينه
الثالث معنى أصول الفقه قبل التسمية
الرابإع معنى أصول الفقه بإعد التسمية مع قطع النظر عن أجزاء اللفظ المطلق
عليه
الخامس معناه بإعد التسمية مع اللتفات إلى أجزاء اللفظ المطلق عليه لن
اللفظ يدل عليه بإاعتبارين كما قدمناه فإذا أخذ المعنى بإأحد العتبارين
____________________
) (1/19
كان مغايرا له بإالعتبار الخر فيصدق على المعنى المذكور أنه إضافي لقبي
بإاعتبارين لكن صدق اللفظ عليه بإالضافة إنما هو بإطريق المجاز لنه أخص من
معناه الحقيقي والحد إنما هو للمعنى داون اللفظ فالمقصودا بإيان المعاني
الثلثة ويعبر عن المعنى الول بإالضافي لن المعنى مركب من مضاف
ومضاف إليه في الذهن كما أن لفظه كذلك في النطق ويعبر عن المعنى الثاني
بإاللقبي بإاعتبار أنه ملقب بإهذا السم فإن اللفظ المركب جعل اسما عليه زلقبا
له وعلما كسائأر أعلم الجناس أو أسماء الجناس فإن علم الجنس هو الذي
يقصد بإه تمييز الجنس من غيره من غير نظر إلى أفراداه واسم الجنس الذي
يقصد بإه مسمى الجنس بإاعتبار وقوعه على أفراداه حتى إذا داخلت عليه اللف
واللم الجنسية الدالة على الحقيقة ساوى علم الجنس هذا هو الذي نختاره في
الفرق بإين اسم الجنس وعلم الجنس ويستنتج منه أن علم الجنس ل يثنى ول
يجمع لنه إنما يثنى ويجمع الفرادا وجعله اسم جنس أولى من جعله علم جنس
لنه لو كان علما لما داخلت عليه اللف واللم وكذلك سائأر أسماء العلوم من
فقه ونحو وغير ذلك ويعبر عن المعنى الثالث بإالضافي بإالعتبارين كما سبق
إذا عرفت هذه المقدمة فهمت ثلثة مباحث
أحدهما في تعريف معنى أصول الفقه التركيبي قبل التسمية ول بإد في ذلك
من تعريف المضاف والمضاف إليه والضافة لن العلم بإالمركب يتوقف على
العلم بإالمفردا ونبدأ ذلك بإتعريف المضاف وليس كما توهم بإعض الناس من أنه
يعتني بإالبداءة بإالمضاف إليه محتجا بإأن المضاف يتعرف بإتعريف المضاف إليه
لنا نقول التعريف تعريف مقابإل التنكير وهو الذي يكتسبه المضاف من
المضاف إليه وتعريف مقابإل الجهل وهو المقصودا هنا وهذا ل يكتسبه المضاف
من المضاف إليه فنقول الصول جمع وتعرفه بإتعريف مفرداه والصل ما يتفرع
عنه غيره وهذه العبارة أحسن من قول أبإي الحسين ما يبنى عليه غيره لنه ل
يقال إن الولد يبنى على الوالد ويقال إنه فرعه وأحسن من قول صاحب
الحاصل ما منه الشيء لشتراك من بإين
____________________
) (1/20
البإتداء والتبعيض وأحسن من قول المام المحتاج إليه لنه إن أريد بإالحتياج ما
يعرف في علم الكلم من احتياج الثر إلى المؤثر والموجودا إلى الموجد لزم
إطلق الصل على الله تعالى وإن أريد ما يتوقف عليه الشيء لزم إطلقه على
الجزء والشرط وانتفاء المانع وإن أريد ما يفهمه أهل العرف من الحتياج لزم
إطلقه على الكل واللبس ونحوهما وكل هذه اللوازم مستنكرة وكل هذه
التعريفات للصل بإحسب اللغة وإن كان أهل اللغة لم يذكروها في كتبهم وهو
مما ينبهنا على أن الصوليين يتعرضون لشياء لم يتعرض لها أهل اللغة
وأما في العرف فالصل مستعمل في ذلك ولم يترك أهل العرف الستعمال
في ذلك لكن العلماء يطلقونه مع ذلك على شيئين أخص منه
أحدهما الدليل والثاني المحقق الذي يشك في ارتفاعه لتفرع المدلول على
الدليل والستصحاب على اليقين السابإق
والفقه تعريفه سيأتي في كلم المصنف والضافة تفيد الختصاص فإن كان
المضاف اسما جامدا أفادات مطلق الختصاص كحجر زيد وإضافة العلم إذا
وقعت من هذا القبيل كقول الشاعر %عل زيدنا يوم النقا رأس زيدكم %وإن
كان المضاف اسما مشتقا أفادات الضافة اختصاص المضاف بإالمضاف إليه
في المعنى المشتق منه كغلم زيد تفيد اختصاص الغلم بإزيد في معنى الغلمية
وكانت للملك وتفيد هنا اختصاص الصول بإالفقه في معنى لفظة الصول وهو
كون الفقه متفرعا عنه وظهر بإهذا أن أصول الفقه بإالمعنى التركيبي ما يتفرع
عنه الفقه والفقه كما يتفرع عن داليله يتفرع عن العلم بإدليله فيسمى كل
منهما أصل للفقه ول فرق في الدالة في هذا المقام بإين الجمالية
____________________
) (1/21
والتفصيلية فإن كل منهما يتفرع الفقه عنه وعن العلم بإه فصار أصول الفقه
بإالمعنى التركيبي يشمل أربإعة أشياء الدالة الجمالية وعلمها والدالة التفصيلية
وعلمها وهذا ليس هو المصطلح ول يصح تعريف هذا العلم بإمدلول أصول الفقه
الضافي لنه أعم منه إل إذا أخذ