http://www.almeshkat.net/books/archive/books/ebhaaj14.zip

‫تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫)اضغط هنا للنتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على النترنت(‬
‫البإهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الصول‬
‫للبيضاوي‬
‫علي بإن عبد الكافي السبكي‬
‫سنة الولداة ‪ /‬سنة الوفاة ‪756‬‬
‫تحقيق جماعة من العلماء‬
‫الناشر داار الكتب العلمية‬
‫سنة النشر ‪1404‬‬
‫مكان النشر بإيروت‬
‫عددا الجزاء ‪3‬‬
‫كتاب البإهاج في شرح المنهاج‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/1‬‬

‫مقدمة المؤلف بإسم الله الرحمن الرحيم‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ المام العالم‬
‫العلمة القدوة المحقق الحافظ شيخ السلم بإقية العلماء العلم قدوة الئأمة‬
‫آخر المجتهدين حجة الله على العالمين سيدنا ومولنا قاضي القضاة تقي الدين‬
‫أبإو الحسن علي بإن عبد الكافي بإن علي بإن علي بإن تمام بإن سوار بإن سوار بإن‬

‫مسوار النصاري الخزرجي الشافعي نضر الله وجهه قاضي القضاة بإالشام‬
‫المحروس‬
‫قال رحمه الله تعالى الحمد لله الذي أسس بإنيان داينه على أثبت قواعد وأعلى‬
‫أعلم ملته فخضعت لها أعناق كل جاحد وأحكم أصول شريعته فأعيا تفريعها‬
‫كل معاند ورفع قدر علمائأها فعد كل واحد منهم بإألف كما عد ألف من غيرهم‬
‫بإواحد أحمده على نعمه التي عمت كل صادار وواردا واعترف بإالعجز عن شكره‬
‫ول يبلغ معشار عشره حمد كل حامد وأستغفره استغفار عبد في بإحر الذنوب‬
‫راكد ل يجد ملجأ من الله إل إليه قد أحاطت بإه الشدائأد وقعد له عدوه‬
‫بإالمراصد وسولت له نفسه بإالمكايد وغلب عليه هواه الفاسد وناداى في‬
‫الظلمات أن ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وأنك أنت الله‬
‫الواحد وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له توحيدا أنا له في صميم القلب‬
‫واجد وعليه في الدنيا والخرة شاهد وأصفه بإما وصف بإه نفسه من صفات‬
‫الكمال والمحامد وأنزهه عن كل ما ل يليق بإحاله وأقدس له عن وضر التشبيه‬
‫والتعطيل ما تكنه القلوب من العقائأد و أستوداعه ذلك ليوم ل يجزى فيه ولد ول‬
‫والد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قدره على جميع الخلئأق صاعد‬
‫وشرفه بإين البرية ناهد المصطفى من خير القبائأل الماجد والمجتبى من خير‬
‫البطون القارب والبإاعد المبرأ في نسبه‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/3‬‬


‫وذاته عن كل شين يتعلق بإه حاسد المقدم على النبياء والمرسلين والملئأكة‬
‫المقربإين في جميع المشاهد والمبعوث إلى كل إنسي وجني والمنقذ لهم من‬
‫ربإقة الشيطان الماردا الهاداي إلى سبيل الرشادا ولوله لم يكن أحد منا بإراشد‬
‫صلى الله عليه وسلم ما سجد لله ساجد وداام في الجنان خالد ورضي الله على‬
‫أصحابإه الذين كل منهم في الله جاهد مجاهد وحامي حوزة الدين من كل مارق‬
‫في الدين مجالد الذين قاموا بإجللة نبيه في جميع المعاهد وشيدوا أركان داينه‬
‫وحفظوا شرائأعه في جميع المصادار والمواردا وقاموا بإأعباء الملة الحنيفية وذبإوا‬
‫عنها كل زائأد وحموا حماها عن الشبهات ووقفوا عند حدوداها تحصيل للمصالح‬
‫ودارأ للمفاسد رضي الله عنهم أجمعين وعن جميع علماء المسلمين الذين‬
‫خلفوا الصحابإة والتابإعين في تمهيد القواعد واستخراج الفوائأد وضبط الصول‬
‫الشواردا وتبيين الدالة والمقاصد والتوسع في علوم القرآن التي يتيه في بإحارها‬
‫كل عالم ناقد ومعرفة السنة ول يخطئ بإعضها إل من هو أسهد الليل مكايد‬
‫وقد تجردا لذلك في المائأة الثانية جماعة من العلماء ما منهم إل من جاهد‬
‫وجاهد وكد وداأب ونصب واجتهد والله لسعيه شاهد وكان من أعظمهم منة‬
‫على من بإعده من طلب الفوائأد المام الشافعي رضي الله عنه فإن له أجمل‬
‫العوائأد لجمعه بإين الحديث والفقه وكان غيره يقتصر منهما على واحد ولبناية‬
‫كلمه على أصول هو أول من صنفها لما سأله ابإن مهدي فصنف له الرسالة‬
‫وكم فيها من الفوائأد فهو أول من صنف في أصول الفقه ل يمتري في ذلك إل‬
‫معاند‬

‫____________________‬

‫) ‪(1/4‬‬

‫فائأدة علم الصول‬
‫وإن علم أصول الفقه وهو من أعظم العلوم ثلثة أصناف عقلية محضة‬
‫كالحساب والهندسة والنجوم والطب ولغوية كعلم اللغة والنحو والتصريف‬
‫والعروض والقوافي والبيان وهي علوم القرآن والسنة وتوابإعهما‬
‫ول ريب في أن الشريعة أشرف الصناف الثلثة في الوسائأل والمقاصد‬
‫وأشرف العلوم الشرعية بإعد العتقادا الصحيح وأنفعها معرفة الحكام التي‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/5‬‬

‫تجب للمعبودا على العابإد ومعرفة ذلك بإالتقليد ونقل الفروع المجرداة تستفرغ‬
‫جمام الذهن ول ينشرح الصدر له لعدم أخذه بإالدليل وأين سامع الخبر من‬
‫المشاهد وأين أجر من يأتي بإالعباداة لفتوى إمامه أنها واجبة أو سنة من الذي‬
‫يأتي بإها وقد ثلج صدره عن الله ورسوله بإأن ذلك داينه تالله إن أجر هذا لزائأد‬

‫وهذا ل يحصل إل بإالجتهادا ول يكمل فيه إل الواحد بإعد الواحد وكل العلماء في‬

‫حضيض عنه إل من نغلغل بإأصل الفقه وكرع من مناهله الصافية بإكل المواردا‬
‫وسبح في بإحره ودارى من الله وبإات يعل بإه وطرفه ساهد وإني لم أزل منذ‬
‫نشأت محبا في هذا العلم مولعا بإالبحث فيه مع كل زائأد‬
‫وقد أكثر الناس من التصنيف فيه فكم من تصنيف فيه مبسوط ومختصر‬
‫وناقص وزائأد ومن أحسن مختصراته كتاب المنهاج في الوصول إلى العلم‬
‫الصول الذي صنفه القاضي الفاضل ناصر الدين عبد الله بإن عمر بإن محمد‬
‫البيضاوي رحمه الله فلقد أحسن فيه المعاقد وقد قرئ على مرات كثيرة من‬
‫جماعات حتى سمحت أقرأه من كثرة المواردا وانتشرت طلبته فلم أقتنع من‬
‫واحد وفي هذا الوقت شرع في الشتغال بإه ولدي أبإو حامد أعطاه الله من خير‬
‫الدنيا والخرة ما هو قاصد وزاداه مما ليس في حسابإه كل خير إنه الكريم‬
‫الماجد فأحببت أن أضع له شرحا لينتفع هو وغيره بإه إن شاء الله‬
‫وعسى داعوة من أخ في الله تنفعني وأنا في القبر راقد وسميته البإهاج في‬
‫شرح المنهاج وأخذت هذا السم من قول ذي الرمة ‪ %‬تزداادا للعين إبإهاجا إذا‬
‫سفرت ‪ % %‬ومخرج العبن فيها يلتفت ‪ %‬وذلك من قصيدته التي قرأتها على‬
‫أبإي محمد الحسن عبد الكريم سبط زياداة في سنة سبع وسبعمائأة عن عيسى‬
‫بإن عبد العزيز بإن عيسى قال أخبرنا السلفي قال أخبرنا جعفر السراج قال‬
‫أخبرنا الحسن بإن علي الجوهري قال‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/6‬‬


‫قرأت على أبإي الحسن علي بإن عيسى الرماني قال سمعت دايوان ذي الرمة‬
‫على أبإي بإكر داريد عن أبإي حاتم عن الصمعي عن أبإي عمرو بإن العلء عن ذي‬
‫الرمة واسمه غيلن ابإن عقبة العدوي‬
‫فإن قلت قد عظمت أصول الفقه وهل هو إل نبذ جمعت من علوم متفرقة نبذة‬
‫من النحو وهي الكلم في معاني الحروف التي يحتاج إليها الفقيه والكلم في‬
‫الستفتاء وما أشبه ذلك ونبذة من علم الكلم وهي الكلم في الحسن والقبيح‬
‫والكلم في الحكم الشرعي وأقسامه وبإعض الكلم في النسخ وأفعاله ونحو‬
‫ذلك ونبذة من اللغة وهي الكلم في معنى المر والنهي وصيغ العموم‬
‫والمجمل والمبين والمطلق والمقيد وما أشبه ذلك ونبذة من علم الحديث وهي‬
‫الكل في الخبار والعارف بإهذه العلوم ل يحتاج إلى أصول الفقه في الحاطة بإها‬
‫فلم يبق من أصول الفقه إل الكلم في الجماع وهو من أصول الدين أيضا‬
‫وبإعض الكلم في القياس والتعارض مما يستقل بإه الفقيه فصارت فائأدة‬
‫الصول بإالذات قليلة جدا بإحيث لو جردا الذي ينفردا بإه ما كان إل شيئا يسيرا‬
‫قلت ليس كذلك فإن الصوليين داققوا في فهم أشياء من كلم العرب لم يصل‬
‫إليها النحاة ول اللغويون فإن كلم العرب متسع جدا والنظر فيه متشعب فكتب‬
‫اللغة تضبط اللفاظ ومعانيها الظاهرة داون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى‬
‫نظر الصول واستقراء زائأد على استقراء اللغوي مثاله وداللة صيغة أفعل على‬
‫الوجوب ول تفعل على التحريم وكون كل وإخوتها للعموم يوما أشبه ذلك مما‬
‫ذكر السائأل أنه من اللغة لو فتشت كتب اللغة لم تجد فيها شفاء في ذلك ول‬

‫تعرضا لما ذكره الصوليون وكذلك كتب النحو لو طلبت معنى الستثناء وأن‬

‫الخراج هل هو قبل الحكم أبإو بإعد الحكم ونحو ذلك من الدقائأق التي تعرض لها‬
‫الصوليون وأخذوها بإاستقراء خاص من كلم العرب وأدالة خاصة ل تقتضيها‬
‫صناعة النحو فهذا ونحوه مما تكفل بإه أصول الفقه ول ينكر أن له استمدادا من‬
‫تلك العلوم ولكن تلك الشياء التي استمدها‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/7‬‬

‫منها لم تذكر فيه بإالذات بإل بإالعرض والمذكور فيه بإالذات ما أشرنا إليه مما ل‬
‫يوجد إل فيه ول يصل إلى فهمها إلى من يلتف بإه‬
‫فإن قلت قد كانت العلماء في الصحابإة والتابإعين وأتباع التابإعين من أكابإر‬
‫المجتهدين ولم يكن هذا العلم حتى جاء الشافعي وصنف فيه فكيف تجعله‬
‫شرطا في الجتهادا‬
‫قلت الصحابإة ومن بإعدهم كانوا عارفين بإه بإطباعهم كما كانوا عارفين النحو‬
‫بإطباعهم قبل مجئ الخليل وسيبويه فكانت ألسنتهم قويمة وأذهانهم مستقيمة‬
‫وفهمهم لظاهر كلم العرب وداقيقه عتيد لنهم أهله الذي يؤخذ عنهم وأما‬
‫بإعدهم فقد فسرت اللسن وتغيرت الفهوم فيحتاج إليه كما يحتاج إلى النحو‬
‫شروط المجتهد‬

‫واعلم أن كمال رتبة الجتهادا تتوقف على ثلثة أشياء‬
‫أحدها التأليف في العلوم التي يتهذب بإها الذهن كالعربإية وأصول الفقه وما‬
‫يحتاج إليه من العلوم العقلية في صيانة الذهن عن الخطأ بإحيث تصير هذه‬
‫العلوم ملكة الشخص فإذ ذاك يثق بإفهمه لدللت اللفاظ من حيث هي هي‬
‫وتحريره تصحيح الدالة من فاسدها والذي نشير إليه من العربإية وأصول الفقه‬
‫كانت الصحابإة أعلم بإه منا من غير تعلم وغاية المتعلم منا أن يصل إلى بإعض‬
‫فهمهم وقد يخطئ وقد يصيب‬
‫الثاني الحاطة بإمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه‬
‫مخالف لها أو موافق‬
‫الثالث أن يكون له منة الممارسة والتبع لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم‬
‫منها مرادا الشرع من ذلك وما يناسب أن يكون حكما له في ذلك المحل وإن لم‬
‫يصرح بإه كما أن من عاشر ملكا ومارس أحواله وخبر أموره إذا سئل عن رأيه‬
‫في القضية الفلنية يغلب على ظنه ما يقوله فيها وإن لم يصرح له بإه‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/8‬‬

‫لكن بإمعرفته بإأخلقه وما يناسبها من تلك القضية فإذا وصل الشخص إلى هذه‬
‫الرتبة وحصل على الشياء الثلثة فقد حاز رتبة الكاملين في الجتهادا ول‬
‫يشترط العلم بإأحوال الرواة من حيث هو فإن الصحابإة كانوا مجتهدين ولم‬

‫يحتاجوا إلى ذلك وإنما الذين بإعدهم يحتاجون إلى ذلك في إيقاع الجتهادا ل في‬
‫حصول الصفة لهم وذاك العلم بإمواقع الجماع والختلف وكان محل الكلم‬
‫على هذا في أواخر الكتاب ولكنا تعجلناه هنا‬

‫ومن المعلوم أن الصحابإة كانوا أكمل الناس في هذه الشياء الثلثة أما الول‬
‫فبطباعهم وأما الثاني والثالث فلمشاهدتهم الوحي ومعرفتهم بإأحوال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‬
‫ولما كان الفقه مستندا إلى الكتاب والسنة ويحتاج الفقيه في أخذه منهما إلى‬
‫قواعد جمعت تلك القواعد في علم وسميته أصول الفقه وهي تسمية صحيحة‬
‫مطابإقة لتوقف الفقه عليها وتلك القواعد منها ما ل يعرف إل من الشرع ومنها‬
‫ما يعرف من اللغة بإزياداة على ما تصدى له النحاة واللغويون فالذي ل يعرف إل‬
‫من الشرع إثبات كون الخبر الواحد حجة وكون الجماع حجة والقياس حجة‬
‫وكثير من المسائأل التي تذكر فيه والذي يعرف من اللغة ما يذكر فيه من‬
‫داللت اللفاظ اللغوية وما فيه من علم الكلم ونحوه فاقتضاه انجرار الكلم‬
‫إليه وتوقف فهم بإعض مسائأل هذا العلم عليه‬
‫وهأنا أبإتدئ في شرح هذا الكتاب مستعينا بإالله تعالى وذلك في يوم الثنين‬
‫ثامن شهر ربإيع الول سنة خمس وثلثين وسبعمائأة وإلى الله أتضرع وأنا أسأل‬
‫أن ينفع بإه بإمنه وكرمه إنه قريب مجيب‬
‫____________________‬


‫) ‪(1/9‬‬

‫شرح دايباجة الكتاب‬
‫تقدس من تمجد بإالعظمة والجلل تقدس أي تطهر ومن أسمائأه تعالى التي‬
‫نطق بإها القرآن القدوس وفيه لغتان ضم القاف وهي أشهر وكان س يقول‬
‫بإفتحها وأصل الكلمة من القدس بإضم الدال وبإسكونها وهو الطهارة سمي‬
‫جبريل روح القدس لطهارته في تبليغ الوحي إلى الرسل عليهم السلم والرض‬
‫المقدسة المطهرة وبإيت المقدس بإيت الطهارة من الذنوب لتطهيره من‬
‫الكفار بإالمسلمين وقال تعالى } ونقدس لك { أي نقدسك إن جعلت اللم‬
‫زائأدة أو نقدس أنفسنا لك إن لم ترض زياداتها ومعنى تقديس الله تنزيهه من‬
‫كل ما ل يليق بإكماله سبحانه وتعالى فنزهه عن كل وصف يدركه حس أو‬
‫يصوره خيال وهم أو يختلج بإه ضميره وننزهه عن كل ما نسبه إليه المبطلون‬
‫من الشركاء والندادا والصحابإة والولدا وعن كل محال نسبه إليه أهل الضلل‬
‫مما يشير إلى نقص أو يومئ إلى عيب‬
‫ولول ما وقع فيه أهل الكفر والضلل من ذلك لكان الداب بإنا تنزيه عن أن‬
‫ننطق بإنفي ذلك عنه لن نفي الوجودا يكادا يوهم بإإمكان الوجودا وتطرق العيب‬
‫والنقص إليه محال ل يخطر بإالبال تصوره فضل عن كونه ينفيه‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/10‬‬


‫ويقدره وقولنا تنزيهه عن كل ما ل يليق بإكماله عبارة محررة من قول من يقول‬
‫بإأوصاف الكمال فإن أكثر ما يتصور الناس من أوصاف الكمال ما هو كمال‬
‫لنفسهم كعلمهم وسمعهم وبإصرهم والله تعالى منزه عنها فإن صفاته تعالى ل‬
‫تشبه صفات البشر وعلمه وسمعه وبإصره مباين لسمعهم وبإصرهم وعلمهم‬

‫فتنزيه كثير من الجهال يحتاج إلى تنزيه ومجامع التقديس أن تقدسه عن‬
‫الشركاء والضدادا والنظير والولد وإحاطة البإصار والحاجة إلى غيره وغير ذلك‬
‫مما يستحيل عليه وأكثر الناس يعتقدون أن معنى القدوس الطاهر ول شك أنه‬
‫يدل على ذلك ولكنه ليس كل معناه فإن بإناء طاهر لزم وقدوس مأخوذ من‬
‫فعل متعد فمعناه مطهر بإكسر الهاء أي أنه تعالى مقدس لنفسه بإإخباره عنها‬
‫التوحيد والجلل والكرام واستحالة النقائأض عليه وعجز الوهام عنه وخالق‬
‫الدالة على ذلك ومقدس لخلقه عن اعتقاداهم فيه ما ل يليق بإذاته والول صفة‬
‫ذات والثاني والثالث صفتا فعل وعن ابإن عباس وقتاداة القدس الذي منه‬
‫البركات‬
‫إذا عرفت ذلك فقوله تقدس ل يجوز أن يكون مطاوعا لقدس فإن المطاوع‬
‫شرطه التأثر مثل كسرته فتكسر وذلك مفقودا هنا والتقديس هنا مثل التصديق‬
‫في أن المرادا منه الخبار عن الصدق فل يأتي منه مضارع لكن يصح استعمال‬
‫تقدس لموافقة المجردا وقال الراجز الحمد لله العلي القاداس ومن جملة‬
‫معاني تفعل أن يوافق المجردا وإن لم ينطق بإالمجردا ههنا في الفعل وقد قال‬

‫القرافي في قوله تبارك وتعالى أن معناه تقدس وللمصنف في القرآن أسوة‬
‫في استعماله تقدس وكذلك السهيلي وهو من المتقنين في العلم وقع في‬
‫كلمه تقدس سبحانه عن مضاهاة الجسام وقدوس مثل سبوح كان س يفتح‬
‫أولهما والمشهور الضم فيها والتسبيح التنزيه ولم يردا السبوح في القرآن ول‬
‫في حديث أبإي هريرة ولكن جاء التسبيح واختلف العلماء هل كونه سبوحا‬
‫قدوسا يرجع إلى معنى خاص يسمى قدسا وسبحة أو وضعه بإذلك يرجع إلى‬
‫نفي محض وتنزيه عن النقائأض ومعنى ذلك أنه هل هو صفة ثبوتية أو سلبية‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/11‬‬

‫وقوله تمجد الكلم فيه كالكلم في تقدس وهو مأخوذ من اسم المجيد وقد‬
‫نطق بإه القرآن والسنة وأجمعت المة عليه والمجد معناه الشرف والعظمة‬
‫والكثرة والرتفاع سمي تعالى بإذلك لكثرة جلله وشرفه وعلوه بإما يخرج عن‬
‫طوق البشر واختلف العلماء هل هو صفة خاصة كالعلم والقدرة أو هو عبارة‬
‫عن استجماع صفات المعالي ووجوه نفي النقائأص فل كمال إل له ول نقص إل‬
‫وهو منزه عنه‬
‫وقوله بإالعظمة والجلل متعلق بإتمجيد واسم العظيم نطق بإه القرآن والسنة‬
‫وهو تعالى عظيم في ذاته وصفاته وقهره وسلطانه فكل عظيم بإالنسبة إلى‬
‫عظمته عدم محض واسم الجميل لم يردا في القرآن ول في حديث أبإي هريرة‬
‫لكن في الحديث إن الله جميل يحب الجمال ووردا أيضا في بإعض طرق أبإي‬
‫هريرة‬
‫ولما كان تعالى كامل في ذاته وصفاته وأفعاله وصف بإالجمال وهو تعالى‬
‫مقدس عن الصورة وعن الصفات البشرية‬
‫ومشاهدة صفة الجمال يثير المحبة ومشاهدة صفة الجلل يثير الهيبة والعظمة‬
‫تثير الهيبة أيضا فلهذا قرن المصنف العظمة بإالجلل لتفيده معنى زائأدا على‬
‫الجلل فالباء يحتمل أن تكون بإمعنى في أي تمجد في عظمته وجلله فارتفع‬

‫بإهما على كل عظيم وجليل ويحتمل أن تكون للسببية على معنى أنه ارتفع‬
‫بإعظمته وجلله على كل شيء فل شيء إل وهو مجد تعالى وهو تعالى مجيد‬
‫بإذاته عظيم بإذاته فليس المعنى أن بإعض الصفات أثر في بإعض وإنما لما كانت‬
‫هذه الصفات تشير إلى مجموع معان وملحظة كل منها يوجب العلم بإالكمال‬
‫بإها حسن ذلك كله‬
‫وتنزه من تفردا بإالقدم والكمال التنزيه بإمعنى التسبيح وقد وردا مصرحا‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/12‬‬

‫بإه في الحديث أنه كان يصلي من الليل فل يمر بإآية فيها تنزيه لله إل نزهه‬
‫وأصل النزهة البعد وتنزيه الله تبعيده عن ما ل يليق بإه ول يجوز عليه فمعنى‬
‫تنزه بإعد والتفردا النفرادا يقال تفردا بإه واستفردا بإه بإمعنى واحد والقدم وجودا ل‬
‫أول له وكل شيء سوى الله وصفاته فهو حاداث لوجوداه أول وصفاته ل يقال‬
‫فيها إنه غيره والكمال المطلق ليس إل لله تعالى فهو الكامل في ذاته وصفاته‬
‫وأفعاله وكل ما سواه مفتقر إليه والفتقار ينافي الكمال فله حدوثه عن العدم‬
‫وغير ذلك مما للمخلوق من صفات النقص‬
‫عن مشابإهة الشباه والمثال ومصادامة الحدوث والزوال هذا متعلق بإقوله تنزه‬
‫وأما تقدس فإما أن يجعل كلما تاما وإما أن يجعل من بإاب التنازع ويضمر في‬
‫تقدس كما ذكره هنا والمشابإهة المشاكلة والشبه الشبه والشبيه بإمعنى واحد‬
‫وهو ما يشبه الشيء وبإينهما شبه بإالتحريك وكل منها يجمع على أشباه والمثل‬
‫والمثل كالشبه والشبه وهو ما يساوي الشيء ويقوم كل منهما مقام الخر في‬
‫حقيقته وما هيته كالجسام متساوية في الجسمية وإن اختلفت بإاللوان‬
‫والشكال وغيرها من العراض واختلفها بإذلك ل يخرجها عن التماثل في‬
‫الحقيقة هذا حقيقة المثلين وبإه تزول شبهات يورداها المجسمة وكثير ممن وقع‬
‫في التشبيه ظانا أنه سالم منه والمصادامة المماسة والمرادا بإها ههنا اللصاق‬
‫واللحاق والحدوث وجودا مسبوق بإعدم فهو ضد الزلية والزوال طريان العدم‬
‫وهو ضد البإدية والولية والبإدية واجبان لله تعالى لنه يقال واجب لذاته‬
‫يستحيل عليه العدم ل أول ول آخرا‬
‫مقدر الرزاق والجال ومدبإر الكائأنات في أزل الزال هذا مما ل يجحده مسلم‬
‫ول كافر تفردا الرب سبحانه وتعالى بإه وما فيه من عظيم العلم والقدرة والمنة‬
‫والزل المقدم والزل القديم وأصل هذه الكلمة قولهم للقديم لم يزل ثم نسب‬
‫إلى هذا فلم يستقم إل بإاختصار قالوا يزلي ثم أبإدلت الياء ألفا لنها أخف فقالوا‬
‫أزلي كما قالوا في الرمح المنسوب إلى ذي يزن أذني وقوله ألزال على سبيل‬
‫المبالغة في اللفظ‬
‫عالم الغيب والشهاداة الكبير المتعال الغيب والشهاداة قيل السر‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/13‬‬

‫والعلنية وقيل الدنيا والخرة وقيل ما غاب عن العبادا وما شهدوا وقيل الغيب‬
‫المعدوم والشهاداة الموجودا والمدرك كأنه مشاهد والكبير الكامل في ذاته‬
‫وصفاته المتقدم في المنزلة والسبق في المرتبة من كبر بإضم الباء والمتعال‬
‫المستعلي على كل شيء بإقدرته كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها‬
‫نحمده على فضله المتراداف المتوال على ما عمنا من النعام والفضال الحمد‬
‫الثناء بإجميل الصفات والفعال ول يكون إل بإالقول سواء كان ذلك الجميل في‬
‫المحمودا خاصة بإه أو كان واصل منه إلى غيره والثاني شكر والشكر يكون‬
‫بإالقول والفعل والعتقادا فبينه وبإين الحمد عموم وخصوص من وجه وبإين‬
‫الحمد والمدح فرق آخر أداعاه السهيلي وهو أن الحمد يشترط فيه أن يكون‬
‫صادارا عن علم وأن تكون الصفات محموداة صفات كمال ولهذين الشرطين ل‬
‫يوجد الحمد لغير الله والله هو المستحق الحمد على الطلق والمدح قد يكون‬
‫عن ظن وبإصفة مستحسنة وإن كان فيها نقص ما والتيان بإالنون في هذا الفعل‬
‫ينبغي أن يقصد بإه أن جميع الخلئأق حامدون وليست للتعظيم والمتراداف‬
‫المتتابإع والمتوالي كذلك فينبغي أن يكون مقصوداه بإالمتراداف الذي يأتي بإعده‬
‫في أثر بإعض ليسلم من التأكيد ويفيد كثرة الفضل في الزمان الواحد واستمرار‬
‫ذلك في كل زمان وفضل الله هكذا هو وفي عمنا ضمير مرفوع عائأد على‬
‫الموصول أي عمنا هو ومن النعمام والفضال بإيان لذلك في محل رفع وقد‬
‫قدمنا أن بإين الحمد والشكر عموما من وجه وأنهما يتفقان فيما كان منه‬
‫فيسمى حمدا وشكرا وقد استعمل المصنف هذا الحمد على ما هو منة‬
‫واستعمل الشكر بإالقول فتوافقا في هذا المحل وإن تغايرا في وصفهما‬
‫والفضل من قوله } واسألوا الله من فضله { ومن قوله } وكان فضل الله‬
‫عليك عظيما { والفضال الحسان والتفضل وقد استعمل الفضل على خلف‬
‫النقص فيكون الثناء عليه حمدا مباينا للشكر لكنه ليس المرادا هنا لقوله‬
‫المتراداف المتوال فإنهما يقتضيان الوصول إلى الغير‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/14‬‬

‫ونصلي على محمد الهاداي إلى نور اليمان في ظلمات الكفر والضلل معنى‬
‫نصلي هنا نطلب الصلة من الله تعالى لن النبي صلى الله عليه وسلم سئل‬
‫كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت‬
‫على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم إنك حميد مجيد وبإارك على محمد وعلى آل م‬
‫محمد كما بإاركت على إبإراهيم وعلى آل إبإراهيم في العالمين إنك حميد مجيد‬
‫ومعنى نطلب إنشاء الطلب وكذلك نحمد معناه إنشاء الحمد وليس معناه الخبر‬
‫فعطف إنشاء على إنشاء ووصفه صلى الله عليه وسلم بإالهداية لقوله تعالى‬
‫} وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم { وبإين الهداية والضلل والنور والظلمات‬
‫واليمان والكفر ما ل يخفى من الطباق‬
‫وعلى آله وصحبه خير صحب وآل آله صلى الله عليه وسلم بإنو هاشم وبإنو‬
‫المطلب هذا اختيار الشافعي وأصحابإه وقيل عترته وأهل بإيته وقيل جميع أمته‬
‫وهو قول مالك والصحيح إضافة الل إلى مضمر كما استعمله المصنف وقال‬
‫جماعة من أهل العربإية ل يصح إضافته إل إلى مظهر والصحب جمع صاحب‬

‫وهو كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وقيل من طالت مجالسته‬
‫والصحيح الول بإخلف التابإعي ل يكفي فيه رؤية الصحابإي والفرق شرف‬
‫الصحبة وعظم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن رؤية الصالحين لها‬
‫أثر عظيم فكيف روية سيد الصالحين فإذا رآه مسلم ولو لحظة انطبع قلبه‬
‫على الستقامة لنه بإإسلمه متهيء للقبول فإذا قابإل ذلك النور العظيم أشرق‬
‫عليه وظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه‬
‫وقوله خير صحب وآل صحيح لنه ليس في أصحاب النبياء مثل أصحاب نبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم ولجل السجع قدم الصحب على الل في الثاني وجاء‬
‫على أحد طريقي العرب وهو ردا الول على الثاني والثاني على الول ولول هذا‬
‫لقال خير آل وصحب فردا الول للول والثاني للثاني وهما طريقان للعرب‬
‫جائأزان‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/15‬‬

‫وبإعد فأولى ما تهم بإه الهمم العوالي وتصرف فيه اليام والليالي تعلم المعالم‬
‫الدينية والكشف عن حقائأق الملة الحنيفية والغوص في تيار بإحار مشكلته‬
‫والفحص عن أستار أسرار معضلته بإعد ضم الدال على الصحيح مقطوع عن‬
‫الضافة أي بإعد ما سبق من التقديس والتنزيه والحمد والصلة والعامل فيه‬
‫فعل مقدر تقديره أقول وهو معطوف بإالواو على نحمد ونصلي وبإعده فعل آخر‬
‫مقدر تقديره تنبه هو معمول القول لجله داخلت الفاء على أولى وفي الفاء‬
‫فائأدة أخرى وهي رفع توهم اضافة بإعد إلى أولى‬
‫وقوله تهم بإضم الهاء يقال هم بإالمر يهم هما أي أراداه فأما بإكسر الهاء فهو من‬
‫الهميم وهو الدبإيب والهمم جمع همة وهي الواحدة تقول همة مثل جلسة‬
‫بإالفتح للمرة وبإالكسر للهيأة والجمع لها وإسنادا الفعل للهمم وهو في الحقيقة‬
‫لفاعلها من بإاب قولهم شعر شاعر والمعالم جمع معلم وهو ما جعل علمة‬
‫للطرق والحدودا مثل أعلم الحرم ومعالمه المضروبإة عليه ويقال المعلم الثر‬
‫وهو راجع إلى معنى العلمة ول خلف في المعنى والمعالم الدينية الدالة‬
‫الشرعية وكل ما يهدي إليها وتعلمها تعرفها والملة الحنيفية هذه الملة قال‬
‫صلى الله عليه وسلم بإعث بإالحنيفية السهلة السمحة وسميت حنيفية لنها على‬
‫ملة إبإراهيم والحنيف عند العرب من كان على داين إبإراهيم عليه السلم‬
‫وسمي إبإراهيم عليه السلم حنيفا لميله عن داين الصابإئة وهم عبادا الكواكب‬
‫وسمى أتباعه حنفاء لذلك ولميلهم عن اليهوداية والنصرانية قال تعالى } ما‬
‫كان إبإراهيم يهودايا ول نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما {‬
‫والملة الدين والدليل على أن هذه الملة ملة إبإراهيم قوله تعالى } ثم أوحينا‬
‫إليك أن اتبع ملة إبإراهيم { واداعى بإعض العلماء أنها موافقة لها في الصول‬
‫والفروع والمشهور أنها موافقة لها في الصول فقط وعلى هذا ل اختصاص‬
‫لملة إبإراهيم بإذلك لن داين النبياء كلهم واحد في الصول وإنما اختلفت‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/16‬‬

‫الشرائأع في الفروع ويكون تسميته هذه الملة حنيفية لمخالفتها ما كان عليه‬
‫أهل الشرك واليهودا والنصارى كمخالفة إبإراهيم من كان في زمانه من الكفار‬
‫وهم الصابإئة واتباعه داين النبياء قبله وبإعده وهوالسلم وحقائأقها على هذا‬
‫أصول الدين ول تشمل أصول الفقه الذي تصدى له والمعالم الدينية شاملة له‬
‫وإن جعلنا اسم الملة شامل للصول والفروع وكل المرين أعني المعالم الدينية‬
‫وحقائأق الملة شامل للصول والفروع فيندرج فيه أصول الفقه الذي تصدى له‬
‫وهو أحسن ليكون مناسبته للتصنيف الذي تصدى له أكثر ويشهد له قوله بإعثت‬
‫بإالحنيفية السمحة فإنه يشير إلى الصول والفروع جميعا ول يلزم من ذلك‬
‫موافقتها لشريعة إبإراهيم في جميع الشياء بإل لموافقتها الصول سميت بإذلك‬
‫وحقائأقها على هذا جميع أحكامها ومعانيها وأسرارها والضمير في مشكلته‬
‫ومعضلته عائأد على الكشف لن الشكال والعضال فيه ل فيها فإنها بإينة جلية‬
‫بإيضاء نقية إذا ارتفع الحجاب عن الناظر رآها ول خفاء بإحسن استعاراته‬
‫وترشيحها في الغوص في تيار البحار والفحص عن أستار السرار وكم من بإحر‬
‫ل يدرك له قرار وسر تتغيب في أستاره الفكار‬
‫وإن كتابإنا هذا منهاج الوصول إلى علم الصول الجامع بإين المعقول والمشروع‬
‫والمتوسط بإين الصول والفروع المنهاج الطريق جعل علما على هذا الكتاب‬
‫والوصول إلى الشيء إنما يكون عند انتهاء طريقه فقوله منهاج الوصول معناه‬
‫الطريق التي يتوصل فيها إلى الوصول إلى علم الصول كما تقول طريق مكة‬
‫أي المتوصل فيها إلى مكة فليس الوصول فيه ولكنه غايته‬
‫وقوله منهاج خبر إن ويجوز إطلق ذلك على هذا الكتاب بإمعناه الصلي غير‬
‫علم لن الشتغال بإه يوصل إلى ذلك وقوله الجامع مخفوض صفة لعلم الصول‬
‫ول خفاء في جمعه بإين المعقول والمشروع فإنه نتج من نكاح نور الشرع‬
‫لصافي بإنات الفكر فجاء عريق الصالة شديد البسالة وتوسطه بإين الصول أي‬
‫أصول الدين والفروع وهذا يستمد من الول ويمد الثاني‬
‫وهو إن صغر حجمه وكبر علمه وكثرت فوائأده وجلت عوائأده قوله‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/17‬‬

‫وهو يعني هذا الكتاب وصغر بإضم الغين وكذلك كبر الباء لنه بإمعنى عظم‬
‫وأصل كبر بإضم الباء لكبر الجثة ثم استعمل في كبر المعنى وأما كبر السن فل‬
‫يقال فيه إل كبر بإكسر الباء وراعى المطابإقة بإين صغر وكبر لتضاداهما واجتمعا‬
‫لرجوع الصغر إلى الجثة والكبر إلى المعنى والعوائأد جمع عائأدة وهي العطف‬
‫والمنفعة يقال هذا أعودا عليك من كذا أي أنفع وفلن ذو عائأدة أي تعطف ونفع‬
‫وإن هذا الكتاب لكما وصف‬
‫جمعته رجاء أن يكون سببا لرشادا المستفيدين ونجاتي يوم الدين والله تعالى‬
‫حقيق بإتحقيق رجاءه وقوله حقيق بإتحقيق أي خليق له وخليق وجدير وحري‬
‫وحر كل ذلك بإمعنى واحد وقصد المصنف التجانس بإين حقيق وتحقيق وإطلق‬
‫ذلك على الله ينبئ على أن السماء توقيفية أول‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/18‬‬

‫تعريف أصول الفقه‬
‫أصول الفقه معرفة دالئأل الفقه إجمال وكيفية الستفاداة منها وحال المستفيد‬
‫هذه العبارة بإعينها عبارة تارج الدين الرموي في الحاصل ولنقدم مقدمة وهي‬
‫أنه ينبغي أن يذكر في ابإتداء كل علم حقيقة ذلك العلم ليتصورها الذي يريد‬
‫الشتغال بإه قبل الخوض فيه فمن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل فل جرم‬
‫احتاج إلى تعريف أصول الفقه في أوله وههنا خمسة أشياء‬
‫أحدها لفظ أصول الفقه قبل أن يسمى بإه هذا العلم مركب من مضاف‬
‫ومضاف إليه‬
‫والثاني هذا اللفظ بإعد أن سمي بإه فإنه صار اسما للعلم وكل من المضاف‬
‫والمضاف إليه بإهذا العتبار صار كالزاي والدال من زيد ل معنى له وكل مركب‬
‫سمي بإه معنى فقد يتطابإق معناه حال التركيب وحال التسمية كعبد الله‬
‫مسمى بإه رجل فهو صاداق عليه بإالعتبارين وقد ل يتطابإقان كأنف الناقة‬
‫مسمى بإه رجل ولفظ أصول الفقه مما تطابإق فيه معناه حال التركيب ومعناه‬
‫حال التسمية من بإعض الوجوه كما سنبينه‬
‫الثالث معنى أصول الفقه قبل التسمية‬
‫الرابإع معنى أصول الفقه بإعد التسمية مع قطع النظر عن أجزاء اللفظ المطلق‬
‫عليه‬
‫الخامس معناه بإعد التسمية مع اللتفات إلى أجزاء اللفظ المطلق عليه لن‬
‫اللفظ يدل عليه بإاعتبارين كما قدمناه فإذا أخذ المعنى بإأحد العتبارين‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/19‬‬

‫كان مغايرا له بإالعتبار الخر فيصدق على المعنى المذكور أنه إضافي لقبي‬
‫بإاعتبارين لكن صدق اللفظ عليه بإالضافة إنما هو بإطريق المجاز لنه أخص من‬
‫معناه الحقيقي والحد إنما هو للمعنى داون اللفظ فالمقصودا بإيان المعاني‬
‫الثلثة ويعبر عن المعنى الول بإالضافي لن المعنى مركب من مضاف‬
‫ومضاف إليه في الذهن كما أن لفظه كذلك في النطق ويعبر عن المعنى الثاني‬
‫بإاللقبي بإاعتبار أنه ملقب بإهذا السم فإن اللفظ المركب جعل اسما عليه زلقبا‬
‫له وعلما كسائأر أعلم الجناس أو أسماء الجناس فإن علم الجنس هو الذي‬
‫يقصد بإه تمييز الجنس من غيره من غير نظر إلى أفراداه واسم الجنس الذي‬
‫يقصد بإه مسمى الجنس بإاعتبار وقوعه على أفراداه حتى إذا داخلت عليه اللف‬
‫واللم الجنسية الدالة على الحقيقة ساوى علم الجنس هذا هو الذي نختاره في‬
‫الفرق بإين اسم الجنس وعلم الجنس ويستنتج منه أن علم الجنس ل يثنى ول‬
‫يجمع لنه إنما يثنى ويجمع الفرادا وجعله اسم جنس أولى من جعله علم جنس‬
‫لنه لو كان علما لما داخلت عليه اللف واللم وكذلك سائأر أسماء العلوم من‬
‫فقه ونحو وغير ذلك ويعبر عن المعنى الثالث بإالضافي بإالعتبارين كما سبق‬
‫إذا عرفت هذه المقدمة فهمت ثلثة مباحث‬

‫أحدهما في تعريف معنى أصول الفقه التركيبي قبل التسمية ول بإد في ذلك‬
‫من تعريف المضاف والمضاف إليه والضافة لن العلم بإالمركب يتوقف على‬
‫العلم بإالمفردا ونبدأ ذلك بإتعريف المضاف وليس كما توهم بإعض الناس من أنه‬
‫يعتني بإالبداءة بإالمضاف إليه محتجا بإأن المضاف يتعرف بإتعريف المضاف إليه‬
‫لنا نقول التعريف تعريف مقابإل التنكير وهو الذي يكتسبه المضاف من‬
‫المضاف إليه وتعريف مقابإل الجهل وهو المقصودا هنا وهذا ل يكتسبه المضاف‬
‫من المضاف إليه فنقول الصول جمع وتعرفه بإتعريف مفرداه والصل ما يتفرع‬
‫عنه غيره وهذه العبارة أحسن من قول أبإي الحسين ما يبنى عليه غيره لنه ل‬
‫يقال إن الولد يبنى على الوالد ويقال إنه فرعه وأحسن من قول صاحب‬
‫الحاصل ما منه الشيء لشتراك من بإين‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/20‬‬

‫البإتداء والتبعيض وأحسن من قول المام المحتاج إليه لنه إن أريد بإالحتياج ما‬
‫يعرف في علم الكلم من احتياج الثر إلى المؤثر والموجودا إلى الموجد لزم‬
‫إطلق الصل على الله تعالى وإن أريد ما يتوقف عليه الشيء لزم إطلقه على‬
‫الجزء والشرط وانتفاء المانع وإن أريد ما يفهمه أهل العرف من الحتياج لزم‬
‫إطلقه على الكل واللبس ونحوهما وكل هذه اللوازم مستنكرة وكل هذه‬
‫التعريفات للصل بإحسب اللغة وإن كان أهل اللغة لم يذكروها في كتبهم وهو‬
‫مما ينبهنا على أن الصوليين يتعرضون لشياء لم يتعرض لها أهل اللغة‬
‫وأما في العرف فالصل مستعمل في ذلك ولم يترك أهل العرف الستعمال‬
‫في ذلك لكن العلماء يطلقونه مع ذلك على شيئين أخص منه‬
‫أحدهما الدليل والثاني المحقق الذي يشك في ارتفاعه لتفرع المدلول على‬
‫الدليل والستصحاب على اليقين السابإق‬
‫والفقه تعريفه سيأتي في كلم المصنف والضافة تفيد الختصاص فإن كان‬
‫المضاف اسما جامدا أفادات مطلق الختصاص كحجر زيد وإضافة العلم إذا‬
‫وقعت من هذا القبيل كقول الشاعر ‪ %‬عل زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ‪ %‬وإن‬
‫كان المضاف اسما مشتقا أفادات الضافة اختصاص المضاف بإالمضاف إليه‬
‫في المعنى المشتق منه كغلم زيد تفيد اختصاص الغلم بإزيد في معنى الغلمية‬
‫وكانت للملك وتفيد هنا اختصاص الصول بإالفقه في معنى لفظة الصول وهو‬
‫كون الفقه متفرعا عنه وظهر بإهذا أن أصول الفقه بإالمعنى التركيبي ما يتفرع‬
‫عنه الفقه والفقه كما يتفرع عن داليله يتفرع عن العلم بإدليله فيسمى كل‬
‫منهما أصل للفقه ول فرق في الدالة في هذا المقام بإين الجمالية‬
‫____________________‬

‫) ‪(1/21‬‬

‫والتفصيلية فإن كل منهما يتفرع الفقه عنه وعن العلم بإه فصار أصول الفقه‬
‫بإالمعنى التركيبي يشمل أربإعة أشياء الدالة الجمالية وعلمها والدالة التفصيلية‬
‫وعلمها وهذا ليس هو المصطلح ول يصح تعريف هذا العلم بإمدلول أصول الفقه‬

‫الضافي لنه أعم منه إل إذا أخذ