ƒΘáÑ⌐ ƒΘΩÑ∩ß σ∩ Ü¡φΘ ƒΘστ∞ 003

‫تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫)اضغط هنا للنتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على النترنت(‬
‫الكتاب ‪ :‬البحر المحيط في أصول الفقه‬
‫المؤلف ‪ :‬بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي‬
‫)المتوفى ‪794 :‬هـ(‬
‫المحقق ‪ :‬محمد محمد تامر‬
‫الناشر ‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫الطبعة ‪ :‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ ‪2000 /‬م‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع مكتبة المدينة الرقمية‬
‫‪http://www.raqamiya.org‬‬
‫]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي[‬
‫آخر‪ ،‬وهو ضد المتروك‬
‫والثالث‪ :‬أنه ليس هو ولكن يتضمنه من طريق المعنى‪ ،‬وبه جزم القاضي أبو‬
‫الطيب‪ ،‬ونصره الشيخ أبو إسحاق في "التبصرة" وابن الصباغ في "العدة"‬
‫ونقله الشيخ أبو حامد السفراييني وسليم عن أكثر أصحابنا قال‪ :‬وهو قول أكثر‬
‫الفقهاء كافة وقال ابن السمعاني‪ :‬هو مذهب عامة الفقهاء ونقله عبد الوهاب‬
‫عن أكثر أصحاب الشافعي قال‪ :‬وهو الذي يقتضيه مذهب أصحابنا‪ ،‬وإن لم‬
‫يصرحوا به‪ ،‬وقال الباجي‪ :‬عليه عامة الفقهاء واختاره المدي والمام فخر‬
‫الدين‪ ،‬وقال أبو زيد الدبوسي في "التقويم"‪ :‬إنه المختار وبه جزم أبو منصور‬
‫الماتريدي‪ ،‬فقال‪ :‬إنه نهي عن ضده بدللة اللتزام وكذا ا قال البزدوي‬
‫والسرخسي منهم‪ ،‬وقال إمام الحرمين وابن القشيري والمازري‪:‬إن القاضي‬

‫مال إليه في آخر مصنفاته‪ .‬وقال صاحب "الواضح"‪ :‬وقصد الفقهاء من هذه‬
‫المسألة أن المر للوجوب فلهذا قالوا‪ :‬إنه نهي عن ضده ثم رد المام على من‬
‫قال‪ :‬هو عينه بأنه جحد للضرورة فإن القول المعبر عنه "ب افعل" مغاير‬
‫للمعبر عنه ب "ل تفعل" قيل‪ :‬وهذا منه غلط أو مغالطة; إذ ليس الكلم في‬
‫"افعل" و "ل تفعل" بل في "افعل" و "ل تترك" وليس بطلن اتحاد مدلولهما‬
‫ضروريا‪ ،‬وأبطل مذهب التضمن بأن المر قد ل يخطر له الضد‪ ،‬ولو خطر له فل‬
‫قصد له في تركه إل على معنى أن ذلك وسيلة إلى المأمور به‪ ،‬واعترف بأنه‬
‫يرى استلزام الوجوب الوعيد على الترك فكيف ل يخطر له الضد من الترك ول‬
‫بد أن يكون متوعدا عليه؟ ثم هذا الخلف في الكلم النفسي بالنسبة إلى‬
‫المخلوق; لنه الذي يغفل عن الضد‪ ،‬وأما الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬فكلمه واحد ل يتطرق‬
‫إليه ذهول كما صرح به الغزالي وابن القشيري‪.‬‬
‫واحترزنا بقولنا‪ :‬معين عن الواجب المخير والموسع‪ ،‬فإن المر بهما ليس نهيا‬
‫عن الضد‪ .‬والمسألة مقصورة على الواجب المعين صرح به الشيخ أبو حامد‬
‫السفراييني والقاضي في "التقريب"‪.‬‬
‫واحترزنا بالوجودي عن الترك فإن المر بالشيء نهي عن تركه بطريق التضمن‬
‫قطعا كما قاله الهندي وغيره‪ ،‬وإنما الخلف في أنه هل هو نهي عن ضده‬
‫الوجودي؟‬
‫المقام الثاني بالنسب إلى الكلم اللساني عند من رأى أن للمر صيغة‪ ،‬وفيه‬
‫مذهبان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن المر يتضمن النهي عن الضد‪ ،‬وهو رأي المعتزلة منهم عبد الجبار‪،‬‬


‫وأبو الحسين‪.‬‬
‫قال ابن النباري‪ :‬وإنما ذهبوا إلى ذلك لنكارهم كلم النفس‪ ،‬والكلم عندهم‬

‫) ‪(2/146‬‬

‫ليس إل العبارات‪ ،‬فلم يمكنهم أن يقولوا‪ :‬المر بالشيء نهي عن ضده‪،‬‬
‫لختلف اللفاظ قطعا‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه يقتضيه ويتضمنه‪ ،‬وليس يعنون بذلك إشعارا‬
‫لغويا أو أمرا لفظيا فقط‪ ،‬ولكنهم يقولون‪ :‬المر قول القائل لمن دونه‪" :‬افعل"‬
‫مع إرادات‪ ،‬ومريد الشيء ل بد وأن يكون كارها لضده‪ ،‬فيلزم أن يكون المر‬
‫بالشيء نهيا عن ضده‪ .‬وفرق إمام الحرمين بين هذا القول وقول القاضي آخرا‬
‫بأن المعتزلة يقولون‪ :‬صيغه المر تقتضي النهي‪ ،‬وذلك القتضاء راجع إلى فهم‬
‫معنى من لفظ من يشعر به‪ ،‬والقاضي يقول بالكلم النفسي‪ ،‬وما يقوم‬
‫بالنفس ل إشعار له بغيره‪ ،‬ولكنه يقول‪ :‬إذا قام بالنفس المر الحقيقي فمن‬
‫ضروراته أن يقوم بالنفس معه قول آخر هو نهي عن أضداد المأمور به‪ ،‬كما‬
‫يقتضي قيام العلم بالمحل قيام الحياة به‪ .‬والثاني‪ :‬أنه ل يدل عليه أصل‪ .‬وجزم‬
‫به النووي في "الروضة" في كتاب الطلق‪ ،‬ول يمكن أحد هنا أن يقول‪ :‬إنه هو‪،‬‬
‫فإن صيغة "تحرك" غير صيغة "ل تسكن" قطعا‪.‬‬
‫ولبعض المعتزلة مذهب ثالث‪ ،‬وهو أن أمر اليجاب يكون نهيا عن أضداده‬
‫ومقبحا لها‪ ،‬لكونها مانعة من فعل الواجب المندوب فإن أضداده مباحة غير‬

‫منهي عنها‪ ،‬ول تنزيه غالبا‪،‬‬
‫واختار المدي أن يقال‪ :‬إن جوزنا تكليف ما ل يطاق فالمر بالفعل ليس نهيا‬
‫عن الضد‪ ،‬ول مستلزما للنهي عنه‪ ،‬بل يجوز أن يؤمر بالفعل وبضده في الحالة‬
‫الواحدة‪ ،‬وإن منع فالمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده‪.‬‬
‫واختاره الهندي أنه نهي عن ضده بطريق الستلزام‪ ،‬ل أنه وضده يستلزم ذلك‬
‫بل مع مقدمة أخرى‪ ،‬وهي أن ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب‪ ،‬لو قيل‪:‬‬
‫باستحالة تكليف ما ل يطاق وقال أبو الحسين في "المعتمد" ليس الخلف في‬
‫تسمية المر حقيقة لبطلنه‪ ،‬ول في أن صيغة "ل تفعل" موجودة في المر; لن‬
‫الحس يدفعه‪ ،‬بل في أنه نهي عن ضده في المعنى‪.‬‬
‫واعلم أن الذي دلنا على الفصل بين المقامين وتنزيل خلف كل قوم على حالة‬
‫أن الشيخ والقاضي لم يتكلما إل في النفسي‪ ،‬ويدل لذلك قولهما‪ :‬إن اتصافه‬
‫بالمر والنهي على ما سبق والمام في "المحصول" اختار أن المر يتضمن‬
‫النهي عن ضده‪ ،‬والظاهر أن كلمه في اللساني; لنه عبر بالصيغة‪ ،‬وخلف‬
‫المعتزلة أنما يتصور فيه لنهم ينكرون النفسي‪ ،‬ول أمر عندهم إل بالعبارة‪.‬‬
‫إذا علمت ذلك فقد استشكل تصوير المسألة بأنه إن كان الكلم في النفساني‬

‫) ‪(2/147‬‬

‫بالنسبة إلى الله ‪ -‬تعالى‪ ،‬فالله ‪ -‬تعالى ‪ -‬بكل شيء عليم‪ ،‬وكلمه واحد‪ ،‬وهو‬
‫أمر ونهي وخبر واحد بالذات متعدد بالمتعلقات‪ ،‬وحينئذ فأمر الله عين نهيه‪،‬‬

‫فكيف يتجه فيه خلف؟ وإن كان الخلف بالنسبة إلى المخلوق فقط كما صرح‬
‫به الغزالي وابن القشيري فكيف يقال‪ :‬هو أو يتضمنه مع احتمال ذهوله عن‬

‫الضد مطلقا؟ وهذا هو عمدة إمام الحرمين كما سبق‪.‬‬
‫وجوابه‪ :‬أن القائل بأنه أجراه مجرى العلم المتعلق بمتلزمين كيمين وشمال‬
‫وفوق وتحت‪ ،‬فإن من المستحيل علم الفوق وجهل التحت وعكسه‪ ،‬وكذلك‬
‫يستحيل أن يتعلق المر بالنفسي باقتضاء فعل‪ ،‬ول يتعلق النهي عن تركه‪ ،‬وإنما‬
‫الشكال على القول بتضمنه النهي‪.‬‬
‫وجوابها ما ذكره إمام الحرمين أن هؤلء ل يعنون بالقتضاء ما يريده المعتزلة‪،‬‬
‫وإنما هؤلء يعتقدون أن المر النفسي مقارنة نهي نفسي أيضا يجري ذلك‬
‫مجرى الحياة في العلم‪ ،‬فإن العلم إذا وجد اقتضى وجود الحياة‪.‬‬
‫وممن جزم أن الخلف في هذه المسألة إنما هو بالنسبة إلى الكلم اللساني ل‬
‫النفساني القرافي‪ ،‬وتبعه عليه التبريزي في "التنقيح"‪ ،‬فقال‪ :‬ل يتحقق هذا‬
‫الخلف في كلم الله ‪ -‬تعالى; لن مثبتي كلم النفس مطبقون على اتحاد كلم‬
‫الله من أمر ونهي ووعد ووعيد واستفهام إلى جميع القسام الواقعة في‬
‫الكلم‪ ،‬فهو ‪ -‬تعالى ‪ -‬آمر بعين ما هو ناه عنه‪ ،‬ول شك أن قول القائل‪" :‬تحرك"‬
‫غير قوله‪" :‬ل تسكن" وإنما النظر في قوله‪" :‬افعل" إنما يتضمن ذلك ‪ -‬على‬
‫خلف فيه ‪ -‬طلب الفعل فهو طالب ترك ضده أم ل؟ وكذا قال الصفي الهندي‪:‬‬
‫هذا النزاع غير متصور في كلم الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬على رأي من يرى اتحاده‪ ،‬بل في‬
‫كلم المخلوقين وفي كلم الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬على رأي من يرى تعدده‪.‬‬

‫وقال ابن القشيري‪ :‬الكلم في هذه المسألة مع مثبتي كلم النفس أما من‬
‫نفاه فل يمكنه أن يقول‪ :‬المر عين النهي فإن صيغة "افعل" غير صيغة "ل‬
‫تفعل" لكنهم قالوا‪ :‬يقتضيه من طريق المعنى قال‪ :‬وصار إلى هذا ضعفة‬
‫الفقهاء‪ ،‬ومن لم يتحقق عنده كلم النفس‪ .‬ثم قال‪ :‬الخلف في أمر المخلوق‪،‬‬
‫أما كلم الله فهو قديم‪ ،‬وهو صفة واحدة يكون أمرا بكل مأمور‪ ،‬ونهيا عن كل‬
‫نهي‪ ،‬خبرا عن كل مخبر‪ ،‬ثم قال في آخر المسألة‪ :‬والقول بأن المر بالشيء‬
‫نهي عن جميع أضداده يلزم المصير إلى مذهب الكعبي; لن من ضرورة‬
‫ارتكاب المباح أن يترك محظورات‪ ،‬فوجه النظر إلى مقصود‬

‫) ‪(2/148‬‬

‫المر والناهي والمبيح ل فيما يقع من ضرورة الجبلة‪ ،‬وهذا نهاية المسألة‪.‬‬

‫) ‪(2/149‬‬

‫]النهي عن الشيء إن كان له أضداد[‬
‫أما النهي عن الشيء فأمر بضده إن كان له ضد واحد بالتفاق كالنهي عن‬
‫الحركة يكون أمرا بالسكون‪ ،‬وإن كان له أضداد‪ ،‬فاختلفوا فيه‪ ،‬فقيل‪ :‬نفس‬
‫المر بضده كما في جانب المر قاله القاضي‪ ،‬ثم مال آخرا إلى أنه يتضمنه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بل ذلك في جانب المر ل النهي‪ ،‬فل يجري الخلف‪.‬‬

‫وقال إمام الحرمين في "البرهان"‪ :‬الذي ذهب إليه جماهير الصحاب أن النهي‬
‫عن الشيء أمر بأحد أضداد المنهي عنه‪ ،‬والمر بالشيء نهي عن جميع أضداد‬
‫المأمور به‪ ،‬وجرى عليه القاضي عبد الوهاب في "الملخص" وابن السمعاني‬
‫في "القواطع" وسليم الرازي في التقريب" فقالوا‪ :‬إن كال له ضد واحد فهو‬

‫أمر بذلك الضد أي‪ :‬تضمنا‪ ،‬كما قاله سليم كالصوم في العيدين‪ ،‬وكقوله‪ :‬ل‬
‫تكفر فإنه أمر باليمان‪.‬‬
‫وإن كان له أضداد كثيرة فهو أمر بضد واحد; لنه ل يتوصل إلى ترك المنهي‬
‫عنه إل به‪ ،‬فأما إثبات المر بسائر الضداد فل معنى له‪ ،‬وحكاه ابن برهان في‬
‫"الوسط" عن العلماء قاطبة‪.‬‬
‫وقال صاحب "اللباب" من الحنفية‪ :‬النهي يقتضي المر بضده إن كان ذا ضد‬
‫واحد‪ ،‬فإن كان له أضداد‪ ،‬فقال أبو عبد الله الجرجاني‪ :‬ل يقتضي أمرا بها‪.‬‬
‫وقال الشافعي‪ :‬يقتضي أمرا بالواحد‪ ،‬وهو قول عامة أصحابنا‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وحكى إمام الحرمين قول ثالثا‪ :‬أنه ليس بأمر بشيء مطلقا‪ ،‬وشنع على من‬
‫قال بأن النهي عن ذي أضداد أمر بأحد أضداده‪ ،‬فقال‪ :‬من قال‪ :‬إن النهي عن‬
‫الشيء أمر بأحد أضداده فقد اقتحم أمرا عظيما‪ ،‬وباح بالتزام مذهب الكعبي‬
‫في نفي الباحة‪ ،‬فإنه إنما صار إلى ذلك من حيث قال‪ :‬المر بالشيء نهي عن‬
‫الضداد‪ ،‬ويتضمن لذلك من حيث تفطن لغائلة المعنى فقد ناقض كلمه فإنه‬
‫كما يستحيل القدام على المأمور به دون النكفاف عن أضداده فيستحيل‬
‫النكفاف عن المنهي ]عنه[ دون التصاف بأحد أضداده‪.‬‬

‫والتحقيق في هذه المسألة‪ :‬ما أشار إليه ابن القشيري أن هاهنا شيئين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬كون المر بالشيء هل هو نهي عن ضده أم ل؟‬
‫الثاني‪ :‬المأمور بشيء منهي عن جميع أضداده‪ ،‬وأن المر به ناه عن جميع‬

‫) ‪(2/149‬‬

‫الضداد‪ .‬فأما الثاني فقد نقل القاضي فيه الجماع‪ ،‬وقال أبو نصر بن القشيري‪:‬‬
‫أنا ل أشك أن هذا ممنوع‪ ،‬ثم ذكر أن القاضي قال‪ :‬إن منع ذلك مانع قيل له‪:‬‬
‫هذا خرق ما عليه الكافة مع أنا نلجئه إلى ما قيل له به‪ ،‬فنقول‪ :‬إذا ورد المر‬
‫على الجزم بشيء وهو مقيد بالفور وانتفى عنه سمة التخيير‪ ،‬فتحريم ضد‬
‫المتثال ل شك فيه; إذ لو لم يحرم فما معنى وجوب المتثال؟ انتهى‪.‬‬
‫وأما الول فل سبيل إلى القول به مع تجويز عدم خطوره بالبال‪ ،‬وعلى تقدير‬
‫الخطور فليس الضد مقصودا بالذات‪ ،‬وإنما هو ضروري دعا إليه تحقق المأمور‬
‫به‪ ،‬وليس كل ضروري للشيء يقال له‪ :‬إنه مدلوله أو يتضمنه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهذا التحقيق تحرير في أن المر بالشيء ليس ناهيا عن أضداده; لن‬
‫المر للقيام طالب له‪ ،‬وقد يخطر له ضده‪ ،‬فكيف يطلب؟‬
‫واعلم أنهم اتفقوا على أن عين المر ل يكون نهيا عن ضد المأمور به‪ ،‬وكذا‬
‫النهي عن الشيء ل يكون أمرا بضد المنهي عنه‪ ،‬لكنهم اختلفوا في أن كل‬
‫واحد منهما هل يوجب حكما في ضد ما أضيف إليه؟ فذهب أبو هاشم وغيره‬
‫من متأخري المعتزلة إلى أنه ل حكم له في ضده أصل بل هو مسكوت عنه‪،‬‬

‫وإليه ذهب إمام الحرمين والغزالي‪ ،‬وذهب بعض المعتزلة كعبد الجبار وأبي‬
‫الحسين إلى أن المر يوجب حرمة ضده‪ ،‬وذهب جماعة من محققي الحنفية‬
‫إلى أنه يدل على كراهة ضده‪.‬‬
‫وفائدة الخلف‪ :‬أن من قال‪ :‬ل يقتضي تحريم الضد‪ ،‬قال‪ :‬إذا أدى الشتغال به‬
‫إلى فوات المأمور به حرم; لن تفويت المأمور به حرام‪ ،‬فلما نهى المحرم عن‬
‫لبس المخيط دل على أن من السنة لبس الزار والرداء‪.‬‬
‫تنبيهات‬

‫الول‬
‫أطلقوا المر‪ ،‬وهو يشمل الواجب والمندوب‪ ،‬وبه صرح القاضي في مختصر‬
‫"التقريب" وجعلها نهيا عن الضد تحريما وتنزيها‪ ،‬ونقل تخصيصه بالواجب عن‬
‫بعض أهل الحق‪ ،‬وهو الذي حكاه القاضي عبد الوهاب في "الملخص" عن‬
‫الشيخ‪ ،‬فقال‪ :‬ذهب الشيخ إلى أن المر بالشيء نهي عن ضده إن كان له ضد‬
‫واحد‪ ،‬وأضداده إن كان ذا أضداد‪ .‬وحكى القاضي أنه ‪ -‬يعني الشيخ ‪ -‬شرط في‬
‫ذلك أن يكون واجبا ل ندبا‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقد حكي عن الشيخ أنه قال في بعض كتبه‪ :‬إن الندب حسن وليس‬

‫) ‪(2/150‬‬

‫مأمورا به‪ ،‬وعلى هذا القول ل يحتاج إلى اشتراط الوجوب في المر; إذ هو‬

‫حينئذ ل يكون إل واجبا‪ ،‬ثم قال القاضي‪ :‬والصحيح عندي أن المر بالشيء نهي‬
‫عن ضده من وجوب وندب‪.‬‬
‫قال‪ :‬ول بد أن يشترط الشيخ في ذلك شرطين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يكون مع وجوبه مضيقا‪ ،‬مستحق العين لجل أن الواجب الموسع‬
‫ليس بنهي عن ضده‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن يكون نهيا عن ضده‪ ،‬وضد البدل منه الذي هو بدل ل ما إذا كان أمر‬
‫على غير وجه التخيير‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا الشرط الثاني قد سبق تصوير المسألة به‪ ،‬وقد ذكرهما الشيخ أبو حامد‬
‫السفراييني في كتابه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا كان شيء واحد مضيق معين ل بدل له‪،‬‬
‫وذكره ابن القشيري أيضا‪ ،‬فقال‪ :‬هذا في المر بالشيء على التنصيص ل على‬
‫التخيير‪ ،‬فإن المر على التخيير قد يتعلق بالشيء وضده‪ ،‬فيكون الواجب‬
‫أحدهما ل بعينه‪.‬‬
‫وذكر عبد القاهر البغدادي أن المر بالشيء إنما يكون عن ضده إذا كان‬
‫المأمور به مضيق الوجوب بل بدل ول تخيير‪ ،‬كالصوم‪ ،‬فأما إذا لم يكن كذلك فل‬
‫يكون نهيا عن ضده‪ ،‬كالكفارات واحدة منها واجبة مأمور بها غير منهي عن‬
‫تركها‪ ،‬لجواز ردها إلى غيرها‪ ،‬كما في المر‪.‬‬
‫وقد احترز القاضي عن هذا فقال‪ :‬المر بالشيء نهي عن أضداد المأمور به‬
‫وبدله القائم مقامه إن كان له بدل‪ ،‬فيخرج بذلك المر المشتمل على التخيير‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وذكر صاحب "القواطع" أن المسألة مصورة بما إذا كان المر يوجب تحصيل‬

‫المأمور به على الفور فل بد من ترك ضده عقب المر كما ل بد من فعله عقب‬
‫المر‪ ،‬فأما إذا كان المر على التراخي فل‪ ،‬وهكذا ذكره بعض الحنفية كشمس‬
‫الئمة وغيره أنه إنما يقتضي النهي عن ضده إذا اقتضى التحصيل على الفور‪.‬‬
‫وأما الول فاستشكل وجهه الموسع إن لم يصدق عليه أنه واجب فأين المر‬
‫حتى يستثنى منه قولهم‪ :‬المر بالشيء نهي عن ضده؟ وإن صدق عليه واجب‬
‫بمعنى أنه ل يجوز إخلء الوقت عنه فضده الذي يلزم من فعله‪ ،‬تفويته منهي‬
‫عنه‪.‬‬
‫وحاصله‪ :‬أنه إن صدق المر عليه انقدح كونه نهيا عن ضده وإل فل وجه‬
‫لستثنائه كما قلنا في المخير‪.‬‬

‫) ‪(2/151‬‬

‫الثاني‪ :‬ذكر بعضهم أن الخلف إنما هو في الضد الذي هو المر الوجودي الذي‬
‫هو من لوازم نقيض الشيء المأمور به‪ ،‬فالمر بالحركة هل هو نهي عن نفس‬
‫السكون الذي هو ضد أم ل؟ هذا هو موضع الخلف أما النقيض فل خلف أن‬
‫المر بالشيء هو عين النهي عن نقيضه‪ ،‬فإن الحركة نقيض الل حركة فالل‬
‫حركة نقيض‪ ،‬وليس بضد بل ضد الحركة هو السكون وهذا أمر وجودي إل أنه‬
‫لزم مساو لنقيض الحركة‪ ،‬فإذا وجد المر بالحركة فهذا بعينه نهي عن نقيضها;‬
‫لن النهي عن نقيضها هو سلب لسلبها‪ ،‬وهو في نفسه عبارة عن سلب الحركة‬
‫وسلب سلب الحركة هو نفس الحركة; لن سلب السلب إثبات‪ ،‬وطلب سلب‬

‫الحركة هو طلب سلب نفس الحركة فيكون المر بالحركة هو بعينه نهيا عن‬
‫نقيضها‪ ،‬وهو سلب الحركة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ذكر بعضهم أن موضع الخلف إذا لم يقصد "الضد" بالنهي فإن قصد‬
‫ن{َّ ]البقرة‪ [222:‬فإن‬
‫ض تول ت ت ع‬
‫م ز‬
‫كقوله تعالى‪} :‬تفاع عت تززللوا الن ن ت‬
‫ساتء زفي ال ع ت‬
‫قترلبوهل ن‬
‫حي ز‬
‫الضد مثل هذه الصورة حرام بل خلف‪.‬‬

‫) ‪(2/152‬‬

‫النهي‬
‫مدخل‬
‫‪...‬‬
‫النهي‬
‫هو اقتضاء كف عن فعل فالقتضاء جنس‪ ،‬و "كف" مخرج للمر لقتضائه غير‬
‫الكف‪ .‬وشرط ابن الحاجب هنا على جهة الستعلء كما شرطه في المر‪ ،‬وقال‬
‫القرافي‪ :‬لم يذكروا الخلف السابق في المر في اشتراط العلو أو الستعلء‬
‫هنا‪ ،‬ويلزمهم التسوية بين البابين‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قد أجراها ابن السمعاني في "القواطع" وليس من شرط النهي كراهة‬
‫المنهي عنه كما ليس من شرط المر إرادة المأمور به خلفا للمعتزلة حيث‬
‫اعتبروا إرادة الترك كما في المر وللنهي صيغة مبينة له تدل بتجريدها عليه‪،‬‬
‫وهي قول القائل ل تفعل‪ ،‬وفيه الخلف السابق في المر‪.‬‬
‫وقال الشعري‪ :‬ومن تبعه‪ :‬ليس له صيغة‪ ،‬والصحيح‪ :‬الول‬
‫وإذا قلنا له صيغة ففيه مذاهب‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ونسب للشعري أنه موقوف ل يقتضي التحريم‪ ،‬وغيره إل بدليل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه للتنزيه حقيقة ل للتحريم; لنها يقين فحمل عليه ولم يحمل على‬
‫التحريم إل بدليل‪ ،‬وحكاه بعض أصحابنا وجها‪ ،‬وعزاه أبو الخطاب الحنبلي‬
‫لقوم‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه للتحريم حقيقة كما أن مطلق المر للوجوب; لن الصحابة رجعوا‬
‫ه تفان عت تلهوا{َّ ]الحشر‪:‬‬
‫م ع تن ع ل‬
‫ما ن تتهاك ل ع‬
‫في التحريم إلى مجرد النهي‪ ،‬ولقوله تعالى ‪}:‬وت ت‬
‫‪ [7‬وهذا هو الذي عليه الجمهور‪ ،‬وتظاهرت نصوص الشافعي عليه‪ ،‬فقال في‬
‫"الرسالة ‪ :"1‬في باب العلل في الحاديث‪ :‬وما نهى عنه رسول الله صلى الله‬

‫عليه وسلم فهو على التحريم حتى يأتي دللة على أنها إنما أراد به غير التحريم‪،‬‬
‫وقال في "الم" في كتاب صفة المر والنهي‪ :‬النهي من رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إن كان ما نهى عنه فهو محرم حتى تأتي دللة أنه بمعنى غير‬
‫التحريم‪ ،‬ونص عليه في "أحكام القرآن" أيضا‪.‬‬
‫قال الشيخ أبو حامد‪ :‬قطع الشافعي قوله‪ :‬إن النهي للتحريم بخلف المر‪ ،‬فإنه‬
‫في بعض المواضع لين القول فيه‪ ،‬وهذا الذي قاله الشيخ أبو حامد هو الذي دل‬
‫عليه كلم الشافعي كما سبق‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬إن النهي للتحريم قول واحدا حتى يرد ما يصرفه‪ ،‬وله في المر‬
‫ـــــــ‬
‫‪ 1‬انظر الرسالة ص "‪"211‬‬

‫) ‪(2/153‬‬

‫قولن‪ ،‬وعلى هذا فهل يقتضي التحريم من جهة اللغة أم من جهة الشرع؟ فيه‬
‫وجهان‪ .‬كالوجهين في المر‪ ،‬ثم المراد صيغة "ل تفعل" فأما لفظ "ن هـ ى"‬
‫فإنه للقول الطالب للترك أعم من أن يكون حراما أو مكروها‪.‬‬
‫وقال ابن فورك‪ :‬صيغته عندنا "ل تفعل" و "انته" و "اكفف" ونحوه‪.‬‬

‫) ‪(2/154‬‬

‫]ورود صيغة النهي لمعان[‬
‫وترد صيغه النهي لمعان‪:‬‬
‫قترلبوا النزتنى{َّ ]السراء‪:‬ة ‪[32‬‬
‫أحدها‪ :‬للتحريم‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬تول ت ت ع‬
‫ع‬
‫ت‬
‫ن‬
‫ت‬
‫ل‬
‫ه{َّ‬
‫م اللهز ع تلي ع ز‬
‫الثاني‪ :‬الكراهة‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬تول ت تأك للوا ز‬
‫م ي لذ عك ترز ا ع‬
‫س ل‬
‫ما ل ع‬
‫م ن‬
‫قد تة ت الن ن ت‬
‫كازح{َّ ]البقرة‪[235:‬‬
‫موا ع ل ع‬
‫]النعام‪ [121:‬ومثله الهندي بقوله‪} :‬تول ت تععزز ل‬
‫ع‬
‫ه‬
‫موا ال ت‬
‫خزبي ت‬
‫ث ز‬
‫من ع ل‬
‫م ل‬
‫أي على عقدة النكاح‪ ،‬وقد يدل عليه السياق كقوله‪} :‬تول ت تي ت ن‬
‫ن{َّ ]البقرة‪ :‬من الية ‪ [267‬قال الصيرفي‪ :‬لنه حثهم على إنفاق أطيب‬
‫ف ل‬
‫ت لن ع ز‬
‫قو ت‬
‫أموالهم‪ ،‬ل أنه يحرم عليهم إنفاق الخبيث من التمر أو الشعير من القوت‪ ،‬وإن‬
‫كانوا يقتاتون ما فوقه‪ ،‬وهذا إنما نزل في القناء التي كانت تعلق في المسجد‬
‫فكانوا يعلقون‪ ،‬الحشف‪.‬‬
‫ت‬
‫م‬
‫قال‪:‬فالمراد بالخبيث هنا الردأ‪ ،‬وقد يقع على الحرام‪،‬كقوله‪} :‬وتي ل ت‬
‫حنر ل‬
‫م ع تلي عهز ل‬
‫ث{َّ ]العراف‪ [157:‬وقد يعلل بالتوهم‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم "إذا‬
‫ال ع ت‬
‫ختبائ ز ت‬
‫استيقظ أحدكم من نومه فل يغمس يده في الناء حتى يغسلها فإنه ل يدري أين‬
‫باتت يده ‪ "1‬وكذلك حديث عدي في العبد‪":‬إني أخشى أن يكون قد أمسك‬
‫على نفسه" فنبهه على مظنة الشبهة احتياطا‪.‬‬
‫ض ت‬
‫م{َّ ]البقرة‪.[237:‬‬
‫وا ال ع ت‬
‫ف ع‬
‫الثالث‪ :‬الدب‪ ،‬كقوله‪} :‬تول ت تن ع ت‬
‫ل ب تي عن تك ل ع‬
‫س ل‬
‫ت‬
‫ن ع تي عن تي ع ت‬
‫مت نععتنا‬
‫مد ن ت‬
‫ما ت‬
‫ك إ زلى ت‬
‫الرابع‪ :‬التحقير لشأن المنهي عنه‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬تول ت ت ل‬
‫ه{َّ ]طه‪.[131:‬‬
‫بز ز‬
‫ت‬
‫ن‬
‫ن{َّ ]آل عمران‪:‬‬
‫مو ت‬
‫م ع‬
‫سل ز ل‬
‫م ل‬
‫ن إ زل وتأن عت ل ع‬
‫الخامس‪ :‬التحذير‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬تول ت ت ل‬
‫موت ل ن‬
‫‪.[102‬‬
‫ل اللهزن‬
‫ل‬
‫ن‬
‫ن ال ز‬
‫السادس‪ :‬بيان العاقبة‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬تول ت ت ع‬
‫ن قلت زلوا زفي ت‬
‫ح ت‬
‫سزبي ز‬
‫ذي ت‬
‫سب ت ن‬

‫ت‬
‫واتاا{َّ ]آل عمران‪.[169:‬‬
‫أ ع‬
‫م ت‬
‫السابع‪ :‬اليأس‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬ل ت تععت تذ زلروا{َّ ]التوبة‪.[66:‬‬
‫ت‬
‫ت‬
‫ع‬
‫ن أشتياتء{َّ‬
‫الثامن‪ :‬للرشاد إلى الحوط بالترك‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬ل ت ت ع‬
‫سألوا ع ت ع‬
‫ـــــــ‬
‫رواه مسلم في صحيحه ""‪ "1/233‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب كراهة غمس‬
‫المتوضء وغيره يده المشكوك في نجاستها‪ ،‬برقم "‪1 ."278‬‬

‫) ‪(2/155‬‬

‫]المائدة‪[101:‬ومنه قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تعمروا ول ترقبوا" قال‬
‫الرافعي في باب الهبة‪ :‬قال الئمة‪ :‬هذا إرشاد معناه‪ :‬ل تعمروا طمعا في أن‬
‫يعود إليكم‪ ،‬واعلموا أن سبيله سبيل الميراث‪.‬‬
‫ف إ زن ن ت‬
‫ن{َّ ]القصص‪:‬‬
‫التاسع‪ :‬اتباع المر من الخوف كقوله‪} :‬تول ت ت ت‬
‫خ ع‬
‫ن اعل ز‬
‫ك ز‬
‫مزني ت‬
‫م ت‬
‫‪.[31‬‬
‫العاشر‪ :‬الدعاء‪ ،‬كقوله‪":‬ل تكلنا إلى أنفسنا"‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬اللتماس‪ ،‬كقولك لنظيرك‪ :‬ل تفعل هذا‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬التهديد‪ ،‬كقولك لمن ل يمتثل أمرك‪ :‬ل تمتثل أمري‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬الباحة وذلك في النهي بعد اليجاب فإنه إباحة للترك‪.‬‬
‫ت‬
‫ع‬
‫ف ل‬
‫ن{َّ‬
‫الرابع عشر‪ :‬الخبر‪ ،‬ومثله الصيرفي بقوله تعالى‪} :‬ل ت تن ع ل‬
‫ذو ت‬
‫ن إ زنل ب ز ل‬
‫سلطا ن‬
‫]الرحمن‪ [33:‬فالنون في "تنفذون" جعل خبرا ل نهيا يدل على عجزهم عن‬
‫قدرتهم ولول النون لكان نهيا‪ ،‬وأن لهم قدرة كفهم عنها النهي‪ ،‬وعكسه قوله‪:‬‬
‫ه{َّ ]البقرة‪ [2:‬أي‪ :‬ل ترتابوا فيه على أحد القولين‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫ب زفي ز‬
‫}ل تري ع ت‬
‫ت‬
‫ن‬
‫ن{َّ ]آل عمران‪[102:‬لم ينههم عن الموت في‬
‫مو ت‬
‫م ع‬
‫سل ز ل‬
‫م ل‬
‫ن إ زل وتأن عت ل ع‬
‫}تول ت ت ل‬
‫موت ل ن‬
‫ت‬
‫ن‬
‫ت‬
‫ع‬
‫ة{َّ‬
‫مشرزك ا‬
‫ح إ زل تزان زي ت ا‬
‫وقت; لن ذلك ليس إليهم وقوله تعالى‪} :‬النزازني ل ي تن عك ز ل‬
‫ة أوع ل‬
‫]النور‪ [3:‬لفظه الخبر‪ ،‬ومعناه النهي أي‪ :‬ل تنكحوا‪ .‬وليست حقيقة في الكل‬
‫اتفاقا بل في البعض‪ ،‬وهو إما تحريم فقط‪ ،‬وإما الكراهة فقط‪ ،‬وإما هو مشترك‬
‫بينهما أو هي مشتركة بينهما أقوال‪ :‬والول معنوي‪ ،‬والثاني لفظي‪ ،‬أو ل يدرى‬
‫حال هذه القسام مع أنه غير خارج عنها‪ ،‬أو الوقف على ما سبق في المر‪.‬‬
‫وحكى الغزالي القول بالباحة هنا‪ ،‬ورأيت من ينكره عليه‪ ،‬وإنما قال الغزالي‬
‫في "المنخول"‪ :‬إن من حمل المر على الباحة ورفع الحرج حمل هذا على رفع‬
‫الحرج في ترك الفعل‪ .‬وقال أبو زيد في "التقويم"‪:‬لم أقف على الخلف في‬
‫حكم النهي كما في المر‪ ،‬فيحتمل أن تكون أقوالهم في النهي حسب اختلفهم‬
‫في المر‪ ،‬فمن قال بالوقف ثم يقول به هنا‪ ،‬ومن قال بالباحة ثم يقول بالباحة‬
‫هنا‪ ،‬وهو إباحة النتهاء‪ ،‬ومن قال بالندب هناك يندب النتهاء هنا‪ ،‬ومن قال‬
‫بالوجوب ثم يقول به هاهنا‪.‬‬
‫وقال البزدوي‪ :‬إن المعتزلة قالوا بالندب في باب المر‪ ،‬وفي النهي قالوا‬
‫بالوجوب; لن المر يقتضي حسن المأمور به‪ ،‬والمندوب والواجب في اقتضاء‬
‫الحسن سواء بخلف النهي‪ ،‬فإنه يقتضي قبح المنهي عنه‪ ،‬والنتهاء عن القبيح‬
‫واجب‪ ،‬فأما‬

‫) ‪(2/156‬‬

‫إتيان الحسن فليس بواجب‪ ،‬ولهذا فرقوا‪.‬‬
‫]يجيء النفي في معنى النهي[‬
‫وقد يجيء النفي في معنى النهي‪ ،‬ويختلف حاله بحسب المعاني‪:‬‬
‫ت‬
‫ت‬
‫ما ت‬
‫ن‬
‫م ز‬
‫م ز‬
‫ن ت‬
‫كا ت‬
‫حوعلهل ع‬
‫دين تةز وت ت‬
‫ل ال ع ت‬
‫منها أن يكون نهيا وزجرا‪ ،‬كقوله تعالى‪ } :‬ت‬
‫م ت‬
‫م ع‬
‫ن زلهع ز‬
‫ت‬
‫ت‬
‫ما‬
‫خل ن ل‬
‫ن ي تت ت ت‬
‫بأ ع‬
‫فوا{َّ ]التوبة‪ [120:‬ومنها‪ :‬أن يكون تعجيزا‪ ،‬كقوله تعالى‪ } :‬ت‬
‫اعلع عترا ز‬
‫كان ل تك ل ت‬
‫ن ت لن عب زلتوا ت‬
‫ها{َّ ]النمل‪.[60:‬‬
‫جتر ت‬
‫ش ت‬
‫مأ ع‬
‫ت ت‬
‫ع‬
‫ت‬
‫ما ت‬
‫د{َّ ]مريم‪[35:‬‬
‫ن ي تت ن ز‬
‫ن وتل ت ن‬
‫خذ ت ز‬
‫ن ل زل نهز أ ع‬
‫كا ت‬
‫ومنها أن يكون تنزيها‪ ،‬كقوله تعالى‪ } :‬ت‬
‫م ع‬
‫ذكره ابن عطية في سورة مريم‪.‬‬

‫) ‪(2/157‬‬

‫مسألة‪] :‬مفارقة المر للنهي في الدوام والتكرار[‬
‫النهي يفارق المر في الدوام والتكرار فإن في اقتضاء المر التكرار خلفا‬
‫مشهورا‪ ،‬وها هنا قطع جماعة منهم الصيرفي والشيخ أبو إسحاق بأن النهي‬
‫المطلق يقتضي التكرار والدوام‪ ،‬ونقل الجماع فيه الشيخ أبو حامد‬
‫السفراييني وابن برهان‪ ،‬وكذا قاله أبو زيد في "التقويم"‪.‬‬
‫وأما الخلف في أن المر هل يقتضي التكرار أم ل؟ فل يتصور مجيئه في النهي;‬
‫لن النتهاء عن النهي مما يستغرق العمر إن كان مطلقا; لنه ل انتهاء إل بعدم‬
‫المنهي عنه من قبله‪ ،‬ول يتم النعدام من قبله إل بالثبوت عليه قبل الفعل فل‬
‫يتصور تكراره بخلف المر بالفعل; لن الفعل المستمر له حد يعرف وجوده‬
‫بحده ثم يتصور التكرار بعده‪ .‬وقال المازري‪ :‬حكى غير واحد التفاق على أن‬
‫النهي يقتضي الستيعاب للزمنة بخلف المر‪ ،‬لكن القاضي عبد الوهاب حكى‬
‫قول أنه كالمر في اقتضائه المرة الواحدة‪ ،‬ولم يسم من ذهب إليه‪ ،‬والقاضي‬
‫وغيره أجروه مجرى المر في أنه ل يقتضي الستيعاب‪ .‬وقال أبو الحسين‬
‫السهيلي في كتاب أدب "الجدل"‪ :‬النهي المطلق يقتضي التكرار في قول‬
‫الجمهور‪ ،‬وسمعت فيه وجها آخر أنه يقتضي الجتناب عن الفعل في الزمن‬
‫الول وحده‪ ،‬وهذا مما ل يجوز حكايته لضعفه وسقوطه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن عقيل في "الواضح"‪ :‬النهي يقتضي التكرار‪ ،‬وقال القاضي أبو بكر‬
‫الباقلني‪ :‬ل يقتضيه‪ ،‬وهذا النقل عن القاضي يخالفه نقل المازري‪ ،‬وهو‬
‫الصواب‪.‬‬

‫) ‪(2/157‬‬

‫وممن نقل الخلف في المسألة المدي وابن الحاجب‪ ،‬واختار المام في‬
‫"المحصول" أنه ل يقتضي التكرار كما ل يقتضيه في المر‪ .‬وقال سليم الرازي‪:‬‬
‫النهي يقتضي التكرار‪ ،‬وعن بعض الشعرية أنه يقتضي الكف عقب لفظ النهي‪.‬‬
‫فتحصلنا فيه على مذاهب‪ :‬يقتضيه مطلقا‪ .‬يقتضيه مرة واحدة‪ .‬ل يقتضيه بل‬
‫يوقف إلى الدليل من خارج‪ ،‬وهو المنقول عن القاضي أبي بكر‪ ،‬واختاره في‬
‫"المحصول"‪ ،‬ويجيء مما سبق في المر مذهب آخر بالتفصيل من أن يرجع‬

‫إلى قطع الواقع فللمرة‪ ،‬كقولك للمتحرك‪ :‬ل تتحرك‪ ،‬وإن رجع إلى اتصال‬
‫الواقع واستدامته فللدوام‪ ،‬كقولك للمتحرك‪ :‬ل تسكن‪.‬‬
‫أما النهي المقيد بشرط أو صفة فالخلف السابق في المر في اقتضائه التكرار‬
‫يأتي هنا‪ ،‬فمن قال‪ :‬النهي ل يقتضي بمجرده التكرار والدوام قال به هاهنا‪.‬‬
‫قال القاضي عبد الوهاب والشيخ أبو إسحاق‪ :‬والصحيح أنه يتكرر وهو آكد من‬
‫مطلقه بخلف المر; لن مطلق النهي التكرار فالمعلق على الشرط أولى‪.‬‬
‫وقال إلكيا الهراسي‪ :‬النهي المقيد بشرط أو صفة ل يقتضي التكرار بخلف‬
‫النهي المطلق; لنه إذا قيده بوصف صار مغلوبا على العتماد مختصا به‪ ،‬فلو‬
‫اقتضى التكرار مع فهم تعدده كان كالمر‪.‬‬
‫وحكى صاحب "الواضح" عن أبي عبد الله البصري أنه فرق بين النهي المعلق‬
‫بشرط‪ ،‬وبين النهي المطلق‪ ،‬فحمل المطلق على التأبيد‪ ،‬وفصل بينه وبين‬
‫المر‪ ،‬وحمل النهي المعلق بشرط على أنه ل يقتضي التكرار سوى بينه وبين‬
‫المر‪ ،‬ومثله بالسيد إذا قال لعبده‪ :‬ل تسقني الماء إذا دخل زيد الدار‪ ،‬فدخل‬
‫زيد دفعة واحدة كفى‪ ،‬ول يجب أن يمنع من سقيه كل دفعة يدخل زيد الدار‪.‬‬
‫مسألة‬
‫إذا قلنا‪ :‬النهي للتحريم فتقدم صيغة المر هل يغيره؟ فيه طريقان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬القطع بأنها ل تغيره‪ ،‬وإن جرى الخلف في المر‪ ،‬وبه قال الستاذ أبو‬
‫إسحاق والغزالي في "المنخول" وحكيا الجماع على ذلك‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬طرد خلف المر‪ ،‬وقد حكى الطريقين ابن فورك‪ ،‬وقال‪ :‬الشبه‬
‫التسوية‪ ،‬ومنع إمام الحرمين الجماع‪ ،‬وطرد الوقف هنا بناء على اعتقاده أن ل‬
‫فرق بينهما‪ ،‬ويمكن الفرق بأن الباحة أحد محامل "افعل" بخلف "ل تفعل"‪.‬‬

‫) ‪(2/158‬‬

‫مسألة‬
‫النهي يقتضي الكف على الفور على المشهور‪ ،‬قالوا‪ :‬ول يتصور مجيء خلف‬
‫المر هنا‪ .‬قال الشيخ أبو حامد‪ :‬إنه يقتضي الفور بل خلف على المذهب‪.‬‬
‫وحكى ابن عقيل الحنبلي عن القاضي أبي بكر أنه يقتضيه‪ ،‬وقال ابن فورك‪:‬‬
‫يجيء الخلف إن قلنا‪ :‬المر يقتضي التكرار بظاهره‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬ل يتكرر‬
‫بظاهره إل بدليل فالقول فيه كالقول في المر وقال المام الرازي‪ :‬إن قلنا‪:‬‬
‫النهي يقتضي التكرار فهو يقتضي الفور وإل فل‪ ،‬ونازعه النقشواني‬
‫والصفهاني‪ ،‬وقال‪ :‬بناء الفور على وجوب التكرار ظاهر‪ ،‬وأما بناء عدم وجوب‬
‫الفور على عدم اقتضاء التكرار فمشكل‪ ،‬لجواز أن ل يقتضي التكرار ويقتضي‬
‫الفور‪.‬‬

‫) ‪(2/159‬‬

‫مسألة‪] :‬النهي عن واحد ل بعينه[‬
‫سبق أن المر بالشيء نهي عن ضده على الصح‪ ،‬وأن النهي عن الشيء أمر‬
‫بضده إن كان له ضد واحد كالصوم في العيدين والفطر‪ ،‬وإن كان له أضداد فهو‬
‫أمر بواحد منها‪ ،‬وسبق في الواجب المخير أن الواجب أحدها ل بعينه‪ ،‬وأما في‬

‫النهي عن واحد ل بعينه نحو ل تكلم زيدا أو عمرا‪ ،‬فإن النهي متعلق بواحد منهما‬
‫ل بعينه فيحرم الجمع بينهما‪ ،‬ويجوز له فعل كل منهما منفردا‪.‬‬
‫وقالت المعتزلة‪ :‬يقتضي النهي عنهما ول يجوز به فعل أحدهما بناء على أن‬
‫"أو" في النهي تقتضي الجمع دون التخيير‪ ،‬فإذا قال‪ :‬ل تكلم زيدا أو عمرا‪،‬‬
‫فعلى مذهبنا يجوز أن يكلم أيهما شاء على النفراد‪ ،‬وعلى قول المعتزلة ل‬
‫يجوز‪.‬‬

‫) ‪(2/159‬‬

‫مسألة‪] :‬الختلف في معنى ل تقم[‬
‫اختلفوا في معنى قولك‪":‬ل تقم" فذهب كثير من المعتزلة إلى أن المعنى ل‬
‫يوجد منك قيام ف "ل" حرف نهي‪ ،‬والمراد نفي المصدر بواسطة إشعار الفعل‬
‫به‪ ،‬واختاره القاضي‪.‬‬

‫) ‪(2/159‬‬

‫مسألة‪] :‬المكلف به في النهي[‬
‫ل خلف في أن المكلف به في المر الفعل‪.‬‬
‫واختلف في المكلف به في النهي هل المكلف به ضد المنهي عنه‪ ،‬أو عدم‬
‫الفعل؟ والول قول أصحابنا‪ ،‬ومعنى "ل تزن" عندهم تلبس ضد من أضداد‬
‫الزنى أي‪ :‬افعل فعل غيره مباحا أي فعل كان‪.‬‬
‫وقال أبو هاشم‪ :‬معناه ل تفعل الزنى من غير تعرض للضد حتى لو خل عن‬
‫المأمور وعن كل ترك له استحق الذم على أنه لم يفعل‪.‬‬
‫قال القاضي‪ :‬ولما باح بهذا خالفه أصحابنا من المعتزلة وقالوا‪ :‬ما زلت منكرا‬
‫على الجبرية إثبات الثواب والعقاب على ما ليس بخلق لهم وليس بفعل لهم‬
‫على التحقيق‪ ،‬ثم صرت إلى ثبوت الذم من غير إقدام على فعل‪ .‬وسمي بهذه‬
‫المسألة أبو هاشم الذمي حيث إنه علق بالذم المعدوم‪ ،‬وهذا يهدم جملة‬
‫قواعده في التعديل والتجويز‪.‬‬
‫ومنشأ الخلف في هذه المسألة أن النظر هل هو إلى صورة اللفظ فليس فيه‬
‫إل العدم؟ فإذا قال‪ :‬ل تتحرك‪ ،‬فعدم الحركة هو متعلق النهي‪ ،‬أو يلحظ أن‬
‫الطلب إنما وضع لما هو مقدور مما ليس بمقدور‪ ،‬ول يطلب عدمه‪ ،‬والعدم‬
‫نفي صرف‪ ،‬فل يكون مقدورا‪ ،‬فل يتعلق به طلب‪ ،‬فتعين تعلق الطلب بالضد‪.‬‬
‫فالجمهور لحظوا المعنى وأبو هاشم لحظ اللفظ‪ ،‬والمعنى أتم في العتبار من‬
‫صورة اللفظ‪ .‬ونقل التبريزي عن الغزالي موافقة أبي هاشم‪ ،‬وهو معذور في‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه قال في "المنخول" قبيل باب العموم‪ :‬وأما التروك فعبارة عن‬
‫أضداد الواجبات‪ ،‬كالقعود عند المر بالقيام‪ ،‬ثم بعض ترك القيام ل بالقعود‪،‬‬
‫ووافقنا عليه أبو هاشم الذمي من حيث إنه علق الذم بالمعدوم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا النقل عن أبي هاشم مردود‪ ،‬فإن من أمر بالقيام فلم يمتثل‪ ،‬عصى عنده‬
‫لكونه لم يفعل القيام ل لكونه فعل الترك‪ ،‬وكونه لم يفعل نفي ل حقيقة له‪،‬‬
‫وعليه‬

‫) ‪(2/160‬‬

‫يذم‪ ،‬ولهذا سمي الذمي‪.‬‬
‫وظاهر كلمه في "المستصفى" في هذه المسألة التفصيل بين الترك المجرد‬
‫المقصود لنفسه من غير أن يقصد معه ضده بالمكلف فيه بالفعل كالصوم‪،‬‬
‫فالكف منه مقصود‪ ،‬ولهذا وجب فيه النية وبين الترك المقصود من جهة إيقاع‬
‫ضده كالزنا والشرب فالمكلف فيه بالضد‪.‬وتبعه العبدري في شرحه‪ .‬قال‪:‬‬
‫ومنشأ الخلف هل الترك مقدور للعبد فيصح التكليف كالفعل أم ل؟ قال‪ :‬وهي‬
‫حينئذ كلمية فكان ينبغي تقديم البحث في أنه مقدو