PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 013
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
خبطها بحيث يؤذى قشورها .قال أصحابنا :قال الشافعي
في القديم :يجوز أخذ الورق من شجر الحرم وقطع
الغأصان الصغار للسواك وقال في الملء :ل يجوز ذلك
قال أصحابنا :ليست على قولين بل على حالين فالموضع
الذي قال .يجوز أراد إذا لقط الورق بيده وكسر الغأصان
الصغار بيده بحيث ل تتأذى نفس الشجرة ،والموضع الذي
قال ل يجوز أراد إذا خبط الشجرة حتى تساقط الورق
وتكسرت الغأصان ،لن ذلك يضر بالشجرة هكذا ذكر هذا
التأويل للحصر والجمع بينهما الشيخ أبو حامد في تعليقه
وأبو علي البندنيجي والمحاملي في كتابيه المجموع و
التجريد ،وآخرون ،ونقله صاحب البيان عن الصحاب والله
أعلم .واتفق أصحابنا على جأواز أخذ ثمار شجر الحرم ،وإن
كانت أشجارا مباحة كالراك ،ويقال لثمرة الراك الكباث
بكاف مفتوحة ثم باء موحدة مخففة ثم ثاء مثلثة واتفقوا
على أخذ عود السواك ونحوه ،وسبق في الباب الماضي
الفرق بين أخذ الوراق وأخذ شعر الصيد ،فإنه مضمون ،
لن أخذه يضر الحيوان في الحر والبرد .فرع :هل يعم
التحريم والضمان ما ينبت من الشجار بنفسه وما يستنبت
أم يختص بما نبت بنفسه فيه طريقان حكاهما الشيخ أبو
حامد وأبو على البندنيجي وآخرون أصحهما :وأشهرهما
على قولين ،وبهذا قطع المصنف والجمهور وأصح :
القولين عند المصنف وسائر العراقيين والجمهور من
غأيرهم التعميم والثاني :التخصيص ،وبه قطع إمام
الحرمين .والغزالي والطريق الثاني :القطع بالتعميم وهو
الذي اختاره الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في
تعليقهما وآخرون ،قال أبو حامد :وشجر الحرم حرام سواء
نبت بنفسه أو أنبته آدمي .قال :وحكم بعض أصحابنا عن
الشافعي أنه قال :إنما يحرم ما نبت بنفسه دون ما أنبته
آدمي .قال أبو حامد :وإنما أخذ هذا من قول الشافعي في
الملء :ولو قطع شجرة من شجر الحرم فعليه الجزاء إذا
كان ل مالك له فمفهومه أنه إذا كان له مالك فل جأزاء .قال
أبو حامد :وهذا ليس بشىء لنه إنما خص الشجر الذي ل
مالك له فتبين أن الواجأب فيه الجزاء فقط ،ولم يذكر ماله
مالك لن فيه الجزاء أو القيمة .هذا كلم أبي حامد ،وقطع
الماسرجأسي والدارمي والماوردي بأن ما زرعه الدمي من
التمر كالعنب والنخل والتفاح والتين ونحوها فل ضمان فيه
،ول يحرم قطعه ،وأنكر القاضي أبو الطيب في المجرد هذا
عليهم ،وقال :هذا خلف نص الشافعي ،وخلف قول أكثر
أصحابنا ،فإن التحريم والضمان عام في الجميع ،وهكذا
نقل أبو علي البندنيجي عن نص الشافعي في عامة كتبه أنه
يجب الضمان في شجر السفرجأل والتفاح ،وسائر ما أنبته
الرض من الثمار
____________________
) (7/379
فالحاصل أن المذهب التعميم ،فإذا قلنا بالضعيف وهو
التخصيص ،زيد في الضابط الذي قدمناه قيد آخر ،وهو كون
الشجر مما ينبت بنفسه ،وعلى هذا القول يحرم الراك
والطرفا وغأيرهما من أشجار البوادي ،دون التين والعنب
والتفاح والصنوبر وسائر ما ينبته الدمي ،سواء كان مثمرا
كما ذكرنا أو غأيره ،كالخلف .وأدرج إمام الحرمين في هذا
القسم العوسج .وأنكر الصحاب ذلك عليه لنه ذو شوك ،
وقد سبق اتفاق الجمهور على أن ماله شوك ل يحرم ول
ضمان فيه .وعلى القول الضعيف ،وهو التخصيص لو نبت
ما يستنبت أو عكسه فوجأهان الصحيح :الذي قطع به
الجمهور أن العتبار بالجنس ،فيجب الضمان في الثاني
دون الول والثاني :وهو قول أبي العباس بن القاص في
التلخيص أن العتبار بالقصد ،فينعكس الحكم وإن قلنا
بالمذهب وهو التعميم ،فجميع الشجر حرام سواء ما نبت
بنفسه وما أنبته آدمي ،والمثمر وغأيره ،إل العوسج وسائر
شجر الشوك .وكذا ما قطع من الحل ،وغأرس في الحرم ،
فإنه ل يحرم كما سبق والله أعلم قال صاحب البيان :صورة
مسألة الخلف فيما أنبته الدمي أن يأخذ غأصنا من شجرة
حرمية فيغرسه في موضع من الحرم أما إذا أخذ شجرة أو
غأصنا من الحل فغرسه في الحرم ثم قلعها هو أو غأيره فل
شىء عليه بل خلف كما سبق .فرع :لو انتشرت أغأصان
شجرة حرمية ومنعت الناس الطريق ،أو آذتهم ،جأاز قطع
المؤذى منها .هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ،وممن
قطع به أبو الحسن بن المرزبان ،والقاضي أبو الطيب في
كتابه المجرد ،والروياني وآخرون ،وحكاه الدارمي عن ابن
المرزبان ثم قال :ويحتمل عندي الضمان .فرع :قال
الشافعي والصحاب حيث وجأب ضمان الشجر ،فإن كانت
شجرة كبيرة ضمنها ببقرة ،وإن شاء ببدنة ،وما دونها بشاة
.قال إمام الحرمين وغأيره :والمضمونة بشاة ما كانت
قريبة من سبع الكبيرة ،فإن صغرت جأدا فالواجأب القيمة .
قال أصحابنا :ثم البقرة والشاة والقيمة .على التعديل
والتخيير كالصيد ،فإن شاء أخرج البقرة فذبحها وفرق
لحمها ،وإن شاء قومها دراهم وأخرج بقيمتها طعاما ،وإن
شاء صام عن كل مد يوما إل أن يكون المتلف كافرا فإنه ل
يدخل ذلك صيامه كما سبق والله أعلم .قال الشيخ أبو حامد
:الدوحة هي الشجرة الكبيرة ذات الغأصان ،والجزلة التي
ل أغأصان لها ،وأطلق أكثر الصحاب أن الجزلة هي الصغيرة
.الضرب الثاني :من نبات الحرم غأير الشجر ،وهو نوعان
أحدهما :ما زرعه الدمي كالحنطة والشعير والذرة
والقطفرة والبقول
____________________
) (7/380
والخضراوات فيجوز لمالكه قطعه ول جأزاء عليه ،وإن قطعه
غأيره فعليه قيمته لمالكه ،ول شىء عليه للمساكين ،وهذا
ل خلف فيه ،صرح به الماوردي وابن الصباغ وصاحب البيان
وآخرون النوع الثاني :ما لم ينبته الدمي وهو أربعة أصناف
الول :الذخر ،وهو مباح ،فيجوز قلعه وقطعه بل خلف
لحديث ابن عباس ،ولعموم الحاجأة إليه والثاني :الشوك
فيجوز قطعه وقلعه كما سبق في العوسج وشجر الشوك ،
وممن صرح به هنا الماوردي الثالث :ما كان دواء كالسنا
ونحوه ،وفيه طريقان .أحدهما :القطع بجوازه لنه مما
يحتاج إليه ،فألحق بالذخر ،وقد أباح النبي صلى الله عليه
وسلم الذخر للحاجأة وهذا في معناه .وممن جأزم بهذا
الطريق الماوردي .والطريق الثاني :فيه وجأهان أصحهما :
الجواز والثاني :المنع .وممن حكى هذا الطريق الشيخ أبو
على السنجي في شرح التلخيص ،وإمام الحرمين والبغوي
وآخرون ،لكن خص هؤلء الخلف بما إذا احتاج إلى ذلك
للدواء ،ولم يخصه الماوردي بل عممه وجأعله مباحا مطلقا
كالذخر الرابع :الكل ،فيحرم قطعه وقلعه إن كان رطبا ،
فإن قلعه لزمته القيمة وهو مخير بين إخراجأها طعاما
والصيام كما سبق في الشجرة والصيد .هذا إذا لم يخلف
المقلع فإن أخلف فل ضمان على الصحيح ،وبه قطع
المصنف والجمهور ،لن الغالب هنا الخلف ،فهو كسن
الصبي ،فإنها إذا قلعت فنبتت فل ضمان قول واحدا هكذا
ذكر الصحاب في الطريقتين الحكم والدليل .وشذ عنهم
القاضي أبو الطيب فقال في تعليقه :إذا قطع الحشيش ثم
نبت ضمنه قول واحدا ،ول يكون على القولين في الغصن
إذا عاد ،قال :والفرق أن الحشيش يخلف في العادة ،فلو
أسقطنا الضمان عن قاطعه بعوده أدى ذلك إلى الغأراء
بقطعه بخلف الغصن ،فإنه قد يعود وقد ل يعود ،هذا كلم
القاضي في تعليقه ،وجأزم هو في كتابه المجرد بسقوط
الضمان إذا نبت الحشيش كما قاله الصحاب وهو المذهب .
هذا إذا عاد كما كان فإن عاد ناقصا ضمن ما نقص بل خلف
والله أعلم .هذا كله في غأير اليابس أما اليابس فقال
البغوي :إن كان قطعه فل شىء عليه ،كما سبق في الشجر
اليابس ،وإن قلعه لزمه الضمان ،لنه لو لم يقلعه عليه
الرافعي .وقال الماوردي :إذا جأف الحشيش ومات جأاز
قلعه وأخذه ،وهذا ل يخالف قول البغوي ،إن القلع يوجأب
الضمان فيما إذا كان اليابس لم يمت ،بل هو مما ينبت لول
القلع ولم يفسد أصله ،وقول الماوردي :إنما هو فيما مات
،ول يرجأى نباته لو بقي والله أعلم .واتفق أصحابنا على
جأواز تسريح البهائم في كل الحرم لترعى ،واستدلوا بحديث
ابن عباس قال :أقبلت راكبا على أتان فوجأدت النبي صلى
الله عليه وسلم يصلي بالناس
____________________
) (7/381
بمنى إلى غأير جأدار ،فدخلت في الصف وأرسلت التان
يرتع رواه البخاري ومسلم ،ومنى من الحرم .ولو أخذ الكل
لعلف البهائم ففي جأوازه وجأهان ،حكاهما الشيخ أبو علي
السنجي في شرح التلخيص .وإمام الحرمين والبغوي
والرافعي وآخرون أحدهما :التحريم ووجأوب الضمان ،
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :ول يختلى خلها والثاني
:الجواز ول ضمان قال الرافعي :وهو الصح كما لو أرسل
دابته ترعى ،ولن تحريم الحتشاش إنما كان لتوفير الكل
للبهائم والصيود وقال المام :وهذا القائل يقول :إنما
يحرم الختل والحتشاش للبيع وغأيره من الغأراض ،سوى
العلف ،والله أعلم .فرع :قال أهل اللغة :العشب والخل
مقصور اسم للرطب ،والحشيش اسم لليابس .وقد ذكر
ابن مكي وغأيره في لحن العوام إطلقهم الحشيش على
الرطب ،قالوا :والصواب اختصاص الحشيش باليابس ،
قالوا :والكل مهموز يقع على الرطب واليابس وهذا يصح
على المجاز ،فسمى الرطب حشيشا باسم ما يئول إليه
لكونه أقرب إلى افهام أهل العرف ،والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يجوز إخراج تراب الحرم
وأحجاره ،لما روى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله
عنهما أنهما كانا يكرهان أن يخرج من تراب الحرم إلى الحل
،أو يدخل من تراب الحل إلى الحرم .وروى عبد العلى بن
عبد الله ابن عامر قال :قدمت مع أمي أو مع جأدتي مكة
فأتينا صفية بنت شيبة ،فأرسلت إلى الصفا فقطعت حجرا
من جأنابة فخرجأنا به ،فنزلنا أول منزل ،فذكر من علتهم
جأميعا ،فقالت أمي أو جأدتي :ما أرانا أتينا إل أنا أخرجأنا
هذه القطعة من الحرم ،قال :وكنت أنا أمثلهم ،فقالت لي
:انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها ،وقل لها :إن الله
عز وجأل وضع في حرمه شيئا ل ينبغي أن يخرج منه ،قال
عبد العلى :فما هو إل أن نحينا ذلك فكأنما أنشطنا من
عقال ويجوز إخراج ماء زمزم ،لما روى أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم استهدى راوية من ماء زمزم ،فبعث إليه
براوية من ماء ،ولن الماء يستخلف بخلف التراب والحجار
(1) .
____________________
-1الشرح :أما حديث ماء زمزم فروى البيهقي بإسناده عن
ابن عباس رضي الله عنه قال
) (7/382
استهدى النبي صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو من
ماء زمزم وبإسناده عن جأابر رضي الله عنه قال :أرسلني
صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يفتح مكة إلى
سهل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ول تترك ،فبعث
إليه بمزادتين وعن عروة بن الزبين أن عائشة رضي الله
عنها كانت تحمل ماء زمزم ،وتخبر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يفعله رواه الترمذي وقال :حديث حسن
السناد ورواه البيهقي هكذا ثم قال :وفي رواية :حمله
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الداوى والقرب ،
وكان يصب على المرضى ويسقيهم .وأما تراب الحرم
وأحجاره فروى الشافعي والبيهقي عن ابن عباس وابن
عمر أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل
شىء وأما حديث عبد العلى الذي ذكره المصنف فرواه
الشافعي والبيهقي بلفظ يخالف رواية المصنف ،فلفظهما
عن عبد العلى قال :قدمت مع أمي ،أو قال جأدتي فأتتها
صفية بنت شيبة فأكرمتها ،وفعلت بها قالت صفية :ما
أدري ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجأنا
بها ،فنزلنا أول منزل ،فذكرنا من مرضهم وعلتهم جأميعا
قال فقالت أمي أو جأدتي ما أرانا أتينا إل أنا أخرجأنا هذه
القطعة من الحرم ،فقالت لي وكنت أمثلهم انطلق بهذه
القطعة إلى صفية فردها ،وقل لها :إن الله تعالى قد وضع
في حرمه شيئا فل ينبغي أن يخرج منه قال عبد العلى :
فقالوا لي :فما هو إل أن نجينا بدخولك الحرم ،فكأنما
أنشطنا من عقل هذا لفظ رواية الشافعي والبيهقي
وغأيرهما .وذكر أبو الوليد الزرقي في كتاب مكة في مضل
الحجر السود أنها أعطتهم قطعة من الحجر السود ،كانت
عندها أصابتها حين اقتلع الحجر في زمن ابن الزبير ،حين
حاصر الحجاج ،وهذامعنى رواية الشافعي قطعة من الركن
أي الركن السود ،والمراد الحجر السود والله أعلم وعبد
العلى هذا تابعي قريشي وأما صفية هذه في صحابية
قريشية عبدرية وهي صفية بنت شيبه الصحابي ،حاجأب
الكعبة ،وهو شيبة بن عثمان بن طلحة ابن أبي طلحة .
واسم طلحة هذا عبد الله بن عثمان بن عبد الدار بن قصي ،
قالت صفية :رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلم
الركن بمحجن رواه أبو داود ،ولها في الصحيحين خمسة
أحاديث عن عائشة .
____________________
) (7/383
أما الحكام :ففيه مسائل إحداها :اتفقت نصوص
الشافعي والصحاب على جأواز نقل ماء زمزم إلى جأميع
البلد ،واستحباب أخذه للتبرك ،ودليله ما ذكره المصنف مع
ما ذكرته الثانية :اتفقوا على أن الولى أن ل يدخل تراب
الحل وأحجاره الحرم ،لئل يحدث لها حرمة لم تكن ،ول
يقال :إنه مكروه ،لنه لم يرد فيه نهى صحيح صريح ،وأما
قول صاحب البيان :قال الشيخ أبو إسحاق :ل يجوز إدخال
شىء من تراب الحل وأحجاره إلى الحرم فغلط منه ،ولم
يذكر الشيخ أبو إسحاق هذا الذي ادعاه الثالثة :قال
المصنف ل يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره إلى الحل ،هذه
عبارة المصنف ،وكذا قال المحاملي في كتابيه المجموع و
التجريد :ل يجوز إخراجأهما ،وتابعهما صاحب البيان في
هذه العبارة ،وقال صاحب الحاوي :يمنع من إخراجأهما ،
وقال الدارمي :ل يخرجأهما ،وقال كثيرون ،أو الكثرون
من أصحابنا :يكره إخراجأهما ،فأطلقوا لفظ الكراهية .
ممن قال يكره :الشيخ أبو حامد في تعليقه ،وأبو علي
البندنيجي ،والقاضي حسين والبغوي والمتولي وصاحب
العدة والرافعي وآخرون .وقال القاضي أبو الطيب في
كتابه المجرد :قال الشافعي في الجامع الكبير ول أجأيز في
أن يخرج من حجارة الحرم وترابه شيئا إلى الحل ،لن له
حرمة قال :وقال في القديم :ثم أكره إخراجأهما ،قال
الشافعي :ورخص بعض الناس في ذلك ،واحتج بشراء
البرام من مكة ،قال الشافعي :هذا غألط فإن البرام ليست
من حجارة الحرم ،بل تحمل من مسيرة يومين أو ثلثة من
الحرم .هذا نقل القاضي .وهكذا نقل الصحاب عن
الشافعي نحو هذا فحصل خلف للصحاب في أن إخراجأهما
مكروه أو حرم ،قال المحاملي وغأيره :فإن أخرجأه فل
ضمان ،قال الماوردي وغأيره :وإذا أخرجأه فعليه رده إلى
الحرم قال الشيخ في موضع آخر ،وهو آخر الحج من تعلقيه
:ذكر الشافعي هذه المسألة في المالي القديمة ،وعللها
بأن الحرم بقعة تخالف سائر البقاع ،ولها شرف على غأيرها
بدليل اختصاص النسكين بها ووجأوب الجزاء في صيدها فل
تفوت هذه الحرمة لترابها ،والله أعلم .فرع :في حكم
سترة الكعبة ،قال صاحب التلخيص :ل يجوز بيع أستار
الكعبة ،وكذا قال أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا :ل
يجوز قطع أستار الكعبة ،ول قطع شىء من ذلك ،قال ول
يجوز نقله ول بيعه وشراؤه ،خلف ما يفعله العامة :
يشترونها من بني شيبة ،وربما وضعوه في أوراق
المصاحف ،قال :ومن حمل منه شيئا لزمه رده .وحكى
الرافعي قول ابن عبدان وسكت عليه ولم يذكر غأيره ،فكأنه
ارتضاه ووافقه عليه ،وكذا قال
____________________
) (7/384
أبو عبد الله الحليمي من أئمة أصحابنا :ل ينبغي أن يؤخذ
منها شىء ،وحكى الشيخ أبو عمرو بن الصلح قول
الحليمي وابن عبدان ثم قال :المر فيها إلى المام
يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء ،واحتج
بما رواه الزرقي صاحب كتاب مكة ،أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه كان ينزع كسوة البيت كل سنة ،فيقسمها
على الحاج ،وهذا الذي اختاره الشيخ أبو عمرو حسن متعين
،لئل يؤدي إلى تلفها بطول الزمان .وقد روى الزرقي عن
عمر رضي الله عنه ما سبق ،وروى الزرقي أيضا عن ابن
عباس وعائشة رضي الله عنهما أنهما قال :تباع كسوتها
ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل ،قال
ابن عباس وعائشة وأم سلمة :ل بأس أن يلبس كسوتها من
صارت إليه من حائض وجأنب وغأيرهما ،والله علم .فرع :ل
يجوز أخذ شىء من طيب الكعبة ل للتبرك ول لغيره ،ومن
أخذ شيئا منه لزمه رده إليها ،فإن أراد التبرك أتى بطيب
من عنده فمسحها به ثم أخذه ،والله أعلم .فرع :مهم في
بيان حدود حرم مكة الذي يحرم فيه الصيد والنبات ،ويمنع
أخذ ترابه وأحجاره ،وبيان ما يتعلق به من الحكام وما
يخالف فيه غأيره من الرض ،وفيه مسائل إحداها :في
حدود الحرم ،وقد ذكرها المصنف في أواخر كتاب الجزية
مختصرة والله أعلم أن الحرم هو مكة ،وما أحاط بها من
جأوانبها جأعل الله تعالى لها حكمها في الحرمة تشريفا لها ،
ومعرفة حدود الحرم من أهم ما يعتني به لكثرة ما يتعلق به
من الحكام وقد اجأتهدت في إيضاحه وتتبع كلم الئمة في
اتقانه على أكمل وجأوهه بحمد الله تعالى ،فحد الحرم من
جأهة المدينة دون التنعيم عند بيوت بني نفار ،على ثلثة
أميال من مكة ،ومن طريق اليمن ،طرف اضاة لبن على
سبعة أميال من مكة ،ومن طريق الطائف على عرفات من
بطن نمرة على سبعة أميال ،ومن طريق العراق على ثنية
جأبل بالمقطع على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة في
شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال ،ومن طريق
جأدة منقطع العشاش على عشرة أميال من مكة .هكذا ذكر
هذه الحدود أبو الوليد الزرقي في كتاب مكة ،وأبو الوليد
هذا أحد أصحاب الشافعي الخذين عنه ،الذين رووا عنه
الحديث والفقه .وكذا ذكر هذه الحدود الماوردي صاحب
الحاوي في كتابه الحكام السلطانية وكذا ذكرها المصنف
وأصحابنا في كتب المذهب ،إل أن عبارة بعضهم أوضح من
بعض ،لكن الزرقي قال في حده من طريق الطائف أحد
عشرة ميل ،والذي قاله الجمهور سبعة فقط ،بتقديم
السين على الباء ،وفي هذه الحدود ألفاظ غأريبة ينبغي
ضبطها فقولهم :بيوت نفار هو
____________________
) (7/385
بكسر النون وبالفاء وقولهم أضاة لبن بفتح الهمزة وبالضاد
المعجمة على وزن القناة ،وهي مستنقع الماء وأما لبن
فبلم مكسورة ثم باء موحدة ساكنة كذا ضبطها المام
الحافظ أبو بكر الحازمي المتأخر في كتابه المؤتلف
والمختلف في أسماء الماكن وقولهم :العشاش هو بفتح
الهمزة وبشينين معجمتين جأمع عش وقولهم :في جأدة من
جأهة الجعرانة تسعة أميال هو بتقديم التاى على السين وأما
الحدود الثلثة الباقية فإنها بتقديم السين .وأعلم أن الحرم
عليه عاملت منصوبة في جأميع جأوانبه ذكر الزرقي وغأيره
بأسانيدهم أن إبراهيم الخليل عليه السلم علمها ،ونصب
العلمات فيها وكان جأبريل عليه السلم يريه مواضعها ،ثم
أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بتحديدها ثم عمر ثم عثمان
ثم معاوية رضي الله عنهم ،وهي إلى الن بينة ولله الحمد
قال الزرقي في آخر كتاب مكة :أنصاب الحرم التي على
رأس الثنية ما كان من وجأوهها في هذا الشق فهو حرم ،
وما كان في ظهرها فهو حل قال :وبعض العشاش في
الحل وبعضه في الحرم .المسألة الثانية :حكى الماوردي
خلفا للعلماء في أن مكة مع حرمتها هل صارت حرما آمنا
بقول إبراهيم عليه السلم أم كانت قبله كذلك فمنهم من
قال :لم تزل حرما ،ومنهم من قال :كانت مكة حلل قبل
دعوة إبراهيم عليه السلم كسائر البلد ،وإنما صارت حرما
بدعوته ،كما صارت المدينة حرما بتحريم النبي صلى الله
عليه وسلم بعد أن كانت حلل واحتج هؤلء بحديث أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال في جأملة حديث طويل :اللهم إن إبراهيم حرم مكة
فجعلها حراما ،وإني حرمت المدينة حراما مأزميها أن ل
يراق فيها دم ،ول يحمل فيها سلح لقتال ،ول يخبط فيها
شجرة إل لعلف رواه مسلم في آخر كتاب الحج من صحيحه ،
وفي رواية لمسلم عن أبي سعيد أيضا أنه سمع النبي صلى
الله عليه وسلم يقول :إني حرمت ما بين لبتي المدينة كما
حرم إبراهيم مكة وعن جأابر رضي الله عنه قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن إبراهيم حرم مكة ،
وإني حرمت المدينة ،ما بين لبتيها ل يعضد غأضاهها ول
يصاد صيدها رواه مسلم .وعن أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال :اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم
المدينة ،وما بين لبتيها رواه البخاري ومسلم هذا
____________________
) (7/386
لفظ البخاري ،ولفظ مسلم ،وفي رواية للبخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم لما أشرف على المدينة قال :اللهم
إني أحرم ما بين جأبليها ،مثل ما حرم به إبراهيم مكة .وعن
رافع بن خديج قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لبتيها ،يريد المدينة
رواه مسلم ،وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لهلها
،وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ،وإني دعوت
في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لهل مكة رواه
البخاري ومسلم .واحتج القائلون بأن تحريمها لم يزل من
حين خلق الله السموات والرض بحديث ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة :هذا بلد حرمه الله
تعالى يوم خلق السموات والرض ،وهو حرام بحرمة الله
إلى يوم القيامة رواه البخاري ومسلم وعن أبي شريح
الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:إن مكة حرمها الله ،ولم يحرمها الناس رواه البخاري
ومسلم ،ومن قال بهذا أجأاب عن الحاديث السابقة بأن
إبراهيم عليه السلم أظهر تحريمها بعد أن كان خفيا
مهجورا ل يعلم ،ل أنه ابتدأه ،ومن قال بالمذهب الول
أجأاب عن حديث ابن عباس بأن المراد أن الله تعالى كتب
في اللوح المحفوظ أو غأيره أن مكة سيحرمها إبراهيم ،أو
أظهر ذلك للملئكة والصح :من القولين أنها ما زالت
محرمة من حين خلق الله تعالى السموات والرض والله
أعلم .المسألة الثالثة :مذهبنا أنه يجوز بيع دور مكة
وإجأاراتها وسائر المعاملت عليها ،وكذا سائر الحرم كما
يجوز في غأيرها ،وستأتي المسألة مبسوطة بدلئلها
وفروعها ،حيث ذكرها الصحاب في آخر باب ما يجوز بيعه
إن شاء الله تعالى .الرابعة :مذهبنا أن النبي صلى الله
عليه وسلم فتح مكة صلحا ل عنوة ،لكن دخلها صلى الله
عليه وسلم متأهبا للقتال خوفا من غأدر أهلها وستأتي
المسألة بدلئلها وفروعها حيث ذكرها المصنف في كتاب
السير والغنائم إن شاء الله تعالى .
____________________
) (7/387
الخامسة :مذهبنا جأواز إقامة الحدود والقصاص في الحرم ،
سواء كان قتل أو قطعا ،سواء كانت الجناية في الحرم أو
خارجأه ،ثم لجأ إليه وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث
ذكرها المصنف في آخر باب استيفاء القصاص إن شاء الله
تعالى .السادسة :في الحكام التي يخالف الحرم فيها
غأيره من البلد ،وهي كثيرة ،نذكر منها أطرافا أحدها :أنه
ينبغي أن ل يدخله أحد إل بإحرام ،وهل ذلك واجأب أم
مستحب فيه خلف سبق الصح :مستحق الثاني :يحرم
صيده على جأميع الناس حتى أهل الحرم والمحلين الثالث :
يحرم شجره وخلفه الرابع :منع إخراج ترابه وأحجاره ،
وهل هو منع كراهة أو تحريم فيه الخلف السابق الخامس :
أنه يمنع كل كافر من دخوله مقيما كان أو مارا هذا مذهبنا
ومذهب الجمهور ،وجأوزه أبو حنيفة ما لم يستوطنه ،
وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث ذكرها المصنف في
كتاب الجزية إن شاء الله تعالى السادس :ل تحل لقطته
لمتملك ،ول تحل إل لمنشد ،هذا هو المذهب ،وفيه وجأه
ضعيف السابع :تغليظ الدية بالقتل فيه الثامن :تحريم
دفن المشرك فيه ويجب نبشه منه التاسع :تخصيص ذبح
دماء الجزاءات في الحج والهدايا العاشر :ل دم على
المتمتع والقارن إذا كان من أهل الحادي عشر :ل يكره
صلة النفل التي ل سبب لها في وقت من الوقات في
الحرم سواء في مكة وسائر الحرم ،وفيما عدا مكة وجأه شاذ
سبق بيانه في بابه .الثاني عشر :إذا نذر قصده لزمه
الذهاب إليه بحج أو عمرة ،بخلف غأيره من المساجأد فإنه ل
يجب الذهاب إليه إذا نذره ،إل مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم والمسجد القصى على أحد القولين فيهما .
الثالث عشر :إذا نذر النحر وحده بمكة لزمه النحر بها ،
وتفرقة اللحم على مساكين الحرم ،ولو نذر ذلك في بلد
آخر لم ينعقد نذره في أصح الوجأهين الرابع عشر :يحرم
استقبال الكعبة واستدبارها بالبول والغائط في الصحراء
الخامس عشر :تضعيف الجأر في الصلوات بالمسجد الحرام
،وكذا سائر الطاعات السادس عشر :يستحب لهل مكة أن
يصلوا العيد في المسجد الحرام وأما غأيرهم فهل الفضل
صلتهم في مسجدهم أم في الصحراء فيه خلف سبق في
باب صلة العيد السابع عشر :ل يجوز إحرام المقيم في
الحرم بالحج خارجأه .المسألة السابعة :مكة عندنا أفضل
الرض ،وبه قال علماء مكة والكوفة وابن وهب وابن حبيب
المالكيان وجأمهور العلماء قال العبدري :هو قول أكثر
الفقهاء ،وهو مذهب أحمد في أصح الروايتين عنه وقال
مالك وجأماعة :المدينة أفضل وأجأمعوا على أن مكة
____________________
) (7/388
والمدينة أفضل الرض ،وإنما اختلفوا في أيهما أفضل ،
دليلنا حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه
سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته
بمكة يقول لمكة :والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض إلى
الله ولول أني أخرجأت منك ما خرجأت رواه الترمذي
والنسائي وغأيرهما ،ذكره الترمذي في جأامعه في كتاب
المناقب وقال :هذا حديث حسن صحيح وسنزيد المسألة
بسطا وإيضاحا إن شاء الله تعالى حيث ذكرها المصنف في
كتاب النذر ،فيمن نذر الهدى إلى أفضل البلد .وعن ابن
الزبير قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة في
مسجدي هذا أفضل من ألف صلة فيما سواه من المساجأد
إل المسجد الحرام وصلة في المسجد الحرام أفضل من
مائة صلة في مسجدي حديث حسن رواه أحمد في مسنده
والبيهقي مسلم إجأماع المسلمين على أن موضع قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الرض ،وأن
الخلف فيما سواه .الثامنة :يكره حمل السلح بمكة لغير
حاجأة .لحديث جأابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ل
يحل أن يحمل السلح بمكة رواه مسلم .التاسعة :قال
أصحابنا :من فروض الكفاية أن تحج الكعبة في كل سنة فل
تعطل وليس لعدد المحصلين لهذا الغرض قدر متعين ،بل
الغرض وجأود حجها كل سنة من بعض المكلفين ،وستأتي
المسألة مبسوطة في أول كتاب السير حيث ذكر الشافعي
والمزني والصحاب فروض الكفاية إن شاء الله تعالى .
العاشرة :عن أبي ذر رضي الله عنه قال :سألت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الرض
قال :المسجد الحرام ،قلت :ثم أي قال :المسجد القصى
قلت :كم بينهما قال أربعون عاما رواه البخاري ومسلم .
____________________
) (7/389
الحادية عشر :قال الماوردي في الحكام السلطانية في
خصائص الحرم :ل يحارب أهله فإن بغوا على أهل العدل
فقد قال بعض الفقهاء :يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى
يرجأعوا عن البغي ،ويدخلوا في أحكام أهل العدل ،قال :
وقال جأمهور الفقهاء :يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن
ردهم عن البغي إل بالقتال ،لن قتال البغاة من حقوق الله
تعالى التي ل تجوز إضاعتها ،فحفظها في الحرم أولى من
إضاعتها .هذا كلم الماوردي ،وهذا الذي نقله عن أكثر
الفقهاء هو الصواب ،وقد نص عليه الشافعي في كتاب
اختلف الحديث من كتب الم ونص عليه الشافعي في آخر
كتابه المسمى بسير الواقدي من كتب الم .وقال القفال
المروزي ،في كتابه شرح التلخيص في أول كتاب النكاح
في ذكر الخصائص :ل يجوز القتال بمكة ،قال :حتى لو
تحصن جأماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها ،وهذا
الذي قاله القفال غألط نبهت عليه لئل يغتر به .فإن قيل :
فقد ثبت عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بعد يوم فتح مكة
يقول :إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ،ول يحل
لمرىء يؤمن بالله واليوم الخر أن يسفك بها دما ،ول
يعضد بها شجرة ،فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فيها فقولوا له :إن الله قد أذن لرسوله ،
ولم يأذن لكم ،وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت
اليوم كحرمتها بالمس ،وليبلغ الشاهد الغائب رواه البخاري
ومسلم .وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بمعناه في تحريم
القتال بمكة ،وأنها لم يحل القتال بها إل ساعة للنبي صلى
الله عليه وسلم فالجواب :أن معنى الحديث تحريم نصب
القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغأيره ،إذا أمكن
إصلح الحال بدون ذلك ،بخلف ما إذا تحصن كفار في بلد
تحصن كفار في بلد آخر ،فإنه يجوز قتالهم على كل وجأه
بكل شىء ،وقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا
التأويل في آخر كتابه المعروف بسير الواقدي من كتب الم
والله أعلم .الثانية عشرة :سدانة الكعبة وحجابتها هي
وليتها وخدمتها وفتحها وإغألقها ونحو ذلك ،وهذا حق
مستحق لبني طلحة الحجبيين من بني عبد الدار بن قصى ،
اتفق العلماء على هذا ،وممن نقله عن العلماء القاضي
عياض في أواخر كتاب الحج من شرح صحيح مسلم ،وذكرته
أنا هناك في شرح صحيح مسلم ،وأوضحته بدليله ،قال
العلماء فهي ولية لهم عليها من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فتبقى دائمة أبدا ولهم ولذرياتهم ،ل تحل لحد
منازعتهم فيها
____________________
) (7/390
ما داموا موجأودين صالحين لذلك ،وقد ثبت في الصحيح أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :كل مأثرة كانت في
الجاهلية فهي تحت قدمي إل سقاية الحاج وسدانة البيت .
فرع :ذكر العلماء أن الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات
إحداها :بنتها الملئكة قبل آدم ،وحجها آدم فمن بعده من
النبياء صلوات الله وسلمه عليهم الثانية :بناها إبراهيم
صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى } :وإذ بوأنا لبراهيم
مكان البيت { وقال تعالى } :وإذ يرفع إبراهيم القواعد
من البيت { الية الثالثة :بنتها قريش في الجاهلية وحضر
النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء قبل النبوة ،ثبت ذلك
في الصحيحين ،وكان له صلى الله عليه وسلم حينئذ خمس
وعشرون سنة ،وقيل :خمس وثلثون الرابعة :بناها ابن
الزبير ثبت ذلك في الصحيحين الخامسة :بناها الحجاج بن
يوسف في خلفة عبد الملك بن مروان ،ثبت ذلك في
الصحيح ،واستقر بناؤها الذي بناه
____________________
) (7/391
الحجاج إلى الن ،وقيل :إنها بنيت مرتين أخرتين قبل بناء
قريش ،وقد أوضحته في كتاب المناسك الكبير ،قال
القاضي أبو الطيب في تعليقه في باب دخول مكة في آخر
مسألة افتتاح الطواف بالستلم :قال الشافعي :أحب أن
تترك الكعبة على حالها فل تهدم ،لن هدمها يذهب حرمتها
،و
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
خبطها بحيث يؤذى قشورها .قال أصحابنا :قال الشافعي
في القديم :يجوز أخذ الورق من شجر الحرم وقطع
الغأصان الصغار للسواك وقال في الملء :ل يجوز ذلك
قال أصحابنا :ليست على قولين بل على حالين فالموضع
الذي قال .يجوز أراد إذا لقط الورق بيده وكسر الغأصان
الصغار بيده بحيث ل تتأذى نفس الشجرة ،والموضع الذي
قال ل يجوز أراد إذا خبط الشجرة حتى تساقط الورق
وتكسرت الغأصان ،لن ذلك يضر بالشجرة هكذا ذكر هذا
التأويل للحصر والجمع بينهما الشيخ أبو حامد في تعليقه
وأبو علي البندنيجي والمحاملي في كتابيه المجموع و
التجريد ،وآخرون ،ونقله صاحب البيان عن الصحاب والله
أعلم .واتفق أصحابنا على جأواز أخذ ثمار شجر الحرم ،وإن
كانت أشجارا مباحة كالراك ،ويقال لثمرة الراك الكباث
بكاف مفتوحة ثم باء موحدة مخففة ثم ثاء مثلثة واتفقوا
على أخذ عود السواك ونحوه ،وسبق في الباب الماضي
الفرق بين أخذ الوراق وأخذ شعر الصيد ،فإنه مضمون ،
لن أخذه يضر الحيوان في الحر والبرد .فرع :هل يعم
التحريم والضمان ما ينبت من الشجار بنفسه وما يستنبت
أم يختص بما نبت بنفسه فيه طريقان حكاهما الشيخ أبو
حامد وأبو على البندنيجي وآخرون أصحهما :وأشهرهما
على قولين ،وبهذا قطع المصنف والجمهور وأصح :
القولين عند المصنف وسائر العراقيين والجمهور من
غأيرهم التعميم والثاني :التخصيص ،وبه قطع إمام
الحرمين .والغزالي والطريق الثاني :القطع بالتعميم وهو
الذي اختاره الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في
تعليقهما وآخرون ،قال أبو حامد :وشجر الحرم حرام سواء
نبت بنفسه أو أنبته آدمي .قال :وحكم بعض أصحابنا عن
الشافعي أنه قال :إنما يحرم ما نبت بنفسه دون ما أنبته
آدمي .قال أبو حامد :وإنما أخذ هذا من قول الشافعي في
الملء :ولو قطع شجرة من شجر الحرم فعليه الجزاء إذا
كان ل مالك له فمفهومه أنه إذا كان له مالك فل جأزاء .قال
أبو حامد :وهذا ليس بشىء لنه إنما خص الشجر الذي ل
مالك له فتبين أن الواجأب فيه الجزاء فقط ،ولم يذكر ماله
مالك لن فيه الجزاء أو القيمة .هذا كلم أبي حامد ،وقطع
الماسرجأسي والدارمي والماوردي بأن ما زرعه الدمي من
التمر كالعنب والنخل والتفاح والتين ونحوها فل ضمان فيه
،ول يحرم قطعه ،وأنكر القاضي أبو الطيب في المجرد هذا
عليهم ،وقال :هذا خلف نص الشافعي ،وخلف قول أكثر
أصحابنا ،فإن التحريم والضمان عام في الجميع ،وهكذا
نقل أبو علي البندنيجي عن نص الشافعي في عامة كتبه أنه
يجب الضمان في شجر السفرجأل والتفاح ،وسائر ما أنبته
الرض من الثمار
____________________
) (7/379
فالحاصل أن المذهب التعميم ،فإذا قلنا بالضعيف وهو
التخصيص ،زيد في الضابط الذي قدمناه قيد آخر ،وهو كون
الشجر مما ينبت بنفسه ،وعلى هذا القول يحرم الراك
والطرفا وغأيرهما من أشجار البوادي ،دون التين والعنب
والتفاح والصنوبر وسائر ما ينبته الدمي ،سواء كان مثمرا
كما ذكرنا أو غأيره ،كالخلف .وأدرج إمام الحرمين في هذا
القسم العوسج .وأنكر الصحاب ذلك عليه لنه ذو شوك ،
وقد سبق اتفاق الجمهور على أن ماله شوك ل يحرم ول
ضمان فيه .وعلى القول الضعيف ،وهو التخصيص لو نبت
ما يستنبت أو عكسه فوجأهان الصحيح :الذي قطع به
الجمهور أن العتبار بالجنس ،فيجب الضمان في الثاني
دون الول والثاني :وهو قول أبي العباس بن القاص في
التلخيص أن العتبار بالقصد ،فينعكس الحكم وإن قلنا
بالمذهب وهو التعميم ،فجميع الشجر حرام سواء ما نبت
بنفسه وما أنبته آدمي ،والمثمر وغأيره ،إل العوسج وسائر
شجر الشوك .وكذا ما قطع من الحل ،وغأرس في الحرم ،
فإنه ل يحرم كما سبق والله أعلم قال صاحب البيان :صورة
مسألة الخلف فيما أنبته الدمي أن يأخذ غأصنا من شجرة
حرمية فيغرسه في موضع من الحرم أما إذا أخذ شجرة أو
غأصنا من الحل فغرسه في الحرم ثم قلعها هو أو غأيره فل
شىء عليه بل خلف كما سبق .فرع :لو انتشرت أغأصان
شجرة حرمية ومنعت الناس الطريق ،أو آذتهم ،جأاز قطع
المؤذى منها .هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ،وممن
قطع به أبو الحسن بن المرزبان ،والقاضي أبو الطيب في
كتابه المجرد ،والروياني وآخرون ،وحكاه الدارمي عن ابن
المرزبان ثم قال :ويحتمل عندي الضمان .فرع :قال
الشافعي والصحاب حيث وجأب ضمان الشجر ،فإن كانت
شجرة كبيرة ضمنها ببقرة ،وإن شاء ببدنة ،وما دونها بشاة
.قال إمام الحرمين وغأيره :والمضمونة بشاة ما كانت
قريبة من سبع الكبيرة ،فإن صغرت جأدا فالواجأب القيمة .
قال أصحابنا :ثم البقرة والشاة والقيمة .على التعديل
والتخيير كالصيد ،فإن شاء أخرج البقرة فذبحها وفرق
لحمها ،وإن شاء قومها دراهم وأخرج بقيمتها طعاما ،وإن
شاء صام عن كل مد يوما إل أن يكون المتلف كافرا فإنه ل
يدخل ذلك صيامه كما سبق والله أعلم .قال الشيخ أبو حامد
:الدوحة هي الشجرة الكبيرة ذات الغأصان ،والجزلة التي
ل أغأصان لها ،وأطلق أكثر الصحاب أن الجزلة هي الصغيرة
.الضرب الثاني :من نبات الحرم غأير الشجر ،وهو نوعان
أحدهما :ما زرعه الدمي كالحنطة والشعير والذرة
والقطفرة والبقول
____________________
) (7/380
والخضراوات فيجوز لمالكه قطعه ول جأزاء عليه ،وإن قطعه
غأيره فعليه قيمته لمالكه ،ول شىء عليه للمساكين ،وهذا
ل خلف فيه ،صرح به الماوردي وابن الصباغ وصاحب البيان
وآخرون النوع الثاني :ما لم ينبته الدمي وهو أربعة أصناف
الول :الذخر ،وهو مباح ،فيجوز قلعه وقطعه بل خلف
لحديث ابن عباس ،ولعموم الحاجأة إليه والثاني :الشوك
فيجوز قطعه وقلعه كما سبق في العوسج وشجر الشوك ،
وممن صرح به هنا الماوردي الثالث :ما كان دواء كالسنا
ونحوه ،وفيه طريقان .أحدهما :القطع بجوازه لنه مما
يحتاج إليه ،فألحق بالذخر ،وقد أباح النبي صلى الله عليه
وسلم الذخر للحاجأة وهذا في معناه .وممن جأزم بهذا
الطريق الماوردي .والطريق الثاني :فيه وجأهان أصحهما :
الجواز والثاني :المنع .وممن حكى هذا الطريق الشيخ أبو
على السنجي في شرح التلخيص ،وإمام الحرمين والبغوي
وآخرون ،لكن خص هؤلء الخلف بما إذا احتاج إلى ذلك
للدواء ،ولم يخصه الماوردي بل عممه وجأعله مباحا مطلقا
كالذخر الرابع :الكل ،فيحرم قطعه وقلعه إن كان رطبا ،
فإن قلعه لزمته القيمة وهو مخير بين إخراجأها طعاما
والصيام كما سبق في الشجرة والصيد .هذا إذا لم يخلف
المقلع فإن أخلف فل ضمان على الصحيح ،وبه قطع
المصنف والجمهور ،لن الغالب هنا الخلف ،فهو كسن
الصبي ،فإنها إذا قلعت فنبتت فل ضمان قول واحدا هكذا
ذكر الصحاب في الطريقتين الحكم والدليل .وشذ عنهم
القاضي أبو الطيب فقال في تعليقه :إذا قطع الحشيش ثم
نبت ضمنه قول واحدا ،ول يكون على القولين في الغصن
إذا عاد ،قال :والفرق أن الحشيش يخلف في العادة ،فلو
أسقطنا الضمان عن قاطعه بعوده أدى ذلك إلى الغأراء
بقطعه بخلف الغصن ،فإنه قد يعود وقد ل يعود ،هذا كلم
القاضي في تعليقه ،وجأزم هو في كتابه المجرد بسقوط
الضمان إذا نبت الحشيش كما قاله الصحاب وهو المذهب .
هذا إذا عاد كما كان فإن عاد ناقصا ضمن ما نقص بل خلف
والله أعلم .هذا كله في غأير اليابس أما اليابس فقال
البغوي :إن كان قطعه فل شىء عليه ،كما سبق في الشجر
اليابس ،وإن قلعه لزمه الضمان ،لنه لو لم يقلعه عليه
الرافعي .وقال الماوردي :إذا جأف الحشيش ومات جأاز
قلعه وأخذه ،وهذا ل يخالف قول البغوي ،إن القلع يوجأب
الضمان فيما إذا كان اليابس لم يمت ،بل هو مما ينبت لول
القلع ولم يفسد أصله ،وقول الماوردي :إنما هو فيما مات
،ول يرجأى نباته لو بقي والله أعلم .واتفق أصحابنا على
جأواز تسريح البهائم في كل الحرم لترعى ،واستدلوا بحديث
ابن عباس قال :أقبلت راكبا على أتان فوجأدت النبي صلى
الله عليه وسلم يصلي بالناس
____________________
) (7/381
بمنى إلى غأير جأدار ،فدخلت في الصف وأرسلت التان
يرتع رواه البخاري ومسلم ،ومنى من الحرم .ولو أخذ الكل
لعلف البهائم ففي جأوازه وجأهان ،حكاهما الشيخ أبو علي
السنجي في شرح التلخيص .وإمام الحرمين والبغوي
والرافعي وآخرون أحدهما :التحريم ووجأوب الضمان ،
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :ول يختلى خلها والثاني
:الجواز ول ضمان قال الرافعي :وهو الصح كما لو أرسل
دابته ترعى ،ولن تحريم الحتشاش إنما كان لتوفير الكل
للبهائم والصيود وقال المام :وهذا القائل يقول :إنما
يحرم الختل والحتشاش للبيع وغأيره من الغأراض ،سوى
العلف ،والله أعلم .فرع :قال أهل اللغة :العشب والخل
مقصور اسم للرطب ،والحشيش اسم لليابس .وقد ذكر
ابن مكي وغأيره في لحن العوام إطلقهم الحشيش على
الرطب ،قالوا :والصواب اختصاص الحشيش باليابس ،
قالوا :والكل مهموز يقع على الرطب واليابس وهذا يصح
على المجاز ،فسمى الرطب حشيشا باسم ما يئول إليه
لكونه أقرب إلى افهام أهل العرف ،والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يجوز إخراج تراب الحرم
وأحجاره ،لما روى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله
عنهما أنهما كانا يكرهان أن يخرج من تراب الحرم إلى الحل
،أو يدخل من تراب الحل إلى الحرم .وروى عبد العلى بن
عبد الله ابن عامر قال :قدمت مع أمي أو مع جأدتي مكة
فأتينا صفية بنت شيبة ،فأرسلت إلى الصفا فقطعت حجرا
من جأنابة فخرجأنا به ،فنزلنا أول منزل ،فذكر من علتهم
جأميعا ،فقالت أمي أو جأدتي :ما أرانا أتينا إل أنا أخرجأنا
هذه القطعة من الحرم ،قال :وكنت أنا أمثلهم ،فقالت لي
:انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها ،وقل لها :إن الله
عز وجأل وضع في حرمه شيئا ل ينبغي أن يخرج منه ،قال
عبد العلى :فما هو إل أن نحينا ذلك فكأنما أنشطنا من
عقال ويجوز إخراج ماء زمزم ،لما روى أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم استهدى راوية من ماء زمزم ،فبعث إليه
براوية من ماء ،ولن الماء يستخلف بخلف التراب والحجار
(1) .
____________________
-1الشرح :أما حديث ماء زمزم فروى البيهقي بإسناده عن
ابن عباس رضي الله عنه قال
) (7/382
استهدى النبي صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو من
ماء زمزم وبإسناده عن جأابر رضي الله عنه قال :أرسلني
صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يفتح مكة إلى
سهل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ول تترك ،فبعث
إليه بمزادتين وعن عروة بن الزبين أن عائشة رضي الله
عنها كانت تحمل ماء زمزم ،وتخبر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يفعله رواه الترمذي وقال :حديث حسن
السناد ورواه البيهقي هكذا ثم قال :وفي رواية :حمله
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الداوى والقرب ،
وكان يصب على المرضى ويسقيهم .وأما تراب الحرم
وأحجاره فروى الشافعي والبيهقي عن ابن عباس وابن
عمر أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل
شىء وأما حديث عبد العلى الذي ذكره المصنف فرواه
الشافعي والبيهقي بلفظ يخالف رواية المصنف ،فلفظهما
عن عبد العلى قال :قدمت مع أمي ،أو قال جأدتي فأتتها
صفية بنت شيبة فأكرمتها ،وفعلت بها قالت صفية :ما
أدري ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجأنا
بها ،فنزلنا أول منزل ،فذكرنا من مرضهم وعلتهم جأميعا
قال فقالت أمي أو جأدتي ما أرانا أتينا إل أنا أخرجأنا هذه
القطعة من الحرم ،فقالت لي وكنت أمثلهم انطلق بهذه
القطعة إلى صفية فردها ،وقل لها :إن الله تعالى قد وضع
في حرمه شيئا فل ينبغي أن يخرج منه قال عبد العلى :
فقالوا لي :فما هو إل أن نجينا بدخولك الحرم ،فكأنما
أنشطنا من عقل هذا لفظ رواية الشافعي والبيهقي
وغأيرهما .وذكر أبو الوليد الزرقي في كتاب مكة في مضل
الحجر السود أنها أعطتهم قطعة من الحجر السود ،كانت
عندها أصابتها حين اقتلع الحجر في زمن ابن الزبير ،حين
حاصر الحجاج ،وهذامعنى رواية الشافعي قطعة من الركن
أي الركن السود ،والمراد الحجر السود والله أعلم وعبد
العلى هذا تابعي قريشي وأما صفية هذه في صحابية
قريشية عبدرية وهي صفية بنت شيبه الصحابي ،حاجأب
الكعبة ،وهو شيبة بن عثمان بن طلحة ابن أبي طلحة .
واسم طلحة هذا عبد الله بن عثمان بن عبد الدار بن قصي ،
قالت صفية :رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلم
الركن بمحجن رواه أبو داود ،ولها في الصحيحين خمسة
أحاديث عن عائشة .
____________________
) (7/383
أما الحكام :ففيه مسائل إحداها :اتفقت نصوص
الشافعي والصحاب على جأواز نقل ماء زمزم إلى جأميع
البلد ،واستحباب أخذه للتبرك ،ودليله ما ذكره المصنف مع
ما ذكرته الثانية :اتفقوا على أن الولى أن ل يدخل تراب
الحل وأحجاره الحرم ،لئل يحدث لها حرمة لم تكن ،ول
يقال :إنه مكروه ،لنه لم يرد فيه نهى صحيح صريح ،وأما
قول صاحب البيان :قال الشيخ أبو إسحاق :ل يجوز إدخال
شىء من تراب الحل وأحجاره إلى الحرم فغلط منه ،ولم
يذكر الشيخ أبو إسحاق هذا الذي ادعاه الثالثة :قال
المصنف ل يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره إلى الحل ،هذه
عبارة المصنف ،وكذا قال المحاملي في كتابيه المجموع و
التجريد :ل يجوز إخراجأهما ،وتابعهما صاحب البيان في
هذه العبارة ،وقال صاحب الحاوي :يمنع من إخراجأهما ،
وقال الدارمي :ل يخرجأهما ،وقال كثيرون ،أو الكثرون
من أصحابنا :يكره إخراجأهما ،فأطلقوا لفظ الكراهية .
ممن قال يكره :الشيخ أبو حامد في تعليقه ،وأبو علي
البندنيجي ،والقاضي حسين والبغوي والمتولي وصاحب
العدة والرافعي وآخرون .وقال القاضي أبو الطيب في
كتابه المجرد :قال الشافعي في الجامع الكبير ول أجأيز في
أن يخرج من حجارة الحرم وترابه شيئا إلى الحل ،لن له
حرمة قال :وقال في القديم :ثم أكره إخراجأهما ،قال
الشافعي :ورخص بعض الناس في ذلك ،واحتج بشراء
البرام من مكة ،قال الشافعي :هذا غألط فإن البرام ليست
من حجارة الحرم ،بل تحمل من مسيرة يومين أو ثلثة من
الحرم .هذا نقل القاضي .وهكذا نقل الصحاب عن
الشافعي نحو هذا فحصل خلف للصحاب في أن إخراجأهما
مكروه أو حرم ،قال المحاملي وغأيره :فإن أخرجأه فل
ضمان ،قال الماوردي وغأيره :وإذا أخرجأه فعليه رده إلى
الحرم قال الشيخ في موضع آخر ،وهو آخر الحج من تعلقيه
:ذكر الشافعي هذه المسألة في المالي القديمة ،وعللها
بأن الحرم بقعة تخالف سائر البقاع ،ولها شرف على غأيرها
بدليل اختصاص النسكين بها ووجأوب الجزاء في صيدها فل
تفوت هذه الحرمة لترابها ،والله أعلم .فرع :في حكم
سترة الكعبة ،قال صاحب التلخيص :ل يجوز بيع أستار
الكعبة ،وكذا قال أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا :ل
يجوز قطع أستار الكعبة ،ول قطع شىء من ذلك ،قال ول
يجوز نقله ول بيعه وشراؤه ،خلف ما يفعله العامة :
يشترونها من بني شيبة ،وربما وضعوه في أوراق
المصاحف ،قال :ومن حمل منه شيئا لزمه رده .وحكى
الرافعي قول ابن عبدان وسكت عليه ولم يذكر غأيره ،فكأنه
ارتضاه ووافقه عليه ،وكذا قال
____________________
) (7/384
أبو عبد الله الحليمي من أئمة أصحابنا :ل ينبغي أن يؤخذ
منها شىء ،وحكى الشيخ أبو عمرو بن الصلح قول
الحليمي وابن عبدان ثم قال :المر فيها إلى المام
يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء ،واحتج
بما رواه الزرقي صاحب كتاب مكة ،أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه كان ينزع كسوة البيت كل سنة ،فيقسمها
على الحاج ،وهذا الذي اختاره الشيخ أبو عمرو حسن متعين
،لئل يؤدي إلى تلفها بطول الزمان .وقد روى الزرقي عن
عمر رضي الله عنه ما سبق ،وروى الزرقي أيضا عن ابن
عباس وعائشة رضي الله عنهما أنهما قال :تباع كسوتها
ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل ،قال
ابن عباس وعائشة وأم سلمة :ل بأس أن يلبس كسوتها من
صارت إليه من حائض وجأنب وغأيرهما ،والله علم .فرع :ل
يجوز أخذ شىء من طيب الكعبة ل للتبرك ول لغيره ،ومن
أخذ شيئا منه لزمه رده إليها ،فإن أراد التبرك أتى بطيب
من عنده فمسحها به ثم أخذه ،والله أعلم .فرع :مهم في
بيان حدود حرم مكة الذي يحرم فيه الصيد والنبات ،ويمنع
أخذ ترابه وأحجاره ،وبيان ما يتعلق به من الحكام وما
يخالف فيه غأيره من الرض ،وفيه مسائل إحداها :في
حدود الحرم ،وقد ذكرها المصنف في أواخر كتاب الجزية
مختصرة والله أعلم أن الحرم هو مكة ،وما أحاط بها من
جأوانبها جأعل الله تعالى لها حكمها في الحرمة تشريفا لها ،
ومعرفة حدود الحرم من أهم ما يعتني به لكثرة ما يتعلق به
من الحكام وقد اجأتهدت في إيضاحه وتتبع كلم الئمة في
اتقانه على أكمل وجأوهه بحمد الله تعالى ،فحد الحرم من
جأهة المدينة دون التنعيم عند بيوت بني نفار ،على ثلثة
أميال من مكة ،ومن طريق اليمن ،طرف اضاة لبن على
سبعة أميال من مكة ،ومن طريق الطائف على عرفات من
بطن نمرة على سبعة أميال ،ومن طريق العراق على ثنية
جأبل بالمقطع على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة في
شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال ،ومن طريق
جأدة منقطع العشاش على عشرة أميال من مكة .هكذا ذكر
هذه الحدود أبو الوليد الزرقي في كتاب مكة ،وأبو الوليد
هذا أحد أصحاب الشافعي الخذين عنه ،الذين رووا عنه
الحديث والفقه .وكذا ذكر هذه الحدود الماوردي صاحب
الحاوي في كتابه الحكام السلطانية وكذا ذكرها المصنف
وأصحابنا في كتب المذهب ،إل أن عبارة بعضهم أوضح من
بعض ،لكن الزرقي قال في حده من طريق الطائف أحد
عشرة ميل ،والذي قاله الجمهور سبعة فقط ،بتقديم
السين على الباء ،وفي هذه الحدود ألفاظ غأريبة ينبغي
ضبطها فقولهم :بيوت نفار هو
____________________
) (7/385
بكسر النون وبالفاء وقولهم أضاة لبن بفتح الهمزة وبالضاد
المعجمة على وزن القناة ،وهي مستنقع الماء وأما لبن
فبلم مكسورة ثم باء موحدة ساكنة كذا ضبطها المام
الحافظ أبو بكر الحازمي المتأخر في كتابه المؤتلف
والمختلف في أسماء الماكن وقولهم :العشاش هو بفتح
الهمزة وبشينين معجمتين جأمع عش وقولهم :في جأدة من
جأهة الجعرانة تسعة أميال هو بتقديم التاى على السين وأما
الحدود الثلثة الباقية فإنها بتقديم السين .وأعلم أن الحرم
عليه عاملت منصوبة في جأميع جأوانبه ذكر الزرقي وغأيره
بأسانيدهم أن إبراهيم الخليل عليه السلم علمها ،ونصب
العلمات فيها وكان جأبريل عليه السلم يريه مواضعها ،ثم
أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بتحديدها ثم عمر ثم عثمان
ثم معاوية رضي الله عنهم ،وهي إلى الن بينة ولله الحمد
قال الزرقي في آخر كتاب مكة :أنصاب الحرم التي على
رأس الثنية ما كان من وجأوهها في هذا الشق فهو حرم ،
وما كان في ظهرها فهو حل قال :وبعض العشاش في
الحل وبعضه في الحرم .المسألة الثانية :حكى الماوردي
خلفا للعلماء في أن مكة مع حرمتها هل صارت حرما آمنا
بقول إبراهيم عليه السلم أم كانت قبله كذلك فمنهم من
قال :لم تزل حرما ،ومنهم من قال :كانت مكة حلل قبل
دعوة إبراهيم عليه السلم كسائر البلد ،وإنما صارت حرما
بدعوته ،كما صارت المدينة حرما بتحريم النبي صلى الله
عليه وسلم بعد أن كانت حلل واحتج هؤلء بحديث أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال في جأملة حديث طويل :اللهم إن إبراهيم حرم مكة
فجعلها حراما ،وإني حرمت المدينة حراما مأزميها أن ل
يراق فيها دم ،ول يحمل فيها سلح لقتال ،ول يخبط فيها
شجرة إل لعلف رواه مسلم في آخر كتاب الحج من صحيحه ،
وفي رواية لمسلم عن أبي سعيد أيضا أنه سمع النبي صلى
الله عليه وسلم يقول :إني حرمت ما بين لبتي المدينة كما
حرم إبراهيم مكة وعن جأابر رضي الله عنه قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن إبراهيم حرم مكة ،
وإني حرمت المدينة ،ما بين لبتيها ل يعضد غأضاهها ول
يصاد صيدها رواه مسلم .وعن أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال :اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم
المدينة ،وما بين لبتيها رواه البخاري ومسلم هذا
____________________
) (7/386
لفظ البخاري ،ولفظ مسلم ،وفي رواية للبخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم لما أشرف على المدينة قال :اللهم
إني أحرم ما بين جأبليها ،مثل ما حرم به إبراهيم مكة .وعن
رافع بن خديج قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لبتيها ،يريد المدينة
رواه مسلم ،وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لهلها
،وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ،وإني دعوت
في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لهل مكة رواه
البخاري ومسلم .واحتج القائلون بأن تحريمها لم يزل من
حين خلق الله السموات والرض بحديث ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة :هذا بلد حرمه الله
تعالى يوم خلق السموات والرض ،وهو حرام بحرمة الله
إلى يوم القيامة رواه البخاري ومسلم وعن أبي شريح
الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:إن مكة حرمها الله ،ولم يحرمها الناس رواه البخاري
ومسلم ،ومن قال بهذا أجأاب عن الحاديث السابقة بأن
إبراهيم عليه السلم أظهر تحريمها بعد أن كان خفيا
مهجورا ل يعلم ،ل أنه ابتدأه ،ومن قال بالمذهب الول
أجأاب عن حديث ابن عباس بأن المراد أن الله تعالى كتب
في اللوح المحفوظ أو غأيره أن مكة سيحرمها إبراهيم ،أو
أظهر ذلك للملئكة والصح :من القولين أنها ما زالت
محرمة من حين خلق الله تعالى السموات والرض والله
أعلم .المسألة الثالثة :مذهبنا أنه يجوز بيع دور مكة
وإجأاراتها وسائر المعاملت عليها ،وكذا سائر الحرم كما
يجوز في غأيرها ،وستأتي المسألة مبسوطة بدلئلها
وفروعها ،حيث ذكرها الصحاب في آخر باب ما يجوز بيعه
إن شاء الله تعالى .الرابعة :مذهبنا أن النبي صلى الله
عليه وسلم فتح مكة صلحا ل عنوة ،لكن دخلها صلى الله
عليه وسلم متأهبا للقتال خوفا من غأدر أهلها وستأتي
المسألة بدلئلها وفروعها حيث ذكرها المصنف في كتاب
السير والغنائم إن شاء الله تعالى .
____________________
) (7/387
الخامسة :مذهبنا جأواز إقامة الحدود والقصاص في الحرم ،
سواء كان قتل أو قطعا ،سواء كانت الجناية في الحرم أو
خارجأه ،ثم لجأ إليه وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث
ذكرها المصنف في آخر باب استيفاء القصاص إن شاء الله
تعالى .السادسة :في الحكام التي يخالف الحرم فيها
غأيره من البلد ،وهي كثيرة ،نذكر منها أطرافا أحدها :أنه
ينبغي أن ل يدخله أحد إل بإحرام ،وهل ذلك واجأب أم
مستحب فيه خلف سبق الصح :مستحق الثاني :يحرم
صيده على جأميع الناس حتى أهل الحرم والمحلين الثالث :
يحرم شجره وخلفه الرابع :منع إخراج ترابه وأحجاره ،
وهل هو منع كراهة أو تحريم فيه الخلف السابق الخامس :
أنه يمنع كل كافر من دخوله مقيما كان أو مارا هذا مذهبنا
ومذهب الجمهور ،وجأوزه أبو حنيفة ما لم يستوطنه ،
وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث ذكرها المصنف في
كتاب الجزية إن شاء الله تعالى السادس :ل تحل لقطته
لمتملك ،ول تحل إل لمنشد ،هذا هو المذهب ،وفيه وجأه
ضعيف السابع :تغليظ الدية بالقتل فيه الثامن :تحريم
دفن المشرك فيه ويجب نبشه منه التاسع :تخصيص ذبح
دماء الجزاءات في الحج والهدايا العاشر :ل دم على
المتمتع والقارن إذا كان من أهل الحادي عشر :ل يكره
صلة النفل التي ل سبب لها في وقت من الوقات في
الحرم سواء في مكة وسائر الحرم ،وفيما عدا مكة وجأه شاذ
سبق بيانه في بابه .الثاني عشر :إذا نذر قصده لزمه
الذهاب إليه بحج أو عمرة ،بخلف غأيره من المساجأد فإنه ل
يجب الذهاب إليه إذا نذره ،إل مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم والمسجد القصى على أحد القولين فيهما .
الثالث عشر :إذا نذر النحر وحده بمكة لزمه النحر بها ،
وتفرقة اللحم على مساكين الحرم ،ولو نذر ذلك في بلد
آخر لم ينعقد نذره في أصح الوجأهين الرابع عشر :يحرم
استقبال الكعبة واستدبارها بالبول والغائط في الصحراء
الخامس عشر :تضعيف الجأر في الصلوات بالمسجد الحرام
،وكذا سائر الطاعات السادس عشر :يستحب لهل مكة أن
يصلوا العيد في المسجد الحرام وأما غأيرهم فهل الفضل
صلتهم في مسجدهم أم في الصحراء فيه خلف سبق في
باب صلة العيد السابع عشر :ل يجوز إحرام المقيم في
الحرم بالحج خارجأه .المسألة السابعة :مكة عندنا أفضل
الرض ،وبه قال علماء مكة والكوفة وابن وهب وابن حبيب
المالكيان وجأمهور العلماء قال العبدري :هو قول أكثر
الفقهاء ،وهو مذهب أحمد في أصح الروايتين عنه وقال
مالك وجأماعة :المدينة أفضل وأجأمعوا على أن مكة
____________________
) (7/388
والمدينة أفضل الرض ،وإنما اختلفوا في أيهما أفضل ،
دليلنا حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه
سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته
بمكة يقول لمكة :والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض إلى
الله ولول أني أخرجأت منك ما خرجأت رواه الترمذي
والنسائي وغأيرهما ،ذكره الترمذي في جأامعه في كتاب
المناقب وقال :هذا حديث حسن صحيح وسنزيد المسألة
بسطا وإيضاحا إن شاء الله تعالى حيث ذكرها المصنف في
كتاب النذر ،فيمن نذر الهدى إلى أفضل البلد .وعن ابن
الزبير قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة في
مسجدي هذا أفضل من ألف صلة فيما سواه من المساجأد
إل المسجد الحرام وصلة في المسجد الحرام أفضل من
مائة صلة في مسجدي حديث حسن رواه أحمد في مسنده
والبيهقي مسلم إجأماع المسلمين على أن موضع قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الرض ،وأن
الخلف فيما سواه .الثامنة :يكره حمل السلح بمكة لغير
حاجأة .لحديث جأابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ل
يحل أن يحمل السلح بمكة رواه مسلم .التاسعة :قال
أصحابنا :من فروض الكفاية أن تحج الكعبة في كل سنة فل
تعطل وليس لعدد المحصلين لهذا الغرض قدر متعين ،بل
الغرض وجأود حجها كل سنة من بعض المكلفين ،وستأتي
المسألة مبسوطة في أول كتاب السير حيث ذكر الشافعي
والمزني والصحاب فروض الكفاية إن شاء الله تعالى .
العاشرة :عن أبي ذر رضي الله عنه قال :سألت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الرض
قال :المسجد الحرام ،قلت :ثم أي قال :المسجد القصى
قلت :كم بينهما قال أربعون عاما رواه البخاري ومسلم .
____________________
) (7/389
الحادية عشر :قال الماوردي في الحكام السلطانية في
خصائص الحرم :ل يحارب أهله فإن بغوا على أهل العدل
فقد قال بعض الفقهاء :يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى
يرجأعوا عن البغي ،ويدخلوا في أحكام أهل العدل ،قال :
وقال جأمهور الفقهاء :يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن
ردهم عن البغي إل بالقتال ،لن قتال البغاة من حقوق الله
تعالى التي ل تجوز إضاعتها ،فحفظها في الحرم أولى من
إضاعتها .هذا كلم الماوردي ،وهذا الذي نقله عن أكثر
الفقهاء هو الصواب ،وقد نص عليه الشافعي في كتاب
اختلف الحديث من كتب الم ونص عليه الشافعي في آخر
كتابه المسمى بسير الواقدي من كتب الم .وقال القفال
المروزي ،في كتابه شرح التلخيص في أول كتاب النكاح
في ذكر الخصائص :ل يجوز القتال بمكة ،قال :حتى لو
تحصن جأماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها ،وهذا
الذي قاله القفال غألط نبهت عليه لئل يغتر به .فإن قيل :
فقد ثبت عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بعد يوم فتح مكة
يقول :إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ،ول يحل
لمرىء يؤمن بالله واليوم الخر أن يسفك بها دما ،ول
يعضد بها شجرة ،فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فيها فقولوا له :إن الله قد أذن لرسوله ،
ولم يأذن لكم ،وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت
اليوم كحرمتها بالمس ،وليبلغ الشاهد الغائب رواه البخاري
ومسلم .وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بمعناه في تحريم
القتال بمكة ،وأنها لم يحل القتال بها إل ساعة للنبي صلى
الله عليه وسلم فالجواب :أن معنى الحديث تحريم نصب
القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغأيره ،إذا أمكن
إصلح الحال بدون ذلك ،بخلف ما إذا تحصن كفار في بلد
تحصن كفار في بلد آخر ،فإنه يجوز قتالهم على كل وجأه
بكل شىء ،وقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا
التأويل في آخر كتابه المعروف بسير الواقدي من كتب الم
والله أعلم .الثانية عشرة :سدانة الكعبة وحجابتها هي
وليتها وخدمتها وفتحها وإغألقها ونحو ذلك ،وهذا حق
مستحق لبني طلحة الحجبيين من بني عبد الدار بن قصى ،
اتفق العلماء على هذا ،وممن نقله عن العلماء القاضي
عياض في أواخر كتاب الحج من شرح صحيح مسلم ،وذكرته
أنا هناك في شرح صحيح مسلم ،وأوضحته بدليله ،قال
العلماء فهي ولية لهم عليها من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فتبقى دائمة أبدا ولهم ولذرياتهم ،ل تحل لحد
منازعتهم فيها
____________________
) (7/390
ما داموا موجأودين صالحين لذلك ،وقد ثبت في الصحيح أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :كل مأثرة كانت في
الجاهلية فهي تحت قدمي إل سقاية الحاج وسدانة البيت .
فرع :ذكر العلماء أن الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات
إحداها :بنتها الملئكة قبل آدم ،وحجها آدم فمن بعده من
النبياء صلوات الله وسلمه عليهم الثانية :بناها إبراهيم
صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى } :وإذ بوأنا لبراهيم
مكان البيت { وقال تعالى } :وإذ يرفع إبراهيم القواعد
من البيت { الية الثالثة :بنتها قريش في الجاهلية وحضر
النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء قبل النبوة ،ثبت ذلك
في الصحيحين ،وكان له صلى الله عليه وسلم حينئذ خمس
وعشرون سنة ،وقيل :خمس وثلثون الرابعة :بناها ابن
الزبير ثبت ذلك في الصحيحين الخامسة :بناها الحجاج بن
يوسف في خلفة عبد الملك بن مروان ،ثبت ذلك في
الصحيح ،واستقر بناؤها الذي بناه
____________________
) (7/391
الحجاج إلى الن ،وقيل :إنها بنيت مرتين أخرتين قبل بناء
قريش ،وقد أوضحته في كتاب المناسك الكبير ،قال
القاضي أبو الطيب في تعليقه في باب دخول مكة في آخر
مسألة افتتاح الطواف بالستلم :قال الشافعي :أحب أن
تترك الكعبة على حالها فل تهدم ،لن هدمها يذهب حرمتها
،و