PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 003
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
ويقال :أجأنب الرجأل يجنب وجأنب بضم الجيم وكسر النون ،
يجنب بضم الياء وفتح النون ولغتان مشهورتان ،الولى
أفصح وأشهر ،يقال رجأل جأنب ورجألن ورجأال وامرأة
وامرأتان ونسوة جأنب بلفظ واحد ،قال الله تعالى } :وإن
كنتم جأنبا فاطهروا { المائدة 5 :قال أهل اللغة :ويقال :
جأنبان وأجأناب فيثنى ويجمع والول أفصح وأشهر .وأما
حكم المسألة :فيحرم على الجنب ستة أشياء الصلة
والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد
وقراءة القرآن ،فأما الربعة الولى فتقدم شرحها وما
يتعلق بها في باب ما ينقض الوضوء ،وأما قراءة القرآن
فيحرم كثيرها وقليلها حتى بعض آية ،وكذا يحرم اللبث في
جأزء من المسجد ولو لحظة .وأما العبور فل يحرم ،وقد ذكر
المصنف دليل الجميع ،قال أصحابنا :ويكره للجنب أن ينام
حتى يتوضأ ،ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من
وطئها أول أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلة ويغسل فرجأه
في كل هذه الحوال ول يستحب هذا الوضوء للحائض
والنفساء ،نص عليه الشافعي في البويطي واتفق عليه
الصحاب ،ودليله ما ذكره المصنف أن الوضوء ل يؤثر في
حدثها لنه مستمر ،فل تصح الطهارة مع إستمراره ،وهذا
ما دامت حائضا ،فأما إذا انقطع حيضها فتصير كالجنب
يستحب لها الوضوء في هذه المواضع ،لنه يؤثر في حدثها
كالجنب .وهذا الذي قلناه وقاله المصنف والصحاب أن
الوضوء يؤثر في حدث الجنب ويزيله عن أعضاء الوضوء هو
الصحيح الذي قطع به الجمهور وخالف فيه إمام الحرمين ،
فقال :ل يرتفع شيء من الحدث حتى تكمل الطهارة .وقد
سبق بيان هذه المسائل في المسائل الزوائد في آخر صفة
الوضوء ودليل استحباب الوضوء وغسل الفرج في هذه
الحوال أحاديث صحيحة منها حديث عمر رضي الله عنه قال
:يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جأنب فقال :نعم إذا توضأ
رواه البخاري ومسلم .وفي الصحيحين عن ابن عمر قال :
ذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه
الجنابة من الليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
توضأ واغسل ذكرك ثم نم وعن عائشة كان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا أراد أن ينام ،وهو جأنب غسل فرجأه وتوضأ
للصلة رواه البخاري
____________________
) (2/176
ومسلم هذا لفظ البخاري .وفي رواية مسلم :كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جأنب توضأ
وضوءه للصلة قبل أن ينام وفي رواية له كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا كان جأنبا فأراد أن يأكل أو ينام
توضأ وضوءه .وعن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه
وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ رواه
أبو داود والترمذي وقال :حديث حسن صحيح ،ومعناه إذا
أراد أن يأكل .وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا أتى أحدكم أهله
ثم أراد أن يعود ،فليتوضأ بينهما وضوءا رواه مسلم .زاد
البيهقي في رواية فإنه أنشط للعود .وأما حديث ابن عباس
في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل
فقضي حاجأته ثم غسل وجأهه ويديه ثم نام فالمراد بحاجأته
الحدث الصغر .وأما حديث أبي إسحاق السبيعي بفتح
السين المهملة عن السود عن عائشة أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ول يمس ماء
____________________
) (2/177
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ،فقال أبو داود
عن يزيد بن هارون :وهم السبيعي في هذا .يعني قوله ول
يمس ماء .وقال الترمذي :يرون أن هذا غلط من السبيعي
.وقال البيهقي :طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها
مأخوذة عن غير السود وأن السبيعي دلس ،قال البيهقي :
وحديث السبيعي بهذه الزيادة صحيح من جأهة الرواية لنه
بين سماعه من السود والمدلس إذا بين سماعه ممن روى
عنه وكان ثقة فل وجأه لرده .قلت :قالت طائفة من أهل
الحديث والصول :إن المدلس ل يحتج بروايته وإن بين
السماع ،والصحيح الذي عليه الجمهور ،أنه إذا بين السماع
احتج به ،فعلى الول ل يكون الحديث صحيحا ،ول يحتاج إلى
جأواب ،وعلى الثاني جأوابه من وجأهين .أحدهما :ما رواه
البيهقي عن ابن سريج رحمه الله واستحسنه البيهقي أن
معناه :ل يمس ماء للغسل ،لنجمع بينه وبين حديثها الخر ،
وحديث عمر الثابتين في الصحيحين .والثاني :أن المراد
أنه كان يترك الوضوء في بعض الحوال ليبين الجواز إذ لو
واظب عليه لعتقدوا وجأوبه ،وهذا عندي حسن أو أحسن ،
وثبت في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه
وسلم طاف على نسائه بغسل واحد ،وهن تسع نسوة .
فيحتمل أنه كان يتوضأ بينها ،ويحتمل ترك الوضوء لبيان
الجواز ،وفي رواية لبي داود أنه طاف على نسائه ذات ليلة
يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل يا رسول الله أل تجعله
غسل واحدا فقال :هذا أزكى وأطيب وأطهر قال أبو داود :
والحديث الول أصح .قلت :وإن صح هذا الثاني حمل على
أنه كان في وقت وذاك في وقت ،والحديثان محمولن على
أنه كان برضاهن إن قلنا بالصح ،وقول الكثرين أن القسم
كان واجأبا عليه صلى الله عليه وسلم في الدوام ،فإن
القسم ل يجوز أقل من ليلة ليلة برضاهن والله أعلم .فرع :
روى أبو داود والنسائي بإسناد جأيد عن علي رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ل تدخل
الملئكة بيتا فيه صورة ول جأنب ول كلب قال الخطابي
المراد
____________________
) (2/178
الملئكة الذي ينزلون بالرحمة والبركة ل الحفظة لنهم ل
يفارقون الجنب ول غيره .قال :وقيل لم يرد بالجنب من
أصابته جأنابة فأخر الغتسال إلى حضور الصلة ولكنه الجنب
الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لن النبي صلى الله
عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ويطوف على نسائه بغسل
واحد .قال :وأما الكلب فهو أن يقتني كلبا لغير الصيد
والزرع والماشية وحراسة الدار ،قال :وأما الصورة فهي
كل مصور من ذوات الرواح ،سواء كان على جأدار أو سقف
أو ثوب .هذا كلم الخطابي وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون
والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل .فرع :هذا
الذي ذكرناه من كراهة النوم قبل الوضوء للجنب هو مذهبنا
وبه قال أكثر السلف أو كثير منهم حكاه ابن المنذر عن علي
بن أبي طالب وابن عباس وأبي سعيد الخدري وشداد بن
أوس وعائشة والحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك
وأحمد وإسحاق واختاره ابن المنذر قال :وقال سعيد بن
المسيب وأصحاب الرأي :هو بالخيار ،دليلنا الحاديث
السابقة والله أعلم .فرع :في مذاهب العلماء في قراءة
الجنب والحائض ،مذهبنا أنه يحرم على الجنب والحائض
قراءة القرآن قليلها وكثيرها حتى بعض آية وبهذا قال أكثر
العلماء كذا حكاه الخطابي وغيره عن الكثرين ،وحكاه
أصحابنا عن عمر بن الخطاب وعلي وجأابر رضي الله عنهم
والحسن والزهري والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق .وقال
داود :يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن ،وروى هذا
عن ابن عباس وابن المسيب ،قال القاضي أبو الطيب وابن
الصباغ وغيرهما :واختاره ابن المنذر ،وقالمالك :يقرأ
الجنب اليات اليسيرة للتعوذ ،وفي الحائض روايتان عنه
إحداهما :تقرأ والثانية :ل تقرأ ،وقال أبو حنيفة :يقرأ
الجنب بعض آية ول يقرأ آية وله رواية كمذهبنا .واحتج من
جأوز مطلقا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه رواه
مسلم قالوا :
____________________
) (2/179
والقرآن ذكر ولن الصل عدم التحريم .واحتج أصحابنا
بحديث ابن عمر المذكور في الكتاب لكنه ضعيف كما سبق
وعن عبد الله بن سلمة .بكسر اللم ،عن علي رضي الله
عنه قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي
حاجأته فيقرأ القرآن ولم يكن يحجبه ،وربما قال :يحجزه
عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم .قال الترمذي :
حيث حسن صحيح ،وقال غيره من الحفاظ المحققين :هو
حديث ضعيف ورواه الشافعي في سنن حرملة ثم قال :إن
كان ثابتا ففيه دللة على تحريم القراءة على الجنب .قال
البيهقي :ورواه الشافعي في كتاب جأماع الطهور ،وقال :
وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه ،قال البيهقي :وإنما
توقف الشافعي في ثبوته لن مداره على عبد الله بن سلمة
وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة وإنما روى
هذا الحديث بعدما كبر ،قاله شعبة ،ثم روى البيهقي عن
الئمة تحقيق ما قال ،ثم قال البيهقي :وصح عن عمر
رضي الله عنه أنه كره القراءة للجنب ،ثم رواه بإسناده عنه
.وروى عن علي ل يقرأ الجنب القرآن ول حرفا واحدا ،
وروى البيهقي عن عبد الله بن مالك الغافقي أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول :إذا توضأت وأنا جأنب
أكلت وشربت ول أصلي ول أقرأ حتى أغتسل وإسناده
____________________
) (2/180
أيضا ضعيف .واحتج أصحابنا أيضا بقصة عبد الله بن رواحة
رضي الله عنه المشهورة :أن امرأته رأته يواقع جأارية له ،
فذهبت فأخذت سكينا وجأاءت تريد قتله ،فأنكر أنه واقع
الجارية وقال أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم الجنب أن يقرأ القرآن قالت :بلى فأنشدها البيات
المشهورة فتوهمتها قرآنا فكفت عنه ،فأخبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذلك فضحك ولم ينكر عليه .والدللة
فيه من وجأهين أحدهما :أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
ينكر عليه قوله :حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
القرآن والثاني :أن هذا كان مشهورا عندهم يعرفه رجأالهم
ونساؤهم ،ولكن إسناد هذه القصة ضعيف ومنقطع .
وأجأاب أصحابنا عن احتجاج داود بحديث عائشة بأن المراد
بالذكر غير القرآن ،فإنه المفهوم عند الطلق .وأما
المذاهب الباقية فقد سلموا تحريم القراءة في الجملة ،ثم
ادعوا تخصيصا ل مستند له .فإن قالوا :جأوزنا للحائض
خوف النسيان ،قلنا :يحصل المقصود بتفكرها بقلبها .
والله أعلم .فرع :في مذاهب العلماء في مكث الجنب في
المسجد وعبوره فيه بل مكث ،مذهبنا أنه يحرم عليه المكث
في المسجد جأالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان ،
متوضئا كان أو غيره ،ويجوز له العبور من غير لبث ،سواء
كان له حاجأة أم ل ،وحكى ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله
بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري
وسعيد بن جأبير وعمرو بن دينار ومالك .وحكى عن سفيان
الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهوية أنه ل يجوز
له العبور إل أن ل يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر .وقال أحمد :
يحرم المكث ويباح العبور لحاجأة ول يباح لغير حاجأة .قال :
ولو توضأ استباح المكث .وجأمهور العلماء على أن الوضوء
ل أثر له في هذا .وقال المزني وداود وابن المنذر :يجوز
للجنب المكث في المسجد مطلقا .وحكاه الشيخ أبو حامد
عن زيد بن أسلم .واحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره
ابن المنذر في الشراف وذكره غيره أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال :المسلم ل ينجس رواه البخاري ومسلم
من رواية أبي هريرة ،وبما احتج به المزني
____________________
) (2/181
في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد
،فالمسلم الجنب أولى ،وأحسن ما يوجأه به هذا المذهب أن
الصل عدم التحريم ،وليس لمن حرم دليل صحيح صريح .
واحتج أصحابنا بقول الله تعالى } :ل تقربوا الصلة وأنتم
سكارى حتى تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل {
النساء 43 :قال الشافعي رحمه الله في الم :قال بعض
العلماء بالقرآن :معناها ل تقربوا مواضع الصلة .قال
الشافعي :وما أشبه ما قال بما قال :لنه ليس في الصلة
عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد ،
قال الخطابي وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة
معمر بن المثنى .قال البيهقي في معرفة السنن و الثار :
وروينا هذا التفسير عن ابن عباس قال وروينا عن جأابر قال
:كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جأنب وعن أفلت بن
خليفة عن جأسره بنت دجأاجأة عن عائشة رضي الله عنها
قالت جأاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة
في المسجد ،فقال وجأهوا هذه البيوت عن المسجد فإني ل
أحل المسجد لحائض ول جأنب رواه أبو داود وغيره .قال
البيهقي :ليس هو بقوي قال :قال البخاري عند جأسرة
عجائب وقد خالفها غيرها في سد البواب .وقال الخطابي
ضعف هذا الحديث وقالوا :أفلت مجهول ،وقال الحافظ
عبد الحق :هذا الحديث ل يثبت .قلت :وخالفهم غيرهم ،
فقال أحمد بن حنبل ل أرى بأفلت بأسا وقال الدارقطني
هو كوفي صالح وقال أحمد بن عبد الله العجلي جأسرة
تابعية ثقة وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه ،وقد
قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم يضعفه ولم يجد
____________________
) (2/182
لغيره فيه تضعيفا فهو عنده صالح ،ولكن هذا الحديث ضعفه
من ذكرنا ،وجأسرة بفتح الجيم وإسكان السين المهملة ،
وأفلت بالفاء .قال الخطابي :وجأوه البيوت أبوابها ،وقال
ومعنى وجأهوها عن المسجد اصرفوا وجأوهها عن المسجد .
وأجأاب أصحابنا عن احتجاجأهم بحديث المسلم ل ينجس بأنه
ل يلزم من عدم نجاسته جأواز لبثه في المسجد .وأما
القياس على المشرك فجوابه من وجأهين :أحدهما :أن
الشرع فرق بينهما ،فقام دليل تحريم مكث الجنب .وثبت
أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في
المسجد ،فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية .والثاني :أن
الكافر ل يعتقد حرمة المسجد فل يكلف بها ،بخلف المسلم
وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئا لم يلزمه
ضمانه لنه لم يلتزم الضمان بخلف المسلم والذمي إذا
أتلفا .واحتج من حرم المكث والعبور بحديث :ل أحل
المسجد لحائض ول جأنب وبحديث سالم بن أبي حفصة عن
عطية بن سعد العوفي المفسر عن أبي سعيد الخدري قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي
الله عنه :يا علي ل يحل لحد يجنب في هذا المسجد غيري
وغيرك رواه الترمذي في جأامعه في مناقب علي وقال :
حديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجأه .قال أبو نعيم
ضرار بن صرد :معناه ل يحل لحد يستطرقه جأنبا غيري
وغيرك .قال الترمذي :سمع البخاري مني هذا الحديث
واستغربه ،قالوا :ولنه موضع ل يجوز المكث فيه ،فكذا
العبور ،كالدار المغصوبة وقياسا على الحائض ومن في
رجأله نجاسة .واحتج أصحابنا بما احتج به الشافعي وغيره
وهو قول الله تعالى } :ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حتى
تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل { وتقدم ذكر
الدللة منها .قال أصحاب أبي حنيفة :المراد بالية أن
المسافر إذا
____________________
) (2/183
أجأنب وعدم الماء جأاز له التيمم والصلة وإن كانت الجنابة
باقية ،لن هذه حقيقة الصلة .والجواب أن هذا الذي
ذكروه ليس مختصا بالمسافر بل يجوز للحاضر فل تحمل
الية عليه ،وأما ما ذكرناه فهو الظاهر ،وقد جأاء الحديث
وأقوال الصحابة وتفسيرهم على وفقه فكان أولى .
واحتجوا بحديث جأابر :كنا نمشي في المسجد جأنبا ل نرى به
بأسا رواه الدارمي بإسناد ضعيف ،ولنه مكلف أمن تلويث
المسجد فجاز عبوره كالمحدث .وأما الجواب عن حديثهم
الول فهو أنه إن صح حمل على المكث جأمعا بين الدلة ،
وأما الثاني فضعيف لن مداره على سالم بن أبي حفصة
وعطية وهما ضعيفان جأدا شيعيان متهمان في رواية هذا
الحديث ،وقد أجأمع العلماء على تضعيف سالم وغلوه في
التشيع ،ويكفي في رده بعض ما ذكرنا ،لسيما وقد
استغربه البخاري إمام الفن ،على أنه لو صح لم يكن معناه
ما ذكره أبو نعيم لنه خلف ظاهره ،بل معناه إباحة المكث
في المسجد مع الجنابة ،وقد ذكر أبو العباس بن القاص هذا
في خصائض النبي صلى الله عليه وسلم .وأما قياسهم
على الدار المغصوبة ،فمنتقض بمواضع الخمور والملهي
والطرق الضيقة .وأما قياسهم على من على رجأله نجاسة
فإنما يمنع عبوره إذا كانت النجاسة جأارية أو متعرضة
للحريان ،وهذا يمنع صيانة للمسجد من تلويثه ،والجنب
بخلف فنظير الجنب من على رجأله نجاسة يابسة فله العبور
.وبهذا يجاب عن قياسهم على الحائض إن حرمنا عبورها ،
وإل فالصح جأواز عبورها إذا أمنت التلويث .والله أعلم .
فصل يتعلق بقراءة الجنب والحائض والمحدث وإذكارهم
ومواضع القراءة وأحوالها ونحو ذلك وهذا الفصل من
المهمات التي يتأكد لطالب الخرة معرفتها ،وقد جأمعت
في هذا كتابا لطيفا ،وهو ) التبيان في آداب حملة القرآن (
وأنا أشير هنا إلى جأمل من مقاصده إن شاء الله تعالى ،
وفيه مسائل :
____________________
) (2/184
إحداها :قد ذكرنا أنه يحرم على الجنب والحائض والنفساء
قراءة شيء من القرآن وإن قل حتى بعض آية ،ولو كان
يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه
قراءتها .ذكره القاضي حسين في الفتاوي ،لنه يقصد
القرآن للحتجاج .قال أصحابنا :ولو قال النسان :خذ
الكتاب بقوة ،ولم يقصد به القرآن جأاز ،وكذا ما أشبهه ،
ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند
المصيبة } إنا لله وإنا إليه راجأعون { البقرة 156 :إذا لم
تقصد القرآن .قال أصحابنا الخراسانيون :ويجوز عند
ركوب الدابة أن يقول } :سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين { الزخرف 13 :ل بقصد القرآن .وممن صرح به
الفوراني والبغوي والرافعي وآخرون .وأشار العراقيون
إلى منعه ،والمختار الصحيح الول .قال القاضي حسين
وغيره :ويجوز أن يقول في الدعاء } ومنهم من يقول ربنا
آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار {
الحرمين ووالده الشيخ أبو محمد والغزالي في البسيط :إذا
قال الجنب باسم الله أو الحمد لله ،فإن قصد القرآن عصى
وإن قصد الذكر لم يعص وإن لم يقصد واحدا منهما لم يعص
أيضا قطعا ،لن القصد مرعي في البواب .المسألة الثانية
:تجوز للجنب قراءة ما نسخت تلوته ك الشيخ والشيخة إذا
زنيا فارجأموهما وما أشبه ،صرح به القاضي حسين والبغوي
وآخرون .الثالثة :يجوز للجنب والحائض النظر في
المصحف وقراءته بالقلب دون حركة اللسان .وهذا ل خلف
فيه .الرابعة :قال أصحابنا :إذا لم يجد الجنب ماء ول ترابا
يصلي الفريضة وحدها لحرمة الوقت ول يقرأ زيادة على
الفاتحة ،وفي الفاتحة وجأهان حكاهما الخراسانيون أحدهما
:ورجأحه القاضي حسين والرافعي :ل تجوز قراءة الفاتحة
أيضا لنه عاجأز عنها شرعا فيأتي بالذكار التي يأتي بها من
ل يحسن الفاتحة .والثاني :وهو الصحيح وبه قطع الشيخ
أبو حامد وسائر العراقيين والروياني في الحلية وآخرون
من الخراسانيين :أنه تجب قراءة الفاتحة ،لنه قادر
وقراءته كركوعه وسجوده ،وستأتي المسألة إن شاء الله
تعالى مبسوطة في باب التيمم .
____________________
) (2/185
الخامسة :غير الجنب والحائض لو كان فمه نجسا كره له
قراءة القرآن .قال الروياني :وفي تحريمه وجأهان
خرجأهما والدي أحدهما :يحرم كمس المصحف بيده النجسة
والثاني :ل يحرم كقراءة المحدث ،كذا أطلق الوجأهين ،
والصحيح أنه ل يحرم ،وهو مقتضي كلم الجمهور ،
وإطلقهم أن غير الجنب والحائض والنفساء ل يحرم عليه
القراءة .السادسة :أجأمع المسلمون على جأواز قراءة
القرآن للمحدث الحدث الصغر والفضل أن يتوضأ لها .قال
إمام الحرمين وغيره :ول يقال قراءة المحدث مكروهة ،
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ مع
الحدث والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر
كالمحدث .السابعة :ل يكره للمحدث قراءة القرآن في
الحمام ،نقله صاحبا العدة و البيان وغيرهما من أصحابنا ،
وبه قال محمد بن الحسن ونقله ابن المنذر عن إبراهيم
النخعي ومالك .ونقل عن أبي وائل شفيق بن سلمة
التابعي الجليل والشعبي ومكحول ،والحسن وقبيصة بن
ذويب كراهته ،وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة ،ورويناه في
مسند الدارمي عن إبراهيم النخعي ،فيكون عنه خلف .
دليلنا أنه لم يرد الشرع بكراهته فلم يكره كسائر المواضع .
الثامنة :ل تكره القراءة في الطريق مارا إذا لم يتله ،وروى
نحو هذا عن أبي
____________________
) (2/186
الدرداء وعمر بن عبد العزيز .وعن مالك كراهتها .قال
الشعبي :تكره القراءة في الحش وبيت الرحا وهي تدور ،
وهذا الذي ذكره مقتضي مذهبنا .التاسعة :إذا كان يقرأ
فعرضت له ريح أمسك عن القراءة حال خروجأها .العاشرة :
أجأمع المسلمون على جأواز التسبيح والتهليل والتكبير
والتحميد والصلة على رسول لله صلى الله عليه وسلم
وغير ذلك من الذكار وما سوى القرآن للجنب والحائض ،
ودلئله مع الجأماع في الحاديث الصحيحة مشهورة .
الحادية عشرة :قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل
وسائر الذكار إل في المواضع التي ورد الشرع بهذه الذكار
فيها ،وستأتي دلئله إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف
في أذكار الطواف .الثانية عشرة :يستحب أن ينظف فمه
قبل الشروع في القراءة بسواك ونحوه ويستقبل القبلة
ويجلس متخشعا بسكينة ووقار ،ولو قرأ قائما أو مضطجعا
أو ماشيا أو على فراشه جأاز ،ودلئله في الكتاب والسنة
مشهورة ،وإذا أراد القراءة تعوذ وجأهر به .والتعوذ سنة
ليس بواجأب ويحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم
في أوائل السور غير براءة ،فإذا شرع في القراءة فليكن
شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهو المطلوب والمقصود ،
وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب .قال الله تعالى :
} كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته { ص 29 :وقال
تعالى } :أفل يتدبرون القرآن { أق والحاديث فيه كثيرة ،
وقد بات جأماعة من السلف يردد أحدهم الية جأميع ليلته أو
معظمها ،وصعق جأماعات من السلف عند القراءة ،ومات
جأماعات منهم بسبب القراءة ،وقد ذكرت في التبيان جأملة
من أخبار هؤلء رضي الله عنهم .ويسن تحسين الصوت
بالقرآن للحاديث الصحيحة المشهورة فيه .وقد أوضحتها
في التبيان وسأبسطها إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب
حيث ذكر المصنف المسألة في كتاب الشهادات .قالوا :
فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع ،ول يخرج
بتحسينه عن حد القراءة إلى التمطيط المخرج له عن حدوده
ويستحب البكاء عند القراءة ،وهي صفة العارفين وشعار
عباد الله الصالحين ،قال الله تعالى } :ويخرون للذقان
يبكون ويزيدهم خشوعا {
____________________
) (2/187
السراء 109 :والحاديث والثار فيه كثيرة .وفي
الصحيحين مسعود رضي الله عنه أنه قرأ على النبي صلى
الله عليه وسلم إلى أن قال ) :حسبك ( قال فرأيت عينيه
تذرفان ،وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرؤه من
التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ،ثم يفكر في
تقصيره فيها ،فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء ،فليبك
على فقد ذلك ،فإنه من المصائب .ويسن ترتيل القراءة .
قال الله تعالى } :أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل { المزمل
4 :وثبت في الحاد أن قراءة رسول الله صلى الله عليه
وسلم كانت مرتلة ،واتفقوا على كراهة الفراط في
السراع ويسمى ألهذا .قالوا :وقراءة جأزء بترتيل أفضل
من قراءة جأزءين في قدر ذلك الزمن بل ترتيل .قال
العلماء :والترتيل مستحب للتدبر ،ولنه أقرب إلى الجألل
والتوقير ،وأشد تأثيرا في القلب ،ولهذا يستحب الترتيل
للعجمي الذي ل يفهم معناه ،ويستحب إذا مر بأية رحمة أن
يسألة الله تعالى من فضله ،وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ
من العذاب أو من الشر ونحو ذلك ،وإذا مرى بآية تنزيه لله
تعالى نزه ،فقال :تبارك الله أو جألت عظمة ربنا ونحو ذلك
.وهذا مستحب لكل قارىء ،سواء في الصلة وخارجأها ،
وسواء المام والمأموم والمنفرد .وقد ثبت ذلك في صحيح
مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنبسط
ذلك بدلئله إن شاء الله تعالى ،حيث ذكره المصنف في آخر
باب سجود التلوة .ول تجوز القراءة بالعجمية سواء أحسن
العربية أم ل ،وسواء كان في الصلة أم خارجأها ،وتجوز
بالقراءات السبع ول تجوز بالشواذ ،وسنوضح ذلك بدلئله
في صفة الصلة حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى ،
والولى أن يقرأ على ترتيب المصحف ،سواء قرأ في
الصلة أم خارجأها ،وإذا قرأ سورة قرأ بعدها التي تليها ،
لن ترتيب المصحف
____________________
) (2/188
لحكمة فل يتركها إل فيما ورد الشرع فيه بالتفريق كصلة
الصبح يوم الجمعة ) بألم ( و ) هل أتى ( وصلة العيد ب ) ق
( ) واقتربت ( ونظائر ذلك ،فلو فرق أو عكس جأاز وترك
الفضل .وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق
على منعه وذمه لنه يذهب بعض أنواع العجاز ويزيل حكمة
الترتيب ،وأما تعليم الصبيان من آخر الختمة إلى أولها فل
بأس به لنه يقع في أيام .فرع :القراءة في المصحف
أفضل من القراءة عن ظهر القلب ،لنها تجمع القراءة
والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى ،كذا قاله القاضي
حسين وغيره من أصحابنا .ونص عليه جأماعات من السلف
ولم أر فيه خلفا ،ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي
خشوعه وحضور قلبه في الحالين فأما من يزيد خشوعه
وحضور قلبه وتدبره في القراءة عن ظهر القلب فهي
أفضل في حقه .فرع :ل كراهة في قراءة الجماعة
مجتمعين بل هي مستحبة ،وكذا الدارة وهي أن يقرأ
بعضهم جأزءا أو سورة مثل ويسكت بعضهم ،ثم يقرأ
الساكتون ويسكت القارئون ،وقد ذكرت دلئله في التبيان ،
وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ما سبق في آداب
القارىء وحده .ومنها أشياء يتساهل فيها في العادة ،فمن
ذلك أنهم مأمورون بإجأتناب الضحك واللغط والحديث في
حال القراءة إل كلما يسيرا للضرورة ،وبإجأتناب العبث باليد
وغيرها ،والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن .وأقبح من ذلك
النظر إلى من يحرم النظر إليه كالمرد وغيره ،سواء كان
بشهوة أم بغيرها ويجب على الحاضر في ذلك المجلس أن
ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها ،فينكر بيده ثم
لسانه على حسب المكان ،فإن لم يستطع فليكرهه بقلبه .
فرع :جأاءت في الصحيح أحاديث تقتضي إستحباب رفع
الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي أن السرار والخفاء
أفضل .قال العلماء :وطريق الجمع بينها أن الخفاء أبعد
من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف الرياء ،وكذا ما
يتأذى المصلون وغيرهم بجهره فالخفاء أفضل في حقه ،
فإن لم يخف الرياء ولم يتأذ أحد بجهره فالجهر أفضل ،لن
العمل فيه أكثر ،ولن فائدته تتعدى إلى السامعين ،ولنه
يوقظ قلب القارىء ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه
إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ،وقد أوضحت جأملة من
الحاديث والثار الواردة من ذلك في التبيان .فرع :يسن
تحسين الصوت بالقراءة ،للحاديث الصحيحة المشهورة فيه
،وسنبسطه إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف في
كتاب الشهادات ويسن طلب القراءة من حسن الصوت
والصغاء إليها وهذا متفق على استحبابه ،وهو عادة الخيار
والمتعبدين وعباد الله الصالحين .وفي الصحيحين أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود ،
اقرأ على القرآن
____________________
) (2/189
فإني أحب أن أسمعه من غيري ،فقرأ عليه من سورة
النساء حتى بلغ } :فكيف إذا جأئنا من كل أمة بشهيد وجأئنا
بك على هؤلء شهيدا { والثار فيه كثيرة مشهورة ،وقد
مات جأماعة من الصالحين بقراءة من سألوه القراءة
واستحب العلماء إفتتاح مجلس حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم بقراءة قارىء حسن الصوت ما تيسر من القرآن
.فرع :ينبغي للقارىء أن يبتدىء من أول السورة أو من
أول الكلم المرتبط ويقف على آخرها ،أو آخر الكلم
المرتبط بعضه ببعض ،ول يتقيد بالجأزاء والعشار ،فإنها
قد تكون في وسط كلم مرتبط كالجزء في قوله تعالى :
} والمحصنات { } ،وما أبرئ نفسي { } ،قال ألم أقل لك
إنك لن تستطيع معي صبرا { } ،ومن يقنت منكن { } ،وما
أنزلنا على قومه { } ،إليه يرد علم الساعة { } ،قال فما
خطبكم { فكل هذا وشبهه ل يبتدأ به ،ول يوقف عليه ،ول
يغتر بكثرة الفاعلين له ،ولهذا قال العلماء :قراءة سورة
قصيرة بكمالها أفضل من قدرها من طويلة لنه قد يخفي
الرتباط .فرع :تكره القراءة في أحوال ،منها حال الركوع
والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلة سوى القيام ،
وتكره في حال القعود على الخلء ،وفي حال النعاس وحال
الخطبة لمن يسمعها .ويكره للمأموم قراءة ما زاد على
الفاتحة في صلة جأهرية إذا سمع قراءة المام ول يكره في
الطواف ،وتقدم بيان القراءة في الحمام والطريق وقراءة
من فمه نجس .فرع :إذا مر القارىء على قوم سلم عليهم
وعاد إلى القراءة ،فإن أعاد التعوذ كان حسنا ،ويستحب
لمن مر على القارىء أن يسلم عليه ،ويلزم القارىء رد
السلم باللفظ .وقال الواحدي من أصحابنا :ل يسلم المار
فإن سلم رد عليه القارىء بالشارة ،وهذا ضعيف ،ولو
عطس القارىء في الصلة أو خارجأها فليحمد الله تعالى ،
ولو عطس غيره شمته القارىء ،ولو سمع المؤذن أو
المقيم قطع القراءة وتابعه ،وقد ذكر المصنف المسألة في
باب الذان ،ولو طلبت منه حاجأة وأمكنه الجواب بإشارة
مفهمة وعلم أنه ل يشق ذلك على الطالب أجأابه إشارة .
فرع :إذا قرأ ) } أليس الله بأحكم الحاكمين { } أليس ذلك
بقادر على أن يحيي {
____________________
) (2/190
} الموتى { استحب أن يقول :بلى وأنا على ذلك من
الشاهدين ،وإذا قرأ } سبح اسم ربك العلى { قال :
سبحان ربي العلى ،وإذا قرأ } :وقل الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا { قال :الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا .وقد بسطت
ذلك في التبيان وسأذكره في صفة الصلة من هذا الكتاب
مبسوطا إن شاء الله تعالى .فرع :جأاء عن إبراهيم النخعي
أنه إذا قرأ } :وقالت اليهود يد الله مغلولة { } ،وقالت
اليهود عزير ابن الله { ونحوهما خفض صوته قليل .وقال
غيره :إذا قرأ } إن الله وملئكته يصلون على النبي { الية
،استحب أن يقول :صلى الله عليه وسلم تسليما .فرع :
في الوقات المختارة للقراءة أفضلها ما كان في الصلة ،
ومذهبنا أن تطويل القيام في الصلة أفضل من تطويل
السجود وغيره ،وسنبسط المسألة بأدلتها ومذاهب العلماء
فيها في صفة الصلة إن شاء الله تعالى .وقد ذكرها
المصنف في باب صلة الخوف .وأفضل الوقات الليل
ونصفه الخر أفضل ،والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة
،وأفضل النهار بعد الصبح ،ول كراهة في شيء من
الوقات .ونقل عن بعض السلف كراهة القراءة بعد العصر
،وليس بشيء ول أصل له ،ويختار من اليام يوم عرفة ،ثم
يوم الجمعة ،ثم الثنين والخميس ،ومن العشار العشر
الواخر من شهر رمضان ،والول من ذي الحجة ،ومن
الشهور رمضان .فرع ) :في آداب ختم القرآن ( يستحب
كونه في أول الليل أو أول النهار وإن قرأ وحده فالختم في
الصلة أفضل واستحب السلف صيام يوم الختم وحضور
مجلسه .وقالوا :يستجاب الدعاء عند الختم وتنزل الرحمة ،
وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا أراد الختم جأمع أهله
وختم ودعا ،واستحبوا الدعاء بعد الختم استحبابا متأكدا
وجأاء فيه آثار كثيرة ،ويلح في الدعاء ويدعو ب
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
ويقال :أجأنب الرجأل يجنب وجأنب بضم الجيم وكسر النون ،
يجنب بضم الياء وفتح النون ولغتان مشهورتان ،الولى
أفصح وأشهر ،يقال رجأل جأنب ورجألن ورجأال وامرأة
وامرأتان ونسوة جأنب بلفظ واحد ،قال الله تعالى } :وإن
كنتم جأنبا فاطهروا { المائدة 5 :قال أهل اللغة :ويقال :
جأنبان وأجأناب فيثنى ويجمع والول أفصح وأشهر .وأما
حكم المسألة :فيحرم على الجنب ستة أشياء الصلة
والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد
وقراءة القرآن ،فأما الربعة الولى فتقدم شرحها وما
يتعلق بها في باب ما ينقض الوضوء ،وأما قراءة القرآن
فيحرم كثيرها وقليلها حتى بعض آية ،وكذا يحرم اللبث في
جأزء من المسجد ولو لحظة .وأما العبور فل يحرم ،وقد ذكر
المصنف دليل الجميع ،قال أصحابنا :ويكره للجنب أن ينام
حتى يتوضأ ،ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من
وطئها أول أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلة ويغسل فرجأه
في كل هذه الحوال ول يستحب هذا الوضوء للحائض
والنفساء ،نص عليه الشافعي في البويطي واتفق عليه
الصحاب ،ودليله ما ذكره المصنف أن الوضوء ل يؤثر في
حدثها لنه مستمر ،فل تصح الطهارة مع إستمراره ،وهذا
ما دامت حائضا ،فأما إذا انقطع حيضها فتصير كالجنب
يستحب لها الوضوء في هذه المواضع ،لنه يؤثر في حدثها
كالجنب .وهذا الذي قلناه وقاله المصنف والصحاب أن
الوضوء يؤثر في حدث الجنب ويزيله عن أعضاء الوضوء هو
الصحيح الذي قطع به الجمهور وخالف فيه إمام الحرمين ،
فقال :ل يرتفع شيء من الحدث حتى تكمل الطهارة .وقد
سبق بيان هذه المسائل في المسائل الزوائد في آخر صفة
الوضوء ودليل استحباب الوضوء وغسل الفرج في هذه
الحوال أحاديث صحيحة منها حديث عمر رضي الله عنه قال
:يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جأنب فقال :نعم إذا توضأ
رواه البخاري ومسلم .وفي الصحيحين عن ابن عمر قال :
ذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه
الجنابة من الليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
توضأ واغسل ذكرك ثم نم وعن عائشة كان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا أراد أن ينام ،وهو جأنب غسل فرجأه وتوضأ
للصلة رواه البخاري
____________________
) (2/176
ومسلم هذا لفظ البخاري .وفي رواية مسلم :كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جأنب توضأ
وضوءه للصلة قبل أن ينام وفي رواية له كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا كان جأنبا فأراد أن يأكل أو ينام
توضأ وضوءه .وعن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه
وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ رواه
أبو داود والترمذي وقال :حديث حسن صحيح ،ومعناه إذا
أراد أن يأكل .وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا أتى أحدكم أهله
ثم أراد أن يعود ،فليتوضأ بينهما وضوءا رواه مسلم .زاد
البيهقي في رواية فإنه أنشط للعود .وأما حديث ابن عباس
في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل
فقضي حاجأته ثم غسل وجأهه ويديه ثم نام فالمراد بحاجأته
الحدث الصغر .وأما حديث أبي إسحاق السبيعي بفتح
السين المهملة عن السود عن عائشة أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ول يمس ماء
____________________
) (2/177
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ،فقال أبو داود
عن يزيد بن هارون :وهم السبيعي في هذا .يعني قوله ول
يمس ماء .وقال الترمذي :يرون أن هذا غلط من السبيعي
.وقال البيهقي :طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها
مأخوذة عن غير السود وأن السبيعي دلس ،قال البيهقي :
وحديث السبيعي بهذه الزيادة صحيح من جأهة الرواية لنه
بين سماعه من السود والمدلس إذا بين سماعه ممن روى
عنه وكان ثقة فل وجأه لرده .قلت :قالت طائفة من أهل
الحديث والصول :إن المدلس ل يحتج بروايته وإن بين
السماع ،والصحيح الذي عليه الجمهور ،أنه إذا بين السماع
احتج به ،فعلى الول ل يكون الحديث صحيحا ،ول يحتاج إلى
جأواب ،وعلى الثاني جأوابه من وجأهين .أحدهما :ما رواه
البيهقي عن ابن سريج رحمه الله واستحسنه البيهقي أن
معناه :ل يمس ماء للغسل ،لنجمع بينه وبين حديثها الخر ،
وحديث عمر الثابتين في الصحيحين .والثاني :أن المراد
أنه كان يترك الوضوء في بعض الحوال ليبين الجواز إذ لو
واظب عليه لعتقدوا وجأوبه ،وهذا عندي حسن أو أحسن ،
وثبت في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه
وسلم طاف على نسائه بغسل واحد ،وهن تسع نسوة .
فيحتمل أنه كان يتوضأ بينها ،ويحتمل ترك الوضوء لبيان
الجواز ،وفي رواية لبي داود أنه طاف على نسائه ذات ليلة
يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل يا رسول الله أل تجعله
غسل واحدا فقال :هذا أزكى وأطيب وأطهر قال أبو داود :
والحديث الول أصح .قلت :وإن صح هذا الثاني حمل على
أنه كان في وقت وذاك في وقت ،والحديثان محمولن على
أنه كان برضاهن إن قلنا بالصح ،وقول الكثرين أن القسم
كان واجأبا عليه صلى الله عليه وسلم في الدوام ،فإن
القسم ل يجوز أقل من ليلة ليلة برضاهن والله أعلم .فرع :
روى أبو داود والنسائي بإسناد جأيد عن علي رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ل تدخل
الملئكة بيتا فيه صورة ول جأنب ول كلب قال الخطابي
المراد
____________________
) (2/178
الملئكة الذي ينزلون بالرحمة والبركة ل الحفظة لنهم ل
يفارقون الجنب ول غيره .قال :وقيل لم يرد بالجنب من
أصابته جأنابة فأخر الغتسال إلى حضور الصلة ولكنه الجنب
الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لن النبي صلى الله
عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ويطوف على نسائه بغسل
واحد .قال :وأما الكلب فهو أن يقتني كلبا لغير الصيد
والزرع والماشية وحراسة الدار ،قال :وأما الصورة فهي
كل مصور من ذوات الرواح ،سواء كان على جأدار أو سقف
أو ثوب .هذا كلم الخطابي وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون
والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل .فرع :هذا
الذي ذكرناه من كراهة النوم قبل الوضوء للجنب هو مذهبنا
وبه قال أكثر السلف أو كثير منهم حكاه ابن المنذر عن علي
بن أبي طالب وابن عباس وأبي سعيد الخدري وشداد بن
أوس وعائشة والحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك
وأحمد وإسحاق واختاره ابن المنذر قال :وقال سعيد بن
المسيب وأصحاب الرأي :هو بالخيار ،دليلنا الحاديث
السابقة والله أعلم .فرع :في مذاهب العلماء في قراءة
الجنب والحائض ،مذهبنا أنه يحرم على الجنب والحائض
قراءة القرآن قليلها وكثيرها حتى بعض آية وبهذا قال أكثر
العلماء كذا حكاه الخطابي وغيره عن الكثرين ،وحكاه
أصحابنا عن عمر بن الخطاب وعلي وجأابر رضي الله عنهم
والحسن والزهري والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق .وقال
داود :يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن ،وروى هذا
عن ابن عباس وابن المسيب ،قال القاضي أبو الطيب وابن
الصباغ وغيرهما :واختاره ابن المنذر ،وقالمالك :يقرأ
الجنب اليات اليسيرة للتعوذ ،وفي الحائض روايتان عنه
إحداهما :تقرأ والثانية :ل تقرأ ،وقال أبو حنيفة :يقرأ
الجنب بعض آية ول يقرأ آية وله رواية كمذهبنا .واحتج من
جأوز مطلقا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه رواه
مسلم قالوا :
____________________
) (2/179
والقرآن ذكر ولن الصل عدم التحريم .واحتج أصحابنا
بحديث ابن عمر المذكور في الكتاب لكنه ضعيف كما سبق
وعن عبد الله بن سلمة .بكسر اللم ،عن علي رضي الله
عنه قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي
حاجأته فيقرأ القرآن ولم يكن يحجبه ،وربما قال :يحجزه
عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم .قال الترمذي :
حيث حسن صحيح ،وقال غيره من الحفاظ المحققين :هو
حديث ضعيف ورواه الشافعي في سنن حرملة ثم قال :إن
كان ثابتا ففيه دللة على تحريم القراءة على الجنب .قال
البيهقي :ورواه الشافعي في كتاب جأماع الطهور ،وقال :
وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه ،قال البيهقي :وإنما
توقف الشافعي في ثبوته لن مداره على عبد الله بن سلمة
وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة وإنما روى
هذا الحديث بعدما كبر ،قاله شعبة ،ثم روى البيهقي عن
الئمة تحقيق ما قال ،ثم قال البيهقي :وصح عن عمر
رضي الله عنه أنه كره القراءة للجنب ،ثم رواه بإسناده عنه
.وروى عن علي ل يقرأ الجنب القرآن ول حرفا واحدا ،
وروى البيهقي عن عبد الله بن مالك الغافقي أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول :إذا توضأت وأنا جأنب
أكلت وشربت ول أصلي ول أقرأ حتى أغتسل وإسناده
____________________
) (2/180
أيضا ضعيف .واحتج أصحابنا أيضا بقصة عبد الله بن رواحة
رضي الله عنه المشهورة :أن امرأته رأته يواقع جأارية له ،
فذهبت فأخذت سكينا وجأاءت تريد قتله ،فأنكر أنه واقع
الجارية وقال أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم الجنب أن يقرأ القرآن قالت :بلى فأنشدها البيات
المشهورة فتوهمتها قرآنا فكفت عنه ،فأخبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذلك فضحك ولم ينكر عليه .والدللة
فيه من وجأهين أحدهما :أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
ينكر عليه قوله :حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
القرآن والثاني :أن هذا كان مشهورا عندهم يعرفه رجأالهم
ونساؤهم ،ولكن إسناد هذه القصة ضعيف ومنقطع .
وأجأاب أصحابنا عن احتجاج داود بحديث عائشة بأن المراد
بالذكر غير القرآن ،فإنه المفهوم عند الطلق .وأما
المذاهب الباقية فقد سلموا تحريم القراءة في الجملة ،ثم
ادعوا تخصيصا ل مستند له .فإن قالوا :جأوزنا للحائض
خوف النسيان ،قلنا :يحصل المقصود بتفكرها بقلبها .
والله أعلم .فرع :في مذاهب العلماء في مكث الجنب في
المسجد وعبوره فيه بل مكث ،مذهبنا أنه يحرم عليه المكث
في المسجد جأالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان ،
متوضئا كان أو غيره ،ويجوز له العبور من غير لبث ،سواء
كان له حاجأة أم ل ،وحكى ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله
بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري
وسعيد بن جأبير وعمرو بن دينار ومالك .وحكى عن سفيان
الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهوية أنه ل يجوز
له العبور إل أن ل يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر .وقال أحمد :
يحرم المكث ويباح العبور لحاجأة ول يباح لغير حاجأة .قال :
ولو توضأ استباح المكث .وجأمهور العلماء على أن الوضوء
ل أثر له في هذا .وقال المزني وداود وابن المنذر :يجوز
للجنب المكث في المسجد مطلقا .وحكاه الشيخ أبو حامد
عن زيد بن أسلم .واحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره
ابن المنذر في الشراف وذكره غيره أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال :المسلم ل ينجس رواه البخاري ومسلم
من رواية أبي هريرة ،وبما احتج به المزني
____________________
) (2/181
في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد
،فالمسلم الجنب أولى ،وأحسن ما يوجأه به هذا المذهب أن
الصل عدم التحريم ،وليس لمن حرم دليل صحيح صريح .
واحتج أصحابنا بقول الله تعالى } :ل تقربوا الصلة وأنتم
سكارى حتى تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل {
النساء 43 :قال الشافعي رحمه الله في الم :قال بعض
العلماء بالقرآن :معناها ل تقربوا مواضع الصلة .قال
الشافعي :وما أشبه ما قال بما قال :لنه ليس في الصلة
عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد ،
قال الخطابي وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة
معمر بن المثنى .قال البيهقي في معرفة السنن و الثار :
وروينا هذا التفسير عن ابن عباس قال وروينا عن جأابر قال
:كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جأنب وعن أفلت بن
خليفة عن جأسره بنت دجأاجأة عن عائشة رضي الله عنها
قالت جأاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة
في المسجد ،فقال وجأهوا هذه البيوت عن المسجد فإني ل
أحل المسجد لحائض ول جأنب رواه أبو داود وغيره .قال
البيهقي :ليس هو بقوي قال :قال البخاري عند جأسرة
عجائب وقد خالفها غيرها في سد البواب .وقال الخطابي
ضعف هذا الحديث وقالوا :أفلت مجهول ،وقال الحافظ
عبد الحق :هذا الحديث ل يثبت .قلت :وخالفهم غيرهم ،
فقال أحمد بن حنبل ل أرى بأفلت بأسا وقال الدارقطني
هو كوفي صالح وقال أحمد بن عبد الله العجلي جأسرة
تابعية ثقة وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه ،وقد
قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم يضعفه ولم يجد
____________________
) (2/182
لغيره فيه تضعيفا فهو عنده صالح ،ولكن هذا الحديث ضعفه
من ذكرنا ،وجأسرة بفتح الجيم وإسكان السين المهملة ،
وأفلت بالفاء .قال الخطابي :وجأوه البيوت أبوابها ،وقال
ومعنى وجأهوها عن المسجد اصرفوا وجأوهها عن المسجد .
وأجأاب أصحابنا عن احتجاجأهم بحديث المسلم ل ينجس بأنه
ل يلزم من عدم نجاسته جأواز لبثه في المسجد .وأما
القياس على المشرك فجوابه من وجأهين :أحدهما :أن
الشرع فرق بينهما ،فقام دليل تحريم مكث الجنب .وثبت
أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في
المسجد ،فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية .والثاني :أن
الكافر ل يعتقد حرمة المسجد فل يكلف بها ،بخلف المسلم
وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئا لم يلزمه
ضمانه لنه لم يلتزم الضمان بخلف المسلم والذمي إذا
أتلفا .واحتج من حرم المكث والعبور بحديث :ل أحل
المسجد لحائض ول جأنب وبحديث سالم بن أبي حفصة عن
عطية بن سعد العوفي المفسر عن أبي سعيد الخدري قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي
الله عنه :يا علي ل يحل لحد يجنب في هذا المسجد غيري
وغيرك رواه الترمذي في جأامعه في مناقب علي وقال :
حديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجأه .قال أبو نعيم
ضرار بن صرد :معناه ل يحل لحد يستطرقه جأنبا غيري
وغيرك .قال الترمذي :سمع البخاري مني هذا الحديث
واستغربه ،قالوا :ولنه موضع ل يجوز المكث فيه ،فكذا
العبور ،كالدار المغصوبة وقياسا على الحائض ومن في
رجأله نجاسة .واحتج أصحابنا بما احتج به الشافعي وغيره
وهو قول الله تعالى } :ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حتى
تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل { وتقدم ذكر
الدللة منها .قال أصحاب أبي حنيفة :المراد بالية أن
المسافر إذا
____________________
) (2/183
أجأنب وعدم الماء جأاز له التيمم والصلة وإن كانت الجنابة
باقية ،لن هذه حقيقة الصلة .والجواب أن هذا الذي
ذكروه ليس مختصا بالمسافر بل يجوز للحاضر فل تحمل
الية عليه ،وأما ما ذكرناه فهو الظاهر ،وقد جأاء الحديث
وأقوال الصحابة وتفسيرهم على وفقه فكان أولى .
واحتجوا بحديث جأابر :كنا نمشي في المسجد جأنبا ل نرى به
بأسا رواه الدارمي بإسناد ضعيف ،ولنه مكلف أمن تلويث
المسجد فجاز عبوره كالمحدث .وأما الجواب عن حديثهم
الول فهو أنه إن صح حمل على المكث جأمعا بين الدلة ،
وأما الثاني فضعيف لن مداره على سالم بن أبي حفصة
وعطية وهما ضعيفان جأدا شيعيان متهمان في رواية هذا
الحديث ،وقد أجأمع العلماء على تضعيف سالم وغلوه في
التشيع ،ويكفي في رده بعض ما ذكرنا ،لسيما وقد
استغربه البخاري إمام الفن ،على أنه لو صح لم يكن معناه
ما ذكره أبو نعيم لنه خلف ظاهره ،بل معناه إباحة المكث
في المسجد مع الجنابة ،وقد ذكر أبو العباس بن القاص هذا
في خصائض النبي صلى الله عليه وسلم .وأما قياسهم
على الدار المغصوبة ،فمنتقض بمواضع الخمور والملهي
والطرق الضيقة .وأما قياسهم على من على رجأله نجاسة
فإنما يمنع عبوره إذا كانت النجاسة جأارية أو متعرضة
للحريان ،وهذا يمنع صيانة للمسجد من تلويثه ،والجنب
بخلف فنظير الجنب من على رجأله نجاسة يابسة فله العبور
.وبهذا يجاب عن قياسهم على الحائض إن حرمنا عبورها ،
وإل فالصح جأواز عبورها إذا أمنت التلويث .والله أعلم .
فصل يتعلق بقراءة الجنب والحائض والمحدث وإذكارهم
ومواضع القراءة وأحوالها ونحو ذلك وهذا الفصل من
المهمات التي يتأكد لطالب الخرة معرفتها ،وقد جأمعت
في هذا كتابا لطيفا ،وهو ) التبيان في آداب حملة القرآن (
وأنا أشير هنا إلى جأمل من مقاصده إن شاء الله تعالى ،
وفيه مسائل :
____________________
) (2/184
إحداها :قد ذكرنا أنه يحرم على الجنب والحائض والنفساء
قراءة شيء من القرآن وإن قل حتى بعض آية ،ولو كان
يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه
قراءتها .ذكره القاضي حسين في الفتاوي ،لنه يقصد
القرآن للحتجاج .قال أصحابنا :ولو قال النسان :خذ
الكتاب بقوة ،ولم يقصد به القرآن جأاز ،وكذا ما أشبهه ،
ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند
المصيبة } إنا لله وإنا إليه راجأعون { البقرة 156 :إذا لم
تقصد القرآن .قال أصحابنا الخراسانيون :ويجوز عند
ركوب الدابة أن يقول } :سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين { الزخرف 13 :ل بقصد القرآن .وممن صرح به
الفوراني والبغوي والرافعي وآخرون .وأشار العراقيون
إلى منعه ،والمختار الصحيح الول .قال القاضي حسين
وغيره :ويجوز أن يقول في الدعاء } ومنهم من يقول ربنا
آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار {
الحرمين ووالده الشيخ أبو محمد والغزالي في البسيط :إذا
قال الجنب باسم الله أو الحمد لله ،فإن قصد القرآن عصى
وإن قصد الذكر لم يعص وإن لم يقصد واحدا منهما لم يعص
أيضا قطعا ،لن القصد مرعي في البواب .المسألة الثانية
:تجوز للجنب قراءة ما نسخت تلوته ك الشيخ والشيخة إذا
زنيا فارجأموهما وما أشبه ،صرح به القاضي حسين والبغوي
وآخرون .الثالثة :يجوز للجنب والحائض النظر في
المصحف وقراءته بالقلب دون حركة اللسان .وهذا ل خلف
فيه .الرابعة :قال أصحابنا :إذا لم يجد الجنب ماء ول ترابا
يصلي الفريضة وحدها لحرمة الوقت ول يقرأ زيادة على
الفاتحة ،وفي الفاتحة وجأهان حكاهما الخراسانيون أحدهما
:ورجأحه القاضي حسين والرافعي :ل تجوز قراءة الفاتحة
أيضا لنه عاجأز عنها شرعا فيأتي بالذكار التي يأتي بها من
ل يحسن الفاتحة .والثاني :وهو الصحيح وبه قطع الشيخ
أبو حامد وسائر العراقيين والروياني في الحلية وآخرون
من الخراسانيين :أنه تجب قراءة الفاتحة ،لنه قادر
وقراءته كركوعه وسجوده ،وستأتي المسألة إن شاء الله
تعالى مبسوطة في باب التيمم .
____________________
) (2/185
الخامسة :غير الجنب والحائض لو كان فمه نجسا كره له
قراءة القرآن .قال الروياني :وفي تحريمه وجأهان
خرجأهما والدي أحدهما :يحرم كمس المصحف بيده النجسة
والثاني :ل يحرم كقراءة المحدث ،كذا أطلق الوجأهين ،
والصحيح أنه ل يحرم ،وهو مقتضي كلم الجمهور ،
وإطلقهم أن غير الجنب والحائض والنفساء ل يحرم عليه
القراءة .السادسة :أجأمع المسلمون على جأواز قراءة
القرآن للمحدث الحدث الصغر والفضل أن يتوضأ لها .قال
إمام الحرمين وغيره :ول يقال قراءة المحدث مكروهة ،
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ مع
الحدث والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر
كالمحدث .السابعة :ل يكره للمحدث قراءة القرآن في
الحمام ،نقله صاحبا العدة و البيان وغيرهما من أصحابنا ،
وبه قال محمد بن الحسن ونقله ابن المنذر عن إبراهيم
النخعي ومالك .ونقل عن أبي وائل شفيق بن سلمة
التابعي الجليل والشعبي ومكحول ،والحسن وقبيصة بن
ذويب كراهته ،وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة ،ورويناه في
مسند الدارمي عن إبراهيم النخعي ،فيكون عنه خلف .
دليلنا أنه لم يرد الشرع بكراهته فلم يكره كسائر المواضع .
الثامنة :ل تكره القراءة في الطريق مارا إذا لم يتله ،وروى
نحو هذا عن أبي
____________________
) (2/186
الدرداء وعمر بن عبد العزيز .وعن مالك كراهتها .قال
الشعبي :تكره القراءة في الحش وبيت الرحا وهي تدور ،
وهذا الذي ذكره مقتضي مذهبنا .التاسعة :إذا كان يقرأ
فعرضت له ريح أمسك عن القراءة حال خروجأها .العاشرة :
أجأمع المسلمون على جأواز التسبيح والتهليل والتكبير
والتحميد والصلة على رسول لله صلى الله عليه وسلم
وغير ذلك من الذكار وما سوى القرآن للجنب والحائض ،
ودلئله مع الجأماع في الحاديث الصحيحة مشهورة .
الحادية عشرة :قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل
وسائر الذكار إل في المواضع التي ورد الشرع بهذه الذكار
فيها ،وستأتي دلئله إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف
في أذكار الطواف .الثانية عشرة :يستحب أن ينظف فمه
قبل الشروع في القراءة بسواك ونحوه ويستقبل القبلة
ويجلس متخشعا بسكينة ووقار ،ولو قرأ قائما أو مضطجعا
أو ماشيا أو على فراشه جأاز ،ودلئله في الكتاب والسنة
مشهورة ،وإذا أراد القراءة تعوذ وجأهر به .والتعوذ سنة
ليس بواجأب ويحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم
في أوائل السور غير براءة ،فإذا شرع في القراءة فليكن
شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهو المطلوب والمقصود ،
وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب .قال الله تعالى :
} كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته { ص 29 :وقال
تعالى } :أفل يتدبرون القرآن { أق والحاديث فيه كثيرة ،
وقد بات جأماعة من السلف يردد أحدهم الية جأميع ليلته أو
معظمها ،وصعق جأماعات من السلف عند القراءة ،ومات
جأماعات منهم بسبب القراءة ،وقد ذكرت في التبيان جأملة
من أخبار هؤلء رضي الله عنهم .ويسن تحسين الصوت
بالقرآن للحاديث الصحيحة المشهورة فيه .وقد أوضحتها
في التبيان وسأبسطها إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب
حيث ذكر المصنف المسألة في كتاب الشهادات .قالوا :
فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع ،ول يخرج
بتحسينه عن حد القراءة إلى التمطيط المخرج له عن حدوده
ويستحب البكاء عند القراءة ،وهي صفة العارفين وشعار
عباد الله الصالحين ،قال الله تعالى } :ويخرون للذقان
يبكون ويزيدهم خشوعا {
____________________
) (2/187
السراء 109 :والحاديث والثار فيه كثيرة .وفي
الصحيحين مسعود رضي الله عنه أنه قرأ على النبي صلى
الله عليه وسلم إلى أن قال ) :حسبك ( قال فرأيت عينيه
تذرفان ،وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرؤه من
التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ،ثم يفكر في
تقصيره فيها ،فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء ،فليبك
على فقد ذلك ،فإنه من المصائب .ويسن ترتيل القراءة .
قال الله تعالى } :أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل { المزمل
4 :وثبت في الحاد أن قراءة رسول الله صلى الله عليه
وسلم كانت مرتلة ،واتفقوا على كراهة الفراط في
السراع ويسمى ألهذا .قالوا :وقراءة جأزء بترتيل أفضل
من قراءة جأزءين في قدر ذلك الزمن بل ترتيل .قال
العلماء :والترتيل مستحب للتدبر ،ولنه أقرب إلى الجألل
والتوقير ،وأشد تأثيرا في القلب ،ولهذا يستحب الترتيل
للعجمي الذي ل يفهم معناه ،ويستحب إذا مر بأية رحمة أن
يسألة الله تعالى من فضله ،وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ
من العذاب أو من الشر ونحو ذلك ،وإذا مرى بآية تنزيه لله
تعالى نزه ،فقال :تبارك الله أو جألت عظمة ربنا ونحو ذلك
.وهذا مستحب لكل قارىء ،سواء في الصلة وخارجأها ،
وسواء المام والمأموم والمنفرد .وقد ثبت ذلك في صحيح
مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنبسط
ذلك بدلئله إن شاء الله تعالى ،حيث ذكره المصنف في آخر
باب سجود التلوة .ول تجوز القراءة بالعجمية سواء أحسن
العربية أم ل ،وسواء كان في الصلة أم خارجأها ،وتجوز
بالقراءات السبع ول تجوز بالشواذ ،وسنوضح ذلك بدلئله
في صفة الصلة حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى ،
والولى أن يقرأ على ترتيب المصحف ،سواء قرأ في
الصلة أم خارجأها ،وإذا قرأ سورة قرأ بعدها التي تليها ،
لن ترتيب المصحف
____________________
) (2/188
لحكمة فل يتركها إل فيما ورد الشرع فيه بالتفريق كصلة
الصبح يوم الجمعة ) بألم ( و ) هل أتى ( وصلة العيد ب ) ق
( ) واقتربت ( ونظائر ذلك ،فلو فرق أو عكس جأاز وترك
الفضل .وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق
على منعه وذمه لنه يذهب بعض أنواع العجاز ويزيل حكمة
الترتيب ،وأما تعليم الصبيان من آخر الختمة إلى أولها فل
بأس به لنه يقع في أيام .فرع :القراءة في المصحف
أفضل من القراءة عن ظهر القلب ،لنها تجمع القراءة
والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى ،كذا قاله القاضي
حسين وغيره من أصحابنا .ونص عليه جأماعات من السلف
ولم أر فيه خلفا ،ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي
خشوعه وحضور قلبه في الحالين فأما من يزيد خشوعه
وحضور قلبه وتدبره في القراءة عن ظهر القلب فهي
أفضل في حقه .فرع :ل كراهة في قراءة الجماعة
مجتمعين بل هي مستحبة ،وكذا الدارة وهي أن يقرأ
بعضهم جأزءا أو سورة مثل ويسكت بعضهم ،ثم يقرأ
الساكتون ويسكت القارئون ،وقد ذكرت دلئله في التبيان ،
وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ما سبق في آداب
القارىء وحده .ومنها أشياء يتساهل فيها في العادة ،فمن
ذلك أنهم مأمورون بإجأتناب الضحك واللغط والحديث في
حال القراءة إل كلما يسيرا للضرورة ،وبإجأتناب العبث باليد
وغيرها ،والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن .وأقبح من ذلك
النظر إلى من يحرم النظر إليه كالمرد وغيره ،سواء كان
بشهوة أم بغيرها ويجب على الحاضر في ذلك المجلس أن
ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها ،فينكر بيده ثم
لسانه على حسب المكان ،فإن لم يستطع فليكرهه بقلبه .
فرع :جأاءت في الصحيح أحاديث تقتضي إستحباب رفع
الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي أن السرار والخفاء
أفضل .قال العلماء :وطريق الجمع بينها أن الخفاء أبعد
من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف الرياء ،وكذا ما
يتأذى المصلون وغيرهم بجهره فالخفاء أفضل في حقه ،
فإن لم يخف الرياء ولم يتأذ أحد بجهره فالجهر أفضل ،لن
العمل فيه أكثر ،ولن فائدته تتعدى إلى السامعين ،ولنه
يوقظ قلب القارىء ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه
إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ،وقد أوضحت جأملة من
الحاديث والثار الواردة من ذلك في التبيان .فرع :يسن
تحسين الصوت بالقراءة ،للحاديث الصحيحة المشهورة فيه
،وسنبسطه إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف في
كتاب الشهادات ويسن طلب القراءة من حسن الصوت
والصغاء إليها وهذا متفق على استحبابه ،وهو عادة الخيار
والمتعبدين وعباد الله الصالحين .وفي الصحيحين أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود ،
اقرأ على القرآن
____________________
) (2/189
فإني أحب أن أسمعه من غيري ،فقرأ عليه من سورة
النساء حتى بلغ } :فكيف إذا جأئنا من كل أمة بشهيد وجأئنا
بك على هؤلء شهيدا { والثار فيه كثيرة مشهورة ،وقد
مات جأماعة من الصالحين بقراءة من سألوه القراءة
واستحب العلماء إفتتاح مجلس حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم بقراءة قارىء حسن الصوت ما تيسر من القرآن
.فرع :ينبغي للقارىء أن يبتدىء من أول السورة أو من
أول الكلم المرتبط ويقف على آخرها ،أو آخر الكلم
المرتبط بعضه ببعض ،ول يتقيد بالجأزاء والعشار ،فإنها
قد تكون في وسط كلم مرتبط كالجزء في قوله تعالى :
} والمحصنات { } ،وما أبرئ نفسي { } ،قال ألم أقل لك
إنك لن تستطيع معي صبرا { } ،ومن يقنت منكن { } ،وما
أنزلنا على قومه { } ،إليه يرد علم الساعة { } ،قال فما
خطبكم { فكل هذا وشبهه ل يبتدأ به ،ول يوقف عليه ،ول
يغتر بكثرة الفاعلين له ،ولهذا قال العلماء :قراءة سورة
قصيرة بكمالها أفضل من قدرها من طويلة لنه قد يخفي
الرتباط .فرع :تكره القراءة في أحوال ،منها حال الركوع
والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلة سوى القيام ،
وتكره في حال القعود على الخلء ،وفي حال النعاس وحال
الخطبة لمن يسمعها .ويكره للمأموم قراءة ما زاد على
الفاتحة في صلة جأهرية إذا سمع قراءة المام ول يكره في
الطواف ،وتقدم بيان القراءة في الحمام والطريق وقراءة
من فمه نجس .فرع :إذا مر القارىء على قوم سلم عليهم
وعاد إلى القراءة ،فإن أعاد التعوذ كان حسنا ،ويستحب
لمن مر على القارىء أن يسلم عليه ،ويلزم القارىء رد
السلم باللفظ .وقال الواحدي من أصحابنا :ل يسلم المار
فإن سلم رد عليه القارىء بالشارة ،وهذا ضعيف ،ولو
عطس القارىء في الصلة أو خارجأها فليحمد الله تعالى ،
ولو عطس غيره شمته القارىء ،ولو سمع المؤذن أو
المقيم قطع القراءة وتابعه ،وقد ذكر المصنف المسألة في
باب الذان ،ولو طلبت منه حاجأة وأمكنه الجواب بإشارة
مفهمة وعلم أنه ل يشق ذلك على الطالب أجأابه إشارة .
فرع :إذا قرأ ) } أليس الله بأحكم الحاكمين { } أليس ذلك
بقادر على أن يحيي {
____________________
) (2/190
} الموتى { استحب أن يقول :بلى وأنا على ذلك من
الشاهدين ،وإذا قرأ } سبح اسم ربك العلى { قال :
سبحان ربي العلى ،وإذا قرأ } :وقل الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا { قال :الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا .وقد بسطت
ذلك في التبيان وسأذكره في صفة الصلة من هذا الكتاب
مبسوطا إن شاء الله تعالى .فرع :جأاء عن إبراهيم النخعي
أنه إذا قرأ } :وقالت اليهود يد الله مغلولة { } ،وقالت
اليهود عزير ابن الله { ونحوهما خفض صوته قليل .وقال
غيره :إذا قرأ } إن الله وملئكته يصلون على النبي { الية
،استحب أن يقول :صلى الله عليه وسلم تسليما .فرع :
في الوقات المختارة للقراءة أفضلها ما كان في الصلة ،
ومذهبنا أن تطويل القيام في الصلة أفضل من تطويل
السجود وغيره ،وسنبسط المسألة بأدلتها ومذاهب العلماء
فيها في صفة الصلة إن شاء الله تعالى .وقد ذكرها
المصنف في باب صلة الخوف .وأفضل الوقات الليل
ونصفه الخر أفضل ،والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة
،وأفضل النهار بعد الصبح ،ول كراهة في شيء من
الوقات .ونقل عن بعض السلف كراهة القراءة بعد العصر
،وليس بشيء ول أصل له ،ويختار من اليام يوم عرفة ،ثم
يوم الجمعة ،ثم الثنين والخميس ،ومن العشار العشر
الواخر من شهر رمضان ،والول من ذي الحجة ،ومن
الشهور رمضان .فرع ) :في آداب ختم القرآن ( يستحب
كونه في أول الليل أو أول النهار وإن قرأ وحده فالختم في
الصلة أفضل واستحب السلف صيام يوم الختم وحضور
مجلسه .وقالوا :يستجاب الدعاء عند الختم وتنزل الرحمة ،
وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا أراد الختم جأمع أهله
وختم ودعا ،واستحبوا الدعاء بعد الختم استحبابا متأكدا
وجأاء فيه آثار كثيرة ،ويلح في الدعاء ويدعو ب