PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 003

‫‪http://www.shamela.ws‬‬
‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫المجموع‬
‫النووي‬
‫سنة الولدة ‪ /‬سنة الوفاة‬
‫تحقيق‬
‫الناشر دار الفكر‬
‫سنة النشر ‪1997‬م‬
‫مكان النشر بيروت‬
‫عدد الجأزاء ‪1‬‬
‫ويقال ‪ :‬أجأنب الرجأل يجنب وجأنب بضم الجيم وكسر النون ‪،‬‬
‫يجنب بضم الياء وفتح النون ولغتان مشهورتان ‪ ،‬الولى‬
‫أفصح وأشهر ‪ ،‬يقال رجأل جأنب ورجألن ورجأال وامرأة‬
‫وامرأتان ونسوة جأنب بلفظ واحد ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ } :‬وإن‬
‫كنتم جأنبا فاطهروا { المائدة ‪ 5 :‬قال أهل اللغة ‪ :‬ويقال ‪:‬‬
‫جأنبان وأجأناب فيثنى ويجمع والول أفصح وأشهر ‪ .‬وأما‬
‫حكم المسألة ‪ :‬فيحرم على الجنب ستة أشياء الصلة‬
‫والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد‬
‫وقراءة القرآن ‪ ،‬فأما الربعة الولى فتقدم شرحها وما‬
‫يتعلق بها في باب ما ينقض الوضوء ‪ ،‬وأما قراءة القرآن‬
‫فيحرم كثيرها وقليلها حتى بعض آية ‪ ،‬وكذا يحرم اللبث في‬

‫جأزء من المسجد ولو لحظة ‪ .‬وأما العبور فل يحرم ‪ ،‬وقد ذكر‬
‫المصنف دليل الجميع ‪ ،‬قال أصحابنا ‪ :‬ويكره للجنب أن ينام‬
‫حتى يتوضأ ‪ ،‬ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من‬
‫وطئها أول أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلة ويغسل فرجأه‬
‫في كل هذه الحوال ول يستحب هذا الوضوء للحائض‬
‫والنفساء ‪ ،‬نص عليه الشافعي في البويطي واتفق عليه‬
‫الصحاب ‪ ،‬ودليله ما ذكره المصنف أن الوضوء ل يؤثر في‬
‫حدثها لنه مستمر ‪ ،‬فل تصح الطهارة مع إستمراره ‪ ،‬وهذا‬
‫ما دامت حائضا ‪ ،‬فأما إذا انقطع حيضها فتصير كالجنب‬
‫يستحب لها الوضوء في هذه المواضع ‪ ،‬لنه يؤثر في حدثها‬
‫كالجنب ‪ .‬وهذا الذي قلناه وقاله المصنف والصحاب أن‬
‫الوضوء يؤثر في حدث الجنب ويزيله عن أعضاء الوضوء هو‬
‫الصحيح الذي قطع به الجمهور وخالف فيه إمام الحرمين ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ل يرتفع شيء من الحدث حتى تكمل الطهارة ‪ .‬وقد‬

‫سبق بيان هذه المسائل في المسائل الزوائد في آخر صفة‬
‫الوضوء ودليل استحباب الوضوء وغسل الفرج في هذه‬
‫الحوال أحاديث صحيحة منها حديث عمر رضي الله عنه قال‬
‫‪ :‬يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جأنب فقال ‪ :‬نعم إذا توضأ‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وفي الصحيحين عن ابن عمر قال ‪:‬‬

‫ذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه‬
‫الجنابة من الليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫توضأ واغسل ذكرك ثم نم وعن عائشة كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إذا أراد أن ينام ‪ ،‬وهو جأنب غسل فرجأه وتوضأ‬
‫للصلة رواه البخاري‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/176‬‬

‫ومسلم هذا لفظ البخاري ‪ .‬وفي رواية مسلم ‪ :‬كان رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جأنب توضأ‬
‫وضوءه للصلة قبل أن ينام وفي رواية له كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا كان جأنبا فأراد أن يأكل أو ينام‬
‫توضأ وضوءه ‪ .‬وعن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ رواه‬
‫أبو داود والترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬ومعناه إذا‬
‫أراد أن يأكل ‪ .‬وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬إذا أتى أحدكم أهله‬
‫ثم أراد أن يعود ‪ ،‬فليتوضأ بينهما وضوءا رواه مسلم ‪ .‬زاد‬
‫البيهقي في رواية فإنه أنشط للعود ‪ .‬وأما حديث ابن عباس‬

‫في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل‬
‫فقضي حاجأته ثم غسل وجأهه ويديه ثم نام فالمراد بحاجأته‬
‫الحدث الصغر ‪ .‬وأما حديث أبي إسحاق السبيعي بفتح‬
‫السين المهملة عن السود عن عائشة أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ول يمس ماء‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/177‬‬

‫رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ‪ ،‬فقال أبو داود‬
‫عن يزيد بن هارون ‪ :‬وهم السبيعي في هذا ‪ .‬يعني قوله ول‬
‫يمس ماء ‪ .‬وقال الترمذي ‪ :‬يرون أن هذا غلط من السبيعي‬

‫‪ .‬وقال البيهقي ‪ :‬طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها‬
‫مأخوذة عن غير السود وأن السبيعي دلس ‪ ،‬قال البيهقي ‪:‬‬
‫وحديث السبيعي بهذه الزيادة صحيح من جأهة الرواية لنه‬
‫بين سماعه من السود والمدلس إذا بين سماعه ممن روى‬
‫عنه وكان ثقة فل وجأه لرده ‪ .‬قلت ‪ :‬قالت طائفة من أهل‬
‫الحديث والصول ‪ :‬إن المدلس ل يحتج بروايته وإن بين‬
‫السماع ‪ ،‬والصحيح الذي عليه الجمهور ‪ ،‬أنه إذا بين السماع‬

‫احتج به ‪ ،‬فعلى الول ل يكون الحديث صحيحا ‪ ،‬ول يحتاج إلى‬
‫جأواب ‪ ،‬وعلى الثاني جأوابه من وجأهين ‪ .‬أحدهما ‪ :‬ما رواه‬
‫البيهقي عن ابن سريج رحمه الله واستحسنه البيهقي أن‬
‫معناه ‪ :‬ل يمس ماء للغسل ‪ ،‬لنجمع بينه وبين حديثها الخر ‪،‬‬
‫وحديث عمر الثابتين في الصحيحين ‪ .‬والثاني ‪ :‬أن المراد‬
‫أنه كان يترك الوضوء في بعض الحوال ليبين الجواز إذ لو‬
‫واظب عليه لعتقدوا وجأوبه ‪ ،‬وهذا عندي حسن أو أحسن ‪،‬‬
‫وثبت في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم طاف على نسائه بغسل واحد ‪ ،‬وهن تسع نسوة ‪.‬‬
‫فيحتمل أنه كان يتوضأ بينها ‪ ،‬ويحتمل ترك الوضوء لبيان‬
‫الجواز ‪ ،‬وفي رواية لبي داود أنه طاف على نسائه ذات ليلة‬
‫يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل يا رسول الله أل تجعله‬
‫غسل واحدا فقال ‪ :‬هذا أزكى وأطيب وأطهر قال أبو داود ‪:‬‬
‫والحديث الول أصح ‪ .‬قلت ‪ :‬وإن صح هذا الثاني حمل على‬
‫أنه كان في وقت وذاك في وقت ‪ ،‬والحديثان محمولن على‬
‫أنه كان برضاهن إن قلنا بالصح ‪ ،‬وقول الكثرين أن القسم‬
‫كان واجأبا عليه صلى الله عليه وسلم في الدوام ‪ ،‬فإن‬
‫القسم ل يجوز أقل من ليلة ليلة برضاهن والله أعلم ‪ .‬فرع ‪:‬‬
‫روى أبو داود والنسائي بإسناد جأيد عن علي رضي الله عنه‬
‫قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ل تدخل‬

‫الملئكة بيتا فيه صورة ول جأنب ول كلب قال الخطابي‬
‫المراد‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/178‬‬

‫الملئكة الذي ينزلون بالرحمة والبركة ل الحفظة لنهم ل‬
‫يفارقون الجنب ول غيره ‪ .‬قال ‪ :‬وقيل لم يرد بالجنب من‬
‫أصابته جأنابة فأخر الغتسال إلى حضور الصلة ولكنه الجنب‬
‫الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان ينام وهو جأنب ويطوف على نسائه بغسل‬

‫واحد ‪ .‬قال ‪ :‬وأما الكلب فهو أن يقتني كلبا لغير الصيد‬
‫والزرع والماشية وحراسة الدار ‪ ،‬قال ‪ :‬وأما الصورة فهي‬
‫كل مصور من ذوات الرواح ‪ ،‬سواء كان على جأدار أو سقف‬
‫أو ثوب ‪ .‬هذا كلم الخطابي وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون‬
‫والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل ‪ .‬فرع ‪ :‬هذا‬
‫الذي ذكرناه من كراهة النوم قبل الوضوء للجنب هو مذهبنا‬
‫وبه قال أكثر السلف أو كثير منهم حكاه ابن المنذر عن علي‬
‫بن أبي طالب وابن عباس وأبي سعيد الخدري وشداد بن‬

‫أوس وعائشة والحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك‬
‫وأحمد وإسحاق واختاره ابن المنذر قال ‪ :‬وقال سعيد بن‬
‫المسيب وأصحاب الرأي ‪ :‬هو بالخيار ‪ ،‬دليلنا الحاديث‬
‫السابقة والله أعلم ‪ .‬فرع ‪ :‬في مذاهب العلماء في قراءة‬
‫الجنب والحائض ‪ ،‬مذهبنا أنه يحرم على الجنب والحائض‬
‫قراءة القرآن قليلها وكثيرها حتى بعض آية وبهذا قال أكثر‬
‫العلماء كذا حكاه الخطابي وغيره عن الكثرين ‪ ،‬وحكاه‬
‫أصحابنا عن عمر بن الخطاب وعلي وجأابر رضي الله عنهم‬
‫والحسن والزهري والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق ‪ .‬وقال‬
‫داود ‪ :‬يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن ‪ ،‬وروى هذا‬
‫عن ابن عباس وابن المسيب ‪ ،‬قال القاضي أبو الطيب وابن‬
‫الصباغ وغيرهما ‪ :‬واختاره ابن المنذر ‪ ،‬وقالمالك ‪ :‬يقرأ‬
‫الجنب اليات اليسيرة للتعوذ ‪ ،‬وفي الحائض روايتان عنه‬
‫إحداهما ‪ :‬تقرأ والثانية ‪ :‬ل تقرأ ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬يقرأ‬
‫الجنب بعض آية ول يقرأ آية وله رواية كمذهبنا ‪ .‬واحتج من‬
‫جأوز مطلقا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه رواه‬
‫مسلم قالوا ‪:‬‬
‫____________________‬


‫) ‪(2/179‬‬

‫والقرآن ذكر ولن الصل عدم التحريم ‪ .‬واحتج أصحابنا‬
‫بحديث ابن عمر المذكور في الكتاب لكنه ضعيف كما سبق‬
‫وعن عبد الله بن سلمة ‪ .‬بكسر اللم ‪ ،‬عن علي رضي الله‬
‫عنه قال ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي‬
‫حاجأته فيقرأ القرآن ولم يكن يحجبه ‪ ،‬وربما قال ‪ :‬يحجزه‬
‫عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أبو داود والترمذي‬
‫والنسائي وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم ‪ .‬قال الترمذي ‪:‬‬
‫حيث حسن صحيح ‪ ،‬وقال غيره من الحفاظ المحققين ‪ :‬هو‬

‫حديث ضعيف ورواه الشافعي في سنن حرملة ثم قال ‪ :‬إن‬
‫كان ثابتا ففيه دللة على تحريم القراءة على الجنب ‪ .‬قال‬
‫البيهقي ‪ :‬ورواه الشافعي في كتاب جأماع الطهور ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه ‪ ،‬قال البيهقي ‪ :‬وإنما‬
‫توقف الشافعي في ثبوته لن مداره على عبد الله بن سلمة‬
‫وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة وإنما روى‬
‫هذا الحديث بعدما كبر ‪ ،‬قاله شعبة ‪ ،‬ثم روى البيهقي عن‬
‫الئمة تحقيق ما قال ‪ ،‬ثم قال البيهقي ‪ :‬وصح عن عمر‬
‫رضي الله عنه أنه كره القراءة للجنب ‪ ،‬ثم رواه بإسناده عنه‬

‫‪ .‬وروى عن علي ل يقرأ الجنب القرآن ول حرفا واحدا ‪،‬‬
‫وروى البيهقي عن عبد الله بن مالك الغافقي أنه سمع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‪ :‬إذا توضأت وأنا جأنب‬
‫أكلت وشربت ول أصلي ول أقرأ حتى أغتسل وإسناده‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/180‬‬

‫أيضا ضعيف ‪ .‬واحتج أصحابنا أيضا بقصة عبد الله بن رواحة‬
‫رضي الله عنه المشهورة ‪ :‬أن امرأته رأته يواقع جأارية له ‪،‬‬
‫فذهبت فأخذت سكينا وجأاءت تريد قتله ‪ ،‬فأنكر أنه واقع‬
‫الجارية وقال أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم الجنب أن يقرأ القرآن قالت ‪ :‬بلى فأنشدها البيات‬
‫المشهورة فتوهمتها قرآنا فكفت عنه ‪ ،‬فأخبر رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم بذلك فضحك ولم ينكر عليه ‪ .‬والدللة‬
‫فيه من وجأهين أحدهما ‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم لم‬
‫ينكر عليه قوله ‪ :‬حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫القرآن والثاني ‪ :‬أن هذا كان مشهورا عندهم يعرفه رجأالهم‬
‫ونساؤهم ‪ ،‬ولكن إسناد هذه القصة ضعيف ومنقطع ‪.‬‬
‫وأجأاب أصحابنا عن احتجاج داود بحديث عائشة بأن المراد‬

‫بالذكر غير القرآن ‪ ،‬فإنه المفهوم عند الطلق ‪ .‬وأما‬
‫المذاهب الباقية فقد سلموا تحريم القراءة في الجملة ‪ ،‬ثم‬
‫ادعوا تخصيصا ل مستند له ‪ .‬فإن قالوا ‪ :‬جأوزنا للحائض‬
‫خوف النسيان ‪ ،‬قلنا ‪ :‬يحصل المقصود بتفكرها بقلبها ‪.‬‬
‫والله أعلم ‪ .‬فرع ‪ :‬في مذاهب العلماء في مكث الجنب في‬
‫المسجد وعبوره فيه بل مكث ‪ ،‬مذهبنا أنه يحرم عليه المكث‬
‫في المسجد جأالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان ‪،‬‬
‫متوضئا كان أو غيره ‪ ،‬ويجوز له العبور من غير لبث ‪ ،‬سواء‬
‫كان له حاجأة أم ل ‪ ،‬وحكى ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله‬

‫بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري‬
‫وسعيد بن جأبير وعمرو بن دينار ومالك ‪ .‬وحكى عن سفيان‬
‫الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهوية أنه ل يجوز‬
‫له العبور إل أن ل يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر ‪ .‬وقال أحمد ‪:‬‬
‫يحرم المكث ويباح العبور لحاجأة ول يباح لغير حاجأة ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ولو توضأ استباح المكث ‪ .‬وجأمهور العلماء على أن الوضوء‬
‫ل أثر له في هذا ‪ .‬وقال المزني وداود وابن المنذر ‪ :‬يجوز‬
‫للجنب المكث في المسجد مطلقا ‪ .‬وحكاه الشيخ أبو حامد‬
‫عن زيد بن أسلم ‪ .‬واحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره‬
‫ابن المنذر في الشراف وذكره غيره أن النبي صلى الله‬

‫عليه وسلم قال ‪ :‬المسلم ل ينجس رواه البخاري ومسلم‬
‫من رواية أبي هريرة ‪ ،‬وبما احتج به المزني‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/181‬‬

‫في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد‬
‫‪ ،‬فالمسلم الجنب أولى ‪ ،‬وأحسن ما يوجأه به هذا المذهب أن‬
‫الصل عدم التحريم ‪ ،‬وليس لمن حرم دليل صحيح صريح ‪.‬‬
‫واحتج أصحابنا بقول الله تعالى ‪ } :‬ل تقربوا الصلة وأنتم‬
‫سكارى حتى تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل {‬
‫النساء ‪ 43 :‬قال الشافعي رحمه الله في الم ‪ :‬قال بعض‬
‫العلماء بالقرآن ‪ :‬معناها ل تقربوا مواضع الصلة ‪ .‬قال‬
‫الشافعي ‪ :‬وما أشبه ما قال بما قال ‪ :‬لنه ليس في الصلة‬
‫عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد ‪،‬‬
‫قال الخطابي وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة‬
‫معمر بن المثنى ‪ .‬قال البيهقي في معرفة السنن و الثار ‪:‬‬
‫وروينا هذا التفسير عن ابن عباس قال وروينا عن جأابر قال‬
‫‪ :‬كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جأنب وعن أفلت بن‬
‫خليفة عن جأسره بنت دجأاجأة عن عائشة رضي الله عنها‬

‫قالت جأاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة‬
‫في المسجد ‪ ،‬فقال وجأهوا هذه البيوت عن المسجد فإني ل‬
‫أحل المسجد لحائض ول جأنب رواه أبو داود وغيره ‪ .‬قال‬
‫البيهقي ‪ :‬ليس هو بقوي قال ‪ :‬قال البخاري عند جأسرة‬
‫عجائب وقد خالفها غيرها في سد البواب ‪ .‬وقال الخطابي‬
‫ضعف هذا الحديث وقالوا ‪ :‬أفلت مجهول ‪ ،‬وقال الحافظ‬
‫عبد الحق ‪ :‬هذا الحديث ل يثبت ‪ .‬قلت ‪ :‬وخالفهم غيرهم ‪،‬‬
‫فقال أحمد بن حنبل ل أرى بأفلت بأسا وقال الدارقطني‬

‫هو كوفي صالح وقال أحمد بن عبد الله العجلي جأسرة‬
‫تابعية ثقة وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه ‪ ،‬وقد‬
‫قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم يضعفه ولم يجد‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/182‬‬

‫لغيره فيه تضعيفا فهو عنده صالح ‪ ،‬ولكن هذا الحديث ضعفه‬
‫من ذكرنا ‪ ،‬وجأسرة بفتح الجيم وإسكان السين المهملة ‪،‬‬
‫وأفلت بالفاء ‪ .‬قال الخطابي ‪ :‬وجأوه البيوت أبوابها ‪ ،‬وقال‬
‫ومعنى وجأهوها عن المسجد اصرفوا وجأوهها عن المسجد ‪.‬‬
‫وأجأاب أصحابنا عن احتجاجأهم بحديث المسلم ل ينجس بأنه‬
‫ل يلزم من عدم نجاسته جأواز لبثه في المسجد ‪ .‬وأما‬
‫القياس على المشرك فجوابه من وجأهين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬أن‬
‫الشرع فرق بينهما ‪ ،‬فقام دليل تحريم مكث الجنب ‪ .‬وثبت‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في‬
‫المسجد ‪ ،‬فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية ‪ .‬والثاني ‪ :‬أن‬
‫الكافر ل يعتقد حرمة المسجد فل يكلف بها ‪ ،‬بخلف المسلم‬
‫وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئا لم يلزمه‬
‫ضمانه لنه لم يلتزم الضمان بخلف المسلم والذمي إذا‬
‫أتلفا ‪ .‬واحتج من حرم المكث والعبور بحديث ‪ :‬ل أحل‬
‫المسجد لحائض ول جأنب وبحديث سالم بن أبي حفصة عن‬
‫عطية بن سعد العوفي المفسر عن أبي سعيد الخدري قال ‪:‬‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي‬
‫الله عنه ‪ :‬يا علي ل يحل لحد يجنب في هذا المسجد غيري‬
‫وغيرك رواه الترمذي في جأامعه في مناقب علي وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجأه ‪ .‬قال أبو نعيم‬
‫ضرار بن صرد ‪ :‬معناه ل يحل لحد يستطرقه جأنبا غيري‬
‫وغيرك ‪ .‬قال الترمذي ‪ :‬سمع البخاري مني هذا الحديث‬
‫واستغربه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ولنه موضع ل يجوز المكث فيه ‪ ،‬فكذا‬
‫العبور ‪ ،‬كالدار المغصوبة وقياسا على الحائض ومن في‬
‫رجأله نجاسة ‪ .‬واحتج أصحابنا بما احتج به الشافعي وغيره‬
‫وهو قول الله تعالى ‪ } :‬ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حتى‬
‫تعلموا ما تقولون ول جأنبا إل عابري سبيل { وتقدم ذكر‬
‫الدللة منها ‪ .‬قال أصحاب أبي حنيفة ‪ :‬المراد بالية أن‬
‫المسافر إذا‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/183‬‬

‫أجأنب وعدم الماء جأاز له التيمم والصلة وإن كانت الجنابة‬
‫باقية ‪ ،‬لن هذه حقيقة الصلة ‪ .‬والجواب أن هذا الذي‬
‫ذكروه ليس مختصا بالمسافر بل يجوز للحاضر فل تحمل‬
‫الية عليه ‪ ،‬وأما ما ذكرناه فهو الظاهر ‪ ،‬وقد جأاء الحديث‬
‫وأقوال الصحابة وتفسيرهم على وفقه فكان أولى ‪.‬‬
‫واحتجوا بحديث جأابر ‪ :‬كنا نمشي في المسجد جأنبا ل نرى به‬
‫بأسا رواه الدارمي بإسناد ضعيف ‪ ،‬ولنه مكلف أمن تلويث‬
‫المسجد فجاز عبوره كالمحدث ‪ .‬وأما الجواب عن حديثهم‬
‫الول فهو أنه إن صح حمل على المكث جأمعا بين الدلة ‪،‬‬
‫وأما الثاني فضعيف لن مداره على سالم بن أبي حفصة‬
‫وعطية وهما ضعيفان جأدا شيعيان متهمان في رواية هذا‬
‫الحديث ‪ ،‬وقد أجأمع العلماء على تضعيف سالم وغلوه في‬
‫التشيع ‪ ،‬ويكفي في رده بعض ما ذكرنا ‪ ،‬لسيما وقد‬
‫استغربه البخاري إمام الفن ‪ ،‬على أنه لو صح لم يكن معناه‬
‫ما ذكره أبو نعيم لنه خلف ظاهره ‪ ،‬بل معناه إباحة المكث‬
‫في المسجد مع الجنابة ‪ ،‬وقد ذكر أبو العباس بن القاص هذا‬
‫في خصائض النبي صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وأما قياسهم‬
‫على الدار المغصوبة ‪ ،‬فمنتقض بمواضع الخمور والملهي‬
‫والطرق الضيقة ‪ .‬وأما قياسهم على من على رجأله نجاسة‬
‫فإنما يمنع عبوره إذا كانت النجاسة جأارية أو متعرضة‬
‫للحريان ‪ ،‬وهذا يمنع صيانة للمسجد من تلويثه ‪ ،‬والجنب‬
‫بخلف فنظير الجنب من على رجأله نجاسة يابسة فله العبور‬
‫‪ .‬وبهذا يجاب عن قياسهم على الحائض إن حرمنا عبورها ‪،‬‬
‫وإل فالصح جأواز عبورها إذا أمنت التلويث ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬
‫فصل يتعلق بقراءة الجنب والحائض والمحدث وإذكارهم‬
‫ومواضع القراءة وأحوالها ونحو ذلك وهذا الفصل من‬
‫المهمات التي يتأكد لطالب الخرة معرفتها ‪ ،‬وقد جأمعت‬
‫في هذا كتابا لطيفا ‪ ،‬وهو ) التبيان في آداب حملة القرآن (‬
‫وأنا أشير هنا إلى جأمل من مقاصده إن شاء الله تعالى ‪،‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/184‬‬

‫إحداها ‪ :‬قد ذكرنا أنه يحرم على الجنب والحائض والنفساء‬
‫قراءة شيء من القرآن وإن قل حتى بعض آية ‪ ،‬ولو كان‬
‫يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه‬
‫قراءتها ‪ .‬ذكره القاضي حسين في الفتاوي ‪ ،‬لنه يقصد‬
‫القرآن للحتجاج ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬ولو قال النسان ‪ :‬خذ‬
‫الكتاب بقوة ‪ ،‬ولم يقصد به القرآن جأاز ‪ ،‬وكذا ما أشبهه ‪،‬‬
‫ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند‬
‫المصيبة } إنا لله وإنا إليه راجأعون { البقرة ‪ 156 :‬إذا لم‬
‫تقصد القرآن ‪ .‬قال أصحابنا الخراسانيون ‪ :‬ويجوز عند‬
‫ركوب الدابة أن يقول ‪ } :‬سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا‬
‫له مقرنين { الزخرف ‪ 13 :‬ل بقصد القرآن ‪ .‬وممن صرح به‬
‫الفوراني والبغوي والرافعي وآخرون ‪ .‬وأشار العراقيون‬
‫إلى منعه ‪ ،‬والمختار الصحيح الول ‪ .‬قال القاضي حسين‬
‫وغيره ‪ :‬ويجوز أن يقول في الدعاء } ومنهم من يقول ربنا‬
‫آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار {‬
‫الحرمين ووالده الشيخ أبو محمد والغزالي في البسيط ‪ :‬إذا‬
‫قال الجنب باسم الله أو الحمد لله ‪ ،‬فإن قصد القرآن عصى‬
‫وإن قصد الذكر لم يعص وإن لم يقصد واحدا منهما لم يعص‬
‫أيضا قطعا ‪ ،‬لن القصد مرعي في البواب ‪ .‬المسألة الثانية‬
‫‪ :‬تجوز للجنب قراءة ما نسخت تلوته ك الشيخ والشيخة إذا‬
‫زنيا فارجأموهما وما أشبه ‪ ،‬صرح به القاضي حسين والبغوي‬
‫وآخرون ‪ .‬الثالثة ‪ :‬يجوز للجنب والحائض النظر في‬
‫المصحف وقراءته بالقلب دون حركة اللسان ‪ .‬وهذا ل خلف‬
‫فيه ‪ .‬الرابعة ‪ :‬قال أصحابنا ‪ :‬إذا لم يجد الجنب ماء ول ترابا‬
‫يصلي الفريضة وحدها لحرمة الوقت ول يقرأ زيادة على‬
‫الفاتحة ‪ ،‬وفي الفاتحة وجأهان حكاهما الخراسانيون أحدهما‬
‫‪ :‬ورجأحه القاضي حسين والرافعي ‪ :‬ل تجوز قراءة الفاتحة‬
‫أيضا لنه عاجأز عنها شرعا فيأتي بالذكار التي يأتي بها من‬
‫ل يحسن الفاتحة ‪ .‬والثاني ‪ :‬وهو الصحيح وبه قطع الشيخ‬
‫أبو حامد وسائر العراقيين والروياني في الحلية وآخرون‬
‫من الخراسانيين ‪ :‬أنه تجب قراءة الفاتحة ‪ ،‬لنه قادر‬
‫وقراءته كركوعه وسجوده ‪ ،‬وستأتي المسألة إن شاء الله‬
‫تعالى مبسوطة في باب التيمم ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/185‬‬

‫الخامسة ‪ :‬غير الجنب والحائض لو كان فمه نجسا كره له‬
‫قراءة القرآن ‪ .‬قال الروياني ‪ :‬وفي تحريمه وجأهان‬
‫خرجأهما والدي أحدهما ‪ :‬يحرم كمس المصحف بيده النجسة‬
‫والثاني ‪ :‬ل يحرم كقراءة المحدث ‪ ،‬كذا أطلق الوجأهين ‪،‬‬
‫والصحيح أنه ل يحرم ‪ ،‬وهو مقتضي كلم الجمهور ‪،‬‬
‫وإطلقهم أن غير الجنب والحائض والنفساء ل يحرم عليه‬
‫القراءة ‪ .‬السادسة ‪ :‬أجأمع المسلمون على جأواز قراءة‬
‫القرآن للمحدث الحدث الصغر والفضل أن يتوضأ لها ‪ .‬قال‬
‫إمام الحرمين وغيره ‪ :‬ول يقال قراءة المحدث مكروهة ‪،‬‬
‫فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ مع‬
‫الحدث والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر‬
‫كالمحدث ‪ .‬السابعة ‪ :‬ل يكره للمحدث قراءة القرآن في‬
‫الحمام ‪ ،‬نقله صاحبا العدة و البيان وغيرهما من أصحابنا ‪،‬‬
‫وبه قال محمد بن الحسن ونقله ابن المنذر عن إبراهيم‬
‫النخعي ومالك ‪ .‬ونقل عن أبي وائل شفيق بن سلمة‬
‫التابعي الجليل والشعبي ومكحول ‪ ،‬والحسن وقبيصة بن‬
‫ذويب كراهته ‪ ،‬وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة ‪ ،‬ورويناه في‬
‫مسند الدارمي عن إبراهيم النخعي ‪ ،‬فيكون عنه خلف ‪.‬‬
‫دليلنا أنه لم يرد الشرع بكراهته فلم يكره كسائر المواضع ‪.‬‬
‫الثامنة ‪ :‬ل تكره القراءة في الطريق مارا إذا لم يتله ‪ ،‬وروى‬
‫نحو هذا عن أبي‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/186‬‬

‫الدرداء وعمر بن عبد العزيز ‪ .‬وعن مالك كراهتها ‪ .‬قال‬
‫الشعبي ‪ :‬تكره القراءة في الحش وبيت الرحا وهي تدور ‪،‬‬
‫وهذا الذي ذكره مقتضي مذهبنا ‪ .‬التاسعة ‪ :‬إذا كان يقرأ‬
‫فعرضت له ريح أمسك عن القراءة حال خروجأها ‪ .‬العاشرة ‪:‬‬
‫أجأمع المسلمون على جأواز التسبيح والتهليل والتكبير‬
‫والتحميد والصلة على رسول لله صلى الله عليه وسلم‬
‫وغير ذلك من الذكار وما سوى القرآن للجنب والحائض ‪،‬‬
‫ودلئله مع الجأماع في الحاديث الصحيحة مشهورة ‪.‬‬
‫الحادية عشرة ‪ :‬قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل‬
‫وسائر الذكار إل في المواضع التي ورد الشرع بهذه الذكار‬
‫فيها ‪ ،‬وستأتي دلئله إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف‬
‫في أذكار الطواف ‪ .‬الثانية عشرة ‪ :‬يستحب أن ينظف فمه‬
‫قبل الشروع في القراءة بسواك ونحوه ويستقبل القبلة‬

‫ويجلس متخشعا بسكينة ووقار ‪ ،‬ولو قرأ قائما أو مضطجعا‬
‫أو ماشيا أو على فراشه جأاز ‪ ،‬ودلئله في الكتاب والسنة‬
‫مشهورة ‪ ،‬وإذا أراد القراءة تعوذ وجأهر به ‪ .‬والتعوذ سنة‬
‫ليس بواجأب ويحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫في أوائل السور غير براءة ‪ ،‬فإذا شرع في القراءة فليكن‬
‫شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهو المطلوب والمقصود ‪،‬‬
‫وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب ‪ .‬قال الله تعالى ‪:‬‬
‫} كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته { ص ‪ 29 :‬وقال‬
‫تعالى ‪ } :‬أفل يتدبرون القرآن { أق والحاديث فيه كثيرة ‪،‬‬
‫وقد بات جأماعة من السلف يردد أحدهم الية جأميع ليلته أو‬
‫معظمها ‪ ،‬وصعق جأماعات من السلف عند القراءة ‪ ،‬ومات‬
‫جأماعات منهم بسبب القراءة ‪ ،‬وقد ذكرت في التبيان جأملة‬
‫من أخبار هؤلء رضي الله عنهم ‪ .‬ويسن تحسين الصوت‬
‫بالقرآن للحاديث الصحيحة المشهورة فيه ‪ .‬وقد أوضحتها‬
‫في التبيان وسأبسطها إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب‬
‫حيث ذكر المصنف المسألة في كتاب الشهادات ‪ .‬قالوا ‪:‬‬
‫فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع ‪ ،‬ول يخرج‬
‫بتحسينه عن حد القراءة إلى التمطيط المخرج له عن حدوده‬
‫ويستحب البكاء عند القراءة ‪ ،‬وهي صفة العارفين وشعار‬
‫عباد الله الصالحين ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ } :‬ويخرون للذقان‬
‫يبكون ويزيدهم خشوعا {‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/187‬‬

‫السراء ‪ 109 :‬والحاديث والثار فيه كثيرة ‪ .‬وفي‬
‫الصحيحين مسعود رضي الله عنه أنه قرأ على النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم إلى أن قال ‪ ) :‬حسبك ( قال فرأيت عينيه‬
‫تذرفان ‪ ،‬وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرؤه من‬
‫التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ‪ ،‬ثم يفكر في‬
‫تقصيره فيها ‪ ،‬فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء ‪ ،‬فليبك‬
‫على فقد ذلك ‪ ،‬فإنه من المصائب ‪ .‬ويسن ترتيل القراءة ‪.‬‬
‫قال الله تعالى ‪ } :‬أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل { المزمل‬
‫‪ 4 :‬وثبت في الحاد أن قراءة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كانت مرتلة ‪ ،‬واتفقوا على كراهة الفراط في‬
‫السراع ويسمى ألهذا ‪ .‬قالوا ‪ :‬وقراءة جأزء بترتيل أفضل‬
‫من قراءة جأزءين في قدر ذلك الزمن بل ترتيل ‪ .‬قال‬
‫العلماء ‪ :‬والترتيل مستحب للتدبر ‪ ،‬ولنه أقرب إلى الجألل‬

‫والتوقير ‪ ،‬وأشد تأثيرا في القلب ‪ ،‬ولهذا يستحب الترتيل‬
‫للعجمي الذي ل يفهم معناه ‪ ،‬ويستحب إذا مر بأية رحمة أن‬
‫يسألة الله تعالى من فضله ‪ ،‬وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ‬
‫من العذاب أو من الشر ونحو ذلك ‪ ،‬وإذا مرى بآية تنزيه لله‬
‫تعالى نزه ‪ ،‬فقال ‪ :‬تبارك الله أو جألت عظمة ربنا ونحو ذلك‬
‫‪ .‬وهذا مستحب لكل قارىء ‪ ،‬سواء في الصلة وخارجأها ‪،‬‬
‫وسواء المام والمأموم والمنفرد ‪ .‬وقد ثبت ذلك في صحيح‬
‫مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنبسط‬
‫ذلك بدلئله إن شاء الله تعالى ‪ ،‬حيث ذكره المصنف في آخر‬
‫باب سجود التلوة ‪ .‬ول تجوز القراءة بالعجمية سواء أحسن‬
‫العربية أم ل ‪ ،‬وسواء كان في الصلة أم خارجأها ‪ ،‬وتجوز‬
‫بالقراءات السبع ول تجوز بالشواذ ‪ ،‬وسنوضح ذلك بدلئله‬
‫في صفة الصلة حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى ‪،‬‬
‫والولى أن يقرأ على ترتيب المصحف ‪ ،‬سواء قرأ في‬
‫الصلة أم خارجأها ‪ ،‬وإذا قرأ سورة قرأ بعدها التي تليها ‪،‬‬
‫لن ترتيب المصحف‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/188‬‬

‫لحكمة فل يتركها إل فيما ورد الشرع فيه بالتفريق كصلة‬
‫الصبح يوم الجمعة ) بألم ( و ) هل أتى ( وصلة العيد ب ) ق‬
‫( ) واقتربت ( ونظائر ذلك ‪ ،‬فلو فرق أو عكس جأاز وترك‬
‫الفضل ‪ .‬وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق‬
‫على منعه وذمه لنه يذهب بعض أنواع العجاز ويزيل حكمة‬
‫الترتيب ‪ ،‬وأما تعليم الصبيان من آخر الختمة إلى أولها فل‬
‫بأس به لنه يقع في أيام ‪ .‬فرع ‪ :‬القراءة في المصحف‬
‫أفضل من القراءة عن ظهر القلب ‪ ،‬لنها تجمع القراءة‬
‫والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى ‪ ،‬كذا قاله القاضي‬
‫حسين وغيره من أصحابنا ‪ .‬ونص عليه جأماعات من السلف‬
‫ولم أر فيه خلفا ‪ ،‬ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي‬
‫خشوعه وحضور قلبه في الحالين فأما من يزيد خشوعه‬
‫وحضور قلبه وتدبره في القراءة عن ظهر القلب فهي‬
‫أفضل في حقه ‪ .‬فرع ‪ :‬ل كراهة في قراءة الجماعة‬
‫مجتمعين بل هي مستحبة ‪ ،‬وكذا الدارة وهي أن يقرأ‬
‫بعضهم جأزءا أو سورة مثل ويسكت بعضهم ‪ ،‬ثم يقرأ‬
‫الساكتون ويسكت القارئون ‪ ،‬وقد ذكرت دلئله في التبيان ‪،‬‬
‫وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ما سبق في آداب‬

‫القارىء وحده ‪ .‬ومنها أشياء يتساهل فيها في العادة ‪ ،‬فمن‬
‫ذلك أنهم مأمورون بإجأتناب الضحك واللغط والحديث في‬
‫حال القراءة إل كلما يسيرا للضرورة ‪ ،‬وبإجأتناب العبث باليد‬
‫وغيرها ‪ ،‬والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن ‪ .‬وأقبح من ذلك‬
‫النظر إلى من يحرم النظر إليه كالمرد وغيره ‪ ،‬سواء كان‬
‫بشهوة أم بغيرها ويجب على الحاضر في ذلك المجلس أن‬
‫ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها ‪ ،‬فينكر بيده ثم‬
‫لسانه على حسب المكان ‪ ،‬فإن لم يستطع فليكرهه بقلبه ‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬جأاءت في الصحيح أحاديث تقتضي إستحباب رفع‬
‫الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي أن السرار والخفاء‬
‫أفضل ‪ .‬قال العلماء ‪ :‬وطريق الجمع بينها أن الخفاء أبعد‬
‫من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف الرياء ‪ ،‬وكذا ما‬
‫يتأذى المصلون وغيرهم بجهره فالخفاء أفضل في حقه ‪،‬‬
‫فإن لم يخف الرياء ولم يتأذ أحد بجهره فالجهر أفضل ‪ ،‬لن‬
‫العمل فيه أكثر ‪ ،‬ولن فائدته تتعدى إلى السامعين ‪ ،‬ولنه‬
‫يوقظ قلب القارىء ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه‬
‫إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ‪ ،‬وقد أوضحت جأملة من‬
‫الحاديث والثار الواردة من ذلك في التبيان ‪ .‬فرع ‪ :‬يسن‬
‫تحسين الصوت بالقراءة ‪ ،‬للحاديث الصحيحة المشهورة فيه‬
‫‪ ،‬وسنبسطه إن شاء الله تعالى حيث ذكره المصنف في‬
‫كتاب الشهادات ويسن طلب القراءة من حسن الصوت‬
‫والصغاء إليها وهذا متفق على استحبابه ‪ ،‬وهو عادة الخيار‬
‫والمتعبدين وعباد الله الصالحين ‪ .‬وفي الصحيحين أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود ‪،‬‬
‫اقرأ على القرآن‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/189‬‬

‫فإني أحب أن أسمعه من غيري ‪ ،‬فقرأ عليه من سورة‬
‫النساء حتى بلغ ‪ } :‬فكيف إذا جأئنا من كل أمة بشهيد وجأئنا‬
‫بك على هؤلء شهيدا { والثار فيه كثيرة مشهورة ‪ ،‬وقد‬
‫مات جأماعة من الصالحين بقراءة من سألوه القراءة‬
‫واستحب العلماء إفتتاح مجلس حديث رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بقراءة قارىء حسن الصوت ما تيسر من القرآن‬
‫‪ .‬فرع ‪ :‬ينبغي للقارىء أن يبتدىء من أول السورة أو من‬
‫أول الكلم المرتبط ويقف على آخرها ‪ ،‬أو آخر الكلم‬
‫المرتبط بعضه ببعض ‪ ،‬ول يتقيد بالجأزاء والعشار ‪ ،‬فإنها‬

‫قد تكون في وسط كلم مرتبط كالجزء في قوله تعالى ‪:‬‬
‫} والمحصنات { ‪ } ،‬وما أبرئ نفسي { ‪ } ،‬قال ألم أقل لك‬
‫إنك لن تستطيع معي صبرا { ‪ } ،‬ومن يقنت منكن { ‪ } ،‬وما‬
‫أنزلنا على قومه { ‪ } ،‬إليه يرد علم الساعة { ‪ } ،‬قال فما‬
‫خطبكم { فكل هذا وشبهه ل يبتدأ به ‪ ،‬ول يوقف عليه ‪ ،‬ول‬
‫يغتر بكثرة الفاعلين له ‪ ،‬ولهذا قال العلماء ‪ :‬قراءة سورة‬
‫قصيرة بكمالها أفضل من قدرها من طويلة لنه قد يخفي‬
‫الرتباط ‪ .‬فرع ‪ :‬تكره القراءة في أحوال ‪ ،‬منها حال الركوع‬
‫والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلة سوى القيام ‪،‬‬
‫وتكره في حال القعود على الخلء ‪ ،‬وفي حال النعاس وحال‬
‫الخطبة لمن يسمعها ‪ .‬ويكره للمأموم قراءة ما زاد على‬
‫الفاتحة في صلة جأهرية إذا سمع قراءة المام ول يكره في‬
‫الطواف ‪ ،‬وتقدم بيان القراءة في الحمام والطريق وقراءة‬
‫من فمه نجس ‪ .‬فرع ‪ :‬إذا مر القارىء على قوم سلم عليهم‬
‫وعاد إلى القراءة ‪ ،‬فإن أعاد التعوذ كان حسنا ‪ ،‬ويستحب‬
‫لمن مر على القارىء أن يسلم عليه ‪ ،‬ويلزم القارىء رد‬
‫السلم باللفظ ‪ .‬وقال الواحدي من أصحابنا ‪ :‬ل يسلم المار‬
‫فإن سلم رد عليه القارىء بالشارة ‪ ،‬وهذا ضعيف ‪ ،‬ولو‬
‫عطس القارىء في الصلة أو خارجأها فليحمد الله تعالى ‪،‬‬
‫ولو عطس غيره شمته القارىء ‪ ،‬ولو سمع المؤذن أو‬
‫المقيم قطع القراءة وتابعه ‪ ،‬وقد ذكر المصنف المسألة في‬
‫باب الذان ‪ ،‬ولو طلبت منه حاجأة وأمكنه الجواب بإشارة‬
‫مفهمة وعلم أنه ل يشق ذلك على الطالب أجأابه إشارة ‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا قرأ ) } أليس الله بأحكم الحاكمين { } أليس ذلك‬
‫بقادر على أن يحيي {‬
‫____________________‬

‫) ‪(2/190‬‬

‫} الموتى { استحب أن يقول ‪ :‬بلى وأنا على ذلك من‬
‫الشاهدين ‪ ،‬وإذا قرأ } سبح اسم ربك العلى { قال ‪:‬‬
‫سبحان ربي العلى ‪ ،‬وإذا قرأ ‪ } :‬وقل الحمد لله الذي لم‬
‫يتخذ ولدا { قال ‪ :‬الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ‪ .‬وقد بسطت‬
‫ذلك في التبيان وسأذكره في صفة الصلة من هذا الكتاب‬
‫مبسوطا إن شاء الله تعالى ‪ .‬فرع ‪ :‬جأاء عن إبراهيم النخعي‬
‫أنه إذا قرأ ‪ } :‬وقالت اليهود يد الله مغلولة { ‪ } ،‬وقالت‬
‫اليهود عزير ابن الله { ونحوهما خفض صوته قليل ‪ .‬وقال‬
‫غيره ‪ :‬إذا قرأ } إن الله وملئكته يصلون على النبي { الية‬

‫‪ ،‬استحب أن يقول ‪ :‬صلى الله عليه وسلم تسليما ‪ .‬فرع ‪:‬‬
‫في الوقات المختارة للقراءة أفضلها ما كان في الصلة ‪،‬‬
‫ومذهبنا أن تطويل القيام في الصلة أفضل من تطويل‬
‫السجود وغيره ‪ ،‬وسنبسط المسألة بأدلتها ومذاهب العلماء‬
‫فيها في صفة الصلة إن شاء الله تعالى ‪ .‬وقد ذكرها‬
‫المصنف في باب صلة الخوف ‪ .‬وأفضل الوقات الليل‬
‫ونصفه الخر أفضل ‪ ،‬والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة‬
‫‪ ،‬وأفضل النهار بعد الصبح ‪ ،‬ول كراهة في شيء من‬
‫الوقات ‪ .‬ونقل عن بعض السلف كراهة القراءة بعد العصر‬
‫‪ ،‬وليس بشيء ول أصل له ‪ ،‬ويختار من اليام يوم عرفة ‪ ،‬ثم‬
‫يوم الجمعة ‪ ،‬ثم الثنين والخميس ‪ ،‬ومن العشار العشر‬
‫الواخر من شهر رمضان ‪ ،‬والول من ذي الحجة ‪ ،‬ومن‬
‫الشهور رمضان ‪ .‬فرع ‪ ) :‬في آداب ختم القرآن ( يستحب‬
‫كونه في أول الليل أو أول النهار وإن قرأ وحده فالختم في‬
‫الصلة أفضل واستحب السلف صيام يوم الختم وحضور‬
‫مجلسه ‪ .‬وقالوا ‪ :‬يستجاب الدعاء عند الختم وتنزل الرحمة ‪،‬‬
‫وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا أراد الختم جأمع أهله‬
‫وختم ودعا ‪ ،‬واستحبوا الدعاء بعد الختم استحبابا متأكدا‬
‫وجأاء فيه آثار كثيرة ‪ ،‬ويلح في الدعاء ويدعو ب