PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 005
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
إيجاب غسل ما ل يعلم نجاسته وهذا خيال عجيب وخطأ
ظاهر ،وإنما أذكر مثله لبين بطلنه ،وقد قال صاحب
الشامل في جأواب هذا ،إنما يجب غسل النجس لنه ل يمكنه
الصلة إل بغسله ،وهذا المعنى موجأود هنا .الثالثة :إذا أدى
اجأتهاده إلى طهارة أحدهما فغسل الخر فله أن يصلي في
كل واحد على النفراد ول خلفا في هذا إل وجأها أشار إليه
المتولي أنه ل يجوز أن يصلي في الذي لم يغسله ،وهذا
ليس بشيء فلو لبسهما معا وصلى ففيه الوجأهان اللذان
ذكرهما المصنف بدليلهما أصحهما الجواز ،ولو كانت
النجاسة في أحد كمين واشتبه ففي جأواز الجأتهاد فيه
الوجأهان المذكوران في الكتاب بدليلهما أصحهما الجواز ،
فلو فصل أحدهما جأاز الجأتهاد فيهما بعد ذلك بل خلفا ،
لنهما عينان متميزتان ،ويجري الوجأهان فيما لو نجست
إحدى يديه أو أحد أصابعه ،والصح أنه ل يجوز الجأتهاد ،فلو
اجأتهد وغسل ما ظن نجاسته وصلى لم تصح على الصح ولو
غسل أحد كميه بالجأتهاد ثم فصله عن الثوب فجواز الصلة
فيما لم يغسله على الوجأهين ،ولو أخبره ثقة بأن النجس
هو هذا الكم فالمذهب أنه يقبل قوله ويغسله وحده ويصلي
فيه ،وقال صاحب الحاوي فيه وجأهان بناء على الوجأهين
في الجأتهاد فيهما إن جأوزناه قبل قوله وإل فل ،لنه تيقن
النجاسة ولم يتيقن زوالها ،والصواب الول .فرع :لو تلف
أحد الثوبين المشتبهين قبل الجأتهاد ففي جأواز الصلة في
الخر وجأهان كنظيره في الناءين إذا تلف أحدهما ،حكاهما
الدارمي والمتولي وغيرهما أصحهما ل يجوز ،ولو غسل أحد
المشتبهين بغير اجأتهاد فله الصلة فيه ،وهل له الصلة في
الخر ،قال المتولي :فيه هذان الوجأهان لن المغسول
أسقط فيه الجأتهاد ،فصار كالتالف والصحيح أنه ل يجوز .
فرع :إذا اشتبه ثوب طاهر بثوب نجس فلم يجتهد ،بل صلى
في كل ثوب مرة تلك الصلة ،قال المتولي وغيره :صلته
باطلة كما لو ترك الجأتهاد في القبلة وصلى أربع مرات إلى
أربع جأهات .وقال المزني :ل يجوز الجأتهاد ،بل يلزمه أن
يصلي في كل ثوب مرة كمن نسي صلة من صلتين يلزمه
فعلهما ،دليلنا :أنه شرط للصلة فأشبه القبلة ،ويخالف
مسألة الناسي من وجأهين .أحدهما :أن الشتباه هناك في
نفس الصلة فوجأب اليقين بأن يصليهما ،والفرض هنا
متعين ،والشتباه في شرط فأشبه القبلة .الثاني :أن
هناك ل يؤدي إلى ارتكاب حرام بل غايته أن يصلي صلة
ليست عليه فتقع نافلة ،وهنا يؤدي إليه لن الصلة مع
النجاسة حرام .فرع :لو ظن بالجأتهاد طهارة ثوب من
ثوبين أو أثواب وصلى فيه ثم دخل وقت صلة
____________________
) (3/150
أخرى ،هل يجدد الجأتهاد فيه وجأهان أحدهما :وبه قطع
المتولي يجدده ،كما يجدده في القبلة على الصحيح
وأصحهما :وبه قطع صاحب الحاوي ل يجدده قال :ويخالف
القبلة فإنها تتغير بتغير المواضع ويختلف إدراكها باختلفا
الحوال ،فلو اجأتهد وقلنا الجأتهاد واجأب أو غير واجأب فإن
لم يتغير اجأتهاده أو ظهر له طهارة الذي كان يظن طهارته
أول صلى فيه ،وإن تغير اجأتهاده فظهر له طهارة الخر لم
تلزمه إعادة الصلة الولى بل خلفا ،وكيف يصلي الن فيه
وجأهان مشهوران في الحاوي ،وتعليق القاضي أبي الطيب
والتتمة وغيرها أصحهما :وهو الذي صححه المتولي وغيره
يصلي في الثوب الثاني وهو الذي ظهر له الن أنه الطاهر
ول إعادة عليه ،كما إذا تغير اجأتهاده في القبلة يصلي إلى
الجهة الثانية بخلفا ما إذا تغير اجأتهاده في مسألة الواني
لنه في الواني إن توضأ بالثاني ولم يغسل ما أصابه من
الول صلى بنجاسة قطعا ،وإن ألزمناه بغسله نقضنا
الجأتهاد بالجأتهاد ،وهذا ممتنع .والوجأه الثاني :وهو الذي
صححه القاضي أبو الطيب وصاحب الحاوي :ل يجوز أن
يصلي في واحد من الثوبين ،بل يصلي عريانا وتلزمه
العادة كمسألة الواني وهذا ضعيف ،والصحيح الول
بخلفا الواني فإنه يؤدي إلى الصلة بنجاسة أو نقض
اجأتهاد باجأتهاد .أما إذا تيقن أن الذي صلى فيه أول كان
نجسا وتيقن أن الثاني طاهر فيصلي في الثاني ،وفي
وجأوب إعادة الصلة الولى طريقان حكاهما الدارمي
أحدهما :القطع بالوجأوب كمن صلى بنجاسة نسيها على
طريقة العراقيين ،والثاني :وهو المذهب ،وبه قطع
الكثرون :فيه القولن فيمن صلى بنجاسة جأهلها أصحهما
الوجأوب والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن كان عليه ثوب طاهر
وطرفه موضوع على نجاسة كالعمامة على رأسه وطرفها
على أرض نجسة لم تجز صلته لنه حامل لما هو متصل
بنجاسة (1) .
____________________
-1الشرح :هذا الذي ذكره متفق عليه ،وسواء تحرك
الطرفا الذي يلقي النجاسة بحركته في قيامه وقعوده
وركوعه وسجوده ،أم لم يتحرك ،هذا مذهبنا ل خلفا فيه ،
ولو سجد على طرفا عمامته أن تحرك بحركته لم تصح
صلته ،وإن لم تتحرك صحت صلته بل خلفا ،والفرق أن
المعتبر في النجاسة أن ل يكون ثوبه المنسوب إليه ملقيا
لنجاسة ،وهذه العمامة ملقية ،وأما السجود فالمأمور به
أن يسجد على قرار وإنما تخرج العمامة عن كونها قرارا
بالحركة بحركته فإذا لم تتحرك فهي في معنى القرار ،هذا
مذهبنا ،قال العبدري :وهو الصحيح من مذهب مالك و أحمد
وداود ،وقال أبو حنيفة :إن تحركت حركته لم تصح وإل
فتصح
) (3/151
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن كان في وسطه حبل
مشدود إلى كلب صغير لم تصح صلته لنه حامل للكلب لنه
إذا مشى انجر معه ،وإن كان مشدودا إلى كلب كبير ففيه
وجأهان ،أحدهما ل تصح صلته لنه حامل لما هو متصل
بالنجاسة فهو كالعمامة على رأسه وطرفها على نجاسة ،
والثاني :تصح لن للكلب اختيارا وإن كان الحبل مشدودا
إلى سفينة فيها نجاسة والشد في موضع طاهر من
السفينة فإن كانت السفينة صغيرة لم يجز لنه حامل
للنجاسة ،وإن كانت كبيرة ففيه وجأهان أحدهما :ل يجوز
لنها منسوبة إليه والثاني :يجوز لنه غير حامل للنجاسة ول
لما هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى والجل مشدود إلى
باب دار فيها نجس (1) .
____________________
-1الشرح :هذه المسائل عند جأمهور الصحاب كما ذكر ،
ودلئلها واضحة ،والحاصل أنه إن شده إلى كلب صغير أو
ميت لم تصح صلته ،وإن شده إلى كلب كبير لم تصح أيضا
على الصح ،وإن شده إلى سفينة صغيرة لم تصح ،وإن
شده إلى كبيرة صحت صلته على الصح وإن شده إلى باب
دار فيها حش وهو الخلء صحت بل خلفا ،وإن شده في
موضع نجس من السفينة بطلت صلته بل خلفا ،كما أشار
إليه المصنف ،وقد صرح به صاحب الحاوي والنبدنيجي
والشيخ أبو حامد سواء كانت صغيرة أو كبيرة ،هذه طريقة
العراقيين والكثرين وهي الصحيحة .وأما طريقة
الخراسانيين فمضطربة ،وقد لخصها الرافعي ،ومختصرها
أنه إذا قبض طرفا حبل أو ثوب أو شده في يده أو رجأليه أو
وسطه وطرفه الخر نجس أو متصل بنجاسة فثلثة أوجأه
الصحيح :بطلن صلته ،والثاني :ل تبطل .والثالث :إن
كان الطرفا نجسا أو متصل بعين النجاسة بأن كان في عنق
كلب بطلت وإن كان متصل بطاهر وذلك الطاهر متصل
بنجاسة بأن شد في ساجأور أو خرقة وهما في عنق كلب أو
شده في عنق حمار عليه حمل نجس لم تبطل ،والوجأه
جأارية سواء تحرك الطرفا بحركته أم ل ،كذا قاله الكثرون ،
وقطع إمام الحرمين والغزالي ومن تابعهما بالبطلن إذا
تحرك ،وخصوا الخلفا بغير المتحرك وقطع البغوي بالطلن
في صورة الشد ،وخص الخلفا بصورة القبض باليد .
واتفقت طرق جأميع الصحاب على أنه لو جأعل طرفا الحبل
تحت رجأله صحت صلته في جأميع الصور ،وقول المصنف :
دار فيها حش هو بفتح الحاء وضمها لغتان مشهورتان الفتح
أشهر ،وهو الخلء وأصله البستان وكانوا يقضون الحاجأة
فيه ،فسمي موضع قضاء الحاجأة حشا كالغائط والعذرة ،
فإن الغائط في الصل المكان المطمئن والعذرة :فناء
الدار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن حمل حيوانا طاهرا في
صلته صحت صلته ل
) (3/152
النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص في
صلته ،ولن ما في الحيوان من النجاسة في معدن النجاسة
فهو كالنجاسة التي في جأوفا المصلي ،وإن حمل قارورة
فيها نجاسة وقد سد رأسها ففيها وجأهان ،أحدهما :يجوز
لن النجاسة ل تخرج منها فهو كما لو حمل حيوانا طاهرا ،
والمذهب :أنه ل يجوز لنه حمل نجاسة غير معفو عنها في
غير معدنها فأشبه إذا حمل النجاسة في كمه (1) .
____________________
-1الشرح :حديث أمامة رواه البخاري ومسلم وهي أمامة
بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي
العاص مهشم بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الشين
المعجمة ،وقيل لقيط ،وقيل ياسر ،وقيل القاسم ابن
الربيع بن عبد العزى بن عبد منافا القرشية كان النبي صلى
الله عليه وسلم يحبها تزوجأها علي بن أبي طالب بعد وفاة
فاطمة ،وكانت فاطمة أوصته بذلك رضي الله عنهم .أما
حكم المسألة :فإذا حمل حيوانا طاهرا ل نجاسة على
ظاهره في صلته صحت صلته ،بل خلفا ،وإن حمل حيوانا
مذبوحا بعد غسل موضع الدم وما على ظاهره من النجاسة
لم تصح صلته بل خلفا ،وفيه وجأه في البحر صرح به
الصحاب منهم القاضي أبو الطيب ،لن في باطنه نجاسة ل
حاجأة إلى استصحابها بخلفا الحي ،ولو تنجس منفذ
الحيوان الحي كطائر ونحوه فحمله ففي صحة صلته وجأهان
أصحهما :عند الغزالي الصحة ،ويعفى عنه كالباقي على
محل نجو المصلي وأصحهما :عند إمام الحرمين ل يصح ،
وبه قطع المتولي وهو الصح لعدم الحاجأة إلى احتمالها ،
ولو وقع هذا الحيوان في ماء قليل أو مائع لم ينجسه في
أصح الوجأهين وقد سبقت هذه المسألة في باب المياه .ولو
حمل بيضة صار باطنها دما وظاهرها طاهرا ،أو حمل
عنقودا صار باطن حباته خمرا ول رشح على ظاهره لم تصح
صلته في أصح الوجأهين ،ويجري الوجأهان في كل استتار
خلقي .أما إذا حمل قارورة مصممة الرأس برصاص أو نحوه
وفيها نجاسة فل تصح صلته على الصحيح ،وفيه وجأه
مشهور ،ودليلهما مذكور في الكتاب ،والقائل بالصحة أبو
علي بن أبي هريرة ،ذكره صاحب الحاوي والقاضي أبو
الطيب وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم .وإن كان رأسها
مسدودا بخرقة لم تصح صلته بل خلفا ،وإن كان بشمع
فطريقان ،أحدهما :كالخرقة .والثاني :كالرصاص ،هذا ما
ذكره الصحاب ،واتفقوا على أن المسدودة بخرقة ل تصح
الصلة معها ،وقد أطلق المصن
) (3/153
المسألة فليحمل كلمه على المصممة برصاص وكذا قال
صاحب البيان :ينبغي أن يحمل على الرصاص ليوافق
الصحاب .فرع :لو حمل المصلي مستجمرا بالحجار لم
تصح صلته في أصح الوجأهين ،لنه غير محتاج إليه ،وحديث
أمامة رضي الله عنها محمول على أنها قد نجيت بالماء ،ولو
حمل من عليه نجاسة معفو عنها ففيه الوجأهان لما ذكرناه ،
ويقرب منه من استنجى بالحجار وعرق موضع النجو فتلوث
به غيره ،ففي صحة صلته وجأهان ،ولكن الصح هنا الصحة
لعسر الحتراز منه ،بخلفا حمل غيره .والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :طهارة الموضع الذي يصلي
فيه شرط في صحة الصلة لما روي عمر رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :سبعة مواطن ل تجوز
فيها الصلة :المجزرة والمزبلة والمقبرة ومعاطن البل
والحمام وقارعة الطريق وفوق بيت الله العتيق فذكر
المجزرة والمزبلة ،وإنما منع من الصلة فيهما للنجاسة ،
فدل على أن طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط (1) .
____________________
-1الشرح :حديث عمر رضي الله عنه هذا رواه الترمذي
وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم لكن من رواية عبد الله بن
عمر ل من رواية عمر ،وفي رواية للترمذي عن عمر ،قال
الترمذي :ليس إسناده بذاك القوي .وكذا ضعفه غيره ،
والمجزرة بفتح الميم والزاي موضع ذبح الحيوان ،والمزبلة
بفتح الباء وضمها لغتان الفتح أجأود ،والمقبرة بفتح الباء
وضمها وكسرها ،ومعاطن البل واحدها معطن بفتح الميم
وكسر الطاء ،ويقال فيها عطن وجأمع
) (3/154
أعطان ،وسنوضح تفسيرها حيث ذكرها المصنف في آخر
الباب .والبيت العتيق هو الكعبة زادها الله شرفا ،سمي
عتيقا لعتقه من الجبابرة فلم يسلطوا على انتهاكه ،ولم
يتملكه أحد من الخلق .كذا نقل عن ابن عباس وابن الزبير
ومجاهد وقتادة وقيل عتيق أي متقدم ،وقيل كريم من
قولهم فرس عتيق .وأما حكم المسألة :فطهارة الموضع
الذي يلقيه في قيامه وقعوده وسجوده شرط في صحة
صلته سواء ما تحته وما فوقه من سقف وما بجنبيه من
حائط وغيره ،فلو ماس في شيء من صلته سقفا نجسا أو
حائطا أو غيره ببدنه أو ثوبه لم تصح صلته ،ودليله ما سبق
في أول الباب .وأما الحديث المذكور هنا فل يصح الحتجاج
به ،ومما يحتج به حديث بول العرابي في المسجد .وقول
النبي صلى الله عليه وسلم :صبوا عليه ذنوبا من ماء رواه
البخاري ومسلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :فإن صلى على بساط عليه
نجاسة غير معفو عنها فإن صلى على الموضع النجس منه
لم تصح صلته لنه ملق للنجاسة ،وإن صلى على موضع
طاهر منه صحت صلته لنه غير ملق للنجاسة ول حامل لما
هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى على أرض طاهرة
وفي موضع منها نجاسة (1) .
____________________
-1الشرح :إذا كان على البساط أو الحصير ونحوهما نجاسة
فصلى على الموضع النجس لم تصح صلته ،وإن صلى على
موضع طاهر منه صحت صلته ،قال أصحابنا سواء تحرك
البساط بتحركه أم ل ،لنه غير حامل ول ماس للنجاسة ،
وهكذا لو صلى على سرير قوائمه على نجاسة صحت صلته
وإن تحرك بحركته ،صرح به صاحب التتمة وغيره وقال أبو
حنيفة :إذا تحرك البساط أو السرير بحركته بطلت صلته
وإل فل وكذا عنده طرفا العمامة الذي يلقي النجاسة ،ولو
كان ما يلقي بدنه وثيابه طاهرا وما يحاذي صدره أو بطنه أو
شيئا من بدنه في سجوده أو غيره نجسا صحت صلته في
أصح الوجأهين ،ونقله صاحب الحاوي عن نص الشافعي ،
ونقله ابن المنذر عن الشافعي وأبي ثور ولو بسط على
النجاسة ثوبا مهلهل النسج وصلى عليه ،فإن حصلت
مماسة النجاسة من الفرج بطلت صلته ،وإن لم تحصل
وحصلت المحاذاة فعلى الوجأهين الصح ل تبطل .
قال المصنف رحمه الله تعالى :فإن صلى على أرض فيها
نجاسة ،فإن عرفا موضعها تجنبها وصلى في غيرها وإن
فرش عليها شيئا وصلى عليه جأاز لنه غير مباشر للنجاسة
ول حامل لما هو متصل بالنجاسة ،وإن خفي عليه موضع
النجاسة ،فإن كان
) (3/155
في أرض واسعة فصلى في موضع منها جأاز ،لنه غير
متحقق لها ولن الصل فيه الطهارة ،وإن كانت النجاسة
في بيت وخفي موضعها لم يجز أن يصلي فيه حتى يغسله
ومن أصحابنا من قال :يصلي فيه حيث شاء كالصحراء ،
وليس بشيء ،لن الصحراء ل يمكن حفظها من النجاسة ،
ول يمكن غسل جأميعها ،والبيت يمكن حفظه من النجاسة
وغسله ) فإذا نجس أمكن غسله ،وإذا خفي موضع النجاسة
منه غسله كله كالثوب وإن كانت النجاسة في أحد البيتين
واشتبها عليه تحرى كما يتحرى في الثوبين ( (1) .
____________________
-1الشرح :في هذه القطعة مسائل أحداها :إذا كان على
الرض نجاسة في بيت أو صحراء تنحى عنها وصلى في
موضع ل يلقي النجاسة ،فإن فرش عليها شيئا بحيث ل
يلقيه منها شيء صحت صلته ،وإن كان الثوب مهلهل
النسج فقد سبق حكمه قريبا .الثانية :إذا خفي عليه موضع
النجاسة من أرض إن كانت واسعة صلى في موضع منها
بغير اجأتهاد لن الصل طهارته .قال القاضي أبو الطيب
وغيره :والمستحب أن ينتقل إلى موضع ل شك فيه ول
يلزمه ذلك ،كما لو علم أن بعض مساجأد البلد يبال فيه
وجأهله فله أن يصلي في أيها شاء .وقال البغوي :يتحرى
في الصحراء فإن أراد أنه يجب الجأتهاد فهو شاذ مخالف
للصحاب ،وإن أراد أنه مستحب فهو موافق لما حكيناه عن
القاضي أبي الطيب وغيره ،وإن كانت صغيرة أو في بيت أو
بساط فوجأهان أصحهما :ل يجوز أن يصلي فيه ل هجوما ول
باجأتهاد حتى يغسله أو يبسط عليه شيئا .والثاني :له أن
يصلي فيه حيث شاء ،ودليلهما في الكتاب ،وهذا الثاني
ليس بشيء .ثم أن المصنف وشيخه القاضي أبا الطيب
وابن الصباغ والشاشي صرحوا بأنه على هذا الثاني يصلي
حيث شاء منه بل اجأتهاد ،وقال الشيخ أبو حامد والمحاملي
والدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم :على هذا الثاني
يجتهد فيه ،وهذا أصح .الثالثة :إذا كانت النجاسة في أحد
بيتين تحرى كالثوبين ،فلو قدر على موضع ثالث أو شيء
يبسطه أو ماء يغسل به أحدهما ففي جأواز الجأتهاد
الوجأهان في الواني والثوب والثالث أصحهما الجواز .ذكر
المسألة صاحب البيان .فرع :إذا خفي عليه موضع النجاسة
من أرض كبيرة ،أو بيت أو بساط وجأوزنا الصلة عليهما فله
أن يصلي صلوات في موضع واحد منه ،وله أن يصلي في
موضع حتى يبقى موضع بقدر النجاسة فل تصح بعد ذلك
صلته في ذلك الموضع ،كمسألة من حلف ل يأكل تمرة
فاختلطت بتمر كثير يأكله إل تمرة ،هكذا ذكر المتولي ،وقد
سبق في الواني أنه لو اشتبه إناء بأوان غير محصورة فله
أن يتوضأ من واحد بعد واحد حتى يبقى واحد في وجأه ،
وفي وجأه حتى يبقى عدد لو كان الشتباه فيه ابتداء لم يجز
الهجوم فيحتمل أن يجيء الوجأهان ويمكن الفرق
) (3/156
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن حبس في حش ولم
يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن
النجاسة وتجنبها في قعوده ،وأومأ في السجود إلى الحد
الذي لو زاد عليه لقى النجاسة ،ول يسجد على الرض لن
الصلة قد تجزي مع اليماء ول تجزي مع النجاسة ،وإذا قدر
ففيه قولن ،قال في القديم :ل يعيد لنه صلى على حسب
حاله فهو كالمريض ،وقال في الملء :يعيد لنه ترك
الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه ،كما
لو ترك السجود ناسيا ،وإذا أعاد ففي الفرض أقوال .قال
في الم :الفرض هو الثاني لن الفرض به يسقط .وقال
في القديم :الفرض هو الول لن العادة مستحبة غير
واجأبة في القديم .وقال في الملء :الجميع فرض لن
الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا ،وخرج أبو إسحاق
قول رابعا :أن الله تعالى يحتسب له بأيهما شاء ،قياسا
على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى
الجمعة فصلها إن الله تعالى يحتسب له بما شاء (1) .
____________________
-1الشرح :قد سبق أن الحش بفتح الحاء وضمها هو الخلء ،
فإذا حبس إنسان في موضع نجس وجأب عليه أن يصلي .
هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إل أبا حنيفة فقال :ل
يجب أن يصلي فيه ،ودليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال :وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما
استطعتم رواه البخاري ومسلم .وقياسا على المريض
العاجأز عن بعض الركان ،وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى
عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ،ويجب
أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لقى النجاسة
،ول يجوز أن يضع جأبهته على الرض .هذه هو الصحيح
وحكى صاحب البيان وجأها أنه يلزمه أن يضع جأبهته على
الرض ،وليس بشيء ،ودليله ما ذكره المصنف .فإذا صلى
كما أمرناه فينبغي أن يعيد الصلة إذا خرج إلى موضع طاهر
.وهذه العادة واجأبة على الجديد الصح ومستحبة على
القديم ،فإذا أعاد فهل الفرض الولى أم الثانية أم كلهما
أو إحداهما مبهمة فيه أربعة أقوال كما ذكره المصنف
أصحها :عند جأمهور الصحاب أن الفرض ،الثانية ،وادعى
الشيخ أبو حامد التفاق عليه ،واختار ابن الصباغ أن الفرض
كلهما ،وهو قوي لنه مطالب بهما ،وقد سبق بيان هذه
القوال ونظائرها فيمن لم يجد ماء ول ترابا ،وذكرنا في
آخر التيمم فرعا جأامعا للصلوات المفعولت على نوع خلل ،
وما يجب قضاؤه منها ،وما ل يجب ،واستوفيناه استيفاء
بليغا ولله الحمد ،وقوله :لن الصلة قد تجزىء مع اليماء ،
إنما قال :قد تجزىء لنها في بع
) (3/157
المواضع تجزي كصلة شدة الخوفا وصلة المريض وفي
بعضها ل تجزي كصلة من ربط على خشبة ونحوه ،وقد
سبق بيانه في باب التيمم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :إذا فرغ من الصلة ثم رأى
على ثوبه أو بدنه أو موضع صلته نجاسة غير معفو عنها
نظرت فإن جأوز أن تكون حديث بعد الفراغ من الصلة لم
تلزمه العادة لن الصل أنها لم تكن في حال الصلة فل
تجب العادة بالشك ،كما لو توضأ من بئر وصلى ،ثم وجأد
في البئر فأرة ،وإن علم أنها كانت في الصلة فإن كان علم
بها قبل الدخول في الصلة لزمه العادة ،لنه فرط في
تركها ،وإن لم يعلم بها حتى فرغ من الصلة ففيه قولن .
قال في القديم :ل يعيد لما روى أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه :أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في
الصلة فخلع الناس نعالهم فقال :ما لكم خلعتم نعالكم
قالوا :رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ،فقال :أتاني
جأبريل فأخبرني أن فيهما قذرا ،أو قال :دم حلمة فلو لم
تصح الصلة لستأنف الحرام ،وقال في الجديد :تلزمه
العادة لنها طهارة واجأبة فل تسقط بالجهل كالوضوء (1) .
____________________
-1الشرح :حديث أبي سعيد صحيح سبق بيانه في أول هذه
الباب ،وذكرنا لفظه هناك ،والحلمة بفتح الحاء واللم
القراد العظيم والجماعة حلم كقصبة وقصب وفي هذا
الحديث من الفوائد مع ما ذكره المصنف أن الصلة في
النعل الطاهرة جأائزة وأنه يجوز المشي في المسجد بالنعل
،وأن العمل القليل في الصلة جأائز ،وأن أفعال النبي
صلى الله عليه وسلم يقتدى بها كأقواله ،وأن الكلم في
الصلة ل يجوز سواء كان لمصلحتها أو لغيرها ،ولول ذلك
لسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عند نزعهم ولم يؤخر
سؤالهم وقوله ) :كما لو توضأ من بئر ( وصورته أن يكون
دون قلتين فيتوضأ منه ثم يجد فيه فأرة ميتة يحتمل أنها
كانت فيه حال الوضوء ،ويحتمل حدوثها بعده ،ومن قال
بالجديد أجأاب عن الحديث بأن المراد بالقذر الشيء
المستقذر كالمخاط ونحوه ،وبدم الحلمة إن ثبت الشيء
اليسير المعفو عنه ،وإنما خلعه النبي صلى الله عليه وسلم
تنزها .أما حكم المسألة :فإذا سلم من صلته ثم رأى عليه
نجاسة يجوز أنها كانت في الصلة ،ويجوز أنها حدثت بعدها
فصلته صحيحة بل خلفا ،قال الشافعي والصحاب :
ويستحب إعادتها احتياطا ،وإن علم أنها كانت في الصلة
فإن كان لم يعلمها قبل ذلك فقولن الجديد :الصح بطلن
صلته ،والقديم :صحتها ودليلهما في الكتاب ،وإن كان
علمها ثم نسيها فطريقان مشهوران للخراسانيين أصحهما
:وبه قطع العراقيون تجب العادة قول واحد
) (3/158
لتفريطه ،والثاني :فيه قولن كالجاهل ،وإذا أوجأبنا
العادة وجأب إعادة كل صلة تيقن وجأود النجاسة فيها ،ول
يجب ما شك فيه ولكن يستحب ،ولو رأى النجاسة في أثناء
الصلة فإن قلنا :ل تجب العادة إذا رآها بعد الفراغ أزالها
وبنى على صلته وإل بطلت ووجأب الستئنافا .قال
أصحابنا :وإذا رأى في ثوبه نجاسة لم يعلم متى أصابته
لزمه أن يصلي كل صلة تيقن أنها كانت فيها ،ول يلزمه ما
يشك فيه كما لو شك بعد فراغها ،ولكن يستحب أن يعيد كل
صلة يحتمل أنها كانت فيها ،وهذا كما سبق فيمن رأى
المنى في ثوبه .فرع في مذاهب العلماء فيمن صلى
بنجاسة نسيها أو جأهلها ذكرنا أن الصح في مذهبنا وجأوب
العادة وبه قال أبو قلبة وأحمد ،وقال جأمهور العلماء :ل
إعادة عليه ،حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب
وطاوس وعطاء و سالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي
والنخعي والزهري و يحيى النصاري والوزاعي وإسحاق
وأبو ثور ،قال ابن المنذر :وبه أقول ،وهو مذهب ربيعة
ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يصلي في مقبرة لما
روى أبو سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :الرض كلها مسجد إل المقبرة والحمام فإن صلى في
مقبرة ) نظر فإن كانت مقبرة ( تكرر فيها النبش لم تصح
صلته لنه قد اختلط بالرض صديد الموتى ،وإن كانت
جأديدة لم تنبش كرهت صلته فيها لنها مدفن النجاسة
والصلة صحيحة ،لن الذي باشر بالصلة طاهر ،وإن شك
هل نبشت أم ل ففيه قولن أحدهما :ل تصح صلته لن
الصل بقاء الفرض في ذمته ،وهو يشك في إسقاطه
والفرض ل يسقط بالشك والثاني :تصح لن الصل طهارة
الرض فل يحكم بنجاستها بالشك .
____________________
) (3/159
)(1
____________________
-1الشرح :حديث أبي سعيد رواه أبو داود والترمذي
وغيرهما ،قال الترمذي وغيره :هو حديث مضطرب ،وقال
الحاكم في المستدرك ،أسانيده صحيحه ،وفي الصحيحين
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما نزل به أي حضرته الوفاة قال :لعنة الله على اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجأد .يحذر ما صنعوا
وفي الصحيحين نحوه عن أبي هريرة أيضا ،وعن جأندب بن
عبد الله رضي الله عنه قال :سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم قبل أن يموت بخمس يقول :إن من كان قبلكم كانوا
يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجأد أل فل تتخذوا
القبور مساجأد إني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم وعن أبي
مرثد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ل
تجلسوا على القبور ول تصلوا إليها رواه مسلم ،وعن ابن
عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اجأعلوا من صلتكم في بيوتكم ول تتخذوها قبورا رواه
البخاري ومسلم .أما حكم المسألة :فإن تحقق أن المقبرة
منبوشة لم تصح صلته فيها بل خلفا إذا لم يبسط تحته
شيء ،وإن تحقق عدم نبشها صحت بل خلفا ،وهي
مكروهة كراهة تنزيه ،وإن شك في نبشها فقولن أصحهما
:تصح الصلة مع الكراهة ،والثاني :ل تصح ،هكذا ذكر
الجمهور الخلفا في المسألة الخيرة قولين كما ذكره
المصنف هنا ،ممن ذكرهما قولين الشيخ أبو حامد والقاضي
أبو الطيب في تعليقه والمحاملي والشيخ أبو علي
البندنيجي وصاحب الشامل وخلئق من العراقيين ،ومعظم
الخراسانيين ونقلهما جأماعة وجأهين منهم المصنف في
التنبيه وصاحب الحاوي قال في الحاوي :القول بالصحة هو
قول ابن أب
) (3/160
هريرة وبالبطلن قول أبي إسحاق والصواب طريقة من
قال :قولن ،قال صاحب الشامل ،قال في الم :ل تصح ،
وقال في الملء :تصح واتفق الصحاب على أن الصح
الصحة وبه قطع الجرجأاني في التحرير ،قال أصحابنا :
ويكره أن يصلي إلى القبر هكذا قالوا يكره ،ولو قيل :يحرم
لحديث أبي مرثد وغيره مما سبق لم يبعد ،قال صاحب
التتمة :وأما الصلة عند رأس قبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم متوجأها إليه فحرام .فرع :في مذاهب العلماء
في الصلة في المقبرة .قد ذكرنا مذهبنا فيها ،وأنها ثلثة
أقسام ،قال ابن المنذر :روينا عن علي وابن عباس وابن
عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلة في المقبرة ،ولم
يكرهها أبو هريرة وواثلة بن السقع والحسن البصري ،
وعن مالك روايتان أشهرهما ل يكره ما لم يعلم نجاستها ،
وقال أحمد :الصلة فيها حرام ،وفي صحتها روايتان وإن
تحقق طهارتها ،ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال :
تصح الصلة وإن تحقق نبشها .فرع :قال أصحابنا :يكره
أن يصلي في مزبلة وغيرها من النجاسات فوق حائل طاهر
لنه في معنى المقبرة .فرع :تكره الصلة في الكنيسة
والبيعة حكاه ابن المنذر عن عمر ابن الخطاب وابن عباس
ومالك رضي الله عنهم ،ونقل الترخيص فيها عن أبي
موسى والحسن و الشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز
والوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وهي رواية عن ابن عباس
واختاره ابن المنذر .
____________________
) (3/161
فرع :في نبش قبور الكفار لطلب المال المدفعون معهم :
قال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم :اختلف العلماء
في ذلك فكرهه مالك ،وأجأازه أصحابه قال :واختلف في
علة كراهته فقيل :مخافة نزول عذاب عليهم وسخط ،لنها
مواضع العذاب والسخط ،وقد ثبت في الصحيح أن النبي
صلى الله عليه وسلم :نهى عن دخول ديار المعذبين ،وهم
ثمود أصحاب الحجر خشية أن يصيب الداخل ما أصابهم قال
:إل أن تكونوا باكين فمن دخلها لطلب الدنيا فهو ضد ذلك ،
وقيل :مخافة أن يصادفا قبر نبي أو صالح بينهم ،قال :
وحجة من أجأاز ذلك نبش الصحابة رضي الله عنهم قبر أبي
رغال واستخراجأهم منه قضيب الذهب الذي أعلمهم النبي
صلى الله عليه وسلم أنه مدفون معه ،هذا كلم القاضي ،
ومقتضى مذهبنا :جأواز نبشه إن كان دارسا ،أو كان جأديدا
وعلمنا أن فيه مال لحربي .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يصلي في الحمام
لحديث أبي سعيد ،واختلف أصحابنا لي معنى منعت الصلة
فيه فمنهم من قال :إنما منع لنه تغسل فيه النجاسات ،
فعلى هذا إذا صلى في موضع تحقق طهارته صحت صلته ،
وإن صلى في موضع تحقق نجاسته لم تصح وإن شك فعلى
قولين كالمقبرة ،ومنهم من قال :إنما منع لنه مأوى
الشياطين لما يكشف فيه من العورات ،فعلى هذا تكره
الصلة فيه وإن تحقق طهارته فالصلة صحيحة لن المنع ل
يعود إلى الصلة (1) .
____________________
-1الشرح :هذه المسألة عند الصحاب كما ذكرها المصنف ،
والصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة
تنزيه وتصح الصلة ،وعلى هذا تكره في المسلخ
) (3/162
وعلى الول ل تكره ،والحمام مذكر هكذا نقله الزهري عن
العرب ،يقال :حمام مبارك ،وجأمعه حمامات مشتق من
الحميم وهو الماء الحار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وتكره الصلة في أعطان
البل ،ول تكره في مراح الغنم لما روى عبد الله ابن مغفل
المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :صلوا في مرابض الغنم ،ول تصلوا في أعطان البل
فإنها خلقت من الشياطين ولن في أعطان البل ل يمكن
الخشوع ،لما يخافا من نفورها ،ول يخافا نفور الغنم (1) .
____________________
-1الشرح :حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن رواه
البيهقي هكذا من رواية ابن مغفل بإسناد حسن ،ورواه
النسائي مختصرا عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن الصلة في أعطان البل ،وعن جأابر بن
سمرة أن رجأل سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال :
أصلي في مرابض الغنم قال :نعم ،قال :أصلي في مبارك
البل قال :ل رواه مسلم ،وعن أبي هريرة قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :صلوا في مرابض الغنم ،
ول تصلوا في أعطان البل رواه الترمذي وقال :حديث
حسن صحيح .وأما العطان فهي جأمع عطن ،واتفق
تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في الم وغيره ،وتفسير
الصحاب على أن العطن الموضع الذي يقرب موضع شرب
البل ،تنحى إليه البل الشاربة ليشرب غيرها ذودا ذودا ،
فإذا شربت كلها واجأتمعت فيه سيقت إلى المراعي ،قال
الزهري :العطن الموضع الذي تنحى إليه البل إذا شربت
الشربة الولى فتترك فيه ،ثم يمل لها الحوض ثانيا فتعود
من عطنها إلى الحوض لتعل وتشرب الشرب
) (3/163
الثانية ،وهو العلل ،قال :ول تعطن البل عن الماء إل في
حمارة اللفظ ) بتخفيف الميم وتشديد الراء ( قال :
وموضعها الذي تترك فيه على الماء يسمى عطنا ،ومعطنا
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
إيجاب غسل ما ل يعلم نجاسته وهذا خيال عجيب وخطأ
ظاهر ،وإنما أذكر مثله لبين بطلنه ،وقد قال صاحب
الشامل في جأواب هذا ،إنما يجب غسل النجس لنه ل يمكنه
الصلة إل بغسله ،وهذا المعنى موجأود هنا .الثالثة :إذا أدى
اجأتهاده إلى طهارة أحدهما فغسل الخر فله أن يصلي في
كل واحد على النفراد ول خلفا في هذا إل وجأها أشار إليه
المتولي أنه ل يجوز أن يصلي في الذي لم يغسله ،وهذا
ليس بشيء فلو لبسهما معا وصلى ففيه الوجأهان اللذان
ذكرهما المصنف بدليلهما أصحهما الجواز ،ولو كانت
النجاسة في أحد كمين واشتبه ففي جأواز الجأتهاد فيه
الوجأهان المذكوران في الكتاب بدليلهما أصحهما الجواز ،
فلو فصل أحدهما جأاز الجأتهاد فيهما بعد ذلك بل خلفا ،
لنهما عينان متميزتان ،ويجري الوجأهان فيما لو نجست
إحدى يديه أو أحد أصابعه ،والصح أنه ل يجوز الجأتهاد ،فلو
اجأتهد وغسل ما ظن نجاسته وصلى لم تصح على الصح ولو
غسل أحد كميه بالجأتهاد ثم فصله عن الثوب فجواز الصلة
فيما لم يغسله على الوجأهين ،ولو أخبره ثقة بأن النجس
هو هذا الكم فالمذهب أنه يقبل قوله ويغسله وحده ويصلي
فيه ،وقال صاحب الحاوي فيه وجأهان بناء على الوجأهين
في الجأتهاد فيهما إن جأوزناه قبل قوله وإل فل ،لنه تيقن
النجاسة ولم يتيقن زوالها ،والصواب الول .فرع :لو تلف
أحد الثوبين المشتبهين قبل الجأتهاد ففي جأواز الصلة في
الخر وجأهان كنظيره في الناءين إذا تلف أحدهما ،حكاهما
الدارمي والمتولي وغيرهما أصحهما ل يجوز ،ولو غسل أحد
المشتبهين بغير اجأتهاد فله الصلة فيه ،وهل له الصلة في
الخر ،قال المتولي :فيه هذان الوجأهان لن المغسول
أسقط فيه الجأتهاد ،فصار كالتالف والصحيح أنه ل يجوز .
فرع :إذا اشتبه ثوب طاهر بثوب نجس فلم يجتهد ،بل صلى
في كل ثوب مرة تلك الصلة ،قال المتولي وغيره :صلته
باطلة كما لو ترك الجأتهاد في القبلة وصلى أربع مرات إلى
أربع جأهات .وقال المزني :ل يجوز الجأتهاد ،بل يلزمه أن
يصلي في كل ثوب مرة كمن نسي صلة من صلتين يلزمه
فعلهما ،دليلنا :أنه شرط للصلة فأشبه القبلة ،ويخالف
مسألة الناسي من وجأهين .أحدهما :أن الشتباه هناك في
نفس الصلة فوجأب اليقين بأن يصليهما ،والفرض هنا
متعين ،والشتباه في شرط فأشبه القبلة .الثاني :أن
هناك ل يؤدي إلى ارتكاب حرام بل غايته أن يصلي صلة
ليست عليه فتقع نافلة ،وهنا يؤدي إليه لن الصلة مع
النجاسة حرام .فرع :لو ظن بالجأتهاد طهارة ثوب من
ثوبين أو أثواب وصلى فيه ثم دخل وقت صلة
____________________
) (3/150
أخرى ،هل يجدد الجأتهاد فيه وجأهان أحدهما :وبه قطع
المتولي يجدده ،كما يجدده في القبلة على الصحيح
وأصحهما :وبه قطع صاحب الحاوي ل يجدده قال :ويخالف
القبلة فإنها تتغير بتغير المواضع ويختلف إدراكها باختلفا
الحوال ،فلو اجأتهد وقلنا الجأتهاد واجأب أو غير واجأب فإن
لم يتغير اجأتهاده أو ظهر له طهارة الذي كان يظن طهارته
أول صلى فيه ،وإن تغير اجأتهاده فظهر له طهارة الخر لم
تلزمه إعادة الصلة الولى بل خلفا ،وكيف يصلي الن فيه
وجأهان مشهوران في الحاوي ،وتعليق القاضي أبي الطيب
والتتمة وغيرها أصحهما :وهو الذي صححه المتولي وغيره
يصلي في الثوب الثاني وهو الذي ظهر له الن أنه الطاهر
ول إعادة عليه ،كما إذا تغير اجأتهاده في القبلة يصلي إلى
الجهة الثانية بخلفا ما إذا تغير اجأتهاده في مسألة الواني
لنه في الواني إن توضأ بالثاني ولم يغسل ما أصابه من
الول صلى بنجاسة قطعا ،وإن ألزمناه بغسله نقضنا
الجأتهاد بالجأتهاد ،وهذا ممتنع .والوجأه الثاني :وهو الذي
صححه القاضي أبو الطيب وصاحب الحاوي :ل يجوز أن
يصلي في واحد من الثوبين ،بل يصلي عريانا وتلزمه
العادة كمسألة الواني وهذا ضعيف ،والصحيح الول
بخلفا الواني فإنه يؤدي إلى الصلة بنجاسة أو نقض
اجأتهاد باجأتهاد .أما إذا تيقن أن الذي صلى فيه أول كان
نجسا وتيقن أن الثاني طاهر فيصلي في الثاني ،وفي
وجأوب إعادة الصلة الولى طريقان حكاهما الدارمي
أحدهما :القطع بالوجأوب كمن صلى بنجاسة نسيها على
طريقة العراقيين ،والثاني :وهو المذهب ،وبه قطع
الكثرون :فيه القولن فيمن صلى بنجاسة جأهلها أصحهما
الوجأوب والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن كان عليه ثوب طاهر
وطرفه موضوع على نجاسة كالعمامة على رأسه وطرفها
على أرض نجسة لم تجز صلته لنه حامل لما هو متصل
بنجاسة (1) .
____________________
-1الشرح :هذا الذي ذكره متفق عليه ،وسواء تحرك
الطرفا الذي يلقي النجاسة بحركته في قيامه وقعوده
وركوعه وسجوده ،أم لم يتحرك ،هذا مذهبنا ل خلفا فيه ،
ولو سجد على طرفا عمامته أن تحرك بحركته لم تصح
صلته ،وإن لم تتحرك صحت صلته بل خلفا ،والفرق أن
المعتبر في النجاسة أن ل يكون ثوبه المنسوب إليه ملقيا
لنجاسة ،وهذه العمامة ملقية ،وأما السجود فالمأمور به
أن يسجد على قرار وإنما تخرج العمامة عن كونها قرارا
بالحركة بحركته فإذا لم تتحرك فهي في معنى القرار ،هذا
مذهبنا ،قال العبدري :وهو الصحيح من مذهب مالك و أحمد
وداود ،وقال أبو حنيفة :إن تحركت حركته لم تصح وإل
فتصح
) (3/151
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن كان في وسطه حبل
مشدود إلى كلب صغير لم تصح صلته لنه حامل للكلب لنه
إذا مشى انجر معه ،وإن كان مشدودا إلى كلب كبير ففيه
وجأهان ،أحدهما ل تصح صلته لنه حامل لما هو متصل
بالنجاسة فهو كالعمامة على رأسه وطرفها على نجاسة ،
والثاني :تصح لن للكلب اختيارا وإن كان الحبل مشدودا
إلى سفينة فيها نجاسة والشد في موضع طاهر من
السفينة فإن كانت السفينة صغيرة لم يجز لنه حامل
للنجاسة ،وإن كانت كبيرة ففيه وجأهان أحدهما :ل يجوز
لنها منسوبة إليه والثاني :يجوز لنه غير حامل للنجاسة ول
لما هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى والجل مشدود إلى
باب دار فيها نجس (1) .
____________________
-1الشرح :هذه المسائل عند جأمهور الصحاب كما ذكر ،
ودلئلها واضحة ،والحاصل أنه إن شده إلى كلب صغير أو
ميت لم تصح صلته ،وإن شده إلى كلب كبير لم تصح أيضا
على الصح ،وإن شده إلى سفينة صغيرة لم تصح ،وإن
شده إلى كبيرة صحت صلته على الصح وإن شده إلى باب
دار فيها حش وهو الخلء صحت بل خلفا ،وإن شده في
موضع نجس من السفينة بطلت صلته بل خلفا ،كما أشار
إليه المصنف ،وقد صرح به صاحب الحاوي والنبدنيجي
والشيخ أبو حامد سواء كانت صغيرة أو كبيرة ،هذه طريقة
العراقيين والكثرين وهي الصحيحة .وأما طريقة
الخراسانيين فمضطربة ،وقد لخصها الرافعي ،ومختصرها
أنه إذا قبض طرفا حبل أو ثوب أو شده في يده أو رجأليه أو
وسطه وطرفه الخر نجس أو متصل بنجاسة فثلثة أوجأه
الصحيح :بطلن صلته ،والثاني :ل تبطل .والثالث :إن
كان الطرفا نجسا أو متصل بعين النجاسة بأن كان في عنق
كلب بطلت وإن كان متصل بطاهر وذلك الطاهر متصل
بنجاسة بأن شد في ساجأور أو خرقة وهما في عنق كلب أو
شده في عنق حمار عليه حمل نجس لم تبطل ،والوجأه
جأارية سواء تحرك الطرفا بحركته أم ل ،كذا قاله الكثرون ،
وقطع إمام الحرمين والغزالي ومن تابعهما بالبطلن إذا
تحرك ،وخصوا الخلفا بغير المتحرك وقطع البغوي بالطلن
في صورة الشد ،وخص الخلفا بصورة القبض باليد .
واتفقت طرق جأميع الصحاب على أنه لو جأعل طرفا الحبل
تحت رجأله صحت صلته في جأميع الصور ،وقول المصنف :
دار فيها حش هو بفتح الحاء وضمها لغتان مشهورتان الفتح
أشهر ،وهو الخلء وأصله البستان وكانوا يقضون الحاجأة
فيه ،فسمي موضع قضاء الحاجأة حشا كالغائط والعذرة ،
فإن الغائط في الصل المكان المطمئن والعذرة :فناء
الدار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن حمل حيوانا طاهرا في
صلته صحت صلته ل
) (3/152
النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص في
صلته ،ولن ما في الحيوان من النجاسة في معدن النجاسة
فهو كالنجاسة التي في جأوفا المصلي ،وإن حمل قارورة
فيها نجاسة وقد سد رأسها ففيها وجأهان ،أحدهما :يجوز
لن النجاسة ل تخرج منها فهو كما لو حمل حيوانا طاهرا ،
والمذهب :أنه ل يجوز لنه حمل نجاسة غير معفو عنها في
غير معدنها فأشبه إذا حمل النجاسة في كمه (1) .
____________________
-1الشرح :حديث أمامة رواه البخاري ومسلم وهي أمامة
بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي
العاص مهشم بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الشين
المعجمة ،وقيل لقيط ،وقيل ياسر ،وقيل القاسم ابن
الربيع بن عبد العزى بن عبد منافا القرشية كان النبي صلى
الله عليه وسلم يحبها تزوجأها علي بن أبي طالب بعد وفاة
فاطمة ،وكانت فاطمة أوصته بذلك رضي الله عنهم .أما
حكم المسألة :فإذا حمل حيوانا طاهرا ل نجاسة على
ظاهره في صلته صحت صلته ،بل خلفا ،وإن حمل حيوانا
مذبوحا بعد غسل موضع الدم وما على ظاهره من النجاسة
لم تصح صلته بل خلفا ،وفيه وجأه في البحر صرح به
الصحاب منهم القاضي أبو الطيب ،لن في باطنه نجاسة ل
حاجأة إلى استصحابها بخلفا الحي ،ولو تنجس منفذ
الحيوان الحي كطائر ونحوه فحمله ففي صحة صلته وجأهان
أصحهما :عند الغزالي الصحة ،ويعفى عنه كالباقي على
محل نجو المصلي وأصحهما :عند إمام الحرمين ل يصح ،
وبه قطع المتولي وهو الصح لعدم الحاجأة إلى احتمالها ،
ولو وقع هذا الحيوان في ماء قليل أو مائع لم ينجسه في
أصح الوجأهين وقد سبقت هذه المسألة في باب المياه .ولو
حمل بيضة صار باطنها دما وظاهرها طاهرا ،أو حمل
عنقودا صار باطن حباته خمرا ول رشح على ظاهره لم تصح
صلته في أصح الوجأهين ،ويجري الوجأهان في كل استتار
خلقي .أما إذا حمل قارورة مصممة الرأس برصاص أو نحوه
وفيها نجاسة فل تصح صلته على الصحيح ،وفيه وجأه
مشهور ،ودليلهما مذكور في الكتاب ،والقائل بالصحة أبو
علي بن أبي هريرة ،ذكره صاحب الحاوي والقاضي أبو
الطيب وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم .وإن كان رأسها
مسدودا بخرقة لم تصح صلته بل خلفا ،وإن كان بشمع
فطريقان ،أحدهما :كالخرقة .والثاني :كالرصاص ،هذا ما
ذكره الصحاب ،واتفقوا على أن المسدودة بخرقة ل تصح
الصلة معها ،وقد أطلق المصن
) (3/153
المسألة فليحمل كلمه على المصممة برصاص وكذا قال
صاحب البيان :ينبغي أن يحمل على الرصاص ليوافق
الصحاب .فرع :لو حمل المصلي مستجمرا بالحجار لم
تصح صلته في أصح الوجأهين ،لنه غير محتاج إليه ،وحديث
أمامة رضي الله عنها محمول على أنها قد نجيت بالماء ،ولو
حمل من عليه نجاسة معفو عنها ففيه الوجأهان لما ذكرناه ،
ويقرب منه من استنجى بالحجار وعرق موضع النجو فتلوث
به غيره ،ففي صحة صلته وجأهان ،ولكن الصح هنا الصحة
لعسر الحتراز منه ،بخلفا حمل غيره .والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :طهارة الموضع الذي يصلي
فيه شرط في صحة الصلة لما روي عمر رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :سبعة مواطن ل تجوز
فيها الصلة :المجزرة والمزبلة والمقبرة ومعاطن البل
والحمام وقارعة الطريق وفوق بيت الله العتيق فذكر
المجزرة والمزبلة ،وإنما منع من الصلة فيهما للنجاسة ،
فدل على أن طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط (1) .
____________________
-1الشرح :حديث عمر رضي الله عنه هذا رواه الترمذي
وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم لكن من رواية عبد الله بن
عمر ل من رواية عمر ،وفي رواية للترمذي عن عمر ،قال
الترمذي :ليس إسناده بذاك القوي .وكذا ضعفه غيره ،
والمجزرة بفتح الميم والزاي موضع ذبح الحيوان ،والمزبلة
بفتح الباء وضمها لغتان الفتح أجأود ،والمقبرة بفتح الباء
وضمها وكسرها ،ومعاطن البل واحدها معطن بفتح الميم
وكسر الطاء ،ويقال فيها عطن وجأمع
) (3/154
أعطان ،وسنوضح تفسيرها حيث ذكرها المصنف في آخر
الباب .والبيت العتيق هو الكعبة زادها الله شرفا ،سمي
عتيقا لعتقه من الجبابرة فلم يسلطوا على انتهاكه ،ولم
يتملكه أحد من الخلق .كذا نقل عن ابن عباس وابن الزبير
ومجاهد وقتادة وقيل عتيق أي متقدم ،وقيل كريم من
قولهم فرس عتيق .وأما حكم المسألة :فطهارة الموضع
الذي يلقيه في قيامه وقعوده وسجوده شرط في صحة
صلته سواء ما تحته وما فوقه من سقف وما بجنبيه من
حائط وغيره ،فلو ماس في شيء من صلته سقفا نجسا أو
حائطا أو غيره ببدنه أو ثوبه لم تصح صلته ،ودليله ما سبق
في أول الباب .وأما الحديث المذكور هنا فل يصح الحتجاج
به ،ومما يحتج به حديث بول العرابي في المسجد .وقول
النبي صلى الله عليه وسلم :صبوا عليه ذنوبا من ماء رواه
البخاري ومسلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :فإن صلى على بساط عليه
نجاسة غير معفو عنها فإن صلى على الموضع النجس منه
لم تصح صلته لنه ملق للنجاسة ،وإن صلى على موضع
طاهر منه صحت صلته لنه غير ملق للنجاسة ول حامل لما
هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى على أرض طاهرة
وفي موضع منها نجاسة (1) .
____________________
-1الشرح :إذا كان على البساط أو الحصير ونحوهما نجاسة
فصلى على الموضع النجس لم تصح صلته ،وإن صلى على
موضع طاهر منه صحت صلته ،قال أصحابنا سواء تحرك
البساط بتحركه أم ل ،لنه غير حامل ول ماس للنجاسة ،
وهكذا لو صلى على سرير قوائمه على نجاسة صحت صلته
وإن تحرك بحركته ،صرح به صاحب التتمة وغيره وقال أبو
حنيفة :إذا تحرك البساط أو السرير بحركته بطلت صلته
وإل فل وكذا عنده طرفا العمامة الذي يلقي النجاسة ،ولو
كان ما يلقي بدنه وثيابه طاهرا وما يحاذي صدره أو بطنه أو
شيئا من بدنه في سجوده أو غيره نجسا صحت صلته في
أصح الوجأهين ،ونقله صاحب الحاوي عن نص الشافعي ،
ونقله ابن المنذر عن الشافعي وأبي ثور ولو بسط على
النجاسة ثوبا مهلهل النسج وصلى عليه ،فإن حصلت
مماسة النجاسة من الفرج بطلت صلته ،وإن لم تحصل
وحصلت المحاذاة فعلى الوجأهين الصح ل تبطل .
قال المصنف رحمه الله تعالى :فإن صلى على أرض فيها
نجاسة ،فإن عرفا موضعها تجنبها وصلى في غيرها وإن
فرش عليها شيئا وصلى عليه جأاز لنه غير مباشر للنجاسة
ول حامل لما هو متصل بالنجاسة ،وإن خفي عليه موضع
النجاسة ،فإن كان
) (3/155
في أرض واسعة فصلى في موضع منها جأاز ،لنه غير
متحقق لها ولن الصل فيه الطهارة ،وإن كانت النجاسة
في بيت وخفي موضعها لم يجز أن يصلي فيه حتى يغسله
ومن أصحابنا من قال :يصلي فيه حيث شاء كالصحراء ،
وليس بشيء ،لن الصحراء ل يمكن حفظها من النجاسة ،
ول يمكن غسل جأميعها ،والبيت يمكن حفظه من النجاسة
وغسله ) فإذا نجس أمكن غسله ،وإذا خفي موضع النجاسة
منه غسله كله كالثوب وإن كانت النجاسة في أحد البيتين
واشتبها عليه تحرى كما يتحرى في الثوبين ( (1) .
____________________
-1الشرح :في هذه القطعة مسائل أحداها :إذا كان على
الرض نجاسة في بيت أو صحراء تنحى عنها وصلى في
موضع ل يلقي النجاسة ،فإن فرش عليها شيئا بحيث ل
يلقيه منها شيء صحت صلته ،وإن كان الثوب مهلهل
النسج فقد سبق حكمه قريبا .الثانية :إذا خفي عليه موضع
النجاسة من أرض إن كانت واسعة صلى في موضع منها
بغير اجأتهاد لن الصل طهارته .قال القاضي أبو الطيب
وغيره :والمستحب أن ينتقل إلى موضع ل شك فيه ول
يلزمه ذلك ،كما لو علم أن بعض مساجأد البلد يبال فيه
وجأهله فله أن يصلي في أيها شاء .وقال البغوي :يتحرى
في الصحراء فإن أراد أنه يجب الجأتهاد فهو شاذ مخالف
للصحاب ،وإن أراد أنه مستحب فهو موافق لما حكيناه عن
القاضي أبي الطيب وغيره ،وإن كانت صغيرة أو في بيت أو
بساط فوجأهان أصحهما :ل يجوز أن يصلي فيه ل هجوما ول
باجأتهاد حتى يغسله أو يبسط عليه شيئا .والثاني :له أن
يصلي فيه حيث شاء ،ودليلهما في الكتاب ،وهذا الثاني
ليس بشيء .ثم أن المصنف وشيخه القاضي أبا الطيب
وابن الصباغ والشاشي صرحوا بأنه على هذا الثاني يصلي
حيث شاء منه بل اجأتهاد ،وقال الشيخ أبو حامد والمحاملي
والدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم :على هذا الثاني
يجتهد فيه ،وهذا أصح .الثالثة :إذا كانت النجاسة في أحد
بيتين تحرى كالثوبين ،فلو قدر على موضع ثالث أو شيء
يبسطه أو ماء يغسل به أحدهما ففي جأواز الجأتهاد
الوجأهان في الواني والثوب والثالث أصحهما الجواز .ذكر
المسألة صاحب البيان .فرع :إذا خفي عليه موضع النجاسة
من أرض كبيرة ،أو بيت أو بساط وجأوزنا الصلة عليهما فله
أن يصلي صلوات في موضع واحد منه ،وله أن يصلي في
موضع حتى يبقى موضع بقدر النجاسة فل تصح بعد ذلك
صلته في ذلك الموضع ،كمسألة من حلف ل يأكل تمرة
فاختلطت بتمر كثير يأكله إل تمرة ،هكذا ذكر المتولي ،وقد
سبق في الواني أنه لو اشتبه إناء بأوان غير محصورة فله
أن يتوضأ من واحد بعد واحد حتى يبقى واحد في وجأه ،
وفي وجأه حتى يبقى عدد لو كان الشتباه فيه ابتداء لم يجز
الهجوم فيحتمل أن يجيء الوجأهان ويمكن الفرق
) (3/156
قال المصنف رحمه الله تعالى :وإن حبس في حش ولم
يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن
النجاسة وتجنبها في قعوده ،وأومأ في السجود إلى الحد
الذي لو زاد عليه لقى النجاسة ،ول يسجد على الرض لن
الصلة قد تجزي مع اليماء ول تجزي مع النجاسة ،وإذا قدر
ففيه قولن ،قال في القديم :ل يعيد لنه صلى على حسب
حاله فهو كالمريض ،وقال في الملء :يعيد لنه ترك
الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه ،كما
لو ترك السجود ناسيا ،وإذا أعاد ففي الفرض أقوال .قال
في الم :الفرض هو الثاني لن الفرض به يسقط .وقال
في القديم :الفرض هو الول لن العادة مستحبة غير
واجأبة في القديم .وقال في الملء :الجميع فرض لن
الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا ،وخرج أبو إسحاق
قول رابعا :أن الله تعالى يحتسب له بأيهما شاء ،قياسا
على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى
الجمعة فصلها إن الله تعالى يحتسب له بما شاء (1) .
____________________
-1الشرح :قد سبق أن الحش بفتح الحاء وضمها هو الخلء ،
فإذا حبس إنسان في موضع نجس وجأب عليه أن يصلي .
هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إل أبا حنيفة فقال :ل
يجب أن يصلي فيه ،ودليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال :وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما
استطعتم رواه البخاري ومسلم .وقياسا على المريض
العاجأز عن بعض الركان ،وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى
عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ،ويجب
أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لقى النجاسة
،ول يجوز أن يضع جأبهته على الرض .هذه هو الصحيح
وحكى صاحب البيان وجأها أنه يلزمه أن يضع جأبهته على
الرض ،وليس بشيء ،ودليله ما ذكره المصنف .فإذا صلى
كما أمرناه فينبغي أن يعيد الصلة إذا خرج إلى موضع طاهر
.وهذه العادة واجأبة على الجديد الصح ومستحبة على
القديم ،فإذا أعاد فهل الفرض الولى أم الثانية أم كلهما
أو إحداهما مبهمة فيه أربعة أقوال كما ذكره المصنف
أصحها :عند جأمهور الصحاب أن الفرض ،الثانية ،وادعى
الشيخ أبو حامد التفاق عليه ،واختار ابن الصباغ أن الفرض
كلهما ،وهو قوي لنه مطالب بهما ،وقد سبق بيان هذه
القوال ونظائرها فيمن لم يجد ماء ول ترابا ،وذكرنا في
آخر التيمم فرعا جأامعا للصلوات المفعولت على نوع خلل ،
وما يجب قضاؤه منها ،وما ل يجب ،واستوفيناه استيفاء
بليغا ولله الحمد ،وقوله :لن الصلة قد تجزىء مع اليماء ،
إنما قال :قد تجزىء لنها في بع
) (3/157
المواضع تجزي كصلة شدة الخوفا وصلة المريض وفي
بعضها ل تجزي كصلة من ربط على خشبة ونحوه ،وقد
سبق بيانه في باب التيمم .
قال المصنف رحمه الله تعالى :إذا فرغ من الصلة ثم رأى
على ثوبه أو بدنه أو موضع صلته نجاسة غير معفو عنها
نظرت فإن جأوز أن تكون حديث بعد الفراغ من الصلة لم
تلزمه العادة لن الصل أنها لم تكن في حال الصلة فل
تجب العادة بالشك ،كما لو توضأ من بئر وصلى ،ثم وجأد
في البئر فأرة ،وإن علم أنها كانت في الصلة فإن كان علم
بها قبل الدخول في الصلة لزمه العادة ،لنه فرط في
تركها ،وإن لم يعلم بها حتى فرغ من الصلة ففيه قولن .
قال في القديم :ل يعيد لما روى أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه :أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في
الصلة فخلع الناس نعالهم فقال :ما لكم خلعتم نعالكم
قالوا :رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ،فقال :أتاني
جأبريل فأخبرني أن فيهما قذرا ،أو قال :دم حلمة فلو لم
تصح الصلة لستأنف الحرام ،وقال في الجديد :تلزمه
العادة لنها طهارة واجأبة فل تسقط بالجهل كالوضوء (1) .
____________________
-1الشرح :حديث أبي سعيد صحيح سبق بيانه في أول هذه
الباب ،وذكرنا لفظه هناك ،والحلمة بفتح الحاء واللم
القراد العظيم والجماعة حلم كقصبة وقصب وفي هذا
الحديث من الفوائد مع ما ذكره المصنف أن الصلة في
النعل الطاهرة جأائزة وأنه يجوز المشي في المسجد بالنعل
،وأن العمل القليل في الصلة جأائز ،وأن أفعال النبي
صلى الله عليه وسلم يقتدى بها كأقواله ،وأن الكلم في
الصلة ل يجوز سواء كان لمصلحتها أو لغيرها ،ولول ذلك
لسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عند نزعهم ولم يؤخر
سؤالهم وقوله ) :كما لو توضأ من بئر ( وصورته أن يكون
دون قلتين فيتوضأ منه ثم يجد فيه فأرة ميتة يحتمل أنها
كانت فيه حال الوضوء ،ويحتمل حدوثها بعده ،ومن قال
بالجديد أجأاب عن الحديث بأن المراد بالقذر الشيء
المستقذر كالمخاط ونحوه ،وبدم الحلمة إن ثبت الشيء
اليسير المعفو عنه ،وإنما خلعه النبي صلى الله عليه وسلم
تنزها .أما حكم المسألة :فإذا سلم من صلته ثم رأى عليه
نجاسة يجوز أنها كانت في الصلة ،ويجوز أنها حدثت بعدها
فصلته صحيحة بل خلفا ،قال الشافعي والصحاب :
ويستحب إعادتها احتياطا ،وإن علم أنها كانت في الصلة
فإن كان لم يعلمها قبل ذلك فقولن الجديد :الصح بطلن
صلته ،والقديم :صحتها ودليلهما في الكتاب ،وإن كان
علمها ثم نسيها فطريقان مشهوران للخراسانيين أصحهما
:وبه قطع العراقيون تجب العادة قول واحد
) (3/158
لتفريطه ،والثاني :فيه قولن كالجاهل ،وإذا أوجأبنا
العادة وجأب إعادة كل صلة تيقن وجأود النجاسة فيها ،ول
يجب ما شك فيه ولكن يستحب ،ولو رأى النجاسة في أثناء
الصلة فإن قلنا :ل تجب العادة إذا رآها بعد الفراغ أزالها
وبنى على صلته وإل بطلت ووجأب الستئنافا .قال
أصحابنا :وإذا رأى في ثوبه نجاسة لم يعلم متى أصابته
لزمه أن يصلي كل صلة تيقن أنها كانت فيها ،ول يلزمه ما
يشك فيه كما لو شك بعد فراغها ،ولكن يستحب أن يعيد كل
صلة يحتمل أنها كانت فيها ،وهذا كما سبق فيمن رأى
المنى في ثوبه .فرع في مذاهب العلماء فيمن صلى
بنجاسة نسيها أو جأهلها ذكرنا أن الصح في مذهبنا وجأوب
العادة وبه قال أبو قلبة وأحمد ،وقال جأمهور العلماء :ل
إعادة عليه ،حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب
وطاوس وعطاء و سالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي
والنخعي والزهري و يحيى النصاري والوزاعي وإسحاق
وأبو ثور ،قال ابن المنذر :وبه أقول ،وهو مذهب ربيعة
ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يصلي في مقبرة لما
روى أبو سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :الرض كلها مسجد إل المقبرة والحمام فإن صلى في
مقبرة ) نظر فإن كانت مقبرة ( تكرر فيها النبش لم تصح
صلته لنه قد اختلط بالرض صديد الموتى ،وإن كانت
جأديدة لم تنبش كرهت صلته فيها لنها مدفن النجاسة
والصلة صحيحة ،لن الذي باشر بالصلة طاهر ،وإن شك
هل نبشت أم ل ففيه قولن أحدهما :ل تصح صلته لن
الصل بقاء الفرض في ذمته ،وهو يشك في إسقاطه
والفرض ل يسقط بالشك والثاني :تصح لن الصل طهارة
الرض فل يحكم بنجاستها بالشك .
____________________
) (3/159
)(1
____________________
-1الشرح :حديث أبي سعيد رواه أبو داود والترمذي
وغيرهما ،قال الترمذي وغيره :هو حديث مضطرب ،وقال
الحاكم في المستدرك ،أسانيده صحيحه ،وفي الصحيحين
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما نزل به أي حضرته الوفاة قال :لعنة الله على اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجأد .يحذر ما صنعوا
وفي الصحيحين نحوه عن أبي هريرة أيضا ،وعن جأندب بن
عبد الله رضي الله عنه قال :سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم قبل أن يموت بخمس يقول :إن من كان قبلكم كانوا
يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجأد أل فل تتخذوا
القبور مساجأد إني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم وعن أبي
مرثد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ل
تجلسوا على القبور ول تصلوا إليها رواه مسلم ،وعن ابن
عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اجأعلوا من صلتكم في بيوتكم ول تتخذوها قبورا رواه
البخاري ومسلم .أما حكم المسألة :فإن تحقق أن المقبرة
منبوشة لم تصح صلته فيها بل خلفا إذا لم يبسط تحته
شيء ،وإن تحقق عدم نبشها صحت بل خلفا ،وهي
مكروهة كراهة تنزيه ،وإن شك في نبشها فقولن أصحهما
:تصح الصلة مع الكراهة ،والثاني :ل تصح ،هكذا ذكر
الجمهور الخلفا في المسألة الخيرة قولين كما ذكره
المصنف هنا ،ممن ذكرهما قولين الشيخ أبو حامد والقاضي
أبو الطيب في تعليقه والمحاملي والشيخ أبو علي
البندنيجي وصاحب الشامل وخلئق من العراقيين ،ومعظم
الخراسانيين ونقلهما جأماعة وجأهين منهم المصنف في
التنبيه وصاحب الحاوي قال في الحاوي :القول بالصحة هو
قول ابن أب
) (3/160
هريرة وبالبطلن قول أبي إسحاق والصواب طريقة من
قال :قولن ،قال صاحب الشامل ،قال في الم :ل تصح ،
وقال في الملء :تصح واتفق الصحاب على أن الصح
الصحة وبه قطع الجرجأاني في التحرير ،قال أصحابنا :
ويكره أن يصلي إلى القبر هكذا قالوا يكره ،ولو قيل :يحرم
لحديث أبي مرثد وغيره مما سبق لم يبعد ،قال صاحب
التتمة :وأما الصلة عند رأس قبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم متوجأها إليه فحرام .فرع :في مذاهب العلماء
في الصلة في المقبرة .قد ذكرنا مذهبنا فيها ،وأنها ثلثة
أقسام ،قال ابن المنذر :روينا عن علي وابن عباس وابن
عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلة في المقبرة ،ولم
يكرهها أبو هريرة وواثلة بن السقع والحسن البصري ،
وعن مالك روايتان أشهرهما ل يكره ما لم يعلم نجاستها ،
وقال أحمد :الصلة فيها حرام ،وفي صحتها روايتان وإن
تحقق طهارتها ،ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال :
تصح الصلة وإن تحقق نبشها .فرع :قال أصحابنا :يكره
أن يصلي في مزبلة وغيرها من النجاسات فوق حائل طاهر
لنه في معنى المقبرة .فرع :تكره الصلة في الكنيسة
والبيعة حكاه ابن المنذر عن عمر ابن الخطاب وابن عباس
ومالك رضي الله عنهم ،ونقل الترخيص فيها عن أبي
موسى والحسن و الشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز
والوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وهي رواية عن ابن عباس
واختاره ابن المنذر .
____________________
) (3/161
فرع :في نبش قبور الكفار لطلب المال المدفعون معهم :
قال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم :اختلف العلماء
في ذلك فكرهه مالك ،وأجأازه أصحابه قال :واختلف في
علة كراهته فقيل :مخافة نزول عذاب عليهم وسخط ،لنها
مواضع العذاب والسخط ،وقد ثبت في الصحيح أن النبي
صلى الله عليه وسلم :نهى عن دخول ديار المعذبين ،وهم
ثمود أصحاب الحجر خشية أن يصيب الداخل ما أصابهم قال
:إل أن تكونوا باكين فمن دخلها لطلب الدنيا فهو ضد ذلك ،
وقيل :مخافة أن يصادفا قبر نبي أو صالح بينهم ،قال :
وحجة من أجأاز ذلك نبش الصحابة رضي الله عنهم قبر أبي
رغال واستخراجأهم منه قضيب الذهب الذي أعلمهم النبي
صلى الله عليه وسلم أنه مدفون معه ،هذا كلم القاضي ،
ومقتضى مذهبنا :جأواز نبشه إن كان دارسا ،أو كان جأديدا
وعلمنا أن فيه مال لحربي .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ول يصلي في الحمام
لحديث أبي سعيد ،واختلف أصحابنا لي معنى منعت الصلة
فيه فمنهم من قال :إنما منع لنه تغسل فيه النجاسات ،
فعلى هذا إذا صلى في موضع تحقق طهارته صحت صلته ،
وإن صلى في موضع تحقق نجاسته لم تصح وإن شك فعلى
قولين كالمقبرة ،ومنهم من قال :إنما منع لنه مأوى
الشياطين لما يكشف فيه من العورات ،فعلى هذا تكره
الصلة فيه وإن تحقق طهارته فالصلة صحيحة لن المنع ل
يعود إلى الصلة (1) .
____________________
-1الشرح :هذه المسألة عند الصحاب كما ذكرها المصنف ،
والصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة
تنزيه وتصح الصلة ،وعلى هذا تكره في المسلخ
) (3/162
وعلى الول ل تكره ،والحمام مذكر هكذا نقله الزهري عن
العرب ،يقال :حمام مبارك ،وجأمعه حمامات مشتق من
الحميم وهو الماء الحار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :وتكره الصلة في أعطان
البل ،ول تكره في مراح الغنم لما روى عبد الله ابن مغفل
المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :صلوا في مرابض الغنم ،ول تصلوا في أعطان البل
فإنها خلقت من الشياطين ولن في أعطان البل ل يمكن
الخشوع ،لما يخافا من نفورها ،ول يخافا نفور الغنم (1) .
____________________
-1الشرح :حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن رواه
البيهقي هكذا من رواية ابن مغفل بإسناد حسن ،ورواه
النسائي مختصرا عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن الصلة في أعطان البل ،وعن جأابر بن
سمرة أن رجأل سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال :
أصلي في مرابض الغنم قال :نعم ،قال :أصلي في مبارك
البل قال :ل رواه مسلم ،وعن أبي هريرة قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :صلوا في مرابض الغنم ،
ول تصلوا في أعطان البل رواه الترمذي وقال :حديث
حسن صحيح .وأما العطان فهي جأمع عطن ،واتفق
تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في الم وغيره ،وتفسير
الصحاب على أن العطن الموضع الذي يقرب موضع شرب
البل ،تنحى إليه البل الشاربة ليشرب غيرها ذودا ذودا ،
فإذا شربت كلها واجأتمعت فيه سيقت إلى المراعي ،قال
الزهري :العطن الموضع الذي تنحى إليه البل إذا شربت
الشربة الولى فتترك فيه ،ثم يمل لها الحوض ثانيا فتعود
من عطنها إلى الحوض لتعل وتشرب الشرب
) (3/163
الثانية ،وهو العلل ،قال :ول تعطن البل عن الماء إل في
حمارة اللفظ ) بتخفيف الميم وتشديد الراء ( قال :
وموضعها الذي تترك فيه على الماء يسمى عطنا ،ومعطنا