PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 005

‫‪http://www.shamela.ws‬‬
‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫المجموع‬
‫النووي‬
‫سنة الولدة ‪ /‬سنة الوفاة‬
‫تحقيق‬
‫الناشر دار الفكر‬
‫سنة النشر ‪1997‬م‬
‫مكان النشر بيروت‬
‫عدد الجأزاء ‪1‬‬
‫إيجاب غسل ما ل يعلم نجاسته وهذا خيال عجيب وخطأ‬
‫ظاهر ‪ ،‬وإنما أذكر مثله لبين بطلنه ‪ ،‬وقد قال صاحب‬
‫الشامل في جأواب هذا ‪ ،‬إنما يجب غسل النجس لنه ل يمكنه‬
‫الصلة إل بغسله ‪ ،‬وهذا المعنى موجأود هنا ‪ .‬الثالثة ‪ :‬إذا أدى‬
‫اجأتهاده إلى طهارة أحدهما فغسل الخر فله أن يصلي في‬
‫كل واحد على النفراد ول خلفا في هذا إل وجأها أشار إليه‬
‫المتولي أنه ل يجوز أن يصلي في الذي لم يغسله ‪ ،‬وهذا‬
‫ليس بشيء فلو لبسهما معا وصلى ففيه الوجأهان اللذان‬
‫ذكرهما المصنف بدليلهما أصحهما الجواز ‪ ،‬ولو كانت‬
‫النجاسة في أحد كمين واشتبه ففي جأواز الجأتهاد فيه‬
‫الوجأهان المذكوران في الكتاب بدليلهما أصحهما الجواز ‪،‬‬

‫فلو فصل أحدهما جأاز الجأتهاد فيهما بعد ذلك بل خلفا ‪،‬‬
‫لنهما عينان متميزتان ‪ ،‬ويجري الوجأهان فيما لو نجست‬
‫إحدى يديه أو أحد أصابعه ‪ ،‬والصح أنه ل يجوز الجأتهاد ‪ ،‬فلو‬
‫اجأتهد وغسل ما ظن نجاسته وصلى لم تصح على الصح ولو‬
‫غسل أحد كميه بالجأتهاد ثم فصله عن الثوب فجواز الصلة‬
‫فيما لم يغسله على الوجأهين ‪ ،‬ولو أخبره ثقة بأن النجس‬
‫هو هذا الكم فالمذهب أنه يقبل قوله ويغسله وحده ويصلي‬
‫فيه ‪ ،‬وقال صاحب الحاوي فيه وجأهان بناء على الوجأهين‬
‫في الجأتهاد فيهما إن جأوزناه قبل قوله وإل فل ‪ ،‬لنه تيقن‬
‫النجاسة ولم يتيقن زوالها ‪ ،‬والصواب الول ‪ .‬فرع ‪ :‬لو تلف‬
‫أحد الثوبين المشتبهين قبل الجأتهاد ففي جأواز الصلة في‬
‫الخر وجأهان كنظيره في الناءين إذا تلف أحدهما ‪ ،‬حكاهما‬
‫الدارمي والمتولي وغيرهما أصحهما ل يجوز ‪ ،‬ولو غسل أحد‬
‫المشتبهين بغير اجأتهاد فله الصلة فيه ‪ ،‬وهل له الصلة في‬

‫الخر ‪ ،‬قال المتولي ‪ :‬فيه هذان الوجأهان لن المغسول‬
‫أسقط فيه الجأتهاد ‪ ،‬فصار كالتالف والصحيح أنه ل يجوز ‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا اشتبه ثوب طاهر بثوب نجس فلم يجتهد ‪ ،‬بل صلى‬
‫في كل ثوب مرة تلك الصلة ‪ ،‬قال المتولي وغيره ‪ :‬صلته‬
‫باطلة كما لو ترك الجأتهاد في القبلة وصلى أربع مرات إلى‬

‫أربع جأهات ‪ .‬وقال المزني ‪ :‬ل يجوز الجأتهاد ‪ ،‬بل يلزمه أن‬
‫يصلي في كل ثوب مرة كمن نسي صلة من صلتين يلزمه‬
‫فعلهما ‪ ،‬دليلنا ‪ :‬أنه شرط للصلة فأشبه القبلة ‪ ،‬ويخالف‬
‫مسألة الناسي من وجأهين ‪ .‬أحدهما ‪ :‬أن الشتباه هناك في‬
‫نفس الصلة فوجأب اليقين بأن يصليهما ‪ ،‬والفرض هنا‬
‫متعين ‪ ،‬والشتباه في شرط فأشبه القبلة ‪ .‬الثاني ‪ :‬أن‬
‫هناك ل يؤدي إلى ارتكاب حرام بل غايته أن يصلي صلة‬
‫ليست عليه فتقع نافلة ‪ ،‬وهنا يؤدي إليه لن الصلة مع‬
‫النجاسة حرام ‪ .‬فرع ‪ :‬لو ظن بالجأتهاد طهارة ثوب من‬
‫ثوبين أو أثواب وصلى فيه ثم دخل وقت صلة‬
‫____________________‬

‫) ‪(3/150‬‬

‫أخرى ‪ ،‬هل يجدد الجأتهاد فيه وجأهان أحدهما ‪ :‬وبه قطع‬
‫المتولي يجدده ‪ ،‬كما يجدده في القبلة على الصحيح‬
‫وأصحهما ‪ :‬وبه قطع صاحب الحاوي ل يجدده قال ‪ :‬ويخالف‬
‫القبلة فإنها تتغير بتغير المواضع ويختلف إدراكها باختلفا‬
‫الحوال ‪ ،‬فلو اجأتهد وقلنا الجأتهاد واجأب أو غير واجأب فإن‬
‫لم يتغير اجأتهاده أو ظهر له طهارة الذي كان يظن طهارته‬

‫أول صلى فيه ‪ ،‬وإن تغير اجأتهاده فظهر له طهارة الخر لم‬
‫تلزمه إعادة الصلة الولى بل خلفا ‪ ،‬وكيف يصلي الن فيه‬
‫وجأهان مشهوران في الحاوي ‪ ،‬وتعليق القاضي أبي الطيب‬
‫والتتمة وغيرها أصحهما ‪ :‬وهو الذي صححه المتولي وغيره‬
‫يصلي في الثوب الثاني وهو الذي ظهر له الن أنه الطاهر‬
‫ول إعادة عليه ‪ ،‬كما إذا تغير اجأتهاده في القبلة يصلي إلى‬
‫الجهة الثانية بخلفا ما إذا تغير اجأتهاده في مسألة الواني‬
‫لنه في الواني إن توضأ بالثاني ولم يغسل ما أصابه من‬
‫الول صلى بنجاسة قطعا ‪ ،‬وإن ألزمناه بغسله نقضنا‬
‫الجأتهاد بالجأتهاد ‪ ،‬وهذا ممتنع ‪ .‬والوجأه الثاني ‪ :‬وهو الذي‬
‫صححه القاضي أبو الطيب وصاحب الحاوي ‪ :‬ل يجوز أن‬
‫يصلي في واحد من الثوبين ‪ ،‬بل يصلي عريانا وتلزمه‬
‫العادة كمسألة الواني وهذا ضعيف ‪ ،‬والصحيح الول‬

‫بخلفا الواني فإنه يؤدي إلى الصلة بنجاسة أو نقض‬
‫اجأتهاد باجأتهاد ‪ .‬أما إذا تيقن أن الذي صلى فيه أول كان‬
‫نجسا وتيقن أن الثاني طاهر فيصلي في الثاني ‪ ،‬وفي‬
‫وجأوب إعادة الصلة الولى طريقان حكاهما الدارمي‬
‫أحدهما ‪ :‬القطع بالوجأوب كمن صلى بنجاسة نسيها على‬
‫طريقة العراقيين ‪ ،‬والثاني ‪ :‬وهو المذهب ‪ ،‬وبه قطع‬

‫الكثرون ‪ :‬فيه القولن فيمن صلى بنجاسة جأهلها أصحهما‬
‫الوجأوب والله أعلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وإن كان عليه ثوب طاهر‬
‫وطرفه موضوع على نجاسة كالعمامة على رأسه وطرفها‬
‫على أرض نجسة لم تجز صلته لنه حامل لما هو متصل‬
‫بنجاسة ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬هذا الذي ذكره متفق عليه ‪ ،‬وسواء تحرك‬
‫الطرفا الذي يلقي النجاسة بحركته في قيامه وقعوده‬
‫وركوعه وسجوده ‪ ،‬أم لم يتحرك ‪ ،‬هذا مذهبنا ل خلفا فيه ‪،‬‬
‫ولو سجد على طرفا عمامته أن تحرك بحركته لم تصح‬
‫صلته ‪ ،‬وإن لم تتحرك صحت صلته بل خلفا ‪ ،‬والفرق أن‬
‫المعتبر في النجاسة أن ل يكون ثوبه المنسوب إليه ملقيا‬
‫لنجاسة ‪ ،‬وهذه العمامة ملقية ‪ ،‬وأما السجود فالمأمور به‬
‫أن يسجد على قرار وإنما تخرج العمامة عن كونها قرارا‬
‫بالحركة بحركته فإذا لم تتحرك فهي في معنى القرار ‪ ،‬هذا‬
‫مذهبنا ‪ ،‬قال العبدري ‪ :‬وهو الصحيح من مذهب مالك و أحمد‬
‫وداود ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إن تحركت حركته لم تصح وإل‬
‫فتصح‬


‫) ‪(3/151‬‬

‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وإن كان في وسطه حبل‬
‫مشدود إلى كلب صغير لم تصح صلته لنه حامل للكلب لنه‬
‫إذا مشى انجر معه ‪ ،‬وإن كان مشدودا إلى كلب كبير ففيه‬
‫وجأهان ‪ ،‬أحدهما ل تصح صلته لنه حامل لما هو متصل‬
‫بالنجاسة فهو كالعمامة على رأسه وطرفها على نجاسة ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬تصح لن للكلب اختيارا وإن كان الحبل مشدودا‬
‫إلى سفينة فيها نجاسة والشد في موضع طاهر من‬
‫السفينة فإن كانت السفينة صغيرة لم يجز لنه حامل‬
‫للنجاسة ‪ ،‬وإن كانت كبيرة ففيه وجأهان أحدهما ‪ :‬ل يجوز‬

‫لنها منسوبة إليه والثاني ‪ :‬يجوز لنه غير حامل للنجاسة ول‬
‫لما هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى والجل مشدود إلى‬
‫باب دار فيها نجس ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬هذه المسائل عند جأمهور الصحاب كما ذكر ‪،‬‬
‫ودلئلها واضحة ‪ ،‬والحاصل أنه إن شده إلى كلب صغير أو‬
‫ميت لم تصح صلته ‪ ،‬وإن شده إلى كلب كبير لم تصح أيضا‬
‫على الصح ‪ ،‬وإن شده إلى سفينة صغيرة لم تصح ‪ ،‬وإن‬

‫شده إلى كبيرة صحت صلته على الصح وإن شده إلى باب‬
‫دار فيها حش وهو الخلء صحت بل خلفا ‪ ،‬وإن شده في‬
‫موضع نجس من السفينة بطلت صلته بل خلفا ‪ ،‬كما أشار‬
‫إليه المصنف ‪ ،‬وقد صرح به صاحب الحاوي والنبدنيجي‬
‫والشيخ أبو حامد سواء كانت صغيرة أو كبيرة ‪ ،‬هذه طريقة‬
‫العراقيين والكثرين وهي الصحيحة ‪ .‬وأما طريقة‬
‫الخراسانيين فمضطربة ‪ ،‬وقد لخصها الرافعي ‪ ،‬ومختصرها‬
‫أنه إذا قبض طرفا حبل أو ثوب أو شده في يده أو رجأليه أو‬
‫وسطه وطرفه الخر نجس أو متصل بنجاسة فثلثة أوجأه‬
‫الصحيح ‪ :‬بطلن صلته ‪ ،‬والثاني ‪ :‬ل تبطل ‪ .‬والثالث ‪ :‬إن‬
‫كان الطرفا نجسا أو متصل بعين النجاسة بأن كان في عنق‬
‫كلب بطلت وإن كان متصل بطاهر وذلك الطاهر متصل‬
‫بنجاسة بأن شد في ساجأور أو خرقة وهما في عنق كلب أو‬
‫شده في عنق حمار عليه حمل نجس لم تبطل ‪ ،‬والوجأه‬
‫جأارية سواء تحرك الطرفا بحركته أم ل ‪ ،‬كذا قاله الكثرون ‪،‬‬
‫وقطع إمام الحرمين والغزالي ومن تابعهما بالبطلن إذا‬
‫تحرك ‪ ،‬وخصوا الخلفا بغير المتحرك وقطع البغوي بالطلن‬
‫في صورة الشد ‪ ،‬وخص الخلفا بصورة القبض باليد ‪.‬‬
‫واتفقت طرق جأميع الصحاب على أنه لو جأعل طرفا الحبل‬
‫تحت رجأله صحت صلته في جأميع الصور ‪ ،‬وقول المصنف ‪:‬‬

‫دار فيها حش هو بفتح الحاء وضمها لغتان مشهورتان الفتح‬
‫أشهر ‪ ،‬وهو الخلء وأصله البستان وكانوا يقضون الحاجأة‬
‫فيه ‪ ،‬فسمي موضع قضاء الحاجأة حشا كالغائط والعذرة ‪،‬‬
‫فإن الغائط في الصل المكان المطمئن والعذرة ‪ :‬فناء‬
‫الدار ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وإن حمل حيوانا طاهرا في‬
‫صلته صحت صلته ل‬

‫) ‪(3/152‬‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص في‬
‫صلته ‪ ،‬ولن ما في الحيوان من النجاسة في معدن النجاسة‬
‫فهو كالنجاسة التي في جأوفا المصلي ‪ ،‬وإن حمل قارورة‬
‫فيها نجاسة وقد سد رأسها ففيها وجأهان ‪ ،‬أحدهما ‪ :‬يجوز‬
‫لن النجاسة ل تخرج منها فهو كما لو حمل حيوانا طاهرا ‪،‬‬
‫والمذهب ‪ :‬أنه ل يجوز لنه حمل نجاسة غير معفو عنها في‬
‫غير معدنها فأشبه إذا حمل النجاسة في كمه ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬حديث أمامة رواه البخاري ومسلم وهي أمامة‬
‫بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي‬

‫العاص مهشم بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الشين‬
‫المعجمة ‪ ،‬وقيل لقيط ‪ ،‬وقيل ياسر ‪ ،‬وقيل القاسم ابن‬
‫الربيع بن عبد العزى بن عبد منافا القرشية كان النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يحبها تزوجأها علي بن أبي طالب بعد وفاة‬
‫فاطمة ‪ ،‬وكانت فاطمة أوصته بذلك رضي الله عنهم ‪ .‬أما‬
‫حكم المسألة ‪ :‬فإذا حمل حيوانا طاهرا ل نجاسة على‬
‫ظاهره في صلته صحت صلته ‪ ،‬بل خلفا ‪ ،‬وإن حمل حيوانا‬
‫مذبوحا بعد غسل موضع الدم وما على ظاهره من النجاسة‬
‫لم تصح صلته بل خلفا ‪ ،‬وفيه وجأه في البحر صرح به‬
‫الصحاب منهم القاضي أبو الطيب ‪ ،‬لن في باطنه نجاسة ل‬
‫حاجأة إلى استصحابها بخلفا الحي ‪ ،‬ولو تنجس منفذ‬
‫الحيوان الحي كطائر ونحوه فحمله ففي صحة صلته وجأهان‬
‫أصحهما ‪ :‬عند الغزالي الصحة ‪ ،‬ويعفى عنه كالباقي على‬
‫محل نجو المصلي وأصحهما ‪ :‬عند إمام الحرمين ل يصح ‪،‬‬
‫وبه قطع المتولي وهو الصح لعدم الحاجأة إلى احتمالها ‪،‬‬
‫ولو وقع هذا الحيوان في ماء قليل أو مائع لم ينجسه في‬
‫أصح الوجأهين وقد سبقت هذه المسألة في باب المياه ‪ .‬ولو‬
‫حمل بيضة صار باطنها دما وظاهرها طاهرا ‪ ،‬أو حمل‬
‫عنقودا صار باطن حباته خمرا ول رشح على ظاهره لم تصح‬
‫صلته في أصح الوجأهين ‪ ،‬ويجري الوجأهان في كل استتار‬

‫خلقي ‪ .‬أما إذا حمل قارورة مصممة الرأس برصاص أو نحوه‬
‫وفيها نجاسة فل تصح صلته على الصحيح ‪ ،‬وفيه وجأه‬
‫مشهور ‪ ،‬ودليلهما مذكور في الكتاب ‪ ،‬والقائل بالصحة أبو‬
‫علي بن أبي هريرة ‪ ،‬ذكره صاحب الحاوي والقاضي أبو‬
‫الطيب وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم ‪ .‬وإن كان رأسها‬
‫مسدودا بخرقة لم تصح صلته بل خلفا ‪ ،‬وإن كان بشمع‬
‫فطريقان ‪ ،‬أحدهما ‪ :‬كالخرقة ‪ .‬والثاني ‪ :‬كالرصاص ‪ ،‬هذا ما‬
‫ذكره الصحاب ‪ ،‬واتفقوا على أن المسدودة بخرقة ل تصح‬
‫الصلة معها ‪ ،‬وقد أطلق المصن‬

‫) ‪(3/153‬‬

‫المسألة فليحمل كلمه على المصممة برصاص وكذا قال‬
‫صاحب البيان ‪ :‬ينبغي أن يحمل على الرصاص ليوافق‬
‫الصحاب ‪ .‬فرع ‪ :‬لو حمل المصلي مستجمرا بالحجار لم‬
‫تصح صلته في أصح الوجأهين ‪ ،‬لنه غير محتاج إليه ‪ ،‬وحديث‬
‫أمامة رضي الله عنها محمول على أنها قد نجيت بالماء ‪ ،‬ولو‬
‫حمل من عليه نجاسة معفو عنها ففيه الوجأهان لما ذكرناه ‪،‬‬
‫ويقرب منه من استنجى بالحجار وعرق موضع النجو فتلوث‬
‫به غيره ‪ ،‬ففي صحة صلته وجأهان ‪ ،‬ولكن الصح هنا الصحة‬

‫لعسر الحتراز منه ‪ ،‬بخلفا حمل غيره ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬طهارة الموضع الذي يصلي‬
‫فيه شرط في صحة الصلة لما روي عمر رضي الله عنه أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬سبعة مواطن ل تجوز‬
‫فيها الصلة ‪ :‬المجزرة والمزبلة والمقبرة ومعاطن البل‬
‫والحمام وقارعة الطريق وفوق بيت الله العتيق فذكر‬
‫المجزرة والمزبلة ‪ ،‬وإنما منع من الصلة فيهما للنجاسة ‪،‬‬
‫فدل على أن طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬حديث عمر رضي الله عنه هذا رواه الترمذي‬
‫وابن ماجأه والبيهقي وغيرهم لكن من رواية عبد الله بن‬
‫عمر ل من رواية عمر ‪ ،‬وفي رواية للترمذي عن عمر ‪ ،‬قال‬
‫الترمذي ‪ :‬ليس إسناده بذاك القوي ‪ .‬وكذا ضعفه غيره ‪،‬‬
‫والمجزرة بفتح الميم والزاي موضع ذبح الحيوان ‪ ،‬والمزبلة‬
‫بفتح الباء وضمها لغتان الفتح أجأود ‪ ،‬والمقبرة بفتح الباء‬
‫وضمها وكسرها ‪ ،‬ومعاطن البل واحدها معطن بفتح الميم‬
‫وكسر الطاء ‪ ،‬ويقال فيها عطن وجأمع‬

‫) ‪(3/154‬‬


‫أعطان ‪ ،‬وسنوضح تفسيرها حيث ذكرها المصنف في آخر‬
‫الباب ‪ .‬والبيت العتيق هو الكعبة زادها الله شرفا ‪ ،‬سمي‬
‫عتيقا لعتقه من الجبابرة فلم يسلطوا على انتهاكه ‪ ،‬ولم‬
‫يتملكه أحد من الخلق ‪ .‬كذا نقل عن ابن عباس وابن الزبير‬
‫ومجاهد وقتادة وقيل عتيق أي متقدم ‪ ،‬وقيل كريم من‬
‫قولهم فرس عتيق ‪ .‬وأما حكم المسألة ‪ :‬فطهارة الموضع‬
‫الذي يلقيه في قيامه وقعوده وسجوده شرط في صحة‬

‫صلته سواء ما تحته وما فوقه من سقف وما بجنبيه من‬
‫حائط وغيره ‪ ،‬فلو ماس في شيء من صلته سقفا نجسا أو‬
‫حائطا أو غيره ببدنه أو ثوبه لم تصح صلته ‪ ،‬ودليله ما سبق‬
‫في أول الباب ‪ .‬وأما الحديث المذكور هنا فل يصح الحتجاج‬
‫به ‪ ،‬ومما يحتج به حديث بول العرابي في المسجد ‪ .‬وقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬صبوا عليه ذنوبا من ماء رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬فإن صلى على بساط عليه‬
‫نجاسة غير معفو عنها فإن صلى على الموضع النجس منه‬
‫لم تصح صلته لنه ملق للنجاسة ‪ ،‬وإن صلى على موضع‬
‫طاهر منه صحت صلته لنه غير ملق للنجاسة ول حامل لما‬
‫هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى على أرض طاهرة‬
‫وفي موضع منها نجاسة ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬إذا كان على البساط أو الحصير ونحوهما نجاسة‬
‫فصلى على الموضع النجس لم تصح صلته ‪ ،‬وإن صلى على‬
‫موضع طاهر منه صحت صلته ‪ ،‬قال أصحابنا سواء تحرك‬
‫البساط بتحركه أم ل ‪ ،‬لنه غير حامل ول ماس للنجاسة ‪،‬‬
‫وهكذا لو صلى على سرير قوائمه على نجاسة صحت صلته‬
‫وإن تحرك بحركته ‪ ،‬صرح به صاحب التتمة وغيره وقال أبو‬
‫حنيفة ‪ :‬إذا تحرك البساط أو السرير بحركته بطلت صلته‬
‫وإل فل وكذا عنده طرفا العمامة الذي يلقي النجاسة ‪ ،‬ولو‬
‫كان ما يلقي بدنه وثيابه طاهرا وما يحاذي صدره أو بطنه أو‬
‫شيئا من بدنه في سجوده أو غيره نجسا صحت صلته في‬
‫أصح الوجأهين ‪ ،‬ونقله صاحب الحاوي عن نص الشافعي ‪،‬‬
‫ونقله ابن المنذر عن الشافعي وأبي ثور ولو بسط على‬
‫النجاسة ثوبا مهلهل النسج وصلى عليه ‪ ،‬فإن حصلت‬
‫مماسة النجاسة من الفرج بطلت صلته ‪ ،‬وإن لم تحصل‬
‫وحصلت المحاذاة فعلى الوجأهين الصح ل تبطل ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬فإن صلى على أرض فيها‬
‫نجاسة ‪ ،‬فإن عرفا موضعها تجنبها وصلى في غيرها وإن‬
‫فرش عليها شيئا وصلى عليه جأاز لنه غير مباشر للنجاسة‬
‫ول حامل لما هو متصل بالنجاسة ‪ ،‬وإن خفي عليه موضع‬
‫النجاسة ‪ ،‬فإن كان‬

‫) ‪(3/155‬‬

‫في أرض واسعة فصلى في موضع منها جأاز ‪ ،‬لنه غير‬
‫متحقق لها ولن الصل فيه الطهارة ‪ ،‬وإن كانت النجاسة‬
‫في بيت وخفي موضعها لم يجز أن يصلي فيه حتى يغسله‬
‫ومن أصحابنا من قال ‪ :‬يصلي فيه حيث شاء كالصحراء ‪،‬‬
‫وليس بشيء ‪ ،‬لن الصحراء ل يمكن حفظها من النجاسة ‪،‬‬
‫ول يمكن غسل جأميعها ‪ ،‬والبيت يمكن حفظه من النجاسة‬
‫وغسله ) فإذا نجس أمكن غسله ‪ ،‬وإذا خفي موضع النجاسة‬
‫منه غسله كله كالثوب وإن كانت النجاسة في أحد البيتين‬
‫واشتبها عليه تحرى كما يتحرى في الثوبين ( ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬في هذه القطعة مسائل أحداها ‪ :‬إذا كان على‬
‫الرض نجاسة في بيت أو صحراء تنحى عنها وصلى في‬
‫موضع ل يلقي النجاسة ‪ ،‬فإن فرش عليها شيئا بحيث ل‬
‫يلقيه منها شيء صحت صلته ‪ ،‬وإن كان الثوب مهلهل‬
‫النسج فقد سبق حكمه قريبا ‪ .‬الثانية ‪ :‬إذا خفي عليه موضع‬
‫النجاسة من أرض إن كانت واسعة صلى في موضع منها‬
‫بغير اجأتهاد لن الصل طهارته ‪ .‬قال القاضي أبو الطيب‬
‫وغيره ‪ :‬والمستحب أن ينتقل إلى موضع ل شك فيه ول‬
‫يلزمه ذلك ‪ ،‬كما لو علم أن بعض مساجأد البلد يبال فيه‬
‫وجأهله فله أن يصلي في أيها شاء ‪ .‬وقال البغوي ‪ :‬يتحرى‬
‫في الصحراء فإن أراد أنه يجب الجأتهاد فهو شاذ مخالف‬
‫للصحاب ‪ ،‬وإن أراد أنه مستحب فهو موافق لما حكيناه عن‬
‫القاضي أبي الطيب وغيره ‪ ،‬وإن كانت صغيرة أو في بيت أو‬
‫بساط فوجأهان أصحهما ‪ :‬ل يجوز أن يصلي فيه ل هجوما ول‬
‫باجأتهاد حتى يغسله أو يبسط عليه شيئا ‪ .‬والثاني ‪ :‬له أن‬
‫يصلي فيه حيث شاء ‪ ،‬ودليلهما في الكتاب ‪ ،‬وهذا الثاني‬
‫ليس بشيء ‪ .‬ثم أن المصنف وشيخه القاضي أبا الطيب‬
‫وابن الصباغ والشاشي صرحوا بأنه على هذا الثاني يصلي‬
‫حيث شاء منه بل اجأتهاد ‪ ،‬وقال الشيخ أبو حامد والمحاملي‬
‫والدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم ‪ :‬على هذا الثاني‬
‫يجتهد فيه ‪ ،‬وهذا أصح ‪ .‬الثالثة ‪ :‬إذا كانت النجاسة في أحد‬
‫بيتين تحرى كالثوبين ‪ ،‬فلو قدر على موضع ثالث أو شيء‬
‫يبسطه أو ماء يغسل به أحدهما ففي جأواز الجأتهاد‬
‫الوجأهان في الواني والثوب والثالث أصحهما الجواز ‪ .‬ذكر‬
‫المسألة صاحب البيان ‪ .‬فرع ‪ :‬إذا خفي عليه موضع النجاسة‬
‫من أرض كبيرة ‪ ،‬أو بيت أو بساط وجأوزنا الصلة عليهما فله‬
‫أن يصلي صلوات في موضع واحد منه ‪ ،‬وله أن يصلي في‬
‫موضع حتى يبقى موضع بقدر النجاسة فل تصح بعد ذلك‬
‫صلته في ذلك الموضع ‪ ،‬كمسألة من حلف ل يأكل تمرة‬

‫فاختلطت بتمر كثير يأكله إل تمرة ‪ ،‬هكذا ذكر المتولي ‪ ،‬وقد‬
‫سبق في الواني أنه لو اشتبه إناء بأوان غير محصورة فله‬
‫أن يتوضأ من واحد بعد واحد حتى يبقى واحد في وجأه ‪،‬‬
‫وفي وجأه حتى يبقى عدد لو كان الشتباه فيه ابتداء لم يجز‬
‫الهجوم فيحتمل أن يجيء الوجأهان ويمكن الفرق‬

‫) ‪(3/156‬‬

‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وإن حبس في حش ولم‬
‫يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن‬
‫النجاسة وتجنبها في قعوده ‪ ،‬وأومأ في السجود إلى الحد‬
‫الذي لو زاد عليه لقى النجاسة ‪ ،‬ول يسجد على الرض لن‬
‫الصلة قد تجزي مع اليماء ول تجزي مع النجاسة ‪ ،‬وإذا قدر‬
‫ففيه قولن ‪ ،‬قال في القديم ‪ :‬ل يعيد لنه صلى على حسب‬
‫حاله فهو كالمريض ‪ ،‬وقال في الملء ‪ :‬يعيد لنه ترك‬
‫الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه ‪ ،‬كما‬
‫لو ترك السجود ناسيا ‪ ،‬وإذا أعاد ففي الفرض أقوال ‪ .‬قال‬
‫في الم ‪ :‬الفرض هو الثاني لن الفرض به يسقط ‪ .‬وقال‬
‫في القديم ‪ :‬الفرض هو الول لن العادة مستحبة غير‬
‫واجأبة في القديم ‪ .‬وقال في الملء ‪ :‬الجميع فرض لن‬
‫الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا ‪ ،‬وخرج أبو إسحاق‬
‫قول رابعا ‪ :‬أن الله تعالى يحتسب له بأيهما شاء ‪ ،‬قياسا‬
‫على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى‬
‫الجمعة فصلها إن الله تعالى يحتسب له بما شاء ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬قد سبق أن الحش بفتح الحاء وضمها هو الخلء ‪،‬‬
‫فإذا حبس إنسان في موضع نجس وجأب عليه أن يصلي ‪.‬‬
‫هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إل أبا حنيفة فقال ‪ :‬ل‬
‫يجب أن يصلي فيه ‪ ،‬ودليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ :‬وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما‬
‫استطعتم رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وقياسا على المريض‬
‫العاجأز عن بعض الركان ‪ ،‬وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى‬
‫عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ‪ ،‬ويجب‬
‫أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لقى النجاسة‬
‫‪ ،‬ول يجوز أن يضع جأبهته على الرض ‪ .‬هذه هو الصحيح‬
‫وحكى صاحب البيان وجأها أنه يلزمه أن يضع جأبهته على‬
‫الرض ‪ ،‬وليس بشيء ‪ ،‬ودليله ما ذكره المصنف ‪ .‬فإذا صلى‬

‫كما أمرناه فينبغي أن يعيد الصلة إذا خرج إلى موضع طاهر‬
‫‪ .‬وهذه العادة واجأبة على الجديد الصح ومستحبة على‬
‫القديم ‪ ،‬فإذا أعاد فهل الفرض الولى أم الثانية أم كلهما‬
‫أو إحداهما مبهمة فيه أربعة أقوال كما ذكره المصنف‬
‫أصحها ‪ :‬عند جأمهور الصحاب أن الفرض ‪ ،‬الثانية ‪ ،‬وادعى‬
‫الشيخ أبو حامد التفاق عليه ‪ ،‬واختار ابن الصباغ أن الفرض‬
‫كلهما ‪ ،‬وهو قوي لنه مطالب بهما ‪ ،‬وقد سبق بيان هذه‬
‫القوال ونظائرها فيمن لم يجد ماء ول ترابا ‪ ،‬وذكرنا في‬
‫آخر التيمم فرعا جأامعا للصلوات المفعولت على نوع خلل ‪،‬‬
‫وما يجب قضاؤه منها ‪ ،‬وما ل يجب ‪ ،‬واستوفيناه استيفاء‬
‫بليغا ولله الحمد ‪ ،‬وقوله ‪ :‬لن الصلة قد تجزىء مع اليماء ‪،‬‬
‫إنما قال ‪ :‬قد تجزىء لنها في بع‬

‫) ‪(3/157‬‬

‫المواضع تجزي كصلة شدة الخوفا وصلة المريض وفي‬
‫بعضها ل تجزي كصلة من ربط على خشبة ونحوه ‪ ،‬وقد‬
‫سبق بيانه في باب التيمم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬إذا فرغ من الصلة ثم رأى‬
‫على ثوبه أو بدنه أو موضع صلته نجاسة غير معفو عنها‬
‫نظرت فإن جأوز أن تكون حديث بعد الفراغ من الصلة لم‬
‫تلزمه العادة لن الصل أنها لم تكن في حال الصلة فل‬
‫تجب العادة بالشك ‪ ،‬كما لو توضأ من بئر وصلى ‪ ،‬ثم وجأد‬
‫في البئر فأرة ‪ ،‬وإن علم أنها كانت في الصلة فإن كان علم‬
‫بها قبل الدخول في الصلة لزمه العادة ‪ ،‬لنه فرط في‬
‫تركها ‪ ،‬وإن لم يعلم بها حتى فرغ من الصلة ففيه قولن ‪.‬‬
‫قال في القديم ‪ :‬ل يعيد لما روى أبو سعيد الخدري رضي‬
‫الله عنه ‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في‬
‫الصلة فخلع الناس نعالهم فقال ‪ :‬ما لكم خلعتم نعالكم‬
‫قالوا ‪ :‬رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ‪ ،‬فقال ‪ :‬أتاني‬
‫جأبريل فأخبرني أن فيهما قذرا ‪ ،‬أو قال ‪ :‬دم حلمة فلو لم‬
‫تصح الصلة لستأنف الحرام ‪ ،‬وقال في الجديد ‪ :‬تلزمه‬
‫العادة لنها طهارة واجأبة فل تسقط بالجهل كالوضوء ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬حديث أبي سعيد صحيح سبق بيانه في أول هذه‬
‫الباب ‪ ،‬وذكرنا لفظه هناك ‪ ،‬والحلمة بفتح الحاء واللم‬
‫القراد العظيم والجماعة حلم كقصبة وقصب وفي هذا‬
‫الحديث من الفوائد مع ما ذكره المصنف أن الصلة في‬

‫النعل الطاهرة جأائزة وأنه يجوز المشي في المسجد بالنعل‬
‫‪ ،‬وأن العمل القليل في الصلة جأائز ‪ ،‬وأن أفعال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يقتدى بها كأقواله ‪ ،‬وأن الكلم في‬
‫الصلة ل يجوز سواء كان لمصلحتها أو لغيرها ‪ ،‬ولول ذلك‬
‫لسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عند نزعهم ولم يؤخر‬
‫سؤالهم وقوله ‪ ) :‬كما لو توضأ من بئر ( وصورته أن يكون‬
‫دون قلتين فيتوضأ منه ثم يجد فيه فأرة ميتة يحتمل أنها‬
‫كانت فيه حال الوضوء ‪ ،‬ويحتمل حدوثها بعده ‪ ،‬ومن قال‬
‫بالجديد أجأاب عن الحديث بأن المراد بالقذر الشيء‬
‫المستقذر كالمخاط ونحوه ‪ ،‬وبدم الحلمة إن ثبت الشيء‬
‫اليسير المعفو عنه ‪ ،‬وإنما خلعه النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫تنزها ‪ .‬أما حكم المسألة ‪ :‬فإذا سلم من صلته ثم رأى عليه‬
‫نجاسة يجوز أنها كانت في الصلة ‪ ،‬ويجوز أنها حدثت بعدها‬
‫فصلته صحيحة بل خلفا ‪ ،‬قال الشافعي والصحاب ‪:‬‬
‫ويستحب إعادتها احتياطا ‪ ،‬وإن علم أنها كانت في الصلة‬
‫فإن كان لم يعلمها قبل ذلك فقولن الجديد ‪ :‬الصح بطلن‬
‫صلته ‪ ،‬والقديم ‪ :‬صحتها ودليلهما في الكتاب ‪ ،‬وإن كان‬
‫علمها ثم نسيها فطريقان مشهوران للخراسانيين أصحهما‬
‫‪ :‬وبه قطع العراقيون تجب العادة قول واحد‬

‫) ‪(3/158‬‬

‫لتفريطه ‪ ،‬والثاني ‪ :‬فيه قولن كالجاهل ‪ ،‬وإذا أوجأبنا‬
‫العادة وجأب إعادة كل صلة تيقن وجأود النجاسة فيها ‪ ،‬ول‬
‫يجب ما شك فيه ولكن يستحب ‪ ،‬ولو رأى النجاسة في أثناء‬
‫الصلة فإن قلنا ‪ :‬ل تجب العادة إذا رآها بعد الفراغ أزالها‬
‫وبنى على صلته وإل بطلت ووجأب الستئنافا ‪ .‬قال‬
‫أصحابنا ‪ :‬وإذا رأى في ثوبه نجاسة لم يعلم متى أصابته‬
‫لزمه أن يصلي كل صلة تيقن أنها كانت فيها ‪ ،‬ول يلزمه ما‬
‫يشك فيه كما لو شك بعد فراغها ‪ ،‬ولكن يستحب أن يعيد كل‬
‫صلة يحتمل أنها كانت فيها ‪ ،‬وهذا كما سبق فيمن رأى‬
‫المنى في ثوبه ‪ .‬فرع في مذاهب العلماء فيمن صلى‬
‫بنجاسة نسيها أو جأهلها ذكرنا أن الصح في مذهبنا وجأوب‬
‫العادة وبه قال أبو قلبة وأحمد ‪ ،‬وقال جأمهور العلماء ‪ :‬ل‬
‫إعادة عليه ‪ ،‬حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب‬
‫وطاوس وعطاء و سالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي‬
‫والنخعي والزهري و يحيى النصاري والوزاعي وإسحاق‬
‫وأبو ثور ‪ ،‬قال ابن المنذر ‪ :‬وبه أقول ‪ ،‬وهو مذهب ربيعة‬

‫ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ول يصلي في مقبرة لما‬
‫روى أبو سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ‪ :‬الرض كلها مسجد إل المقبرة والحمام فإن صلى في‬
‫مقبرة ) نظر فإن كانت مقبرة ( تكرر فيها النبش لم تصح‬
‫صلته لنه قد اختلط بالرض صديد الموتى ‪ ،‬وإن كانت‬
‫جأديدة لم تنبش كرهت صلته فيها لنها مدفن النجاسة‬
‫والصلة صحيحة ‪ ،‬لن الذي باشر بالصلة طاهر ‪ ،‬وإن شك‬
‫هل نبشت أم ل ففيه قولن أحدهما ‪ :‬ل تصح صلته لن‬
‫الصل بقاء الفرض في ذمته ‪ ،‬وهو يشك في إسقاطه‬
‫والفرض ل يسقط بالشك والثاني ‪ :‬تصح لن الصل طهارة‬
‫الرض فل يحكم بنجاستها بالشك ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(3/159‬‬

‫)‪(1‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬حديث أبي سعيد رواه أبو داود والترمذي‬
‫وغيرهما ‪ ،‬قال الترمذي وغيره ‪ :‬هو حديث مضطرب ‪ ،‬وقال‬
‫الحاكم في المستدرك ‪ ،‬أسانيده صحيحه ‪ ،‬وفي الصحيحين‬
‫عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لما نزل به أي حضرته الوفاة قال ‪ :‬لعنة الله على اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجأد ‪ .‬يحذر ما صنعوا‬
‫وفي الصحيحين نحوه عن أبي هريرة أيضا ‪ ،‬وعن جأندب بن‬
‫عبد الله رضي الله عنه قال ‪ :‬سمعت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قبل أن يموت بخمس يقول ‪ :‬إن من كان قبلكم كانوا‬
‫يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجأد أل فل تتخذوا‬
‫القبور مساجأد إني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم وعن أبي‬
‫مرثد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬ل‬
‫تجلسوا على القبور ول تصلوا إليها رواه مسلم ‪ ،‬وعن ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫اجأعلوا من صلتكم في بيوتكم ول تتخذوها قبورا رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪ .‬أما حكم المسألة ‪ :‬فإن تحقق أن المقبرة‬
‫منبوشة لم تصح صلته فيها بل خلفا إذا لم يبسط تحته‬
‫شيء ‪ ،‬وإن تحقق عدم نبشها صحت بل خلفا ‪ ،‬وهي‬
‫مكروهة كراهة تنزيه ‪ ،‬وإن شك في نبشها فقولن أصحهما‬
‫‪ :‬تصح الصلة مع الكراهة ‪ ،‬والثاني ‪ :‬ل تصح ‪ ،‬هكذا ذكر‬

‫الجمهور الخلفا في المسألة الخيرة قولين كما ذكره‬
‫المصنف هنا ‪ ،‬ممن ذكرهما قولين الشيخ أبو حامد والقاضي‬
‫أبو الطيب في تعليقه والمحاملي والشيخ أبو علي‬
‫البندنيجي وصاحب الشامل وخلئق من العراقيين ‪ ،‬ومعظم‬
‫الخراسانيين ونقلهما جأماعة وجأهين منهم المصنف في‬
‫التنبيه وصاحب الحاوي قال في الحاوي ‪ :‬القول بالصحة هو‬
‫قول ابن أب‬

‫) ‪(3/160‬‬

‫هريرة وبالبطلن قول أبي إسحاق والصواب طريقة من‬
‫قال ‪ :‬قولن ‪ ،‬قال صاحب الشامل ‪ ،‬قال في الم ‪ :‬ل تصح ‪،‬‬
‫وقال في الملء ‪ :‬تصح واتفق الصحاب على أن الصح‬
‫الصحة وبه قطع الجرجأاني في التحرير ‪ ،‬قال أصحابنا ‪:‬‬
‫ويكره أن يصلي إلى القبر هكذا قالوا يكره ‪ ،‬ولو قيل ‪ :‬يحرم‬
‫لحديث أبي مرثد وغيره مما سبق لم يبعد ‪ ،‬قال صاحب‬
‫التتمة ‪ :‬وأما الصلة عند رأس قبر رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم متوجأها إليه فحرام ‪ .‬فرع ‪ :‬في مذاهب العلماء‬
‫في الصلة في المقبرة ‪ .‬قد ذكرنا مذهبنا فيها ‪ ،‬وأنها ثلثة‬
‫أقسام ‪ ،‬قال ابن المنذر ‪ :‬روينا عن علي وابن عباس وابن‬
‫عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلة في المقبرة ‪ ،‬ولم‬
‫يكرهها أبو هريرة وواثلة بن السقع والحسن البصري ‪،‬‬
‫وعن مالك روايتان أشهرهما ل يكره ما لم يعلم نجاستها ‪،‬‬
‫وقال أحمد ‪ :‬الصلة فيها حرام ‪ ،‬وفي صحتها روايتان وإن‬
‫تحقق طهارتها ‪ ،‬ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال ‪:‬‬
‫تصح الصلة وإن تحقق نبشها ‪ .‬فرع ‪ :‬قال أصحابنا ‪ :‬يكره‬
‫أن يصلي في مزبلة وغيرها من النجاسات فوق حائل طاهر‬
‫لنه في معنى المقبرة ‪ .‬فرع ‪ :‬تكره الصلة في الكنيسة‬
‫والبيعة حكاه ابن المنذر عن عمر ابن الخطاب وابن عباس‬
‫ومالك رضي الله عنهم ‪ ،‬ونقل الترخيص فيها عن أبي‬
‫موسى والحسن و الشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز‬
‫والوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وهي رواية عن ابن عباس‬
‫واختاره ابن المنذر ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(3/161‬‬

‫فرع ‪ :‬في نبش قبور الكفار لطلب المال المدفعون معهم ‪:‬‬
‫قال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم ‪ :‬اختلف العلماء‬
‫في ذلك فكرهه مالك ‪ ،‬وأجأازه أصحابه قال ‪ :‬واختلف في‬
‫علة كراهته فقيل ‪ :‬مخافة نزول عذاب عليهم وسخط ‪ ،‬لنها‬
‫مواضع العذاب والسخط ‪ ،‬وقد ثبت في الصحيح أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬نهى عن دخول ديار المعذبين ‪ ،‬وهم‬
‫ثمود أصحاب الحجر خشية أن يصيب الداخل ما أصابهم قال‬
‫‪ :‬إل أن تكونوا باكين فمن دخلها لطلب الدنيا فهو ضد ذلك ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬مخافة أن يصادفا قبر نبي أو صالح بينهم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫وحجة من أجأاز ذلك نبش الصحابة رضي الله عنهم قبر أبي‬
‫رغال واستخراجأهم منه قضيب الذهب الذي أعلمهم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه مدفون معه ‪ ،‬هذا كلم القاضي ‪،‬‬
‫ومقتضى مذهبنا ‪ :‬جأواز نبشه إن كان دارسا ‪ ،‬أو كان جأديدا‬
‫وعلمنا أن فيه مال لحربي ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ول يصلي في الحمام‬
‫لحديث أبي سعيد ‪ ،‬واختلف أصحابنا لي معنى منعت الصلة‬
‫فيه فمنهم من قال ‪ :‬إنما منع لنه تغسل فيه النجاسات ‪،‬‬
‫فعلى هذا إذا صلى في موضع تحقق طهارته صحت صلته ‪،‬‬
‫وإن صلى في موضع تحقق نجاسته لم تصح وإن شك فعلى‬
‫قولين كالمقبرة ‪ ،‬ومنهم من قال ‪ :‬إنما منع لنه مأوى‬
‫الشياطين لما يكشف فيه من العورات ‪ ،‬فعلى هذا تكره‬
‫الصلة فيه وإن تحقق طهارته فالصلة صحيحة لن المنع ل‬
‫يعود إلى الصلة ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬هذه المسألة عند الصحاب كما ذكرها المصنف ‪،‬‬
‫والصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة‬
‫تنزيه وتصح الصلة ‪ ،‬وعلى هذا تكره في المسلخ‬

‫) ‪(3/162‬‬

‫وعلى الول ل تكره ‪ ،‬والحمام مذكر هكذا نقله الزهري عن‬
‫العرب ‪ ،‬يقال ‪ :‬حمام مبارك ‪ ،‬وجأمعه حمامات مشتق من‬
‫الحميم وهو الماء الحار ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وتكره الصلة في أعطان‬
‫البل ‪ ،‬ول تكره في مراح الغنم لما روى عبد الله ابن مغفل‬
‫المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ‪ :‬صلوا في مرابض الغنم ‪ ،‬ول تصلوا في أعطان البل‬
‫فإنها خلقت من الشياطين ولن في أعطان البل ل يمكن‬

‫الخشوع ‪ ،‬لما يخافا من نفورها ‪ ،‬ول يخافا نفور الغنم ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن رواه‬
‫البيهقي هكذا من رواية ابن مغفل بإسناد حسن ‪ ،‬ورواه‬
‫النسائي مختصرا عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم نهى عن الصلة في أعطان البل ‪ ،‬وعن جأابر بن‬
‫سمرة أن رجأل سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫أصلي في مرابض الغنم قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬أصلي في مبارك‬
‫البل قال ‪ :‬ل رواه مسلم ‪ ،‬وعن أبي هريرة قال ‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬صلوا في مرابض الغنم ‪،‬‬
‫ول تصلوا في أعطان البل رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث‬
‫حسن صحيح ‪ .‬وأما العطان فهي جأمع عطن ‪ ،‬واتفق‬
‫تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في الم وغيره ‪ ،‬وتفسير‬
‫الصحاب على أن العطن الموضع الذي يقرب موضع شرب‬
‫البل ‪ ،‬تنحى إليه البل الشاربة ليشرب غيرها ذودا ذودا ‪،‬‬
‫فإذا شربت كلها واجأتمعت فيه سيقت إلى المراعي ‪ ،‬قال‬
‫الزهري ‪ :‬العطن الموضع الذي تنحى إليه البل إذا شربت‬
‫الشربة الولى فتترك فيه ‪ ،‬ثم يمل لها الحوض ثانيا فتعود‬
‫من عطنها إلى الحوض لتعل وتشرب الشرب‬

‫) ‪(3/163‬‬

‫الثانية ‪ ،‬وهو العلل ‪ ،‬قال ‪ :‬ول تعطن البل عن الماء إل في‬
‫حمارة اللفظ ) بتخفيف الميم وتشديد الراء ( قال ‪:‬‬
‫وموضعها الذي تترك فيه على الماء يسمى عطنا ‪ ،‬ومعطنا