PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 009

‫‪http://www.shamela.ws‬‬
‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫المجموع‬
‫النووي‬
‫سنة الولدة ‪ /‬سنة الوفاة‬
‫تحقيق‬
‫الناشر دار الفكر‬
‫سنة النشر ‪1997‬م‬
‫مكان النشر بيروت‬
‫عدد الجأزاء ‪1‬‬
‫فلن طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من‬
‫العيوب وبدنس الثياب إذا كان بخلفا ذلك قال ‪ :‬واستدل‬
‫هذا القائل بقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬يحشر الناس حفاة‬
‫عراة فدل على أنه ليس المراد بالثياب التي هي الكفن قال‬
‫وتأوله بعضهم على أن البعث غير الحشر فيجوز أن يكون‬
‫البعث مع الثياب والحشر مع العري والحفاة ‪ .‬الخامسة ‪:‬‬
‫ثبت في الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوفا رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في‬
‫الطاعون ‪ :‬إذا سمعتم به بأرض فل تقدموا عليه وإذا وقع‬
‫بأرض وأنتم بها فل تخرجأوا فرارا منه ‪ .‬السادسة ‪ :‬يستحب‬
‫للمريض أن يتعاهد نفسه بتقليم أظفاره وأخذ شعر شاربه‬

‫وإبطه وعانته واستدلوا له بحديث خبيب بن عدي ‪ ،‬بضم‬
‫الخاء المعجمة رضي الله عنه ‪ :‬أنه لما أرادت كفار قريش‬
‫قتله استعار موسى يستحد بها رواه البخاري رحمه الله ‪.‬‬
‫السابعة ‪ :‬عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ :‬إذا قعد المؤمن في قبره أتى ثم شهد‬
‫أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول الله ‪ ،‬فذلك قوله ‪ :‬يثبت‬
‫الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة‬
‫رواه البخاري ومسلم رحمهما الله وفي رواية لمسلم عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬يثبت الله الذين آمنوا‬
‫بالقول الثابت قال نزلت في عذاب القبر وعن أنس رضي‬
‫الله عنه قال ‪ :‬قال نبي الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أن العبد‬
‫إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم‬
‫إذا انصرفوا ‪ ،‬فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولن له ما كنت‬
‫تقول في هذا الرجأل فأما المؤمن فيقول ‪ :‬أشهد أنه عبد‬

‫الله ورسوله ‪ ،‬فيقال له ‪ :‬انظر إلى مقعدك من النار قد‬
‫أبدلك الله به مقعدا في الجنة فيراهما جأميعا قال قتادة ‪:‬‬
‫وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملي عليه‬
‫خضرا إلى يوم بيعثون وأما المنافق أو الكافر فيقول ‪ :‬ل‬
‫أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه ‪ ،‬فيقال ‪ :‬ل دريت ول‬

‫بليت ‪ ،‬ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ‪ ،‬فيصيح‬
‫صيحة يسمعها من يليه إل الثقلين رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وعن أبي‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/284‬‬

‫هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان‬
‫أزرقان يقال لحدهما المنكر وللخر النكير فيقولن ‪ :‬ما‬
‫كنت تقول في هذا الرجأل فيقول ما كان يقول ‪ :‬هو عبد‬
‫الله ورسوله ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله وأن محمدا عبده‬
‫ورسوله ‪ ،‬فيقولن ‪ :‬قد كنا نعلم أنك تقول هذا ‪ ،‬فيفسح له‬
‫في قبره سبعين في سبعين ثم ينور له فيه ‪ ،‬وذكر نحو ما‬
‫سبق فيه وفي المنافق رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قال ‪ :‬أن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده‬
‫بالغداة والعشي ‪ ،‬إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ‪،‬‬
‫وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ‪ ،‬يقال هذا مقعدك‬
‫حتى يبعثك الله يوم القيامة رواه أحمد بن حنبل والنسائي‬

‫والترمذي وغيرهم وقال الترمذي ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫الثامنة ‪ :‬ثبتت الحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ :‬كان يتعوذ من عذاب القبر وأنه أمر بالتعوذ‬
‫وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬فما‬
‫رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلة إل‬
‫تعوذ من عذاب القبر وقد سبق بيان جأملة من هذا في الدعاء‬
‫في آخر الصلة قبل السلم ‪ ،‬ومذهب أهل الحق إثبات عذاب‬
‫القبر للكفار ولمن شاء الله من العصاة ‪ ،‬وشبهوه بالنائم‬
‫الذي تراه ساكنا غير حاس بشيء وهو في نعيم ‪ ،‬أو عذاب‬
‫ونكد ‪ .‬وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال ‪ :‬لول أن ل تدافنوا‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/285‬‬

‫لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر رواه مسلم ‪ .‬وعن‬
‫أبي أيوب رضي الله عنه قال ‪ :‬خرج رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بعدما غربت الشمس فسمع صوتا فقال ‪ :‬يهود‬
‫تعذب في قبورها رواه البخاري ومسلم ‪ .‬التاسعة ‪ :‬عن‬
‫عائشة رضي الله عنها أن رجأل قال للنبي صلى الله عليه‬

‫وسلم ‪ :‬إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت‬
‫أفينفعها إن تصدقت عنها قال ‪ :‬نعم رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫والحاديث بهذا المعنى كثيرة في الصحيح مشهورة ‪ ،‬وأجأمع‬
‫المسلمون على أن الصدقة عن الميت تنفعه وتصله ‪،‬‬
‫وسنبسط الكلم فيها إن شاء الله تعالى في آخر كتاب‬
‫الوصية ‪ ،‬حيث ذكر المصنف والشافعي والصحاب المسألة ‪،‬‬
‫وإنما قصدت التنبيه هنا على أصل المسألة ‪ .‬العاشرة ‪ :‬عن‬
‫عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال ‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ما من مسلم يموت يوم‬
‫الجمعة أو ليلة الجمعة إل وقاه الله فتنة القبر وراه الترمذي‬
‫وضعفه ‪ ) .‬الحادية عشرة في موت الطفال ( عن أنس‬
‫رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ما من الناس مسلم يموت له ثلثة من الولد لم يبلغوا الحنث‬
‫إل أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪ .‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ل يموت لحد من المسلمين‬
‫ثلثة من الولد فتمسه النار إل تحلة القسم رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪ .‬وتحلة القسم قوله عز وجأل ‪ :‬وإن منكم إل واردها‬
‫____________________‬


‫) ‪(5/286‬‬

‫والمختار أن المراد به المرور على الصراط ‪ .‬وعن أبي سعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال للنساء ‪ :‬ما منكن من امرأة تقدم ثلثة من الولد إل‬
‫كانوا لها حجابا من النار ‪ .‬فقالت امرأة ‪ :‬واثنين فقال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم واثنين رواه البخاري‬
‫ومسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬أتت امرأة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها فقالت ‪ :‬يا رسول‬
‫الله ادع الله له فلقد دفنت ثلثة ‪ .‬فقال ‪ :‬دفنت ثلثة قالت ‪:‬‬

‫نعم ‪ .‬قال ‪ :‬لقد احتظرت بحظار شديد من النار رواه مسلم‬
‫وعن أبي حسان قال ‪ :‬قلت لبي هريرة مات لي ابنان فما‬
‫أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نطيب‬
‫أنفسنا عن موتانا قال ‪ :‬قال نعم صغارهم دعاميص الجنة‬
‫يتلقى أحدهم أباه أو قال أبوه فيأخذ بثوبه أو قال بيده فل‬
‫يتنماها أو قال ينتهى حتى يدخله الله وأباه الجنة رواه‬
‫مسلم ‪ .‬قال أهل الغريب ‪ :‬الدعاميص جأمع دعموص‬
‫كبرغوث وبراغيث ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وهو الدخال في المور ‪ .‬ومعناه‬
‫أنهم سياحون في الجنة دخالون في منازلهم ل يمنعون من‬

‫موضع منها ‪ .‬كما أن الصبيان في الدنيا ل يمنعون الدخول‬
‫على الحرم ‪ .‬وجأاءت في الباب أحاديث كثيرة غير ما ذكرته ‪،‬‬
‫ومنها أن موت الواحد من الولد حجاب من النار وكذا‬
‫السقط ‪ .‬والله أعلم بالصواب وله الحمد والنعمة وبه‬
‫التوفيق والعصمة ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/287‬‬

‫= كتاب الزكاة = قال المام أبو الحسن الواحدي ‪ :‬الزكاة‬
‫تطهير للمال ‪ ،‬وإصلحا له ‪ ،‬وتمييز وإنماء كل ذلك قد قيل ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬والظهر أن أصلها عن الزيادة ‪ ،‬يقال ‪ :‬زكا الزرع يزكو‬
‫زكاء زماء ممدود ‪ ،‬وكل شيء ازداد فقد زكا ‪ ،‬قال ‪ :‬والزكاة‬
‫أيضا الصلحا وأصلها من زيادة الخير ‪ ،‬يقال ‪ :‬رجأل زكي أي‬
‫زائد الخير من قوم أزكياء ‪ ،‬وزكى القاضي الشهود إذا بين‬
‫زيادتهم في الخير ‪ ،‬وسمي ما يخرج من المال للمساكين‬
‫بإيجاب الشرع زكاة ‪ ،‬لنها تزيد في المال الذي أخرجأت منه ‪،‬‬
‫وتوفره في المعنى وتقيه الفات ‪ ،‬هذا كلم الواحدي ‪ .‬وأما‬
‫‪ :‬الزكاة في الشرع فقال صاحب الحاوي وآخرون ‪ :‬هو اسم‬
‫لخذ شيء مخصوص من مال مخصوص ‪ ،‬على أوصافا‬

‫مخصوصة ‪ ،‬لطائفة مخصوصة ‪ .‬واعلم ‪ :‬أن الزكاة لفظة‬
‫عربية معروفة قبل ورود الشرع ‪ ،‬مستعملة في أشعارهم‬
‫وذلك أكثر من أن يستدل له ‪ ،‬قال صاحب الحاوي ‪ :‬وقال‬
‫داود الظاهري ‪ :‬ل أصل لهذا السم في اللغة ‪ ،‬وإنما عرفا‬
‫بالشرع قال صاحب الحاوي ‪ :‬وهذا القول ‪ ،‬وإن كان فاسدا‬
‫فليس الخلفا فيه مؤثرا في أحكام الزكاة ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬الزكاة ركن من أركان‬
‫السلم ‪ ،‬وفرض من فروضه ‪ ،‬والصل فيه قوله عز وجأل ‪:‬‬
‫} وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة { البقرة ‪ 34 :‬وروى أبو‬

‫هريرة قال ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم‬
‫جأالسا فأتاه رج فقال ‪ :‬يا رسول الله ما السلم قال ‪:‬‬
‫السلم أن تعبد الله ول تشرك به شيئا ‪ ،‬وتقيم الصلة‬
‫المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم شهر رمضان ‪ ،‬ثم‬
‫أدبر الرجأل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ردوا‬
‫علي الرجأل ‪ ،‬فلم يروا شيئا ‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ :‬هذا جأبريل جأاء ليعلم الناس دينهم ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/288‬‬


‫)‪(1‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرحا ‪ :‬هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وتقدم بيان‬
‫اللغات في جأبريل في مواقيت الصلة ‪ ،‬وقوله عز وجأل ‪:‬‬
‫وأقيموا الصلة قال العلماء ‪ :‬إقامتها أدامتها والمحافظة‬
‫عليها بحدودها ‪ ،‬يقال قام بالمر وأقامه إذا أتى به موفيا‬
‫حقوقه قال أبو علي الفارسي ‪ :‬أشبه من أن تفسر‬
‫بيتمونها ‪ ،‬والمراد جأنس الصلة الواجأبة وذكر أصحابنا في‬
‫كتب الصول والفروع خلفا في هذه هل هي مجملة أم ل‬
‫فقالوا ‪ :‬قال أبو إسحاق المروزي وغيره من أصحابنا هي‬
‫مجملة ‪ .‬قال البندنيجي هذا هو المذهب لن الزكاة ل تجب‬
‫إل في مال مخصوص إذا بلغ قدرا مخصوصا ‪ ،‬ويجب قدر‬
‫مخصوص وليس في الية بيان شيء من هذا ‪ ،‬فهي مجملة‬
‫بينتها السنة إل أنها تقتضي أهل الوجأوب ‪ .‬وقال بعض‬
‫أصحابنا ‪ :‬ليست مجملة ‪ ،‬بل هي عامة ‪ ،‬بل كل ما تناوله‬
‫اسم الوكاة فالية تقضي وجأوبه والزيادة عليه تعرفا بالسنة‬
‫‪ .‬قال القاضي ‪ :‬أبو الطيب في تعليقه وآخرون من أصحابنا‬
‫‪ :‬فائدة الخلفا أنا إذا قلنا ‪ :‬مجملة فهي حجة في أصل‬
‫وجأوب الزكاة ول يحتج بها في مسائل الخلفا ‪ ،‬وإن قلنا‬

‫ليست مجملة كانت حجة في أصل وجأوب الزكاة وفي‬
‫مسائل الخلفا تعلقا بعمومها والله أعلم ‪ .‬وأما قوله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ :‬وتقيم الصلة المكتوبة وتؤدي الزكاة‬
‫المفروضة فخالف بين اللفظين لقول الله تعالى ‪ :‬إن‬
‫الصلة كانت على المؤمنين وثبت في أحاديث كثيرة وصف‬
‫الصلة بالمكتوبة لحديث ‪ :‬خمس صلوات كتبهن الله وحديث‬
‫‪ :‬أفضل الصلة صلة المرء في بيته إل المكتوبة وسمى‬
‫الزكاة مفروضة لنها مقدرة ‪ ،‬لنها تحتاج إلى تقدير الواجأب‬

‫‪ ،‬ولهذا سمي ما يخرج في الزكاة فرائض ‪ .‬وفي الصحيحين‬
‫فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر وفي‬
‫صحيح البخاري في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫هذه فريضة الصدقة ‪ .‬وقيل غاير بين اللفظين لئل يتكرر‬
‫اللفظ ‪ ،‬والفصاحة والبلغة تمنع تكريره ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬وأما‬
‫قول المصنف ‪ :‬الزكاة ركن وفرض فتوكيد وبيان ‪ ،‬لكونه‬
‫يصح تسمية الزكاة ركنا وفرضا ‪ ،‬وقد استعمل المصنف مثل‬
‫هذه العبار‬

‫) ‪(5/289‬‬


‫في الصوم والحج ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬وأما حكم المسألة ‪ :‬فالزكاة‬
‫فرض وركن بإجأماع المسلمين ‪ ،‬وتظاهرت دلل الكتاب‬
‫والسنة وإجأماع المة على ذلك ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ول تجب الزكاة إل على حر‬
‫مسلم ‪ ،‬فأما المكاتب والعبد إذا ملكه المولى مال فل زكاة‬
‫عليه ‪ ،‬لنه ل يملك في قوله الجديد ويملك في قوله القديم‬
‫‪ ،‬إل أنه ملك ضعيف ل يحتمل المواساة ‪ ،‬ولهذا ل تجب عليه‬
‫نفقة القارب ول يعتق ) عليه ( أبوه إذا اشتراه فلم تجب‬
‫عليه الزكاة ‪ ،‬وفيمن نصفه حر ونصفه عبد وجأهان أحدهما ‪:‬‬
‫ل تجب عليه الزكاة لنه ناقص بالرق فهو كالعبد القن‬
‫والثاني ‪ :‬أنها تجب فيما ملكه بنصفه الحر ‪ ،‬لنه يملك‬
‫بنصفه الحر ملكا تاما ‪ ،‬فوجأب عليه الزكاة كالحر ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرحا ‪ :‬قوله ول تجب الزكاة إل على حر مسلم ‪ ،‬ولم‬
‫يقل تام الملك كما قال في التنبيه ‪ ،‬وهذا الذي قاله هنا‬
‫حسن ‪ ،‬لن مقصوده في هذا الفصل بيان صفة الشخص‬
‫الذي تجب عليه الزكاة ‪ ،‬وكونه تام الملك صفة للكمال ‪،‬‬
‫فأخره ثم ذكر في أول الذي يلي هذا في فصل صفات المال‬
‫‪ ،‬وهذا ترتيب حسن ‪ .‬أما وجأوب الزكاة على الحر المسلم‬
‫فظاهر لعموم الكتاب والسنة والجأماع فيمن سوى الصبي‬

‫والمجنون ‪ ،‬ومذهبنا وجأوبها في مال الصبي والمجنون ‪،‬‬
‫وسنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى ‪ .‬وأما المكاتب فل زكاة‬
‫عليه ل في عشر زرعه ول في ماشيته وسائر أمواله ول‬
‫خلفا في شيء من هذا عندنا ‪ ،‬ول يجب عليه زكاة الفطر‬
‫أيضا ‪ ،‬وفيها وجأه ضعيف ذكره المصنف في باب زكاة الفطر‬
‫‪ ،‬والمذهب أنها ل تجب عليه ‪ ،‬ودليل الجميع ضعف ملكه ‪.‬‬
‫قال أصحابنا ‪ :‬فإن عتق المكاتب والمال في يده استأنف له‬

‫الحول من حين العتق وإن عجز فصار المال للسيد ابتدأ‬
‫الحول من حينئذ ‪ .‬وأما العبد القن والمدبر والمستولدة إذا‬
‫ملكهم المولى مال فإن قلنا بالجديد الصحيح أنه ل يملك‬
‫بالتمليك وجأب على السيد زكاة ما ملك ‪ ،‬ول أثر للتمليك لنه‬
‫باطل ‪ ،‬وإن قلنا بالقديم إنه يملك لم يلزم العبد زكاته لما‬
‫ذكره المصنف ‪ ،‬وهل يلزم السيد زكاة هذا المال فيه‬
‫طريقان ‪ :‬الصحيح ‪ :‬منهما وهو المشهور ‪ ،‬وبه قطع كثيرون‬
‫‪ :‬ل يلزمه لنه ل يملكه ‪ .‬والطريق الثاني ‪ :‬حكاه الماوردي‬
‫وإمام الحرمين والغزالي في البسيط وآخرون فيه وجأهان‬
‫أصحهما ‪ :‬ل يلزمه والثاني ‪ :‬يلزمه لن فائدة الملك القدرة‬
‫على التصرفا فيه‬

‫) ‪(5/290‬‬

‫وذلك حاصل بخلفا ملك المكاتب ‪ .‬قال الماوردي ‪ :‬هذا‬
‫الوجأه غلط ‪ :‬لن للوالد أن يرجأع فيما وهبه لولده ‪ ،‬ومع هذا‬
‫تلزمه زكاته ‪ :‬قلت أما الفرق فظاهر لن ملك الولد تام‬
‫ويجب فيه الزكاة بخلفا العبد ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬وأما من بعضه‬
‫حر وبعضه رقيق ففيه وجأهان مشهوران ذكر المصنف‬
‫دليلهما واختلفوا في أصحهما ‪ ،‬فقال العراقيون ‪ :‬الصحيح‬
‫أنه ل تجب الزكاة ‪ ،‬وبهذا قطع أكثر العراقيين أو كثير منهم‬
‫وجأماعة من الخراسانيين ‪ .‬ممن قطع به القاضي أبو الطيب‬
‫في تعليقه والمحاملي في المجموع وابن الصباغ وغيرهم‬
‫من العراقيين ‪ ،‬ونقله إمام الحرمين في النهاية عن‬
‫العراقيين ‪ ،‬وقطع به الخراسانيين المتولي ‪ ،‬وصحح أكثر‬
‫الخراسانيين الوجأوب ‪ ،‬ممن صححه منهم إمام الحرمين‬
‫والبغوي ‪ ،‬وقطع به الغزالي في كتبه ‪ ،‬واستبعد إمام‬
‫الحرمين قول العراقيين ‪ ،‬واحتج بأن الشافعي رضي الله‬
‫عنه نص على أن من بعضه حر وبعضه رقيق يكفر كفارة‬
‫الحر الموسر ‪ .‬قال ‪ :‬وإذا وجأبت كفارة الحرار فالزكاة‬
‫أولى لن المعتمد فيها السلم والملك التام وقد وجأدوا ‪.‬‬
‫وحجة العراقيين أنه في أكثر الحكام له حكم العبيد ‪ ،‬فل‬
‫تقبل شهادته ول ولية له على ولده الحر ول على مال ولده‬
‫‪ ،‬ول جأمعة عليه ول تنعقد به ول حج عليه ‪ ،‬ولذلك هو‬
‫كالرقيق في نكاحه وطلقه وعدتها ‪ ،‬والحدود على قاذفه‬
‫ول يرث ‪ ،‬ول خيار لها إذا أعتق بعضها تحت عبد ‪ ،‬ول قصاص‬
‫على الحر بقتله وعلى من هو مثله على الصح ‪ ،‬ول يكون‬
‫قاضيا ول قاسما ول مقوما ‪ ،‬وغير ذلك من الحكام فوجأب‬

‫أن تلحق الزكاة بذلك ‪ .‬فإن قيل ‪ :‬جأزموا بوجأوب زكاة‬
‫الفطر عليه ‪ ،‬فما الفرق فالجواب ما أجأاب به صاحب‬
‫الشامل أن زكاة الفطر تتبعض فيجب عليه نصف صاع وعلى‬
‫سيده نصفه وزكاة الموال ل تتبعض ‪ ،‬وإنما تجب على تمام‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وأما الكافر فإن كان أصليا‬
‫لم تجب عليه الزكاة لنه حق لم يلتزمه فل يلزمه كغرامة‬
‫المتلفات ‪ ،‬وإن كان مرتدا لم تسقط عنه كما وجأب في حال‬
‫السلم ‪ ،‬لنه ثبت وجأوبه فلم تسقط بردته كغرامة‬
‫المتلفات ‪ ،‬وأما في حال الردة فإنه يبنى على ملكه وفي‬
‫ملكه ثلثة أقوال أحدها ‪ :‬يزول بالردة فل تجب عليه الزكاة‬
‫والثاني ‪ :‬ل يزول فتجب عليه الزكاة لنه حق التزمه‬
‫بالسلم فلم يسقط بالردة كحقوق الدميين والثالث ‪ :‬إنه‬
‫موقوفا ‪ ،‬فإن رجأع إلى السلم حكمنا بأنه قد زال ملكه ‪،‬‬
‫فل تجب عليه الزكاة ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرحا ‪ :‬قوله في الكافر الصلي ‪ :‬ل تجب عليه ‪ ،‬ليس‬
‫مخالفا لقول جأمهور أصحابن‬

‫) ‪(5/291‬‬

‫وغيرهم في الصول إن الكفار يخاطبون بفروع الشرع ‪،‬‬
‫وقد سبق في أول كتاب الصلة بيان ذلك واضحا مع فوائد‬
‫تتعلق بأحكام الكفار ‪ .‬وأما قوله لنه حق لم يلتزمه فل‬
‫يلزمه كغرامة المتلفات فقد ينكر عليه ‪ ،‬ويقال هذا دليل‬
‫ناقص عن الدعوى لن مراد المصنف أن الزكاة ل تجب على‬
‫الكافر ‪ ،‬سواء كان حربيا أو ذميا ‪ ،‬وهذا ل خلفا فيه ‪ ،‬فدليل‬
‫المصنف ناقص ‪ ،‬لنه دليل لعدم الوجأوب في حق الحربي‬
‫دون الذمي ‪ ،‬فإن الذمي يلزمه غرامة المتلفات ‪ .‬والجواب ‪:‬‬
‫أنه أراد أن الزكاة حق لم يلتزمه الحربي ول الذمي فل يلزمه‬
‫واحد منهما كما ل تجب غرامة المتلفات على من لم يلتزمها‬
‫وهو الحربي ‪ ،‬وهذا جأواب حسن ‪ ،‬واتفق أصحابنا مع نصوص‬
‫الشافعي رحمه الله على أنه ل تجب الزكاة على الكافر‬
‫الصلي حربيا كان أو ذميا فل يطالب بها في كفره ‪ ،‬وإن‬
‫أسلم لم يطالب بها في مدة الكفر ‪ .‬وأما المرتد فإن وجأب‬
‫عليه زكاة قبل ردته لم تسقط عنه بالردة عندنا باتفاق‬
‫الصحاب ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬تسقط بناء على أصله أن‬
‫المرتد يصير كالكافر الصلي ‪ ،‬دليلنا ما ذكره المصنف ‪ ،‬وأما‬

‫زمن الردة فهل تجب عليه فيه زكاة فيه طريقان حكاهما‬
‫إمام الحرمين والرافعي وغيرهما ‪ :‬أحدهما القطع بوجأوب‬
‫الزكاة ‪ ،‬وبه قال ابن سريج كالنفقات والغرامات والطريق‬
‫الثاني ‪ ،‬وهو المشهور وبه قطع الجمهور فيه ثلثة أقوال‬
‫بناء على بقاء ملكه وزواله أحدها ‪ :‬يزول ملكه فل زكاة ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يبقى فتجب وأصحها ‪ :‬أنه موقوفا إن عاد إلى‬
‫السلم وتبينا بقاءه فتجب وإل فل ‪ ،‬وتتصور المسألة إذا‬
‫بقي مرتدا حول ولم نعلم ثم علمنا ولم نقدر على قتله ‪ ،‬أو‬
‫ارتد وقد بقي من الحول ساعة فلم يقتل أو لم يسلم إل بعد‬
‫الحول والله أعلم ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬وإن قلنا ‪ :‬ل تجب الزكاة‬
‫فارتد في أثناء الحول انقطع الحول ‪ ،‬فإذا أسلم استأنف ‪،‬‬
‫وإن قلنا ‪ :‬تجب لم ينقطع ‪ ،‬قال أصحابنا ‪ :‬وإذا أوجأبناها‬
‫فأخرج في حال الردة أجأزأه ‪ ،‬كما لو أطعم عن الكفارة‬
‫بخلفا الصوم ل يصح منه ‪ ،‬لنه عمل بدني فل يصح إل ممن‬
‫يكتب له ‪ ،‬هكذا صرحا به البغوي والجمهور وقال إمام‬
‫الحرمين ‪ :‬قال صاحب التقريب ‪ :‬لو قلت ‪ :‬إذا ارتد لم يخرج‬
‫الزكاة ما دام مرتدا لم يكن بعيدا لن الزكاة قربة محضة‬
‫مفتقرة إلى النية ‪ ،‬ول تجب على الكافر الصلي ‪ ،‬فتعذر‬
‫أداؤها من المرتد ‪ .‬قال صاحب التقريب ‪ :‬هل هذا إذا حكمنا‬
‫بأن ملكه ل يزول ومضى حول في الردة لم يخرج الزكاة‬
‫أيضا لما ذكرنا ‪ ،‬فإن أسلم لزمه إخراج ما وجأب في إسلمه‬
‫وردته ‪ .‬ولو قتل مرتدا وقد تعذر أداء الزكاة على هذا‬
‫الحتمال فتسقط في حكم الدنيا ‪ ،‬ول تسقط المعاقبة بها‬
‫في الخرة ‪ .‬قال‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/292‬‬

‫إمام الحرمين ‪ :‬مما قطع به الصحاب إخراج الزكاة لحق‬
‫المساكين عاجأل ولكن يحتمل أن يقال ‪ :‬إذا أسلم لم يلزمه‬
‫إعادة الزكاة ‪ ،‬فيه وجأهان الممتنع من أداء الزكاة إذا أخذها‬
‫المام منه قهرا ‪ ،‬ولم ينو الممتنع ‪ ،‬هذا آخر كلم المام‬
‫والمذهب أنها تجزىء لما نقلناه أول عن الجمهور ‪ ،‬والله‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬وتجب في مال الصبي‬
‫والمجنون لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫ابتغوا في مال اليتامى ‪ ،‬ل تأكلها الزكاة ولن الزكاة تراد‬
‫لثواب المزكي ‪ ،‬مواساة الفقير ‪ .‬والصبي والمجنون من‬

‫أهل الثواب ومن أهل المواساة ‪ ،‬ولهذا يجب عليهما نفقة‬
‫القارب ‪ ،‬ويعتق عليهما الب إذا ملكاه فوجأبت الزكاة في‬
‫مالهما ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرحا ‪ :‬هذا الحديث ضعيف ‪ ،‬رواه الترمذي والبيهقي‬
‫من رواية المثنى بن الصباحا عن عمرو بن شعيب عن أبيه‬
‫عن جأده عن النبي صلى الله عليه وسلم والمثنى بن الصباحا‬
‫ضعيف ‪ ،‬ورواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح عن‬
‫يوسف بن ماهك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ‪،‬‬
‫لن يوسف تابعي وماهك بفتح الهاء أعجمي ل ينصرفا ‪ ،‬وقد‬
‫أكد الشافعي رحمه الله هذا المرسل بعموم الحديث الصحيح‬
‫في إيجاب الزكاة مطلقا ‪ ،‬وبما رواه عن الصحابة في ذلك ‪،‬‬
‫ورواه البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا‬
‫عليه وقال ‪ :‬إسناده صحيح ‪ ،‬ورواه أيضا عن علي بن مطرفا‬
‫‪ ،‬وروى إيجاب الزكاة في مال اليتيم ‪ ،‬عن اب‬

‫) ‪(5/293‬‬

‫عمر والحسن بن علي وجأابر بن عبد الله رضي الله عنهم ‪،‬‬
‫قال البيهقي ‪ :‬فأما ما روي عن ليث بن أبي سليم عن‬
‫مجاهد عن عبد الله بن مسعود ‪ :‬من ولي مال اليتيم فليحص‬
‫عليه السنين فإذا دفع إليه ماله أخبره بما عليه من الزكاة ‪،‬‬
‫فإن شاء زكى وإن شاء ترك فقد ضعفه الشافعي من‬
‫وجأهين ‪ .‬أحدهما ‪ :‬أنه منقطع لن مجاهدا لم يدرك ابن‬
‫مسعود ‪ ،‬والثاني ‪ :‬أن ليث بن أبي سليم ضعيف ‪ ،‬قال‬
‫البيهقي ضعف أهل العلم ليثا قال ‪ :‬وقد روي أيضا عن ابن‬
‫عباس إل أنه انفرد به ابن لهيعة ‪ ،‬وهو ضعيف ل يحتج به ‪.‬‬
‫وأما ‪ :‬رواية من روى هذا الحديث ‪ :‬ل تأكلها الصدقة ولم‬
‫يقل الزكاة فالمراد بالصدقة الزكاة كما جأاء في هذه الرواية‬
‫فإن قيل ‪ :‬فالزكاة ل تأكل المال ‪ ،‬وإنما تأكل ما زاد على‬
‫النصاب فالجواب ‪ :‬أن المراد تأكل معظم الزكاة مع النفقة ‪،‬‬
‫واستدل أصحابنا أيضا من جأهة القياس بأن كل من وجأب‬
‫العشر في زرعه وجأبت الزكاة في سائر أمواله ‪ ،‬كالبالغ‬
‫العاقل ‪ ،‬فإن أبا حنيفة رحمه الله وافقنا على إيجاب العشر‬
‫في مال الصبي والمجنون إيجاب زكاة الفطر في مالهما‬
‫وخالفنا في غير ذلك ‪ ،‬وأما استدلل الحنفية بقول الله‬
‫تعالى ‪ } :‬خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها {‬
‫التوبة ‪ 301 :‬والصبي والمجنون ليسا من أهل التطهير ‪ ،‬إذ‬

‫ل فالجواب ‪ :‬أن الغالب أنها تطهير وليس ذلك شرطا فإنا‬
‫اتفقنا على وجأوب الفطر والعشر في مالهما ‪ ،‬وإن كان‬
‫تطهيرا في أصله ‪ .‬وأما ‪ :‬قوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬رفع‬
‫القلم عن ثلثة فالمراد رفع الثم والوجأوب ‪،‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/294‬‬

‫ونحن نقول ‪ :‬ل إثم عليهما ول تجب الزكاة عليهما ‪ ،‬بل يجب‬
‫في مالهما ‪ ،‬ويطالب بإخراجأها وليهما ‪ ،‬كما يجب في مالهما‬
‫قيمة ما أتلفاه ‪ ،‬ويجب على الولي دفعها ‪ .‬وأما قياسهم‬
‫على الحج فأجأاب ‪ :‬إمام الحرمين رحمه الله في الساليب‬
‫والصحاب عنه ‪ :‬إنه ليس ركنا فيه ‪ ،‬وإنما يتطرق إليه المال‬
‫توصل بخلفا الزكاة ‪ ،‬قال المام ‪ :‬المعتمد أن مقصود‬
‫الزكاة سد خلة الفقير من مال الغنياء شكرا لله تعالى ‪،‬‬
‫وتطهيرا للمال ‪ ،‬ومال الصبي قابل لداء النفقات‬
‫والغرامات ‪ .‬إذا ثبت هذا ‪ :‬فالزكاة عندنا واجأبة في مال‬
‫الصبي والمجنون بل خلفا ويجب على الولي إخراجأها من‬
‫مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ونفقة القارب‬
‫وغير ذلك من الحقوق المتوجأهة إليهما ‪ ،‬فإن لم يخرج‬
‫الولي الزكاة وجأب على الصبي والمجنون بعد البلوغ‬
‫والفاقة إخراج زكاة ما مضى بإتفاق الصحاب لن الحق‬
‫توجأه إلى مالهما ‪ ،‬لكن الولي عصى بالتأخير فل يسقط ما‬
‫توجأه إليهما ‪ .‬وأما المال المنسوب إلى الجنين بالرث أو‬
‫غيره فإذا انفصل حيا هل تجب فيه الزكاة فيه طريقان‬
‫) المذهب ( أنها ل تجب ‪ ،‬وبه قطع الجمهور لن الجنين ل‬
‫يتيقن حياته ‪ ،‬ول يوثق بها ‪ ،‬فل يحصل تمام الملك‬
‫واستقراره ‪ ،‬فعلى هذا يبتدىء حول من حين ينفصل ‪.‬‬
‫والطريق الثاني ‪ :‬حكاه الماوردي في باب نية الزكاة‬
‫والمتولي والشاشي وآخرون فيه وجأهان أصحهما ‪ :‬هذا ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬تجب كالصبي ‪ ،‬قال إمام الحرمين ‪ :‬تردد فيه‬
‫شيخي ‪ ،‬قال ‪ :‬وجأزم الئمة بأنها ل تجب والله أعلم ‪ ،‬وقول‬
‫المصنف الزكاة تراد لثواب المزكي ‪ ،‬ومواساة الفقير ‪،‬‬
‫هذان ل بد منهما ‪ ،‬فبقوله ثواب المزكي يخرج الكافر ‪،‬‬
‫وبقوله مواساة الفقير يخرج المكاتب والله أعلم ‪ .‬فرع في‬
‫مذاهب العلماء في زكاة مال المكاتب قد ذكرنا أن مذهبنا‬
‫أنه ل زكاة في مال المكاتب ‪ ،‬سواء الزرع وغيره ‪ ،‬وبه قال‬
‫جأمهور العلماء من السلف والخلف ‪ ،‬قال ابن المنذر ‪ :‬وهو‬

‫قول العلماء كافة إل أبا ثور فأوجأبها على المكاتب في كل‬
‫شيء كالحر ‪ ،‬وحكاه العبدري وغيره عن داود ‪ ،‬وقال أبو‬
‫حنيفة ‪ :‬يجب العشر في زرعه ول تجب الزكاة في باقي‬
‫أمواله ‪ ،‬واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬فيما سقت‬
‫السماء العشر وهو حديث صحيح واحتج‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/295‬‬

‫داود بقوله تعالى ‪ } :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة { البقرة ‪:‬‬
‫‪ 34‬والمكاتب والعبد يدخلن في الخطاب على الصح عند‬
‫الصوليين دليلنا ضعف ملكه بخلفا الحر ولنها للمواساة‬
‫وليس هو من أهلها وعلى أبي حنيفة أيضا بالقياس على‬
‫غير العشر ‪ ،‬والية والحديث محمولن على الحرار فرع في‬
‫مذاهبهم في مال العبد ذكرنا أن مذهبنا أنه ل يملك على‬
‫الصحيح ‪ ،‬وأن ملك على الضعيف فل زكاة ‪ ،‬وبه قال جأمهور‬
‫العلماء ‪ ،‬وبه قال ابن عمر وجأابر والزهري وقتادة ومالك‬
‫وأبو حنيفة وسائر العلماء إل ما حكاه ابن المنذر عن عطاء‬
‫وأبي ثور أنهما أوجأباها على العبد ‪ ،‬قال ‪ :‬وروي أيضا عن‬
‫عمر وحكاه العبدري عن داود ‪ .‬فرع ‪ :‬في مذاهبهم في مال‬
‫الصبي والمجنون ‪ ،‬ذكرنا أن مذهبنا وجأوبها في مالهما وبه‬
‫قال الجمهور ‪ ،‬وحكى ابن المنذر وجأوبها في مال الصبي‬
‫عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وجأابر والحسن بن‬
‫علي وعائشة وطاوس وعطاء وجأابر وابن زيد ومجاهد وابن‬
‫سيرين وربيعة ومالك والثوري والحسن بن صالح وابن عيينة‬
‫وعبيد الله بن الحسن وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور‬
‫وسليمان بن حرب رضي الله عنهم وقال أبو وائل وسعيد‬
‫بن جأبير والحسن البصري والنخعي ‪ :‬ل زكاة في مال الصبي‬
‫‪ ،‬وقال سعيد بن المسيب ‪ :‬ل يزكي حتى يصلي ويصوم‬
‫رمضان ‪ ،‬وقال الوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ‪ :‬في ماله‬
‫الزكاة لكن ل يخرجأها الولي بل يحصيها ‪ ،‬فإذا بلغ الصبي‬
‫أعلمه فيزكى عن نفسه ‪ ،‬وقال ابن أبي ليلى ‪ :‬فيما ملكه‬
‫زكاة لكن إن أداها الوصي ضمن ‪ ،‬وقال ابن شبرمة ‪ :‬ل زكاة‬
‫في ذهبه وفضته ‪ ،‬وتجب في إبله وبقره وغنمه وما ظهر‬
‫من ماله زكيته وما غاب عني فل ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل زكاة‬
‫في ماله إل عشر المعشرات ‪ ،‬وسبق بيان دليلنا عن الجميع‬
‫والجواب عما عارضه ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ومن وجأبت عليه الزكاة‬

‫وقدر على إخراجأها لم يجز له تأخيرها لنه حق يجب صرفه‬
‫إلى الدمي توجأهت المطالبة بالدفع إليه فلم يجز له التأخير‬
‫كالوديعة إذا طالب بها صاحبها ‪ ،‬فإن أخرها وهو قادر على‬
‫أدائها ضمنها ‪ ،‬لنه أخر ما يجب عليه مع إمكان الداء فضمنه‬
‫كالوديعة ‪ ،‬ومن وجأبت عليه الزكاة وامتنع‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/296‬‬

‫من أدائها نظرت فإن كان جأاحدا لوجأوبها فقد كفر وقتل‬
‫بكفره كما يقتل المرتد ‪ ،‬لن وجأوب الزكاة معلوم من دين‬
‫الله تعالى ضرورة ‪ ،‬فمن جأحد وجأوبها فقد كذب الله وكذب‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم فحكم بكفره وإن منعها‬
‫بخلبها أخذت منه وعزر ‪ .‬وقال في القديم ‪ :‬تؤخذ الزكاة‬
‫وشطر ماله عقوبة لما روى بهز ابن حكيم عن أبيه عن جأده‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬ومن منعها فأنا‬
‫آخذها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ‪ ،‬ليس لل محمد‬
‫فيها شيء والصحيح هو الول لقوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ليس في المال حق سوى الزكاة ولنها عبادة فل يجب‬
‫بالمتناع منها أخذ شطر ماله كسائر العبادات ‪ ،‬وحديث بهز‬
‫بن حكيم منسوخ ‪ ،‬فإن ذلك حين كانت العقوبات في‬
‫الموال ثم نسخت ‪ ،‬وإن امتنع بمنعة قاتله المام ‪ :‬لن أبا‬
‫بكر الصديق رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(5/297‬‬

‫)‪(1‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرحا ‪ :‬حديث بهز رواه أبو داود والنسائي وغيرهما ‪،‬‬
‫وفي رواية النسائي ‪ :‬شطر إبله ورواية أبي داود شطر ماله‬
‫كما في المهذب ‪ ،‬وإسناده إلى بهز بن حكيم صحيح على‬
‫شرط البخاري ومسلم ‪ ،‬وأما بهز فاختلفوا فيه فقال يحيى‬
‫بن معين ثقة وسئل أيضا عنه عن أبيه عن جأده ثقة وقال أبو‬
‫حاتم ‪ :‬يكتب حديثه ول يحتج به ‪ .‬وقال أبو زرعة صالح وقال‬
‫الحاكم ‪ :‬ثقة وروى البيهقي عن الشافعي رحمه الله أنه‬
‫قال ‪ :‬هذا الحديث ل يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت قلنا‬

‫به ‪ ،‬هذا تصريح من الشافعي بأن أهل الحديث ضعفوا هذا‬
‫الحديث ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬وأما حديث ‪ :‬ليس في المال حق‬
‫سوى الزكاة فضعيف جأدا ل يعرفا ‪ .‬قال البيهقي في‬
‫السنن الكبيرة ‪ :‬والذي يرويه أصحابنا في التعاليق ‪ :‬ليس‬
‫في المال حق سوى الزكاة ل أحفظ فيه إسنادا ‪ .‬رواه ابن‬
‫ماجأه لكن بسند ضعيف قلت ‪ :‬وقد روى الترمذي والبيهقي‬
‫عن فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫إن في المال حقا سوى الزكاة لكنه ضعيف ضعفه الترمذي‬
‫والبيهقي وغيرهما ‪ ،‬والضعف ظاهر في إسناده واحتج‬
‫البيهقي وغيره من المحققين في المسألة بحديث أبي‬
‫هريرة في قصة العرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬دلني على عمل إذا عملته أدخل الجنة قال ‪ :‬تعبد‬
‫الله ل تشرك به شيئا ‪ ،‬وتقيم الصلة وتؤدي الزكاة ‪ ،‬وتصوم‬
‫رمضان ‪ ،‬قال ‪ :‬والذي بعثك بالحق ل أزيد على هذا ‪ ،‬فلما‬
‫أدبر قال ‪ :‬من أراد أن ينظر إلى رجأل من أهل الجنة فلينظر‬
‫إلى هذا رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬وفي معناه أحاديث صحيحة‬
‫مشهورة ‪ .‬وأما حديث قتال أبي بكر رضي الله عنه مانعي‬
‫الزكاة فرواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه ‪ ،‬وقوله ‪ :‬حق يجب صرفه إلى الدمي احتراز من‬
‫الحج ‪ ،‬وقوله ‪ :‬توجأهت المطالبة به احتراز من الدين‬
‫المؤجأل ‪ ،‬وقوله ‪ :‬جأاحدا قال أهل اللغة ‪ :‬الجحود هو النكار‬
‫بعد العترافا ‪ ،‬وقوله بهز بن حكيم عن أبيه عن جأده ‪ ،‬هو‬
‫بهز بفتح الباء الموحدة وبالزاي ‪ ،‬ابن حكيم بن معاوية ابن‬
‫جأندة ‪ :‬بفتح الحاء المهملة العشيوي وجأده الراوي هو‬
‫معاوية ‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬عزمة بإسكان الزاي‬
‫من عزمات ربنا بفتحه‬

‫) ‪(5/298‬‬

‫ومعناه حق ل بد منه ‪ ،‬وفي بعض روايات البيهقي عزيمة‬
‫بكسر الزاي وزيادة ياء والمشهور عزمة ‪ ،‬وقوله في أول‬
‫الحديث ‪ :‬ومن منعها هكذا هو بالواو ‪ ،‬ومن معطوفا على‬
‫أول الحديث ‪ ،‬فإن أوله ‪ :‬في كل أربعين من البل سائمة‬
‫ابنة لبون من أعطاها مؤجأرا فله أجأره ومن منعها فأنا آخذها‬
‫وشطر ماله وقد ذكر المصنف أوله في الفصل الرابع من‬
‫الباب ‪ .‬قوله امتنع بمنعه هو بفتح النون على المشهور عند‬
‫أهل اللغة ‪ ،‬وحكى جأواز إسكانها ‪ ،‬والمنعة بالفتح الجماعة‬
‫المانعون ‪ ،‬ككاتب وكتبة وكافر وكفرة ونظائره ‪ ،‬ومن سكن‬

‫فمعناه بقوة امتناع ‪ ،‬وقتال أبي بكر رضي الله عنه مانعي‬
‫الزكاة كان في أول خلفته سنة إحدى عشرة من الهجرة ‪.‬‬
‫أما الحكام ‪ :‬ففيها مسائل ‪ :‬إحداها ‪ :‬أن الزكاة عندنا يجب‬
‫إخراجأها على الفور ‪ ،‬فإذا وجأبت وتمكن من إخراجأها لم يجز‬
‫تأخيرها ‪ ،‬وإن لم يتمكن فله التأخير إلى التمكن ‪ ،‬فإن أخر‬
‫بعد التمكن عصى وصار ضامنا فلو تلف المال كله بعد ذلك‬
‫لزمته الزكاة ‪ ،‬سواء تلف بعد مطالبة الساعي أو الفقراء أم‬
‫قبل ذلك ‪ ،‬وهذا ل خلفا فيه ‪ .‬وإن تلف المال بعد الحول‬
‫وقبل التمكن فل إثم ول ضمان عليه بل خلفا ‪ ،‬وإن أتلفه‬
‫المالك لزمه الضمان ‪ ،‬وإن أتلفه أجأنبي بنى على القولين‬
‫في أن التمكن شرط في الوجأوب أم في الضمان وسيأتي‬
‫إيضاحها بتفريعها في آخر الباب الثاني حيث ذكرهما‬
‫المصنف إن شاء الله تعالى ‪ ،‬إن قلنا شرط في الوجأوب فل‬
‫زكاة ‪ ،‬وإن قلنا ‪ :‬شرط في الضمان وقلنا الزكاة تتعلق‬
‫بالذمة فل زكاة ‪ ،‬وإن قلنا ‪ :‬تتعلق بالعين انتقل حق الفقراء‬
‫إلى القيمة كما إذا قتل العبد أو المرهون فإنه ينتقل حق‬
‫المجني عليه والمرتهن إلى القيمة ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬وليس‬
‫المراد بإمكان الداء مجرد إمكان