PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 011
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
)(1
____________________
-1الشرح :في الفصل مسائل إحداها :إذا طلع الفجر وهو
مجامع فاستدام مع العلم بالفجر بطل صومه بل خلفا ،كما
سبق في موضعه ،وفي وجأوب الكفارة طريقان الصحيح :
المنصوص وجأوبها ،وبه قطع المصنف والجمهور ،وحكى
جأماعات من الخراسانيين في وجأوبها قولين ) المنصوص (
وجأوبها لما ذكره المصنف والثاني :ل تجب ،وهو مخرج مما
سنذكره إن شاء الله تعالى ،لنه ل يفسد بهذا الجماع صوما
لنه لم يدخل فيه .قال البندنيجي :وإنما وجأبت الكفارة هنا
على المذهب ،لنه منع انعقاد الصوم ل لفساده ،فإن لم
يدخل فيه ،قال :ومن قال انعقد صومه ثم فسد فهذا غير
معروفا مذهبا للشافعي رحمه الله .قال القاضي حسين و
إمام الحرمين والبغوي وغيرهم من الخراسانيين :نص
الشافعي هنا على وجأوب الكفارة بالستدامة ،ونص فيمن
قال لزوجأته :إن وطئتك فأنت طالق ثلثا ،فوطئها
واستدام أنه ل يلزمه مهر بالستدامة ،قالوا :واختلف
أصحابنا فيهما فمنهم من نقل وخرج فجعل في المسألتين
قولين :أحدهما :تجب الكفارة والمهر كما لو نزع ثم أولج
والثاني :ل يجب واحد منهما ،لن أول الفعل كان مباحا .
وقال الجمهور وهو الصحيح :المسألتان على ما نص عليه ،
فتجب الكفارة دون المهر ،والفرق أن ابتداء الفعل هنا لم
يتعلق به كفارة ،فوجأبت الكفارة باستدامة لئل يخلو جأماع
في نهار رمضان عمدا عن كفارة .وأما المهر فل يجب لن
أول الوطء تعلق به المهر ،لن مهر النكاح يقابل جأميع
الوطئات فلم يجب باستدامته مهر آخر ،لئل يؤدي إلى
إيجاب مهرين لشخص واحد بوطأة واحدة ،وهذا ل يجوز ،
وقولنا :لشخص واحد احتراز ممن وطىء زوجأة أبيه أو ابنه
بشبهة ،فإنه ينفسخ نكاح زوجأها ويلزم الواطىء مهران
بالوطئة الواحدة :مهر للزوجأة لنه استوفى منفعة بضعها
بشبهة ،ومهر للزوج لنه أفسد عليه نكاحه والله أعلم .فرع
:أو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلثة أوجأه سأوضحها في
كتاب الحج إن شاء الله تعالى أصحها :ل ينعقد حجة .كما ل
ينعقد صومه ،ول صلة من أحرم بها مع خروج الحدث .
والثاني :ينعقد حجه صحيحا ،فإن نزع في الحال صح حجه ،
ول شيء عليه وإل فسد ،وعليه المضي في فاسده
والقضاء والبدنة والثالث :ينعقد فاسدا وعليه القضاء
والمضي فيه سواء مكث أو نزع في الحال ول تجب الفدية
إن نزع في الحال فإن مكث وجأبت شاة في الصح .وفي
قول :بدنة كما في نظائره .والفرق بين الحج والصوم أن
الصوم يخرج منه بالفساد ،فل يصح دخوله فيه مع وجأود
المفسد بخلفا الحج ،وقد سبق في أوائل هذا الباب بيان
معنى قولهم :يخرج من الصوم بالفساد ،ول يخرج من
الحج بالفساد
) (6/351
المسألة الثانية :لو جأامع ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن
الشمس غربت فبان غلطه فل كفارة هكذا قطع به المصنف
والصحاب إل إمام الحرمين فإنه قال :من أوجأب الكفارة
على الناسي بالجماع يقول بمثله هنا لتقصيره في البحث ،
قال الرافعي :وقولهم فيمن ظن غروب الشمس :ل
كفارة ،تفريع على جأواز الفطر بظن ذلك فإن منعناه
بالظن فينبغي وجأوب الكفارة لنه جأماع محرم صادفا
الصوم .الثالثة :إذا أكل الصائم ناسيا ،فظن أنه أفطر
بذلك لجهله بالحكم ثم جأامع فهل يبطل صومه فيه وجأهان
مشهوران أحدهما :وبه قال البندنيجي :ل كما لو سلم من
الصلة ناسيا ،ثم تكلم عامدا فإنه ل تبطل صلته بالتفاق ،
لحديث ذي اليدين وأصحهما :وبه قطع الجمهور :تبطل كما
لو جأامع أو أكل وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان طالعا .
فإن قلنا ل يفطر فل كفارة ،وإن قلنا :يفطر فل كفارة
أيضا ،هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ،ونقله المصنف
والصحاب عن نص الشافعي في كتاب الصيام من الم ،
وفيه الحتمال الذي حكاه المصنف عن القاضي أبي الطيب
وذكر دليلهما ،أما إذا أكل ناسيا وعلم أنه ل يفطر به ثم
جأامع في يومه فيفطر ،وتجب الكفارة بل خلفا عندنا .
وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه قال :عليه القضاء دون
الكفارة ،ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلن صومه
فمكث فعليه القضاء دون الكفارة ،لنه لم يتعمد هتك حرمة
الصوم بالجماع ،ذكره الماوردي وغيره .قال صاحب العدة :
وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل
صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة .وقال أبو حنيفة :
إن قبل ثم جأامع لزمته الكفارة إل أن يفتيه فقيه أو يتأول
خبرا في ذلك .وقال في الذي اغتاب ثم جأامع :يلزمه
الكفارة وإن أفتى أو تأول خبرا .دليلنا أنه لم يتعمد إفساد
صوم .المسألة الرابعة :إذا أفطر بالجماع وهو مريض أو
مسافر فإن قصد بالجماع الترخص فل كفارة ،وإل فوجأهان
حكاهما الخراسانيون أصحهما وبه قطع المصنف وغيره من
العراقيين :ل كفارة أيضا لما ذكره المصنف .الخامسة :إذا
أصبح المقيم صائما ثم سافر وجأامع في يومه لزمته الكفارة
لما ذكره المصنف .هذا هو المذهب وبه قطع المصنف
والجمهور ،وفيه وجأه غريب ضعيف قاله المزني وغيره من
أصحابنا :أنه يجوز له الفطر في هذا اليوم ،فإذا جأامع فل
كفارة عليه ،وقد سبقت المسألة واضحة في فصل صوم
المسافر .السادسة :إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض
فجامع فل كفارة إن قصد الترخص ،وكذا إن لم يقصده على
المذهب ،وبه قطع المصنف وآخرون ،وقد سبقت المسألة
قريبا .السابعة :لو أفسد المقيم صومه
____________________
) (6/352
بجماع ثم سافر في يومه لم تسقط الكفارة على المذهب ،
وبه قطع المصنف والجمهور ،وقيل :فيه قولن كطرآن
المرض ،حكاه الدارمي والرافعي ،ولو أفسد الصحيح صومه
بالجماع ثم مرض في يومه فطريقان أحدهما :ل تسقط
الكفارة وبه قطع البغوي وأصحهما :وبه قطع المصنف
والكثرون فيه قولن أصحهما :ل تسقط والثاني :تسقط ،
ودليلهما في الكتاب ،ولو أفسده بجماع ثم طرأ جأنون أو
حيض أو موت في يومه فقولن ذكر المصنف دليلهما
أصحهما :السقوط لن يومه غير صالح للصوم بخلفا
المريض ،وصورة الحيض مفرعة على أن المرأة المفطرة
بالجماع يلزمها الكفارة ،ولو ارتد بعد الجماع في يومه لم
تسقط الكفارة بل خلفا ،ذكره الدارمي ،وهو واضح .هذا
تفصيل مذهبنا .وممن قال من العلماء :ل تسقط الكفارة
بطرآن الجنون والمرض والحيض مالك وابن أبي ليلى
وأحمد و إسحاق وأبو ثور وداود ،وقال أبو حنيفة والثوري :
تسقط وأسقطها زفر بالحيض والجنون دون المرض ،
واتفقوا على أنها ل تسقط بالسفر إل ابن الماجأشون
المالكي فأسقطها به .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ووطء المرأة في الدبر
واللواط كالوطء في الفرج في جأميع ما ذكرناه من إفساد
الصوم ووجأوب القضاء والكفارة لن الجميع وطء ،ولن
الجميع في إيجاب الحد واحد فكذلك في إفساد الصوم
وإيجاب الكفارة ،وأما إتيان البهيمة ففيه وجأهان من
أصحابنا من قال :ينبني ذلك على وجأوب الحد ،فإن قلنا :
يجب فيه الحد أفسد الصوم وأوجأب الكفارة كالجماع في
الفرج ،وإن قلنا :يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم
تجب به الكفارة لنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير
فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ،ومن أصحابنا
من قال :يفسد الصوم وتجب الكفارة قول واحدا ،لنه وطء
يوجأب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب
الكفارة كوطء المرأة (1) .
____________________
-1الشرح :قوله ) ففيه وجأهان ( كان ينبغي أن يقول :
طريقان ،فعبر بالوجأهين عن الطريقين مجازا لشتراكهما
في أن كل منهما حكاية للمذهب ،وقد سبق بيان مثل هذا
المجاز في مقدمة هذا الشرح ،واتفقت نصوص الشافعي
والصحاب على أن وطء المرأة في الدبر واللواط بصبي أو
رجأل كوطء المرأة في القبل في جأميع ما سبق من إفساد
الصوم ،ووجأوب إمساك بقية النهار ووجأوب القضاء
والكفارة ،لما ذكره المصنف .وذكر الرافعي وجأها شاذا
باطل في التيان في الدبر أنه ل كفارة فيه ،وهذا غلط .
وأما إتيا
) (6/353
البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف
والصحاب أصحهما :القطع بوجأوب الكفارة فيه .وهذا هو
المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون
والثاني :فيه خلفا مبني على إيجاب الحد به إن أوجأنباه
وجأبت الكفارة ،وإل فل ،حكاه الدارمي عن أبي علي ابن
خيران وأبي إسحاق المروزي .قال الماوردي :هذا الطريق
غلط لن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد ،ولهذا يجب في
وطء الزوجأة الكفارة دون الحد ،وسواء في هذا كله أنزل أم
ل ،إل أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة :ل كفارة ل يفسد
الصوم أيضا كما قاله المصنف ،هذا إن لم ينزل ،فإن أنزل
أفسد كما لو قبل فأنزل .فرع :الوطء بزنا أو شبهة أو في
نكاح فاسد ووطء أمته وأخته وبنته والكافرة وسائر النساء
سواء في إفساد الصوم ووجأوب القضاء والكفارة وإمساك
بقية النهار ،وهذا ل خلفا فيه .فرع :إذا أفسد صومه بغير
الجماع كالكل والشرب والستمناء والمباشرات المفضيات
إلى النزال فل كفارة لن النص ورد في الجماع وهذه
الشياء ليست في معناه ،هذا هو المذهب والمنصوص وبه
قطع الجماهير ،وحكى الرافعي وجأها عن أبي خلف الطبري
من أصحابنا من تلمذة القفال المروزي أنه تجب الكفارة
بكل ما يأثم بالفطار به .وفي وجأه حكاه صاحب الحاوي عن
ابن أبي هريرة أنه يجب بالكل والشرب كفارة فوق كفارة
المرضع ودون كفارة المجامع ،وهذان الوجأهان غلط ،
وحكى الحناطي بالحاء المهملة والنون عن محمد ابن الحكم
أنه روى عن الشافعي وجأوب الكفارة على من جأامع فيما
دون الفرج فأنزل ،وهذا شاذ ضعيف .فرع :قد ذكرنا أنه
إذا استمنى متعمدا بطل صومه ول كفارة ،قال الماوردي :
فلو حك ذكره لعارض ولم يقصد الستمناء فأنزل فل كفارة
،وفي بطلن الصوم وجأهان قلت :أصحهما ل يبطل
كالمضمضة بل مبالغة .فرع في مذاهب العلماء فيمن
وطىء امرأة ورجأل في الدبر ذكرنا أن مذهبنا وجأوب القضاء
والكفارة ،وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد ،وقال
أبو حنيفة ،عليه القضاء ،وفي وجأوب الكفارة روايتان عنه
أشهرهما عنه ل كفارة ،لنه ل يحصل به الحصان والتحليل
فأشبه الوطء فيما دون الفرج ،واحتج أصحابنا بأنه جأماع
أثم به لسبب الصوم ،فوجأبت فيه الكفارة كالقتل ،قال
أصحاب أبي حنيفة :ول كفارة في إتيان البهيمة .فرع في
مذاهبهم في المباشرة فيما دون الفرج أنه ل كفارة
____________________
) (6/354
فيها ،سواء فسد صومه بالنزال أم ل ،وبه قال أبو حنيفة .
وقال داود :كل إنزال تجب به الكفارة حتى الستمناء إل إذا
كرر النظر فأنزل فل قضاء ول كفارة .وقال مالك وأبو ثور
:عليه القضاء والكفارة .وحكي هذا عن عطاء والحسن
وابن المبارك وإسحاق .وقال أحمد :يجب بالوطء فيما
دون الفرج الكفارة وفي القبلة واللمس روايتان .واحتجوا
بأنه أفطر بمعصية فأشبه الجماع في الفرج .واحتج
أصحابنا بأنه لم يجامع في الفرج فأشبه الردة فإنها تبطل
الصوم ول كفارة ،وما قاله الخرون ينتقض بالردة .فرع :
قال الغزالي وغيره من أصحابنا :الضابط في وجأوب
الكفارة بالجماع أنها تجب على من أفسد صوم يوم من
رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم ،وفي هذا الضابط
قيود أحدها :الفساد ،فمن جأامع ناسيا ل يفطر على
المذهب كما سبق .وقيل في فطره قولن سبق بيانهما .
فإن قلنا :ل يفطر فل كفارة لعدم الفساد ،وإل فوجأهان
حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون أصحهما :ل كفارة
أيضا لعدم الثم الثاني :قولنا ) من رمضان ( فل كفارة
بإفساد صوم التطوع والنذر والقضاء والكفارة بالجماع ،لن
الكفارة إنما هي لحرمة رمضان الثالث :قولنا ) بجماع (
احتراز من الكل والشرب والستمناء والمباشرة دون الفرج
،فل كفارة فيها كلها على المذهب ،كما بيناه قريبا والرابع
:قولنا ) تام ( احتراز من المرأة إذا جأومعت فإنها يحصل
فطرها بتغييب بعض الحشفة فل يحصل الجماع التام إل وقد
أفطرت لدخول داخل فيها فالفطر يحصل بمجرد الدخول ،
وأحكام الجماع ل تثبت إل بتغييب كل الحشفة ،فيصدق
عليها أنها أفطرت بالجماع قبل تمامه .وقولنا ) أثم به (
احتراز ممن جأامع بعد الفجر ظانا بقاء الليل ،فإن صومه
يفسد ول كفارة كما سبق .وقولنا ) بسبب الصوم ( احتراز
من المسافر إذا شرع في الصوم ثم أفطر بالزنا مترخصا
فل كفارة عليه ،لنه وإن أفسد صوم يوم من رمضان بجماع
تام أثم به ،إل أنه لم يأثم به بسبب الصوم ،لن الفطار
جأائز له وإنما أثم بالزنا ،ولو زنى المقيم ناسيا للصوم وقلنا
:الصوم يفسد بجماع الناسي فل كفارة أيضا في أصح
الوجأهين ،لنه لم يأثم بسبب الصوم لنه ناس له .قال
الرافعي :وجأماع المرأة إذا قلنا :ل شيء عليها ول يلقيها
الوجأوب ،مستثنى عن الضابط .فرع :لو صام الصبي
رمضان فأفسده بالجماع ،وقلنا :إن وطأه في الحج
ويفسده ويوجأب البدن ،ففي وجأوب كفارة الوطء في
الصوم وجأهان حكاهما المتولي في كتاب الحج ،
وسأوضحهما هناك إن شاء الله تعالى .
____________________
) (6/355
قال المصنف رحمه الله تعالى :ومن وطىء وطئا يوجأب
الكفارة ولم يقدر على الكفارة ،ففيه قولن أحدهما :ل
تجب لقوله صلى الله عليه وسلم :استغفر الله تعالى وخذو
أطعم أهلك أو لنه حق مال يجب لله تعالى على وجأه البدل ،
فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر والثاني :أنها تثبت في
الذمة فإذا قدر لزمه قضاؤها وهو الصحيح ،لنه حق لله
تعالى يجب بسبب من جأهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد
(1) .
____________________
-1الشرح :هذا الحديث سبق بيانه .وقوله ) حق مال (
احتراز من الصوم في حق المريض فإنه ل يسقط بل يثبت
في الذمة .وقوله ) لله تعالى ( احتراز من المتعة .وقوله
) ل على وجأه البدل ( احتراز من جأزاء الصيد .وقوله ) لنه
حق لله تعالى ( قال القلعي :ليس هو احتراز بل لتقريب
الفرع من الصل ،ويحتمل أنه احتراز من نفقة القريب .
وقوله ) بسبب من جأهته ( احتراز من زكاة الفطر .أما
أحكام الفصل :فقال أصحابنا :الحقوق المالية الواجأبة لله
تعالى ثلثة أضرب ،وقد أشار إليها المصنف ) ضرب ( يجب
ل بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر ،فإذا عجز عنه
وقت الوجأوب لم يثبت في ذمته ،فلو أيسر بعد ذلك لم يجب
) وضرب ( يجب بسبب من جأهته على جأهة البدل كجزاء
الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج ،فإذا عجز
عنه وقت وجأوبه ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لنه
إتلفا محض ) وضرب ( يجب بسببه ل على جأهة البدل
ككفارة الجماع في نهار رمضان ،وكفارة اليمين والظهار
والقتل .قال صاحب العدة :ودم التمتع والقران .قال
البندنيجي :والنذر وكفارة قوله :أنت حرام ،ودم التمتع
والطيب واللباس ففيها قولن مشهوران أصحهما :عند
المصنف والصحاب تثبت في الذمة ،فمتى قدر على أحد
الخصال لزمته والثاني :ل تثبت ،وذكر المصنف دليلهما
وشبهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لن الكفارة مؤاخذة
على فعله كجزاء الصيد بخلفا الفطرة .واحتج بعض
أصحابنا للقول بسقوطها بحديث العرابي كما أشار إليه
المصنف لنه صلى الله عليه وسلم قال :أطعمه أهلك
ومعلوم أن الكفارة ل تصرفا إلى الهل .وقال جأمهور
أصحابنا والمحققون :حديث العرابي دليل لثبوتها في
الذمة عند العجز عن جأميع الخصال ،لنه لما ذكر النبي صلى
الله عليه وسلم عجزه عن جأميع الخصال ثم ملكه النبي
صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم أمره بأداء الكفارة
لقدرته الن عليها ،فلو كانت تسقط العجز لما أمره بها .
وأما إطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة ،وإنما
معناه أن هذا الطعا
) (6/356
صار ملكا له وعليه كفارة فأمر بإخراجأه عنها ،فلما ذكر
حاجأته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه ل عن الكفارة ،
وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جأائز بل خلفا
.فإن قيل :لو كانت واجأبة لبينها له عليه السلم فالجواب
من وجأهين أحدهما :أنه قد بينها له بقوله صلى الله عليه
وسلم :تصدق بهذا بعد إعلمه بعجزه ،ففهم العرابي
وغيره من هذا أنها باقية عليه .الثاني :أن تأخير البيان إلى
وقت الحاجأة جأائز ،وهذا ليس وقت الحاجأة ،فهذا الذي
ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله
المحققون والكثرون .وحكى إمام الحرمين والغزالي
وغيرهما وجأها لبعض الصحاب أنه يجوز صرفا كفارة
الجماع خاصة إلى زوجأة المكفر وأولده إذا كانوا فقراء لهذا
الحديث ،ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات
ل يجوز صرفها إلى الزوجأة والولد الفقراء ،وقاس
الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات ،وأجأابوا عن الحديث
بما سبق .فرع في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان
إحداها :إذا نسى النية وجأامع في ذلك اليوم فل كفارة في
ذلك اليوم بل خلفا لنه لم يفسد به صوما .الثانية :إذا
وطىء الصائم في نهار رمضان وقال :جأهلت تحريمه ،فإن
كان ممن يخفى عليه لقرب إسلمه ونحوه فل كفارة ،وإل
وجأبت ،ولو قال :علمت تحريمه وجأهلت وجأوب الكفارة ،
لزمته الكفارة بل خلفا ،ذكره الدارمي وغيره ،وهو واضح
وله نظائر معروفة لنه مقصر .الثالثة :إذا أفسد الحج
بالجماع ،قال الدارمي :ففي الكفارة القوال الربعة
السابقة في كفارة الجماع في الصوم .فرع في مذاهب
العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها
وفيه مسائل إحداها :قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم
يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته
الكفارة ،وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء
كافة إل ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي و
سعيد بن جأبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا :ل كفارة عليه ،
كما ل كفارة عليه بإفساد الصلة ،دليلنا حديث أبي هريرة
السابق في قصة العرابي ،ويخالف الصلة فإنه ل مدخل
للمال في جأبرانها .الثانية :يجب على المكفر مع الكفارة
قضاء اليوم الذي جأامع فيه .هذا هو المشهور من مذهبنا
وفيه خلفا سبق .قال العبدري :وبإيجاب قضائه قال جأميع
الفقهاء سوى الوزاعي فقال :إن كفر بالصوم لم يجب
قضاؤه ،وإن كفر بالعتق أو الطعام قضاه .الثالثة :قد
ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه ل يجب على المرأة كفارة
أخرى وبه قال أحمد .وقال مالك وأبو حنيفة
____________________
) (6/357
وأبو ثور وابن المنذر :عليها كفارة أخرى وهي رواية عن
أحمد .الرابعة :هذه الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة
فإن عجز فصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين
مسكينا ،وبه قال أبو حنيفة والثوري والوزاعي و أحمد في
أصح الروايتين عنه .وقال مالك :هو مخير بين الخصال
الثلث وأفضلها عنده الطعام .وعن الحسن البصري أنه
مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة ،واحتجا بحديثين على وفق
مذهبيهما .دليلنا حديث أبي هريرة .وأما حديث الحسن
فضعيف جأدا ،وحديث مالك يجاب عنه بجوابين أحدهما :
حديثنا أصح وأشهر .والثاني :أنه محمول على الترتيب
جأمعا بين الروايات .الخامسة :يشترط في صوم هذه
الكفارة عندنا وعند الجمهور التتابع وجأوز ابن أبي ليلى
تفريقه ،لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب .
دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل
المطلق عليه .السادسة :إذا كفر بالطعام فهو إطعام
ستين مسكينا كل مسكين مد ،سواء البر والزبيب والتمر
وغيرها .وقال أبو حنيفة :يجب لكل مسكين مدان حنطة أو
صاع من سائر الحبوب ،وفي الزبيب عنه روايتان رواية صاع
ورواية مدان .السابعة :لو جأامع في صوم غير رمضان من
قضاء أو نذر أو غيرهما فل كفارة كما سبق وبه قال
الجمهور ،وقال قتادة :تجب الكفارة في إفساد قضاء
رمضان .
قال المصنف رحمه الله تعالى :إذا نوى الصوم من الليل ثم
أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء ،وقال
المزني :يصح صومه كما لو نوى الصوم ثم نام جأميع النهار ،
والدليل على أن الصوم ل يصح أن الصوم نية وترك ،ثم لو
انفرد الترك عن النية لم يصح فإذا انفردت النية عن الترك
لم يصح ،وأما النوم فإن أبا سعيد الصطخري قال :إذا نام
جأميع النهار لم يصح صومه ،كما إذا أغمي عليه جأميع النهار
،والمذهب أنه يصح صومه إذا نام .والفرق بينه وبين
الغماء أن النائم ثابت العقل ،لنه إذ نبه انتبه والمغمى
عليه بخلفه ،ولن النائم كالمستيقظ ،ولهذا وليته ثابتة
على ماله بخلفا المغمى عليه ،وإن نوى الصوم ثم أغمي
عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر
البويطي :إذا كان في أوله مفيقا صح صومه ،وفي كتاب
الصوم إذا كان في بعضه مفيقا أجأزأه .وقال في اختلفا
أبي حنيفة وابن أبي ليلى :إذا كانت صائمة فأغمي عليها
وحاضت بطل صومها ،وخرج أبو العباس قول آخر إنه إن
كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه ،فمن
____________________
) (6/358
أصحابنا من قال :المسألة على قول واحد أنه يعتبر أن
يكون مفيقا في أول النهار ،وتأول ما سواه من القوال
على هذا ،ومن أصحابنا من قال :فيها أربعة أقوال أحدها :
أنه تعتبر الفاقة في أوله كالنية تعتبر في أوله .والثاني :
أنه تعتبر الفاقة في طرفيه كما أن في الصلة يعتبر القصد
في الطرفين في الدخول والخروج ،ول يعتبر فيما بينها
والثالث :أنه تعتبر الفاقة في جأميعه ،فإذا أغمي عليه في
بعضه لم يصح لنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلة
فأبطل الصوم كالحيض والرابع :تعتبر الفاقة في جأزء منه
ول أعرفا له وجأها ،وإن نوى الصوم ثم جأن ففيه قولن .
قال في الجديد :يبطل الصوم لنه عارض يسقط فرض
الصلة ،فأبطل الصوم كالحيض .وقال في القديم :هو
كالغماء لنه يزيل العقل والولية فهو كالغماء (1) .
____________________
-1الشرح :قوله :لنه عارض يسقط فرض الصلة ينتقض
بالغماء ،فإنه يسقط فرض الصلة ول يبطل الصوم به في
بعض النهار على الصح .أما الحكام :ففيها مسائل :
إحداها :إذا نام جأميع الليل صح صومه على المذهب وبه
قال الجمهور .وقال أبو الطيب بن سلمة وأبو سعيد
الصطخري :ل يصح ،وحكاه البندنيجي عن ابن سريج أيضا ،
ودليل الجميع في الكتاب ،وأجأمعوا على أنه لو استيقظ
لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه .الثانية :لو نوى من
الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافل عن الصوم في جأميعه
صح صومه بالجأماع ،لن في تكليف ذكره حرجأا .الثالثة :لو
نوى من الليل ثم أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه
على المذهب ،وفيه قول مخرج من النوم أنه يصح خرجأه
المزني وغيره من أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب .
الرابعة :إذا نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون
بعض ففيه ثلثة طرق :إحداها :إن أفاق في جأزء من النهار
صح صومه وإل فل ،وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو
غيره وهذا هو نص الشافعي في باب الصيام من مختصر
المزني .وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي
عن ابن أبي هريرة ،وتأول هذا القائل النصين الخرين
فتأول نصه في اختلفا أبي حنيفة وابن أبي ليلى على أن
بطلن الصوم عائد إلى الحيض خاصة ل إلى الغماء ،قالوا :
وقد يفعل الشافعي مثل هذا وتأوله الماوردي تأويل آخر ،
وهو أن المراد بالغماء هنا الجنون ،وتأول هذا القائل نصه
في الظهار والبويطي على أنه ذكر الفاقة في أوله للتمثيل
بالجزء ل لشتراط الول .والطريق الثاني :القطع بأنه إن
أفاق في أوله صح وإل فل ،وتأويل نصه في الصوم على أن
المراد بالجزء المبهم أوله ،كما صرح به في الظهار ،وتأول
نص اختلفا أبي حنيفة على ما سبق .والطريق الثالث :في
المسألة أربع
) (6/359
أقوال وهذا الطريق هو الصح الشهر أصح القوال يشترط
الفاقة في جأزء منه والثاني :في أوله خاصة والثالث :في
طرفيه والرابع :في جأميعه كالنقاء من الحيض .وهذا
الرابع تخريج لبن سريج خرجأه من الصلة ،وليس منصوصا
للشافعي قال :وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع
في الكتاب إل القول الول الصح .فإن المصنف قال :ل
أعرفا له وجأها ،وهذا عجب منه ،مع أن هذا القول هو الصح
عند محققي أصحابنا ،فالصح من هذا الخلفا كله إن كان
مفيقا في جأزء من النهار أي جأزء كان صح صومه وإل فل .
الخامسة :إذا نوى الصوم بالليل وجأن في بعض النهار
فقولن مشهوران ذكرهما المصنف وغيره من الصحاب
الجديد :بطلن صومه لنه منافا للصوم كالحيض ،وقال في
القديم :هو كالغماء ففيه الخلفا السابق ،ومن الصحاب
من حكى بدل القولين وجأهين كصاحب البانة وآخرين ،
ومنهم من حكاهما طريقين وهو أحسن ،وقطع الشيخ أبو
حامد والماوردي وابن الصباغ وآخرون ببطلن الصوم
بالجنون في لحظة كالحيض .ولو جأن جأميع النهار لم يصح
بل خلفا .السادسة :لو حاضت في بعض النهار أو ارتد
بطل صومهما بل خلفا ،وعليهما القضاء ،وكذلك لو نفست
بطل صومها بل خلفا ،ولو ولدت ولم تر دما أصل ففي
بطلن صومها خلفا مبني على وجأوب الغسل بخروج الولد
وحده ) إن قلنا ( ل غسل لم يبطل صومها وإل بطل على
أشهر الوجأهين عند الصحاب ولم يبطل على الخر ،وهو
الراجأح دليل ،وقد سبق إيضاح المسألة في باب ما يوجأب
الغسل .السابعة :حيث قلنا :ل يصح صوم المغمى عليه إما
لوجأود الغماء في كل النهار أو بعضه ،وإما لعدم نيته بالليل
،يلزمه قضاء ما فاته من رمضان ،هكذا قطع به المصنف
وجأماهير الصحاب وهو المنصوص ،وفيه وجأه لبن سريج ،
واختاره صاحب الحاوي أنه ل قضاء على المغمى عليه ،كما
ل قضاء على المجنون .والمذهب الول ،وقد سبقت
المسألة مبسوطة في أول هذا الباب .فرع :لو نوى الصوم
في الليل ثم شرب دواء فزال عقله نهارا بسببه ،قال
البغوي :إن قلنا :ل يصح صوم المغمى عليه فهذا أولى ،
وإل فوجأهان أصحهما :ل يصح لنه بفعله ،قال المتولي :
ولو شرب المسكر ليل وبقي سكره جأميع النهار لم يصح
صومه .وعليه القضاء في رمضان ،وإن صحا في بعضه فهو
كالغماء في بعض النهار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ويجوز للصائم أن ينزل
الماء وينغطس فيه لما روى أبو بكر ابن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام قال :حدثني من رأى النبي صلى الله
عليه وسلم في يوم
____________________
) (6/360
صائف يصب على رأسه الماء من شدة الحر والعطش وهو
صائم ويجوز أن يكتحل لما روي عن أنس أنه كان يكتحل وهو
صائم ولن العين ليس بمنفذ ،فلم يبطل الصوم بما يصل
إليها (1) .
____________________
-1الشرح :أما حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا فصحيح
رواه مالك في الموطأ ،وأحمد بن حنبل في مسنده ،وأبو
داود والنسائي في سننهما ،والحاكم أبو عبد الله في
المستدرك على الصحيحن والبيهقي وغيرهم بأسانيد
صحيحة وإسناد مالك وأبي داود والنسائي على شرط
البخاري ومسلم ،ولفظ رواياتهم من شدة الحر أو العطش
وفي رواية النسائي الحر ولفظ رواية أبي داود عن أبي بكر
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حدثه
قال :لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على
رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر هذا لفظه .
وكذا لفظ الباقين مصرح بأن الذي حدث أبا بكر صحابي ،
ولو ذكره المصنف كذلك لكان أحسن ،ولفظ رواية المصنف
بمعناه ،فإن الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو
مسلم صحابي .ثم إن هذا الصحابي وإن كان مجهول السم
ل يقدح في صحة الحديث ،لن الصحابة كلهم عدول .ولهذا
احتج به مالك في الموطأ وسائر الئمة .وأما الثر المذكور
عن أنس في الكتحال فرواه أبو داود بإسناد كلهم ثقات إل
رجأل مختلفا فيه ،ولم يبين الذي ضعفه سبب تضعيفه ،مع
أن الجرح ل يقبل إل مفسرا .وقول المصنف :ولن العين
ليس بمنفذ .هكذا هو في نسخ المهذب ليس :هي لغة
ضعيفة غريبة والمشهور الفصيح ليست بإثبات التاء .وأما
المنفد فبفتح الفاء .أما الحكام :ففيها مسألتان :
إحداهما :يجوز للصائم أن ينزل إلى الماء وينغطس فيه
ويصبه على رأسه ،سواء كان في حمام أو غيره ول خلفا
في هذا ،ودليله الحديث الذي ذكره ،وحديث عائشة وغيرها
في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصبح جأنبا وهو صائم ثم يغتسل .الثانية :يجوز للصائم
الكتحال بجميع الكحال ول يفطر بذلك ،سواء وج
) (6/361
طعمه في حلقه أم ل ،لن العين ليست بجوفا ول منفذ
منها إلى الحلق ،قال أصحابنا :ول يكره الكتحال عندنا ،
قال البندنيجي وغيره :سواء تنخمه أم ل .فرع في مذاهب
العلماء في الكتحال ذكرنا أنه جأائز عندنا ول يكره ول يفطر
به ،سواء وجأد طعمه في حلقه أم ل .وحكاه ابن المنذر عن
عطاء والحسن البصري والنخعي والوزاعي وأبي حنيفة
وأبي ثور ،وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى
الصحابيين رضي الله عنهم ،وبه قال داود .وحكى ابن
المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر و ابن
شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا :يبطل به صومه .وقال
قتادة :يجوز بالثمد ويكره بالصبر .وقال الثوري وإسحاق :
يكره .وقال مالك وأحمد :يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر
.واحتج للمانعين بحديث معبد ابن هوذة الصحابي رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالثمد المروح
عند النوم .وقال :ليتقه الصائم رواه أبو داود وقال :قال
لي يحيى بن معين :وهو حديث منكر .واحتج أصحابنا
بأحاديث ضعيفة نذكرها لئل يغتر بها .منها حديث عائشة
قالت :اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم رواه
ابن ماجأه بإسناد ضعيف من رواية بقية عن سعيد بن أبي
سعيد الزبيدي شيخ بقية عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة .قال البيهقي :وسعيد الزبيدى هذا من مجاهيل
شيوخ بقية ينفرد بما ل يتابع عليه قلت :وقد اتفق الحفاظ
على أن رواية بقية عن المجهولين مردودة .واحتفوا في
روايته عن المعروفين فل يحتج بحديثه هذا بل خلفا .وعن
أنس قال :جأاء رجأل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال :نعم رواه الترمذي
وقال :ليس إسناده بالقوي .قال :ول يصح عن النبي صلى
الله عليه وسلم في هذا الباب شيء .وعن نافع عن ابن
عمر قال :خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعيناه مملوءتان من الكحل وذلك في رمضان وهو صائم
في إسناده من اختلف في توثيقه .وعن محمد بن
____________________
) (6/362
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جأده أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يكتحل بالثمد وهو صائم رواه البيهقي
وضعفه ،لن راويه محمد هذا ضعيف قال البيهقي :وروي
عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف جأدا إنه ل بأس به .واحتجوا
بالثر المذكور عن أنس وقد بينا إسناده .وفي سنن أبي
داود عن العمش قال :ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره
الكحل للصائم .والمعتمد في المسألة ما ذكره المصنف .
قال المصنف رحم
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المجموع
النووي
سنة الولدة /سنة الوفاة
تحقيق
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
عدد الجأزاء 1
)(1
____________________
-1الشرح :في الفصل مسائل إحداها :إذا طلع الفجر وهو
مجامع فاستدام مع العلم بالفجر بطل صومه بل خلفا ،كما
سبق في موضعه ،وفي وجأوب الكفارة طريقان الصحيح :
المنصوص وجأوبها ،وبه قطع المصنف والجمهور ،وحكى
جأماعات من الخراسانيين في وجأوبها قولين ) المنصوص (
وجأوبها لما ذكره المصنف والثاني :ل تجب ،وهو مخرج مما
سنذكره إن شاء الله تعالى ،لنه ل يفسد بهذا الجماع صوما
لنه لم يدخل فيه .قال البندنيجي :وإنما وجأبت الكفارة هنا
على المذهب ،لنه منع انعقاد الصوم ل لفساده ،فإن لم
يدخل فيه ،قال :ومن قال انعقد صومه ثم فسد فهذا غير
معروفا مذهبا للشافعي رحمه الله .قال القاضي حسين و
إمام الحرمين والبغوي وغيرهم من الخراسانيين :نص
الشافعي هنا على وجأوب الكفارة بالستدامة ،ونص فيمن
قال لزوجأته :إن وطئتك فأنت طالق ثلثا ،فوطئها
واستدام أنه ل يلزمه مهر بالستدامة ،قالوا :واختلف
أصحابنا فيهما فمنهم من نقل وخرج فجعل في المسألتين
قولين :أحدهما :تجب الكفارة والمهر كما لو نزع ثم أولج
والثاني :ل يجب واحد منهما ،لن أول الفعل كان مباحا .
وقال الجمهور وهو الصحيح :المسألتان على ما نص عليه ،
فتجب الكفارة دون المهر ،والفرق أن ابتداء الفعل هنا لم
يتعلق به كفارة ،فوجأبت الكفارة باستدامة لئل يخلو جأماع
في نهار رمضان عمدا عن كفارة .وأما المهر فل يجب لن
أول الوطء تعلق به المهر ،لن مهر النكاح يقابل جأميع
الوطئات فلم يجب باستدامته مهر آخر ،لئل يؤدي إلى
إيجاب مهرين لشخص واحد بوطأة واحدة ،وهذا ل يجوز ،
وقولنا :لشخص واحد احتراز ممن وطىء زوجأة أبيه أو ابنه
بشبهة ،فإنه ينفسخ نكاح زوجأها ويلزم الواطىء مهران
بالوطئة الواحدة :مهر للزوجأة لنه استوفى منفعة بضعها
بشبهة ،ومهر للزوج لنه أفسد عليه نكاحه والله أعلم .فرع
:أو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلثة أوجأه سأوضحها في
كتاب الحج إن شاء الله تعالى أصحها :ل ينعقد حجة .كما ل
ينعقد صومه ،ول صلة من أحرم بها مع خروج الحدث .
والثاني :ينعقد حجه صحيحا ،فإن نزع في الحال صح حجه ،
ول شيء عليه وإل فسد ،وعليه المضي في فاسده
والقضاء والبدنة والثالث :ينعقد فاسدا وعليه القضاء
والمضي فيه سواء مكث أو نزع في الحال ول تجب الفدية
إن نزع في الحال فإن مكث وجأبت شاة في الصح .وفي
قول :بدنة كما في نظائره .والفرق بين الحج والصوم أن
الصوم يخرج منه بالفساد ،فل يصح دخوله فيه مع وجأود
المفسد بخلفا الحج ،وقد سبق في أوائل هذا الباب بيان
معنى قولهم :يخرج من الصوم بالفساد ،ول يخرج من
الحج بالفساد
) (6/351
المسألة الثانية :لو جأامع ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن
الشمس غربت فبان غلطه فل كفارة هكذا قطع به المصنف
والصحاب إل إمام الحرمين فإنه قال :من أوجأب الكفارة
على الناسي بالجماع يقول بمثله هنا لتقصيره في البحث ،
قال الرافعي :وقولهم فيمن ظن غروب الشمس :ل
كفارة ،تفريع على جأواز الفطر بظن ذلك فإن منعناه
بالظن فينبغي وجأوب الكفارة لنه جأماع محرم صادفا
الصوم .الثالثة :إذا أكل الصائم ناسيا ،فظن أنه أفطر
بذلك لجهله بالحكم ثم جأامع فهل يبطل صومه فيه وجأهان
مشهوران أحدهما :وبه قال البندنيجي :ل كما لو سلم من
الصلة ناسيا ،ثم تكلم عامدا فإنه ل تبطل صلته بالتفاق ،
لحديث ذي اليدين وأصحهما :وبه قطع الجمهور :تبطل كما
لو جأامع أو أكل وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان طالعا .
فإن قلنا ل يفطر فل كفارة ،وإن قلنا :يفطر فل كفارة
أيضا ،هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ،ونقله المصنف
والصحاب عن نص الشافعي في كتاب الصيام من الم ،
وفيه الحتمال الذي حكاه المصنف عن القاضي أبي الطيب
وذكر دليلهما ،أما إذا أكل ناسيا وعلم أنه ل يفطر به ثم
جأامع في يومه فيفطر ،وتجب الكفارة بل خلفا عندنا .
وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه قال :عليه القضاء دون
الكفارة ،ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلن صومه
فمكث فعليه القضاء دون الكفارة ،لنه لم يتعمد هتك حرمة
الصوم بالجماع ،ذكره الماوردي وغيره .قال صاحب العدة :
وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل
صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة .وقال أبو حنيفة :
إن قبل ثم جأامع لزمته الكفارة إل أن يفتيه فقيه أو يتأول
خبرا في ذلك .وقال في الذي اغتاب ثم جأامع :يلزمه
الكفارة وإن أفتى أو تأول خبرا .دليلنا أنه لم يتعمد إفساد
صوم .المسألة الرابعة :إذا أفطر بالجماع وهو مريض أو
مسافر فإن قصد بالجماع الترخص فل كفارة ،وإل فوجأهان
حكاهما الخراسانيون أصحهما وبه قطع المصنف وغيره من
العراقيين :ل كفارة أيضا لما ذكره المصنف .الخامسة :إذا
أصبح المقيم صائما ثم سافر وجأامع في يومه لزمته الكفارة
لما ذكره المصنف .هذا هو المذهب وبه قطع المصنف
والجمهور ،وفيه وجأه غريب ضعيف قاله المزني وغيره من
أصحابنا :أنه يجوز له الفطر في هذا اليوم ،فإذا جأامع فل
كفارة عليه ،وقد سبقت المسألة واضحة في فصل صوم
المسافر .السادسة :إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض
فجامع فل كفارة إن قصد الترخص ،وكذا إن لم يقصده على
المذهب ،وبه قطع المصنف وآخرون ،وقد سبقت المسألة
قريبا .السابعة :لو أفسد المقيم صومه
____________________
) (6/352
بجماع ثم سافر في يومه لم تسقط الكفارة على المذهب ،
وبه قطع المصنف والجمهور ،وقيل :فيه قولن كطرآن
المرض ،حكاه الدارمي والرافعي ،ولو أفسد الصحيح صومه
بالجماع ثم مرض في يومه فطريقان أحدهما :ل تسقط
الكفارة وبه قطع البغوي وأصحهما :وبه قطع المصنف
والكثرون فيه قولن أصحهما :ل تسقط والثاني :تسقط ،
ودليلهما في الكتاب ،ولو أفسده بجماع ثم طرأ جأنون أو
حيض أو موت في يومه فقولن ذكر المصنف دليلهما
أصحهما :السقوط لن يومه غير صالح للصوم بخلفا
المريض ،وصورة الحيض مفرعة على أن المرأة المفطرة
بالجماع يلزمها الكفارة ،ولو ارتد بعد الجماع في يومه لم
تسقط الكفارة بل خلفا ،ذكره الدارمي ،وهو واضح .هذا
تفصيل مذهبنا .وممن قال من العلماء :ل تسقط الكفارة
بطرآن الجنون والمرض والحيض مالك وابن أبي ليلى
وأحمد و إسحاق وأبو ثور وداود ،وقال أبو حنيفة والثوري :
تسقط وأسقطها زفر بالحيض والجنون دون المرض ،
واتفقوا على أنها ل تسقط بالسفر إل ابن الماجأشون
المالكي فأسقطها به .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ووطء المرأة في الدبر
واللواط كالوطء في الفرج في جأميع ما ذكرناه من إفساد
الصوم ووجأوب القضاء والكفارة لن الجميع وطء ،ولن
الجميع في إيجاب الحد واحد فكذلك في إفساد الصوم
وإيجاب الكفارة ،وأما إتيان البهيمة ففيه وجأهان من
أصحابنا من قال :ينبني ذلك على وجأوب الحد ،فإن قلنا :
يجب فيه الحد أفسد الصوم وأوجأب الكفارة كالجماع في
الفرج ،وإن قلنا :يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم
تجب به الكفارة لنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير
فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ،ومن أصحابنا
من قال :يفسد الصوم وتجب الكفارة قول واحدا ،لنه وطء
يوجأب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب
الكفارة كوطء المرأة (1) .
____________________
-1الشرح :قوله ) ففيه وجأهان ( كان ينبغي أن يقول :
طريقان ،فعبر بالوجأهين عن الطريقين مجازا لشتراكهما
في أن كل منهما حكاية للمذهب ،وقد سبق بيان مثل هذا
المجاز في مقدمة هذا الشرح ،واتفقت نصوص الشافعي
والصحاب على أن وطء المرأة في الدبر واللواط بصبي أو
رجأل كوطء المرأة في القبل في جأميع ما سبق من إفساد
الصوم ،ووجأوب إمساك بقية النهار ووجأوب القضاء
والكفارة ،لما ذكره المصنف .وذكر الرافعي وجأها شاذا
باطل في التيان في الدبر أنه ل كفارة فيه ،وهذا غلط .
وأما إتيا
) (6/353
البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف
والصحاب أصحهما :القطع بوجأوب الكفارة فيه .وهذا هو
المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون
والثاني :فيه خلفا مبني على إيجاب الحد به إن أوجأنباه
وجأبت الكفارة ،وإل فل ،حكاه الدارمي عن أبي علي ابن
خيران وأبي إسحاق المروزي .قال الماوردي :هذا الطريق
غلط لن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد ،ولهذا يجب في
وطء الزوجأة الكفارة دون الحد ،وسواء في هذا كله أنزل أم
ل ،إل أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة :ل كفارة ل يفسد
الصوم أيضا كما قاله المصنف ،هذا إن لم ينزل ،فإن أنزل
أفسد كما لو قبل فأنزل .فرع :الوطء بزنا أو شبهة أو في
نكاح فاسد ووطء أمته وأخته وبنته والكافرة وسائر النساء
سواء في إفساد الصوم ووجأوب القضاء والكفارة وإمساك
بقية النهار ،وهذا ل خلفا فيه .فرع :إذا أفسد صومه بغير
الجماع كالكل والشرب والستمناء والمباشرات المفضيات
إلى النزال فل كفارة لن النص ورد في الجماع وهذه
الشياء ليست في معناه ،هذا هو المذهب والمنصوص وبه
قطع الجماهير ،وحكى الرافعي وجأها عن أبي خلف الطبري
من أصحابنا من تلمذة القفال المروزي أنه تجب الكفارة
بكل ما يأثم بالفطار به .وفي وجأه حكاه صاحب الحاوي عن
ابن أبي هريرة أنه يجب بالكل والشرب كفارة فوق كفارة
المرضع ودون كفارة المجامع ،وهذان الوجأهان غلط ،
وحكى الحناطي بالحاء المهملة والنون عن محمد ابن الحكم
أنه روى عن الشافعي وجأوب الكفارة على من جأامع فيما
دون الفرج فأنزل ،وهذا شاذ ضعيف .فرع :قد ذكرنا أنه
إذا استمنى متعمدا بطل صومه ول كفارة ،قال الماوردي :
فلو حك ذكره لعارض ولم يقصد الستمناء فأنزل فل كفارة
،وفي بطلن الصوم وجأهان قلت :أصحهما ل يبطل
كالمضمضة بل مبالغة .فرع في مذاهب العلماء فيمن
وطىء امرأة ورجأل في الدبر ذكرنا أن مذهبنا وجأوب القضاء
والكفارة ،وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد ،وقال
أبو حنيفة ،عليه القضاء ،وفي وجأوب الكفارة روايتان عنه
أشهرهما عنه ل كفارة ،لنه ل يحصل به الحصان والتحليل
فأشبه الوطء فيما دون الفرج ،واحتج أصحابنا بأنه جأماع
أثم به لسبب الصوم ،فوجأبت فيه الكفارة كالقتل ،قال
أصحاب أبي حنيفة :ول كفارة في إتيان البهيمة .فرع في
مذاهبهم في المباشرة فيما دون الفرج أنه ل كفارة
____________________
) (6/354
فيها ،سواء فسد صومه بالنزال أم ل ،وبه قال أبو حنيفة .
وقال داود :كل إنزال تجب به الكفارة حتى الستمناء إل إذا
كرر النظر فأنزل فل قضاء ول كفارة .وقال مالك وأبو ثور
:عليه القضاء والكفارة .وحكي هذا عن عطاء والحسن
وابن المبارك وإسحاق .وقال أحمد :يجب بالوطء فيما
دون الفرج الكفارة وفي القبلة واللمس روايتان .واحتجوا
بأنه أفطر بمعصية فأشبه الجماع في الفرج .واحتج
أصحابنا بأنه لم يجامع في الفرج فأشبه الردة فإنها تبطل
الصوم ول كفارة ،وما قاله الخرون ينتقض بالردة .فرع :
قال الغزالي وغيره من أصحابنا :الضابط في وجأوب
الكفارة بالجماع أنها تجب على من أفسد صوم يوم من
رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم ،وفي هذا الضابط
قيود أحدها :الفساد ،فمن جأامع ناسيا ل يفطر على
المذهب كما سبق .وقيل في فطره قولن سبق بيانهما .
فإن قلنا :ل يفطر فل كفارة لعدم الفساد ،وإل فوجأهان
حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون أصحهما :ل كفارة
أيضا لعدم الثم الثاني :قولنا ) من رمضان ( فل كفارة
بإفساد صوم التطوع والنذر والقضاء والكفارة بالجماع ،لن
الكفارة إنما هي لحرمة رمضان الثالث :قولنا ) بجماع (
احتراز من الكل والشرب والستمناء والمباشرة دون الفرج
،فل كفارة فيها كلها على المذهب ،كما بيناه قريبا والرابع
:قولنا ) تام ( احتراز من المرأة إذا جأومعت فإنها يحصل
فطرها بتغييب بعض الحشفة فل يحصل الجماع التام إل وقد
أفطرت لدخول داخل فيها فالفطر يحصل بمجرد الدخول ،
وأحكام الجماع ل تثبت إل بتغييب كل الحشفة ،فيصدق
عليها أنها أفطرت بالجماع قبل تمامه .وقولنا ) أثم به (
احتراز ممن جأامع بعد الفجر ظانا بقاء الليل ،فإن صومه
يفسد ول كفارة كما سبق .وقولنا ) بسبب الصوم ( احتراز
من المسافر إذا شرع في الصوم ثم أفطر بالزنا مترخصا
فل كفارة عليه ،لنه وإن أفسد صوم يوم من رمضان بجماع
تام أثم به ،إل أنه لم يأثم به بسبب الصوم ،لن الفطار
جأائز له وإنما أثم بالزنا ،ولو زنى المقيم ناسيا للصوم وقلنا
:الصوم يفسد بجماع الناسي فل كفارة أيضا في أصح
الوجأهين ،لنه لم يأثم بسبب الصوم لنه ناس له .قال
الرافعي :وجأماع المرأة إذا قلنا :ل شيء عليها ول يلقيها
الوجأوب ،مستثنى عن الضابط .فرع :لو صام الصبي
رمضان فأفسده بالجماع ،وقلنا :إن وطأه في الحج
ويفسده ويوجأب البدن ،ففي وجأوب كفارة الوطء في
الصوم وجأهان حكاهما المتولي في كتاب الحج ،
وسأوضحهما هناك إن شاء الله تعالى .
____________________
) (6/355
قال المصنف رحمه الله تعالى :ومن وطىء وطئا يوجأب
الكفارة ولم يقدر على الكفارة ،ففيه قولن أحدهما :ل
تجب لقوله صلى الله عليه وسلم :استغفر الله تعالى وخذو
أطعم أهلك أو لنه حق مال يجب لله تعالى على وجأه البدل ،
فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر والثاني :أنها تثبت في
الذمة فإذا قدر لزمه قضاؤها وهو الصحيح ،لنه حق لله
تعالى يجب بسبب من جأهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد
(1) .
____________________
-1الشرح :هذا الحديث سبق بيانه .وقوله ) حق مال (
احتراز من الصوم في حق المريض فإنه ل يسقط بل يثبت
في الذمة .وقوله ) لله تعالى ( احتراز من المتعة .وقوله
) ل على وجأه البدل ( احتراز من جأزاء الصيد .وقوله ) لنه
حق لله تعالى ( قال القلعي :ليس هو احتراز بل لتقريب
الفرع من الصل ،ويحتمل أنه احتراز من نفقة القريب .
وقوله ) بسبب من جأهته ( احتراز من زكاة الفطر .أما
أحكام الفصل :فقال أصحابنا :الحقوق المالية الواجأبة لله
تعالى ثلثة أضرب ،وقد أشار إليها المصنف ) ضرب ( يجب
ل بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر ،فإذا عجز عنه
وقت الوجأوب لم يثبت في ذمته ،فلو أيسر بعد ذلك لم يجب
) وضرب ( يجب بسبب من جأهته على جأهة البدل كجزاء
الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج ،فإذا عجز
عنه وقت وجأوبه ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لنه
إتلفا محض ) وضرب ( يجب بسببه ل على جأهة البدل
ككفارة الجماع في نهار رمضان ،وكفارة اليمين والظهار
والقتل .قال صاحب العدة :ودم التمتع والقران .قال
البندنيجي :والنذر وكفارة قوله :أنت حرام ،ودم التمتع
والطيب واللباس ففيها قولن مشهوران أصحهما :عند
المصنف والصحاب تثبت في الذمة ،فمتى قدر على أحد
الخصال لزمته والثاني :ل تثبت ،وذكر المصنف دليلهما
وشبهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لن الكفارة مؤاخذة
على فعله كجزاء الصيد بخلفا الفطرة .واحتج بعض
أصحابنا للقول بسقوطها بحديث العرابي كما أشار إليه
المصنف لنه صلى الله عليه وسلم قال :أطعمه أهلك
ومعلوم أن الكفارة ل تصرفا إلى الهل .وقال جأمهور
أصحابنا والمحققون :حديث العرابي دليل لثبوتها في
الذمة عند العجز عن جأميع الخصال ،لنه لما ذكر النبي صلى
الله عليه وسلم عجزه عن جأميع الخصال ثم ملكه النبي
صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم أمره بأداء الكفارة
لقدرته الن عليها ،فلو كانت تسقط العجز لما أمره بها .
وأما إطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة ،وإنما
معناه أن هذا الطعا
) (6/356
صار ملكا له وعليه كفارة فأمر بإخراجأه عنها ،فلما ذكر
حاجأته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه ل عن الكفارة ،
وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جأائز بل خلفا
.فإن قيل :لو كانت واجأبة لبينها له عليه السلم فالجواب
من وجأهين أحدهما :أنه قد بينها له بقوله صلى الله عليه
وسلم :تصدق بهذا بعد إعلمه بعجزه ،ففهم العرابي
وغيره من هذا أنها باقية عليه .الثاني :أن تأخير البيان إلى
وقت الحاجأة جأائز ،وهذا ليس وقت الحاجأة ،فهذا الذي
ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله
المحققون والكثرون .وحكى إمام الحرمين والغزالي
وغيرهما وجأها لبعض الصحاب أنه يجوز صرفا كفارة
الجماع خاصة إلى زوجأة المكفر وأولده إذا كانوا فقراء لهذا
الحديث ،ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات
ل يجوز صرفها إلى الزوجأة والولد الفقراء ،وقاس
الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات ،وأجأابوا عن الحديث
بما سبق .فرع في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان
إحداها :إذا نسى النية وجأامع في ذلك اليوم فل كفارة في
ذلك اليوم بل خلفا لنه لم يفسد به صوما .الثانية :إذا
وطىء الصائم في نهار رمضان وقال :جأهلت تحريمه ،فإن
كان ممن يخفى عليه لقرب إسلمه ونحوه فل كفارة ،وإل
وجأبت ،ولو قال :علمت تحريمه وجأهلت وجأوب الكفارة ،
لزمته الكفارة بل خلفا ،ذكره الدارمي وغيره ،وهو واضح
وله نظائر معروفة لنه مقصر .الثالثة :إذا أفسد الحج
بالجماع ،قال الدارمي :ففي الكفارة القوال الربعة
السابقة في كفارة الجماع في الصوم .فرع في مذاهب
العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها
وفيه مسائل إحداها :قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم
يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته
الكفارة ،وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء
كافة إل ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي و
سعيد بن جأبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا :ل كفارة عليه ،
كما ل كفارة عليه بإفساد الصلة ،دليلنا حديث أبي هريرة
السابق في قصة العرابي ،ويخالف الصلة فإنه ل مدخل
للمال في جأبرانها .الثانية :يجب على المكفر مع الكفارة
قضاء اليوم الذي جأامع فيه .هذا هو المشهور من مذهبنا
وفيه خلفا سبق .قال العبدري :وبإيجاب قضائه قال جأميع
الفقهاء سوى الوزاعي فقال :إن كفر بالصوم لم يجب
قضاؤه ،وإن كفر بالعتق أو الطعام قضاه .الثالثة :قد
ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه ل يجب على المرأة كفارة
أخرى وبه قال أحمد .وقال مالك وأبو حنيفة
____________________
) (6/357
وأبو ثور وابن المنذر :عليها كفارة أخرى وهي رواية عن
أحمد .الرابعة :هذه الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة
فإن عجز فصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين
مسكينا ،وبه قال أبو حنيفة والثوري والوزاعي و أحمد في
أصح الروايتين عنه .وقال مالك :هو مخير بين الخصال
الثلث وأفضلها عنده الطعام .وعن الحسن البصري أنه
مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة ،واحتجا بحديثين على وفق
مذهبيهما .دليلنا حديث أبي هريرة .وأما حديث الحسن
فضعيف جأدا ،وحديث مالك يجاب عنه بجوابين أحدهما :
حديثنا أصح وأشهر .والثاني :أنه محمول على الترتيب
جأمعا بين الروايات .الخامسة :يشترط في صوم هذه
الكفارة عندنا وعند الجمهور التتابع وجأوز ابن أبي ليلى
تفريقه ،لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب .
دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل
المطلق عليه .السادسة :إذا كفر بالطعام فهو إطعام
ستين مسكينا كل مسكين مد ،سواء البر والزبيب والتمر
وغيرها .وقال أبو حنيفة :يجب لكل مسكين مدان حنطة أو
صاع من سائر الحبوب ،وفي الزبيب عنه روايتان رواية صاع
ورواية مدان .السابعة :لو جأامع في صوم غير رمضان من
قضاء أو نذر أو غيرهما فل كفارة كما سبق وبه قال
الجمهور ،وقال قتادة :تجب الكفارة في إفساد قضاء
رمضان .
قال المصنف رحمه الله تعالى :إذا نوى الصوم من الليل ثم
أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء ،وقال
المزني :يصح صومه كما لو نوى الصوم ثم نام جأميع النهار ،
والدليل على أن الصوم ل يصح أن الصوم نية وترك ،ثم لو
انفرد الترك عن النية لم يصح فإذا انفردت النية عن الترك
لم يصح ،وأما النوم فإن أبا سعيد الصطخري قال :إذا نام
جأميع النهار لم يصح صومه ،كما إذا أغمي عليه جأميع النهار
،والمذهب أنه يصح صومه إذا نام .والفرق بينه وبين
الغماء أن النائم ثابت العقل ،لنه إذ نبه انتبه والمغمى
عليه بخلفه ،ولن النائم كالمستيقظ ،ولهذا وليته ثابتة
على ماله بخلفا المغمى عليه ،وإن نوى الصوم ثم أغمي
عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر
البويطي :إذا كان في أوله مفيقا صح صومه ،وفي كتاب
الصوم إذا كان في بعضه مفيقا أجأزأه .وقال في اختلفا
أبي حنيفة وابن أبي ليلى :إذا كانت صائمة فأغمي عليها
وحاضت بطل صومها ،وخرج أبو العباس قول آخر إنه إن
كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه ،فمن
____________________
) (6/358
أصحابنا من قال :المسألة على قول واحد أنه يعتبر أن
يكون مفيقا في أول النهار ،وتأول ما سواه من القوال
على هذا ،ومن أصحابنا من قال :فيها أربعة أقوال أحدها :
أنه تعتبر الفاقة في أوله كالنية تعتبر في أوله .والثاني :
أنه تعتبر الفاقة في طرفيه كما أن في الصلة يعتبر القصد
في الطرفين في الدخول والخروج ،ول يعتبر فيما بينها
والثالث :أنه تعتبر الفاقة في جأميعه ،فإذا أغمي عليه في
بعضه لم يصح لنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلة
فأبطل الصوم كالحيض والرابع :تعتبر الفاقة في جأزء منه
ول أعرفا له وجأها ،وإن نوى الصوم ثم جأن ففيه قولن .
قال في الجديد :يبطل الصوم لنه عارض يسقط فرض
الصلة ،فأبطل الصوم كالحيض .وقال في القديم :هو
كالغماء لنه يزيل العقل والولية فهو كالغماء (1) .
____________________
-1الشرح :قوله :لنه عارض يسقط فرض الصلة ينتقض
بالغماء ،فإنه يسقط فرض الصلة ول يبطل الصوم به في
بعض النهار على الصح .أما الحكام :ففيها مسائل :
إحداها :إذا نام جأميع الليل صح صومه على المذهب وبه
قال الجمهور .وقال أبو الطيب بن سلمة وأبو سعيد
الصطخري :ل يصح ،وحكاه البندنيجي عن ابن سريج أيضا ،
ودليل الجميع في الكتاب ،وأجأمعوا على أنه لو استيقظ
لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه .الثانية :لو نوى من
الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافل عن الصوم في جأميعه
صح صومه بالجأماع ،لن في تكليف ذكره حرجأا .الثالثة :لو
نوى من الليل ثم أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه
على المذهب ،وفيه قول مخرج من النوم أنه يصح خرجأه
المزني وغيره من أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب .
الرابعة :إذا نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون
بعض ففيه ثلثة طرق :إحداها :إن أفاق في جأزء من النهار
صح صومه وإل فل ،وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو
غيره وهذا هو نص الشافعي في باب الصيام من مختصر
المزني .وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي
عن ابن أبي هريرة ،وتأول هذا القائل النصين الخرين
فتأول نصه في اختلفا أبي حنيفة وابن أبي ليلى على أن
بطلن الصوم عائد إلى الحيض خاصة ل إلى الغماء ،قالوا :
وقد يفعل الشافعي مثل هذا وتأوله الماوردي تأويل آخر ،
وهو أن المراد بالغماء هنا الجنون ،وتأول هذا القائل نصه
في الظهار والبويطي على أنه ذكر الفاقة في أوله للتمثيل
بالجزء ل لشتراط الول .والطريق الثاني :القطع بأنه إن
أفاق في أوله صح وإل فل ،وتأويل نصه في الصوم على أن
المراد بالجزء المبهم أوله ،كما صرح به في الظهار ،وتأول
نص اختلفا أبي حنيفة على ما سبق .والطريق الثالث :في
المسألة أربع
) (6/359
أقوال وهذا الطريق هو الصح الشهر أصح القوال يشترط
الفاقة في جأزء منه والثاني :في أوله خاصة والثالث :في
طرفيه والرابع :في جأميعه كالنقاء من الحيض .وهذا
الرابع تخريج لبن سريج خرجأه من الصلة ،وليس منصوصا
للشافعي قال :وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع
في الكتاب إل القول الول الصح .فإن المصنف قال :ل
أعرفا له وجأها ،وهذا عجب منه ،مع أن هذا القول هو الصح
عند محققي أصحابنا ،فالصح من هذا الخلفا كله إن كان
مفيقا في جأزء من النهار أي جأزء كان صح صومه وإل فل .
الخامسة :إذا نوى الصوم بالليل وجأن في بعض النهار
فقولن مشهوران ذكرهما المصنف وغيره من الصحاب
الجديد :بطلن صومه لنه منافا للصوم كالحيض ،وقال في
القديم :هو كالغماء ففيه الخلفا السابق ،ومن الصحاب
من حكى بدل القولين وجأهين كصاحب البانة وآخرين ،
ومنهم من حكاهما طريقين وهو أحسن ،وقطع الشيخ أبو
حامد والماوردي وابن الصباغ وآخرون ببطلن الصوم
بالجنون في لحظة كالحيض .ولو جأن جأميع النهار لم يصح
بل خلفا .السادسة :لو حاضت في بعض النهار أو ارتد
بطل صومهما بل خلفا ،وعليهما القضاء ،وكذلك لو نفست
بطل صومها بل خلفا ،ولو ولدت ولم تر دما أصل ففي
بطلن صومها خلفا مبني على وجأوب الغسل بخروج الولد
وحده ) إن قلنا ( ل غسل لم يبطل صومها وإل بطل على
أشهر الوجأهين عند الصحاب ولم يبطل على الخر ،وهو
الراجأح دليل ،وقد سبق إيضاح المسألة في باب ما يوجأب
الغسل .السابعة :حيث قلنا :ل يصح صوم المغمى عليه إما
لوجأود الغماء في كل النهار أو بعضه ،وإما لعدم نيته بالليل
،يلزمه قضاء ما فاته من رمضان ،هكذا قطع به المصنف
وجأماهير الصحاب وهو المنصوص ،وفيه وجأه لبن سريج ،
واختاره صاحب الحاوي أنه ل قضاء على المغمى عليه ،كما
ل قضاء على المجنون .والمذهب الول ،وقد سبقت
المسألة مبسوطة في أول هذا الباب .فرع :لو نوى الصوم
في الليل ثم شرب دواء فزال عقله نهارا بسببه ،قال
البغوي :إن قلنا :ل يصح صوم المغمى عليه فهذا أولى ،
وإل فوجأهان أصحهما :ل يصح لنه بفعله ،قال المتولي :
ولو شرب المسكر ليل وبقي سكره جأميع النهار لم يصح
صومه .وعليه القضاء في رمضان ،وإن صحا في بعضه فهو
كالغماء في بعض النهار .
قال المصنف رحمه الله تعالى :ويجوز للصائم أن ينزل
الماء وينغطس فيه لما روى أبو بكر ابن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام قال :حدثني من رأى النبي صلى الله
عليه وسلم في يوم
____________________
) (6/360
صائف يصب على رأسه الماء من شدة الحر والعطش وهو
صائم ويجوز أن يكتحل لما روي عن أنس أنه كان يكتحل وهو
صائم ولن العين ليس بمنفذ ،فلم يبطل الصوم بما يصل
إليها (1) .
____________________
-1الشرح :أما حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا فصحيح
رواه مالك في الموطأ ،وأحمد بن حنبل في مسنده ،وأبو
داود والنسائي في سننهما ،والحاكم أبو عبد الله في
المستدرك على الصحيحن والبيهقي وغيرهم بأسانيد
صحيحة وإسناد مالك وأبي داود والنسائي على شرط
البخاري ومسلم ،ولفظ رواياتهم من شدة الحر أو العطش
وفي رواية النسائي الحر ولفظ رواية أبي داود عن أبي بكر
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حدثه
قال :لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على
رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر هذا لفظه .
وكذا لفظ الباقين مصرح بأن الذي حدث أبا بكر صحابي ،
ولو ذكره المصنف كذلك لكان أحسن ،ولفظ رواية المصنف
بمعناه ،فإن الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو
مسلم صحابي .ثم إن هذا الصحابي وإن كان مجهول السم
ل يقدح في صحة الحديث ،لن الصحابة كلهم عدول .ولهذا
احتج به مالك في الموطأ وسائر الئمة .وأما الثر المذكور
عن أنس في الكتحال فرواه أبو داود بإسناد كلهم ثقات إل
رجأل مختلفا فيه ،ولم يبين الذي ضعفه سبب تضعيفه ،مع
أن الجرح ل يقبل إل مفسرا .وقول المصنف :ولن العين
ليس بمنفذ .هكذا هو في نسخ المهذب ليس :هي لغة
ضعيفة غريبة والمشهور الفصيح ليست بإثبات التاء .وأما
المنفد فبفتح الفاء .أما الحكام :ففيها مسألتان :
إحداهما :يجوز للصائم أن ينزل إلى الماء وينغطس فيه
ويصبه على رأسه ،سواء كان في حمام أو غيره ول خلفا
في هذا ،ودليله الحديث الذي ذكره ،وحديث عائشة وغيرها
في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصبح جأنبا وهو صائم ثم يغتسل .الثانية :يجوز للصائم
الكتحال بجميع الكحال ول يفطر بذلك ،سواء وج
) (6/361
طعمه في حلقه أم ل ،لن العين ليست بجوفا ول منفذ
منها إلى الحلق ،قال أصحابنا :ول يكره الكتحال عندنا ،
قال البندنيجي وغيره :سواء تنخمه أم ل .فرع في مذاهب
العلماء في الكتحال ذكرنا أنه جأائز عندنا ول يكره ول يفطر
به ،سواء وجأد طعمه في حلقه أم ل .وحكاه ابن المنذر عن
عطاء والحسن البصري والنخعي والوزاعي وأبي حنيفة
وأبي ثور ،وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى
الصحابيين رضي الله عنهم ،وبه قال داود .وحكى ابن
المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر و ابن
شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا :يبطل به صومه .وقال
قتادة :يجوز بالثمد ويكره بالصبر .وقال الثوري وإسحاق :
يكره .وقال مالك وأحمد :يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر
.واحتج للمانعين بحديث معبد ابن هوذة الصحابي رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالثمد المروح
عند النوم .وقال :ليتقه الصائم رواه أبو داود وقال :قال
لي يحيى بن معين :وهو حديث منكر .واحتج أصحابنا
بأحاديث ضعيفة نذكرها لئل يغتر بها .منها حديث عائشة
قالت :اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم رواه
ابن ماجأه بإسناد ضعيف من رواية بقية عن سعيد بن أبي
سعيد الزبيدي شيخ بقية عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة .قال البيهقي :وسعيد الزبيدى هذا من مجاهيل
شيوخ بقية ينفرد بما ل يتابع عليه قلت :وقد اتفق الحفاظ
على أن رواية بقية عن المجهولين مردودة .واحتفوا في
روايته عن المعروفين فل يحتج بحديثه هذا بل خلفا .وعن
أنس قال :جأاء رجأل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال :نعم رواه الترمذي
وقال :ليس إسناده بالقوي .قال :ول يصح عن النبي صلى
الله عليه وسلم في هذا الباب شيء .وعن نافع عن ابن
عمر قال :خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعيناه مملوءتان من الكحل وذلك في رمضان وهو صائم
في إسناده من اختلف في توثيقه .وعن محمد بن
____________________
) (6/362
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جأده أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يكتحل بالثمد وهو صائم رواه البيهقي
وضعفه ،لن راويه محمد هذا ضعيف قال البيهقي :وروي
عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف جأدا إنه ل بأس به .واحتجوا
بالثر المذكور عن أنس وقد بينا إسناده .وفي سنن أبي
داود عن العمش قال :ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره
الكحل للصائم .والمعتمد في المسألة ما ذكره المصنف .
قال المصنف رحم