PUBLIKASI PENDIDIKAN: Kumpulan Kitab Islam Klasik ƒΘΩñΩφπ 011

‫‪http://www.shamela.ws‬‬
‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬
‫المجموع‬
‫النووي‬
‫سنة الولدة ‪ /‬سنة الوفاة‬
‫تحقيق‬
‫الناشر دار الفكر‬
‫سنة النشر ‪1997‬م‬
‫مكان النشر بيروت‬
‫عدد الجأزاء ‪1‬‬
‫)‪(1‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬في الفصل مسائل إحداها ‪ :‬إذا طلع الفجر وهو‬
‫مجامع فاستدام مع العلم بالفجر بطل صومه بل خلفا ‪ ،‬كما‬
‫سبق في موضعه ‪ ،‬وفي وجأوب الكفارة طريقان الصحيح ‪:‬‬
‫المنصوص وجأوبها ‪ ،‬وبه قطع المصنف والجمهور ‪ ،‬وحكى‬
‫جأماعات من الخراسانيين في وجأوبها قولين ) المنصوص (‬
‫وجأوبها لما ذكره المصنف والثاني ‪ :‬ل تجب ‪ ،‬وهو مخرج مما‬
‫سنذكره إن شاء الله تعالى ‪ ،‬لنه ل يفسد بهذا الجماع صوما‬
‫لنه لم يدخل فيه ‪ .‬قال البندنيجي ‪ :‬وإنما وجأبت الكفارة هنا‬
‫على المذهب ‪ ،‬لنه منع انعقاد الصوم ل لفساده ‪ ،‬فإن لم‬

‫يدخل فيه ‪ ،‬قال ‪ :‬ومن قال انعقد صومه ثم فسد فهذا غير‬
‫معروفا مذهبا للشافعي رحمه الله ‪ .‬قال القاضي حسين و‬
‫إمام الحرمين والبغوي وغيرهم من الخراسانيين ‪ :‬نص‬
‫الشافعي هنا على وجأوب الكفارة بالستدامة ‪ ،‬ونص فيمن‬
‫قال لزوجأته ‪ :‬إن وطئتك فأنت طالق ثلثا ‪ ،‬فوطئها‬
‫واستدام أنه ل يلزمه مهر بالستدامة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬واختلف‬
‫أصحابنا فيهما فمنهم من نقل وخرج فجعل في المسألتين‬
‫قولين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬تجب الكفارة والمهر كما لو نزع ثم أولج‬
‫والثاني ‪ :‬ل يجب واحد منهما ‪ ،‬لن أول الفعل كان مباحا ‪.‬‬
‫وقال الجمهور وهو الصحيح ‪ :‬المسألتان على ما نص عليه ‪،‬‬
‫فتجب الكفارة دون المهر ‪ ،‬والفرق أن ابتداء الفعل هنا لم‬
‫يتعلق به كفارة ‪ ،‬فوجأبت الكفارة باستدامة لئل يخلو جأماع‬
‫في نهار رمضان عمدا عن كفارة ‪ .‬وأما المهر فل يجب لن‬
‫أول الوطء تعلق به المهر ‪ ،‬لن مهر النكاح يقابل جأميع‬

‫الوطئات فلم يجب باستدامته مهر آخر ‪ ،‬لئل يؤدي إلى‬
‫إيجاب مهرين لشخص واحد بوطأة واحدة ‪ ،‬وهذا ل يجوز ‪،‬‬
‫وقولنا ‪ :‬لشخص واحد احتراز ممن وطىء زوجأة أبيه أو ابنه‬
‫بشبهة ‪ ،‬فإنه ينفسخ نكاح زوجأها ويلزم الواطىء مهران‬
‫بالوطئة الواحدة ‪ :‬مهر للزوجأة لنه استوفى منفعة بضعها‬

‫بشبهة ‪ ،‬ومهر للزوج لنه أفسد عليه نكاحه والله أعلم ‪ .‬فرع‬
‫‪ :‬أو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلثة أوجأه سأوضحها في‬
‫كتاب الحج إن شاء الله تعالى أصحها ‪ :‬ل ينعقد حجة ‪ .‬كما ل‬
‫ينعقد صومه ‪ ،‬ول صلة من أحرم بها مع خروج الحدث ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬ينعقد حجه صحيحا ‪ ،‬فإن نزع في الحال صح حجه ‪،‬‬
‫ول شيء عليه وإل فسد ‪ ،‬وعليه المضي في فاسده‬
‫والقضاء والبدنة والثالث ‪ :‬ينعقد فاسدا وعليه القضاء‬
‫والمضي فيه سواء مكث أو نزع في الحال ول تجب الفدية‬
‫إن نزع في الحال فإن مكث وجأبت شاة في الصح ‪ .‬وفي‬
‫قول ‪ :‬بدنة كما في نظائره ‪ .‬والفرق بين الحج والصوم أن‬
‫الصوم يخرج منه بالفساد ‪ ،‬فل يصح دخوله فيه مع وجأود‬
‫المفسد بخلفا الحج ‪ ،‬وقد سبق في أوائل هذا الباب بيان‬
‫معنى قولهم ‪ :‬يخرج من الصوم بالفساد ‪ ،‬ول يخرج من‬
‫الحج بالفساد‬

‫) ‪(6/351‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬لو جأامع ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن‬
‫الشمس غربت فبان غلطه فل كفارة هكذا قطع به المصنف‬
‫والصحاب إل إمام الحرمين فإنه قال ‪ :‬من أوجأب الكفارة‬

‫على الناسي بالجماع يقول بمثله هنا لتقصيره في البحث ‪،‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬وقولهم فيمن ظن غروب الشمس ‪ :‬ل‬
‫كفارة ‪ ،‬تفريع على جأواز الفطر بظن ذلك فإن منعناه‬
‫بالظن فينبغي وجأوب الكفارة لنه جأماع محرم صادفا‬
‫الصوم ‪ .‬الثالثة ‪ :‬إذا أكل الصائم ناسيا ‪ ،‬فظن أنه أفطر‬
‫بذلك لجهله بالحكم ثم جأامع فهل يبطل صومه فيه وجأهان‬
‫مشهوران أحدهما ‪ :‬وبه قال البندنيجي ‪ :‬ل كما لو سلم من‬
‫الصلة ناسيا ‪ ،‬ثم تكلم عامدا فإنه ل تبطل صلته بالتفاق ‪،‬‬
‫لحديث ذي اليدين وأصحهما ‪ :‬وبه قطع الجمهور ‪ :‬تبطل كما‬
‫لو جأامع أو أكل وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان طالعا ‪.‬‬
‫فإن قلنا ل يفطر فل كفارة ‪ ،‬وإن قلنا ‪ :‬يفطر فل كفارة‬
‫أيضا ‪ ،‬هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ‪ ،‬ونقله المصنف‬
‫والصحاب عن نص الشافعي في كتاب الصيام من الم ‪،‬‬

‫وفيه الحتمال الذي حكاه المصنف عن القاضي أبي الطيب‬
‫وذكر دليلهما ‪ ،‬أما إذا أكل ناسيا وعلم أنه ل يفطر به ثم‬
‫جأامع في يومه فيفطر ‪ ،‬وتجب الكفارة بل خلفا عندنا ‪.‬‬
‫وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه قال ‪ :‬عليه القضاء دون‬
‫الكفارة ‪ ،‬ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلن صومه‬
‫فمكث فعليه القضاء دون الكفارة ‪ ،‬لنه لم يتعمد هتك حرمة‬

‫الصوم بالجماع ‪ ،‬ذكره الماوردي وغيره ‪ .‬قال صاحب العدة ‪:‬‬
‫وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل‬
‫صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪:‬‬
‫إن قبل ثم جأامع لزمته الكفارة إل أن يفتيه فقيه أو يتأول‬
‫خبرا في ذلك ‪ .‬وقال في الذي اغتاب ثم جأامع ‪ :‬يلزمه‬
‫الكفارة وإن أفتى أو تأول خبرا ‪ .‬دليلنا أنه لم يتعمد إفساد‬
‫صوم ‪ .‬المسألة الرابعة ‪ :‬إذا أفطر بالجماع وهو مريض أو‬
‫مسافر فإن قصد بالجماع الترخص فل كفارة ‪ ،‬وإل فوجأهان‬
‫حكاهما الخراسانيون أصحهما وبه قطع المصنف وغيره من‬
‫العراقيين ‪ :‬ل كفارة أيضا لما ذكره المصنف ‪ .‬الخامسة ‪ :‬إذا‬
‫أصبح المقيم صائما ثم سافر وجأامع في يومه لزمته الكفارة‬
‫لما ذكره المصنف ‪ .‬هذا هو المذهب وبه قطع المصنف‬
‫والجمهور ‪ ،‬وفيه وجأه غريب ضعيف قاله المزني وغيره من‬
‫أصحابنا ‪ :‬أنه يجوز له الفطر في هذا اليوم ‪ ،‬فإذا جأامع فل‬
‫كفارة عليه ‪ ،‬وقد سبقت المسألة واضحة في فصل صوم‬
‫المسافر ‪ .‬السادسة ‪ :‬إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض‬
‫فجامع فل كفارة إن قصد الترخص ‪ ،‬وكذا إن لم يقصده على‬
‫المذهب ‪ ،‬وبه قطع المصنف وآخرون ‪ ،‬وقد سبقت المسألة‬
‫قريبا ‪ .‬السابعة ‪ :‬لو أفسد المقيم صومه‬
‫____________________‬


‫) ‪(6/352‬‬

‫بجماع ثم سافر في يومه لم تسقط الكفارة على المذهب ‪،‬‬
‫وبه قطع المصنف والجمهور ‪ ،‬وقيل ‪ :‬فيه قولن كطرآن‬
‫المرض ‪ ،‬حكاه الدارمي والرافعي ‪ ،‬ولو أفسد الصحيح صومه‬
‫بالجماع ثم مرض في يومه فطريقان أحدهما ‪ :‬ل تسقط‬
‫الكفارة وبه قطع البغوي وأصحهما ‪ :‬وبه قطع المصنف‬
‫والكثرون فيه قولن أصحهما ‪ :‬ل تسقط والثاني ‪ :‬تسقط ‪،‬‬
‫ودليلهما في الكتاب ‪ ،‬ولو أفسده بجماع ثم طرأ جأنون أو‬
‫حيض أو موت في يومه فقولن ذكر المصنف دليلهما‬
‫أصحهما ‪ :‬السقوط لن يومه غير صالح للصوم بخلفا‬

‫المريض ‪ ،‬وصورة الحيض مفرعة على أن المرأة المفطرة‬
‫بالجماع يلزمها الكفارة ‪ ،‬ولو ارتد بعد الجماع في يومه لم‬
‫تسقط الكفارة بل خلفا ‪ ،‬ذكره الدارمي ‪ ،‬وهو واضح ‪ .‬هذا‬
‫تفصيل مذهبنا ‪ .‬وممن قال من العلماء ‪ :‬ل تسقط الكفارة‬
‫بطرآن الجنون والمرض والحيض مالك وابن أبي ليلى‬
‫وأحمد و إسحاق وأبو ثور وداود ‪ ،‬وقال أبو حنيفة والثوري ‪:‬‬
‫تسقط وأسقطها زفر بالحيض والجنون دون المرض ‪،‬‬

‫واتفقوا على أنها ل تسقط بالسفر إل ابن الماجأشون‬
‫المالكي فأسقطها به ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ووطء المرأة في الدبر‬
‫واللواط كالوطء في الفرج في جأميع ما ذكرناه من إفساد‬
‫الصوم ووجأوب القضاء والكفارة لن الجميع وطء ‪ ،‬ولن‬
‫الجميع في إيجاب الحد واحد فكذلك في إفساد الصوم‬
‫وإيجاب الكفارة ‪ ،‬وأما إتيان البهيمة ففيه وجأهان من‬
‫أصحابنا من قال ‪ :‬ينبني ذلك على وجأوب الحد ‪ ،‬فإن قلنا ‪:‬‬
‫يجب فيه الحد أفسد الصوم وأوجأب الكفارة كالجماع في‬
‫الفرج ‪ ،‬وإن قلنا ‪ :‬يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم‬
‫تجب به الكفارة لنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير‬
‫فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ‪ ،‬ومن أصحابنا‬
‫من قال ‪ :‬يفسد الصوم وتجب الكفارة قول واحدا ‪ ،‬لنه وطء‬
‫يوجأب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب‬
‫الكفارة كوطء المرأة ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬قوله ) ففيه وجأهان ( كان ينبغي أن يقول ‪:‬‬
‫طريقان ‪ ،‬فعبر بالوجأهين عن الطريقين مجازا لشتراكهما‬
‫في أن كل منهما حكاية للمذهب ‪ ،‬وقد سبق بيان مثل هذا‬
‫المجاز في مقدمة هذا الشرح ‪ ،‬واتفقت نصوص الشافعي‬

‫والصحاب على أن وطء المرأة في الدبر واللواط بصبي أو‬
‫رجأل كوطء المرأة في القبل في جأميع ما سبق من إفساد‬
‫الصوم ‪ ،‬ووجأوب إمساك بقية النهار ووجأوب القضاء‬
‫والكفارة ‪ ،‬لما ذكره المصنف ‪ .‬وذكر الرافعي وجأها شاذا‬
‫باطل في التيان في الدبر أنه ل كفارة فيه ‪ ،‬وهذا غلط ‪.‬‬
‫وأما إتيا‬

‫) ‪(6/353‬‬

‫البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف‬
‫والصحاب أصحهما ‪ :‬القطع بوجأوب الكفارة فيه ‪ .‬وهذا هو‬

‫المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون‬
‫والثاني ‪ :‬فيه خلفا مبني على إيجاب الحد به إن أوجأنباه‬
‫وجأبت الكفارة ‪ ،‬وإل فل ‪ ،‬حكاه الدارمي عن أبي علي ابن‬
‫خيران وأبي إسحاق المروزي ‪ .‬قال الماوردي ‪ :‬هذا الطريق‬
‫غلط لن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد ‪ ،‬ولهذا يجب في‬
‫وطء الزوجأة الكفارة دون الحد ‪ ،‬وسواء في هذا كله أنزل أم‬
‫ل ‪ ،‬إل أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة ‪ :‬ل كفارة ل يفسد‬
‫الصوم أيضا كما قاله المصنف ‪ ،‬هذا إن لم ينزل ‪ ،‬فإن أنزل‬

‫أفسد كما لو قبل فأنزل ‪ .‬فرع ‪ :‬الوطء بزنا أو شبهة أو في‬
‫نكاح فاسد ووطء أمته وأخته وبنته والكافرة وسائر النساء‬
‫سواء في إفساد الصوم ووجأوب القضاء والكفارة وإمساك‬
‫بقية النهار ‪ ،‬وهذا ل خلفا فيه ‪ .‬فرع ‪ :‬إذا أفسد صومه بغير‬
‫الجماع كالكل والشرب والستمناء والمباشرات المفضيات‬
‫إلى النزال فل كفارة لن النص ورد في الجماع وهذه‬
‫الشياء ليست في معناه ‪ ،‬هذا هو المذهب والمنصوص وبه‬
‫قطع الجماهير ‪ ،‬وحكى الرافعي وجأها عن أبي خلف الطبري‬
‫من أصحابنا من تلمذة القفال المروزي أنه تجب الكفارة‬
‫بكل ما يأثم بالفطار به ‪ .‬وفي وجأه حكاه صاحب الحاوي عن‬
‫ابن أبي هريرة أنه يجب بالكل والشرب كفارة فوق كفارة‬
‫المرضع ودون كفارة المجامع ‪ ،‬وهذان الوجأهان غلط ‪،‬‬
‫وحكى الحناطي بالحاء المهملة والنون عن محمد ابن الحكم‬
‫أنه روى عن الشافعي وجأوب الكفارة على من جأامع فيما‬
‫دون الفرج فأنزل ‪ ،‬وهذا شاذ ضعيف ‪ .‬فرع ‪ :‬قد ذكرنا أنه‬
‫إذا استمنى متعمدا بطل صومه ول كفارة ‪ ،‬قال الماوردي ‪:‬‬
‫فلو حك ذكره لعارض ولم يقصد الستمناء فأنزل فل كفارة‬
‫‪ ،‬وفي بطلن الصوم وجأهان قلت ‪ :‬أصحهما ل يبطل‬
‫كالمضمضة بل مبالغة ‪ .‬فرع في مذاهب العلماء فيمن‬
‫وطىء امرأة ورجأل في الدبر ذكرنا أن مذهبنا وجأوب القضاء‬

‫والكفارة ‪ ،‬وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد ‪ ،‬وقال‬
‫أبو حنيفة ‪ ،‬عليه القضاء ‪ ،‬وفي وجأوب الكفارة روايتان عنه‬
‫أشهرهما عنه ل كفارة ‪ ،‬لنه ل يحصل به الحصان والتحليل‬
‫فأشبه الوطء فيما دون الفرج ‪ ،‬واحتج أصحابنا بأنه جأماع‬
‫أثم به لسبب الصوم ‪ ،‬فوجأبت فيه الكفارة كالقتل ‪ ،‬قال‬
‫أصحاب أبي حنيفة ‪ :‬ول كفارة في إتيان البهيمة ‪ .‬فرع في‬
‫مذاهبهم في المباشرة فيما دون الفرج أنه ل كفارة‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/354‬‬

‫فيها ‪ ،‬سواء فسد صومه بالنزال أم ل ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة ‪.‬‬
‫وقال داود ‪ :‬كل إنزال تجب به الكفارة حتى الستمناء إل إذا‬
‫كرر النظر فأنزل فل قضاء ول كفارة ‪ .‬وقال مالك وأبو ثور‬
‫‪ :‬عليه القضاء والكفارة ‪ .‬وحكي هذا عن عطاء والحسن‬
‫وابن المبارك وإسحاق ‪ .‬وقال أحمد ‪ :‬يجب بالوطء فيما‬
‫دون الفرج الكفارة وفي القبلة واللمس روايتان ‪ .‬واحتجوا‬
‫بأنه أفطر بمعصية فأشبه الجماع في الفرج ‪ .‬واحتج‬
‫أصحابنا بأنه لم يجامع في الفرج فأشبه الردة فإنها تبطل‬
‫الصوم ول كفارة ‪ ،‬وما قاله الخرون ينتقض بالردة ‪ .‬فرع ‪:‬‬

‫قال الغزالي وغيره من أصحابنا ‪ :‬الضابط في وجأوب‬
‫الكفارة بالجماع أنها تجب على من أفسد صوم يوم من‬
‫رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم ‪ ،‬وفي هذا الضابط‬
‫قيود أحدها ‪ :‬الفساد ‪ ،‬فمن جأامع ناسيا ل يفطر على‬
‫المذهب كما سبق ‪ .‬وقيل في فطره قولن سبق بيانهما ‪.‬‬
‫فإن قلنا ‪ :‬ل يفطر فل كفارة لعدم الفساد ‪ ،‬وإل فوجأهان‬
‫حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون أصحهما ‪ :‬ل كفارة‬
‫أيضا لعدم الثم الثاني ‪ :‬قولنا ) من رمضان ( فل كفارة‬
‫بإفساد صوم التطوع والنذر والقضاء والكفارة بالجماع ‪ ،‬لن‬
‫الكفارة إنما هي لحرمة رمضان الثالث ‪ :‬قولنا ) بجماع (‬
‫احتراز من الكل والشرب والستمناء والمباشرة دون الفرج‬
‫‪ ،‬فل كفارة فيها كلها على المذهب ‪ ،‬كما بيناه قريبا والرابع‬
‫‪ :‬قولنا ) تام ( احتراز من المرأة إذا جأومعت فإنها يحصل‬
‫فطرها بتغييب بعض الحشفة فل يحصل الجماع التام إل وقد‬
‫أفطرت لدخول داخل فيها فالفطر يحصل بمجرد الدخول ‪،‬‬
‫وأحكام الجماع ل تثبت إل بتغييب كل الحشفة ‪ ،‬فيصدق‬
‫عليها أنها أفطرت بالجماع قبل تمامه ‪ .‬وقولنا ) أثم به (‬
‫احتراز ممن جأامع بعد الفجر ظانا بقاء الليل ‪ ،‬فإن صومه‬
‫يفسد ول كفارة كما سبق ‪ .‬وقولنا ) بسبب الصوم ( احتراز‬
‫من المسافر إذا شرع في الصوم ثم أفطر بالزنا مترخصا‬

‫فل كفارة عليه ‪ ،‬لنه وإن أفسد صوم يوم من رمضان بجماع‬
‫تام أثم به ‪ ،‬إل أنه لم يأثم به بسبب الصوم ‪ ،‬لن الفطار‬
‫جأائز له وإنما أثم بالزنا ‪ ،‬ولو زنى المقيم ناسيا للصوم وقلنا‬
‫‪ :‬الصوم يفسد بجماع الناسي فل كفارة أيضا في أصح‬
‫الوجأهين ‪ ،‬لنه لم يأثم بسبب الصوم لنه ناس له ‪ .‬قال‬
‫الرافعي ‪ :‬وجأماع المرأة إذا قلنا ‪ :‬ل شيء عليها ول يلقيها‬
‫الوجأوب ‪ ،‬مستثنى عن الضابط ‪ .‬فرع ‪ :‬لو صام الصبي‬
‫رمضان فأفسده بالجماع ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬إن وطأه في الحج‬
‫ويفسده ويوجأب البدن ‪ ،‬ففي وجأوب كفارة الوطء في‬
‫الصوم وجأهان حكاهما المتولي في كتاب الحج ‪،‬‬

‫وسأوضحهما هناك إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/355‬‬

‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ومن وطىء وطئا يوجأب‬
‫الكفارة ولم يقدر على الكفارة ‪ ،‬ففيه قولن أحدهما ‪ :‬ل‬
‫تجب لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬استغفر الله تعالى وخذو‬
‫أطعم أهلك أو لنه حق مال يجب لله تعالى على وجأه البدل ‪،‬‬
‫فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر والثاني ‪ :‬أنها تثبت في‬
‫الذمة فإذا قدر لزمه قضاؤها وهو الصحيح ‪ ،‬لنه حق لله‬
‫تعالى يجب بسبب من جأهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد‬
‫‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬هذا الحديث سبق بيانه ‪ .‬وقوله ) حق مال (‬
‫احتراز من الصوم في حق المريض فإنه ل يسقط بل يثبت‬
‫في الذمة ‪ .‬وقوله ) لله تعالى ( احتراز من المتعة ‪ .‬وقوله‬
‫) ل على وجأه البدل ( احتراز من جأزاء الصيد ‪ .‬وقوله ) لنه‬
‫حق لله تعالى ( قال القلعي ‪ :‬ليس هو احتراز بل لتقريب‬
‫الفرع من الصل ‪ ،‬ويحتمل أنه احتراز من نفقة القريب ‪.‬‬
‫وقوله ) بسبب من جأهته ( احتراز من زكاة الفطر ‪ .‬أما‬
‫أحكام الفصل ‪ :‬فقال أصحابنا ‪ :‬الحقوق المالية الواجأبة لله‬
‫تعالى ثلثة أضرب ‪ ،‬وقد أشار إليها المصنف ) ضرب ( يجب‬
‫ل بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر ‪ ،‬فإذا عجز عنه‬
‫وقت الوجأوب لم يثبت في ذمته ‪ ،‬فلو أيسر بعد ذلك لم يجب‬
‫) وضرب ( يجب بسبب من جأهته على جأهة البدل كجزاء‬
‫الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج ‪ ،‬فإذا عجز‬
‫عنه وقت وجأوبه ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لنه‬
‫إتلفا محض ) وضرب ( يجب بسببه ل على جأهة البدل‬
‫ككفارة الجماع في نهار رمضان ‪ ،‬وكفارة اليمين والظهار‬
‫والقتل ‪ .‬قال صاحب العدة ‪ :‬ودم التمتع والقران ‪ .‬قال‬
‫البندنيجي ‪ :‬والنذر وكفارة قوله ‪ :‬أنت حرام ‪ ،‬ودم التمتع‬
‫والطيب واللباس ففيها قولن مشهوران أصحهما ‪ :‬عند‬
‫المصنف والصحاب تثبت في الذمة ‪ ،‬فمتى قدر على أحد‬
‫الخصال لزمته والثاني ‪ :‬ل تثبت ‪ ،‬وذكر المصنف دليلهما‬
‫وشبهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لن الكفارة مؤاخذة‬
‫على فعله كجزاء الصيد بخلفا الفطرة ‪ .‬واحتج بعض‬

‫أصحابنا للقول بسقوطها بحديث العرابي كما أشار إليه‬
‫المصنف لنه صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬أطعمه أهلك‬
‫ومعلوم أن الكفارة ل تصرفا إلى الهل ‪ .‬وقال جأمهور‬
‫أصحابنا والمحققون ‪ :‬حديث العرابي دليل لثبوتها في‬
‫الذمة عند العجز عن جأميع الخصال ‪ ،‬لنه لما ذكر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم عجزه عن جأميع الخصال ثم ملكه النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم أمره بأداء الكفارة‬
‫لقدرته الن عليها ‪ ،‬فلو كانت تسقط العجز لما أمره بها ‪.‬‬
‫وأما إطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة ‪ ،‬وإنما‬
‫معناه أن هذا الطعا‬

‫) ‪(6/356‬‬

‫صار ملكا له وعليه كفارة فأمر بإخراجأه عنها ‪ ،‬فلما ذكر‬
‫حاجأته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه ل عن الكفارة ‪،‬‬
‫وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جأائز بل خلفا‬
‫‪ .‬فإن قيل ‪ :‬لو كانت واجأبة لبينها له عليه السلم فالجواب‬
‫من وجأهين أحدهما ‪ :‬أنه قد بينها له بقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬تصدق بهذا بعد إعلمه بعجزه ‪ ،‬ففهم العرابي‬
‫وغيره من هذا أنها باقية عليه ‪ .‬الثاني ‪ :‬أن تأخير البيان إلى‬
‫وقت الحاجأة جأائز ‪ ،‬وهذا ليس وقت الحاجأة ‪ ،‬فهذا الذي‬
‫ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله‬
‫المحققون والكثرون ‪ .‬وحكى إمام الحرمين والغزالي‬
‫وغيرهما وجأها لبعض الصحاب أنه يجوز صرفا كفارة‬
‫الجماع خاصة إلى زوجأة المكفر وأولده إذا كانوا فقراء لهذا‬
‫الحديث ‪ ،‬ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات‬
‫ل يجوز صرفها إلى الزوجأة والولد الفقراء ‪ ،‬وقاس‬
‫الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات ‪ ،‬وأجأابوا عن الحديث‬
‫بما سبق ‪ .‬فرع في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان‬
‫إحداها ‪ :‬إذا نسى النية وجأامع في ذلك اليوم فل كفارة في‬
‫ذلك اليوم بل خلفا لنه لم يفسد به صوما ‪ .‬الثانية ‪ :‬إذا‬
‫وطىء الصائم في نهار رمضان وقال ‪ :‬جأهلت تحريمه ‪ ،‬فإن‬
‫كان ممن يخفى عليه لقرب إسلمه ونحوه فل كفارة ‪ ،‬وإل‬
‫وجأبت ‪ ،‬ولو قال ‪ :‬علمت تحريمه وجأهلت وجأوب الكفارة ‪،‬‬
‫لزمته الكفارة بل خلفا ‪ ،‬ذكره الدارمي وغيره ‪ ،‬وهو واضح‬
‫وله نظائر معروفة لنه مقصر ‪ .‬الثالثة ‪ :‬إذا أفسد الحج‬
‫بالجماع ‪ ،‬قال الدارمي ‪ :‬ففي الكفارة القوال الربعة‬
‫السابقة في كفارة الجماع في الصوم ‪ .‬فرع في مذاهب‬

‫العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها‬
‫وفيه مسائل إحداها ‪ :‬قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم‬
‫يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته‬
‫الكفارة ‪ ،‬وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء‬
‫كافة إل ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي و‬
‫سعيد بن جأبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا ‪ :‬ل كفارة عليه ‪،‬‬
‫كما ل كفارة عليه بإفساد الصلة ‪ ،‬دليلنا حديث أبي هريرة‬
‫السابق في قصة العرابي ‪ ،‬ويخالف الصلة فإنه ل مدخل‬
‫للمال في جأبرانها ‪ .‬الثانية ‪ :‬يجب على المكفر مع الكفارة‬
‫قضاء اليوم الذي جأامع فيه ‪ .‬هذا هو المشهور من مذهبنا‬
‫وفيه خلفا سبق ‪ .‬قال العبدري ‪ :‬وبإيجاب قضائه قال جأميع‬
‫الفقهاء سوى الوزاعي فقال ‪ :‬إن كفر بالصوم لم يجب‬
‫قضاؤه ‪ ،‬وإن كفر بالعتق أو الطعام قضاه ‪ .‬الثالثة ‪ :‬قد‬
‫ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه ل يجب على المرأة كفارة‬
‫أخرى وبه قال أحمد ‪ .‬وقال مالك وأبو حنيفة‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/357‬‬

‫وأبو ثور وابن المنذر ‪ :‬عليها كفارة أخرى وهي رواية عن‬
‫أحمد ‪ .‬الرابعة ‪ :‬هذه الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة‬
‫فإن عجز فصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين‬
‫مسكينا ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة والثوري والوزاعي و أحمد في‬
‫أصح الروايتين عنه ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬هو مخير بين الخصال‬
‫الثلث وأفضلها عنده الطعام ‪ .‬وعن الحسن البصري أنه‬
‫مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة ‪ ،‬واحتجا بحديثين على وفق‬
‫مذهبيهما ‪ .‬دليلنا حديث أبي هريرة ‪ .‬وأما حديث الحسن‬
‫فضعيف جأدا ‪ ،‬وحديث مالك يجاب عنه بجوابين أحدهما ‪:‬‬
‫حديثنا أصح وأشهر ‪ .‬والثاني ‪ :‬أنه محمول على الترتيب‬
‫جأمعا بين الروايات ‪ .‬الخامسة ‪ :‬يشترط في صوم هذه‬
‫الكفارة عندنا وعند الجمهور التتابع وجأوز ابن أبي ليلى‬
‫تفريقه ‪ ،‬لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب ‪.‬‬
‫دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل‬
‫المطلق عليه ‪ .‬السادسة ‪ :‬إذا كفر بالطعام فهو إطعام‬
‫ستين مسكينا كل مسكين مد ‪ ،‬سواء البر والزبيب والتمر‬
‫وغيرها ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬يجب لكل مسكين مدان حنطة أو‬
‫صاع من سائر الحبوب ‪ ،‬وفي الزبيب عنه روايتان رواية صاع‬
‫ورواية مدان ‪ .‬السابعة ‪ :‬لو جأامع في صوم غير رمضان من‬

‫قضاء أو نذر أو غيرهما فل كفارة كما سبق وبه قال‬
‫الجمهور ‪ ،‬وقال قتادة ‪ :‬تجب الكفارة في إفساد قضاء‬
‫رمضان ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬إذا نوى الصوم من الليل ثم‬
‫أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء ‪ ،‬وقال‬
‫المزني ‪ :‬يصح صومه كما لو نوى الصوم ثم نام جأميع النهار ‪،‬‬
‫والدليل على أن الصوم ل يصح أن الصوم نية وترك ‪ ،‬ثم لو‬
‫انفرد الترك عن النية لم يصح فإذا انفردت النية عن الترك‬
‫لم يصح ‪ ،‬وأما النوم فإن أبا سعيد الصطخري قال ‪ :‬إذا نام‬
‫جأميع النهار لم يصح صومه ‪ ،‬كما إذا أغمي عليه جأميع النهار‬
‫‪ ،‬والمذهب أنه يصح صومه إذا نام ‪ .‬والفرق بينه وبين‬
‫الغماء أن النائم ثابت العقل ‪ ،‬لنه إذ نبه انتبه والمغمى‬
‫عليه بخلفه ‪ ،‬ولن النائم كالمستيقظ ‪ ،‬ولهذا وليته ثابتة‬
‫على ماله بخلفا المغمى عليه ‪ ،‬وإن نوى الصوم ثم أغمي‬
‫عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر‬
‫البويطي ‪ :‬إذا كان في أوله مفيقا صح صومه ‪ ،‬وفي كتاب‬
‫الصوم إذا كان في بعضه مفيقا أجأزأه ‪ .‬وقال في اختلفا‬
‫أبي حنيفة وابن أبي ليلى ‪ :‬إذا كانت صائمة فأغمي عليها‬
‫وحاضت بطل صومها ‪ ،‬وخرج أبو العباس قول آخر إنه إن‬
‫كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه ‪ ،‬فمن‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/358‬‬

‫أصحابنا من قال ‪ :‬المسألة على قول واحد أنه يعتبر أن‬
‫يكون مفيقا في أول النهار ‪ ،‬وتأول ما سواه من القوال‬
‫على هذا ‪ ،‬ومن أصحابنا من قال ‪ :‬فيها أربعة أقوال أحدها ‪:‬‬
‫أنه تعتبر الفاقة في أوله كالنية تعتبر في أوله ‪ .‬والثاني ‪:‬‬
‫أنه تعتبر الفاقة في طرفيه كما أن في الصلة يعتبر القصد‬
‫في الطرفين في الدخول والخروج ‪ ،‬ول يعتبر فيما بينها‬
‫والثالث ‪ :‬أنه تعتبر الفاقة في جأميعه ‪ ،‬فإذا أغمي عليه في‬
‫بعضه لم يصح لنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلة‬
‫فأبطل الصوم كالحيض والرابع ‪ :‬تعتبر الفاقة في جأزء منه‬
‫ول أعرفا له وجأها ‪ ،‬وإن نوى الصوم ثم جأن ففيه قولن ‪.‬‬
‫قال في الجديد ‪ :‬يبطل الصوم لنه عارض يسقط فرض‬
‫الصلة ‪ ،‬فأبطل الصوم كالحيض ‪ .‬وقال في القديم ‪ :‬هو‬
‫كالغماء لنه يزيل العقل والولية فهو كالغماء ‪(1) .‬‬
‫____________________‬

‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬قوله ‪ :‬لنه عارض يسقط فرض الصلة ينتقض‬
‫بالغماء ‪ ،‬فإنه يسقط فرض الصلة ول يبطل الصوم به في‬
‫بعض النهار على الصح ‪ .‬أما الحكام ‪ :‬ففيها مسائل ‪:‬‬
‫إحداها ‪ :‬إذا نام جأميع الليل صح صومه على المذهب وبه‬
‫قال الجمهور ‪ .‬وقال أبو الطيب بن سلمة وأبو سعيد‬
‫الصطخري ‪ :‬ل يصح ‪ ،‬وحكاه البندنيجي عن ابن سريج أيضا ‪،‬‬
‫ودليل الجميع في الكتاب ‪ ،‬وأجأمعوا على أنه لو استيقظ‬
‫لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه ‪ .‬الثانية ‪ :‬لو نوى من‬
‫الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافل عن الصوم في جأميعه‬
‫صح صومه بالجأماع ‪ ،‬لن في تكليف ذكره حرجأا ‪ .‬الثالثة ‪ :‬لو‬
‫نوى من الليل ثم أغمي عليه جأميع النهار لم يصح صومه‬
‫على المذهب ‪ ،‬وفيه قول مخرج من النوم أنه يصح خرجأه‬
‫المزني وغيره من أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب ‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬إذا نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون‬
‫بعض ففيه ثلثة طرق ‪ :‬إحداها ‪ :‬إن أفاق في جأزء من النهار‬
‫صح صومه وإل فل ‪ ،‬وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو‬
‫غيره وهذا هو نص الشافعي في باب الصيام من مختصر‬
‫المزني ‪ .‬وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي‬
‫عن ابن أبي هريرة ‪ ،‬وتأول هذا القائل النصين الخرين‬
‫فتأول نصه في اختلفا أبي حنيفة وابن أبي ليلى على أن‬
‫بطلن الصوم عائد إلى الحيض خاصة ل إلى الغماء ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫وقد يفعل الشافعي مثل هذا وتأوله الماوردي تأويل آخر ‪،‬‬
‫وهو أن المراد بالغماء هنا الجنون ‪ ،‬وتأول هذا القائل نصه‬
‫في الظهار والبويطي على أنه ذكر الفاقة في أوله للتمثيل‬
‫بالجزء ل لشتراط الول ‪ .‬والطريق الثاني ‪ :‬القطع بأنه إن‬
‫أفاق في أوله صح وإل فل ‪ ،‬وتأويل نصه في الصوم على أن‬
‫المراد بالجزء المبهم أوله ‪ ،‬كما صرح به في الظهار ‪ ،‬وتأول‬
‫نص اختلفا أبي حنيفة على ما سبق ‪ .‬والطريق الثالث ‪ :‬في‬
‫المسألة أربع‬

‫) ‪(6/359‬‬

‫أقوال وهذا الطريق هو الصح الشهر أصح القوال يشترط‬
‫الفاقة في جأزء منه والثاني ‪ :‬في أوله خاصة والثالث ‪ :‬في‬
‫طرفيه والرابع ‪ :‬في جأميعه كالنقاء من الحيض ‪ .‬وهذا‬
‫الرابع تخريج لبن سريج خرجأه من الصلة ‪ ،‬وليس منصوصا‬
‫للشافعي قال ‪ :‬وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع‬
‫في الكتاب إل القول الول الصح ‪ .‬فإن المصنف قال ‪ :‬ل‬

‫أعرفا له وجأها ‪ ،‬وهذا عجب منه ‪ ،‬مع أن هذا القول هو الصح‬
‫عند محققي أصحابنا ‪ ،‬فالصح من هذا الخلفا كله إن كان‬
‫مفيقا في جأزء من النهار أي جأزء كان صح صومه وإل فل ‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬إذا نوى الصوم بالليل وجأن في بعض النهار‬
‫فقولن مشهوران ذكرهما المصنف وغيره من الصحاب‬
‫الجديد ‪ :‬بطلن صومه لنه منافا للصوم كالحيض ‪ ،‬وقال في‬
‫القديم ‪ :‬هو كالغماء ففيه الخلفا السابق ‪ ،‬ومن الصحاب‬
‫من حكى بدل القولين وجأهين كصاحب البانة وآخرين ‪،‬‬
‫ومنهم من حكاهما طريقين وهو أحسن ‪ ،‬وقطع الشيخ أبو‬
‫حامد والماوردي وابن الصباغ وآخرون ببطلن الصوم‬
‫بالجنون في لحظة كالحيض ‪ .‬ولو جأن جأميع النهار لم يصح‬
‫بل خلفا ‪ .‬السادسة ‪ :‬لو حاضت في بعض النهار أو ارتد‬
‫بطل صومهما بل خلفا ‪ ،‬وعليهما القضاء ‪ ،‬وكذلك لو نفست‬
‫بطل صومها بل خلفا ‪ ،‬ولو ولدت ولم تر دما أصل ففي‬
‫بطلن صومها خلفا مبني على وجأوب الغسل بخروج الولد‬
‫وحده ) إن قلنا ( ل غسل لم يبطل صومها وإل بطل على‬
‫أشهر الوجأهين عند الصحاب ولم يبطل على الخر ‪ ،‬وهو‬
‫الراجأح دليل ‪ ،‬وقد سبق إيضاح المسألة في باب ما يوجأب‬
‫الغسل ‪ .‬السابعة ‪ :‬حيث قلنا ‪ :‬ل يصح صوم المغمى عليه إما‬
‫لوجأود الغماء في كل النهار أو بعضه ‪ ،‬وإما لعدم نيته بالليل‬
‫‪ ،‬يلزمه قضاء ما فاته من رمضان ‪ ،‬هكذا قطع به المصنف‬
‫وجأماهير الصحاب وهو المنصوص ‪ ،‬وفيه وجأه لبن سريج ‪،‬‬
‫واختاره صاحب الحاوي أنه ل قضاء على المغمى عليه ‪ ،‬كما‬
‫ل قضاء على المجنون ‪ .‬والمذهب الول ‪ ،‬وقد سبقت‬
‫المسألة مبسوطة في أول هذا الباب ‪ .‬فرع ‪ :‬لو نوى الصوم‬
‫في الليل ثم شرب دواء فزال عقله نهارا بسببه ‪ ،‬قال‬
‫البغوي ‪ :‬إن قلنا ‪ :‬ل يصح صوم المغمى عليه فهذا أولى ‪،‬‬
‫وإل فوجأهان أصحهما ‪ :‬ل يصح لنه بفعله ‪ ،‬قال المتولي ‪:‬‬
‫ولو شرب المسكر ليل وبقي سكره جأميع النهار لم يصح‬
‫صومه ‪ .‬وعليه القضاء في رمضان ‪ ،‬وإن صحا في بعضه فهو‬
‫كالغماء في بعض النهار ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى ‪ :‬ويجوز للصائم أن ينزل‬
‫الماء وينغطس فيه لما روى أبو بكر ابن عبد الرحمن بن‬
‫الحارث بن هشام قال ‪ :‬حدثني من رأى النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم في يوم‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/360‬‬

‫صائف يصب على رأسه الماء من شدة الحر والعطش وهو‬
‫صائم ويجوز أن يكتحل لما روي عن أنس أنه كان يكتحل وهو‬
‫صائم ولن العين ليس بمنفذ ‪ ،‬فلم يبطل الصوم بما يصل‬
‫إليها ‪(1) .‬‬
‫____________________‬
‫‪ -1‬الشرح ‪ :‬أما حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا فصحيح‬
‫رواه مالك في الموطأ ‪ ،‬وأحمد بن حنبل في مسنده ‪ ،‬وأبو‬
‫داود والنسائي في سننهما ‪ ،‬والحاكم أبو عبد الله في‬
‫المستدرك على الصحيحن والبيهقي وغيرهم بأسانيد‬
‫صحيحة وإسناد مالك وأبي داود والنسائي على شرط‬
‫البخاري ومسلم ‪ ،‬ولفظ رواياتهم من شدة الحر أو العطش‬
‫وفي رواية النسائي الحر ولفظ رواية أبي داود عن أبي بكر‬
‫عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حدثه‬
‫قال ‪ :‬لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على‬
‫رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر هذا لفظه ‪.‬‬
‫وكذا لفظ الباقين مصرح بأن الذي حدث أبا بكر صحابي ‪،‬‬
‫ولو ذكره المصنف كذلك لكان أحسن ‪ ،‬ولفظ رواية المصنف‬
‫بمعناه ‪ ،‬فإن الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو‬
‫مسلم صحابي ‪ .‬ثم إن هذا الصحابي وإن كان مجهول السم‬
‫ل يقدح في صحة الحديث ‪ ،‬لن الصحابة كلهم عدول ‪ .‬ولهذا‬
‫احتج به مالك في الموطأ وسائر الئمة ‪ .‬وأما الثر المذكور‬
‫عن أنس في الكتحال فرواه أبو داود بإسناد كلهم ثقات إل‬
‫رجأل مختلفا فيه ‪ ،‬ولم يبين الذي ضعفه سبب تضعيفه ‪ ،‬مع‬
‫أن الجرح ل يقبل إل مفسرا ‪ .‬وقول المصنف ‪ :‬ولن العين‬
‫ليس بمنفذ ‪ .‬هكذا هو في نسخ المهذب ليس ‪ :‬هي لغة‬
‫ضعيفة غريبة والمشهور الفصيح ليست بإثبات التاء ‪ .‬وأما‬
‫المنفد فبفتح الفاء ‪ .‬أما الحكام ‪ :‬ففيها مسألتان ‪:‬‬
‫إحداهما ‪ :‬يجوز للصائم أن ينزل إلى الماء وينغطس فيه‬
‫ويصبه على رأسه ‪ ،‬سواء كان في حمام أو غيره ول خلفا‬
‫في هذا ‪ ،‬ودليله الحديث الذي ذكره ‪ ،‬وحديث عائشة وغيرها‬
‫في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان‬
‫يصبح جأنبا وهو صائم ثم يغتسل ‪ .‬الثانية ‪ :‬يجوز للصائم‬
‫الكتحال بجميع الكحال ول يفطر بذلك ‪ ،‬سواء وج‬

‫) ‪(6/361‬‬

‫طعمه في حلقه أم ل ‪ ،‬لن العين ليست بجوفا ول منفذ‬
‫منها إلى الحلق ‪ ،‬قال أصحابنا ‪ :‬ول يكره الكتحال عندنا ‪،‬‬

‫قال البندنيجي وغيره ‪ :‬سواء تنخمه أم ل ‪ .‬فرع في مذاهب‬
‫العلماء في الكتحال ذكرنا أنه جأائز عندنا ول يكره ول يفطر‬
‫به ‪ ،‬سواء وجأد طعمه في حلقه أم ل ‪ .‬وحكاه ابن المنذر عن‬
‫عطاء والحسن البصري والنخعي والوزاعي وأبي حنيفة‬
‫وأبي ثور ‪ ،‬وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى‬
‫الصحابيين رضي الله عنهم ‪ ،‬وبه قال داود ‪ .‬وحكى ابن‬
‫المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر و ابن‬
‫شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا ‪ :‬يبطل به صومه ‪ .‬وقال‬
‫قتادة ‪ :‬يجوز بالثمد ويكره بالصبر ‪ .‬وقال الثوري وإسحاق ‪:‬‬
‫يكره ‪ .‬وقال مالك وأحمد ‪ :‬يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر‬
‫‪ .‬واحتج للمانعين بحديث معبد ابن هوذة الصحابي رضي الله‬
‫عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالثمد المروح‬
‫عند النوم ‪ .‬وقال ‪ :‬ليتقه الصائم رواه أبو داود وقال ‪ :‬قال‬
‫لي يحيى بن معين ‪ :‬وهو حديث منكر ‪ .‬واحتج أصحابنا‬
‫بأحاديث ضعيفة نذكرها لئل يغتر بها ‪ .‬منها حديث عائشة‬
‫قالت ‪ :‬اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم رواه‬
‫ابن ماجأه بإسناد ضعيف من رواية بقية عن سعيد بن أبي‬
‫سعيد الزبيدي شيخ بقية عن هشام بن عروة عن أبيه عن‬
‫عائشة ‪ .‬قال البيهقي ‪ :‬وسعيد الزبيدى هذا من مجاهيل‬
‫شيوخ بقية ينفرد بما ل يتابع عليه قلت ‪ :‬وقد اتفق الحفاظ‬
‫على أن رواية بقية عن المجهولين مردودة ‪ .‬واحتفوا في‬
‫روايته عن المعروفين فل يحتج بحديثه هذا بل خلفا ‪ .‬وعن‬
‫أنس قال ‪ :‬جأاء رجأل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‪:‬‬
‫اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال ‪ :‬نعم رواه الترمذي‬
‫وقال ‪ :‬ليس إسناده بالقوي ‪ .‬قال ‪ :‬ول يصح عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في هذا الباب شيء ‪ .‬وعن نافع عن ابن‬
‫عمر قال ‪ :‬خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وعيناه مملوءتان من الكحل وذلك في رمضان وهو صائم‬
‫في إسناده من اختلف في توثيقه ‪ .‬وعن محمد بن‬
‫____________________‬

‫) ‪(6/362‬‬

‫عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جأده أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان يكتحل بالثمد وهو صائم رواه البيهقي‬
‫وضعفه ‪ ،‬لن راويه محمد هذا ضعيف قال البيهقي ‪ :‬وروي‬
‫عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف جأدا إنه ل بأس به ‪ .‬واحتجوا‬
‫بالثر المذكور عن أنس وقد بينا إسناده ‪ .‬وفي سنن أبي‬

‫داود عن العمش قال ‪ :‬ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره‬
‫الكحل للصائم ‪ .‬والمعتمد في المسألة ما ذكره المصنف ‪.‬‬
‫قال المصنف رحم